Home Articles Orbits المجلس الأنتقالي .. إختلاف في الموقف أم تبعثر للقوى
المجلس الأنتقالي .. إختلاف في الموقف أم تبعثر للقوى
موسى مجرد
موسى مجرد
  الوضع فيما آل إليه مسار الثورة مؤخراً يستوجب مننا جميعاً الصراحة والشفافية والجرأة على قول الحقيقة بعيداً عن التزييف والمبالغة وطرح الوقائع للناس بطريقة واضحة وجلية وأن نؤدي رسالتنا بكل حرية وأنضباط لأن دون ذلك لا يساعد على تعبئة وتوعية الناس وإيصال الحقيقة كاملة إليهم بل يجعلهم يواجهون مفاجأت قد تدفع بهم الى الأحباط والتحول صوب الطرف الأخر ..

صحيح لقد تجاوز شباب الثورة حتى يومنا هذا من خلال وعيهم المتقدم كل خطط علي عبدالله صالح ونظامة بكل أشكالها وألوانها المتعددة وأستطاعوا أن يسقطوا جميع أوراقة واحدة تلو الأخرى كتساقط أوراق التوت وعلى رأسها هاجس الفوضى والحرب الأهلية بين مكونات المجتمع اليمني التي ما فتئ يلوح بها على الدوام في بياناته وخطبه النارية وبعدم الأنجرار إلى النفق المظلم الذي كان يعدهُ لهم حتى أقنعوا العالم الحُر بأن ثورتهم هى ثورة شعبية سلمية ضد علي عبدالله صالح ونظامة فقط وليست ضد باقي مكونات الشعب اليمني وفي هذا كان سر قوتهم وتفوقهم حين أثبتوا وعياً غير منقطع النظير وغير متوقع في إبداء أقصى حالات الحرص وضبط النفس من خلال الأصرار على أستخدام الوسائل السلمية والأبداع والأرتقاء بها بصورة أذهلت المتابعين والمهتمين ... 

... ولكن ؟؟ مع هذا كلهُ !!

إلا أنهم لا زالوا يفتقدون إلى الدقة في التنظيم والجدول الزمني كما يفتقدون أيضاً إلى القيادة الرمزية المخضرمة والمتمكنة التي تستطيع أن تنقلهم من حالة الصراخ إلى حالة التغيير والحسم الثوري الكامل ...

لقد آن الآوان لشباب الثورة بسرعة تكوين فعل حقيقي ومتكامل يفضي إلى إسقاط بقايا النظام عبر عدة أدوات ووسائل وليكن تشكيل المجلس الأنتقالي إحدى هذه الأدوات والوسائل ولكن طرح أسماء أعضاء المجلس الأنتقالي كما رأيناه في الأسبوع الماضي بهذا الشكل المتسرع والمبستر دون برامج واضحة وآليات آمنه لنجاحهُ لا يعكس حالة صحية بين تكتلات شباب الثورة بل أوجد نوعاً من البلبلة والأضطراب والتباين بين باقي قوى الشباب المعتصمون في بقية الساحات الثورية وصولاً إلى التحفظ الذي أبداهُ اللقاء المشترك إزاء ذلك . هذا التباين في الرؤى إذا أنحرف عن طريقه وأستغل من قبل بقايا النظام قد يتطور إلى الأسواء ليجعل من مصير أطول ثورة شعبية في التاريخ المعاصر من حيث فترتها الزمنية تقف عند مفترقي طرق غامض ومخيف لا يقتصر على الموقف إزاء تشكيل المجلس بل قد يطال إلى ما هو أبعد من ذلك إن لم يتم تداركهُ وبحكمة وهو الأنزلاق في إختلاف داخلي بين قوى الثورة قد يؤدي إلى إجهاضها في مُقبل الأيام .

إن تشكيل مجلس أنتقالي في هذا الظرف المفصلي رغم بطئهُ وتأخره الزمني ما كان يجب أن يظهر بصورة القرار الآني الأتي عبر مبادرة سياسية من قبل إحدى تكتلات شباب الثورة بل كان يجب أن يظهر كخيار تاريخي من عدة خيارات لا زالت قائمة تستطيع أن تشارك في صنعه كل القوى المنضوية والمشاركة في صنع الثورة لذا كان الأجدر بالقائمين على هذه المبادرة وبالأخص الأخت الثائرة / توكل كرمان ومن إلى جانبها من الأخوان الثوار في أئتلاف شباب الثورة الشعبية التبصر والتآني ولو قليلاً فالوقوف عند هكذا قرار لا يؤخذ بحماسة الثائر ولا بعفوية الوطني المُخلص بل يؤخذ بحكمة القائد الثوري الملهم القادر على حياكة خيوط اللعبة والأمساك بها وبحنكة القائد المخضرم المتمكن والقادر من قرن أقواله بأفعاله دون أن يكشف أوراقه أمام خصمه العنيد المتربص والمتسلط ضد شعبه  الملكة / بلقيس حينما وصل إليها الهدهد برسالة النبي سليمان عليه السلام بما تحتويه من وعيد لم تبادر أو تستعجل في إرسال جوابها إليه إلا بعد أن سألت وأستشارت بقية قومها فيما ترد وفيما تقول واليوم حفيدة الملكة بلقيس الأخت المناضلة الثائرة / توكل كرمان كان لديها متسع من الوقت لتسأل وتشاور رفاق دربها في ساحات الحرية في تعز وعدن وفي إب والحديدة وفي حجة وشبوة وفي البيضاء وباقي الساحات الثورية على إمتداد الوطن ؟؟ على الأقل من أجل خلق روح توافقية تشجع مختلف القوى والتكتلات الشبابية على تنسيق مواقفها وتوحيد خطابها الثوري مستقبلاً !!

لست هنا ممن يخر العزائم ويثبط الهمم ولكنني معكم جميعاً فجميعكم ممن بذلوا الدم والجهد والعرق وربطوا الأحزمة على البطون وبنوا جسوراً من الصبر والأحتمال تستطيعون اليوم من خلالها أن تعبروا بثورتكم إلى شاطئ النصر والأمـــان ...

 

يظل مطلبنا وحرصنا على الأخوة في تكتل شباب الثورة الشعبية مشكورين أستكمال الدراسة اللازمة والتشاورالكافي مع كافة القوى والتكتلات الوطنية المنضوية والمشاركة في صُنع الثورة في جميع محافظات الجمهورية مع الأخذ بالأعتبار دقة البحث والتحري حول صلة تلك الشخصيات المكونة للمجلس الأنتقالي بثورة الشباب مع أننا نكن لمعظمهم كل تقدير وأحترام وليس جميعهم فبعضاً من تلك الأسماء والشخصيات لا زالت تؤرق ذاكرتنا اليمنية بتاريخها الأسود الذي لا يقل شموليةً ودمويةً عن دموية وشمولية / علي عبدالله صالح مبادئ وقيم الثورة النبيلة التي نسعى ونناضل من أجل تحقيقها اليوم تحتم علينا أخذ مشاعر كل من تيتموا وتشردوا وظلموا في الحقب الماضية بعين الأعتبار لهذا كان لا بُد من معرفة مدى رغبتهم وجهوزيتهم للمشاركة فيه ومدى أستعدادهم للتضحية من أجله ثم تأتي الخطوة التالية بالعمل معهم وعبر كل الوسائل من أجل تعبئة كل القوى السياسية والأجتماعية والقبلية والعسكرية ورائهم حتى يتم بناء سلطة موازية تعمل على إدارة وتسيير أمور البلاد في المحافظات التي قد ضعفت والتي قد سقطت فيها سلطة نظام / علي عبدالله صالح والعمل على إسقاط بقاياها في جميع المحافظات والمدن اليمنية يأتي ذلك بالتزامن في العمل لكسب التعاطف في الأعلام الخارجي وترويجه من أجل أن يحظى بالأعتراف الدولي به هذا ما كنا ولا زلنا نأملهُ ولكن الشئ المؤسف الذي أصابنا بالدهشة حين لم تمض سوى سويعات منذ أن تم الأعلان في وسائل الأعلام المختلفة عن تشكيلتهُ المكونة من الـ 17 شخصية وطنية ليعلن بعدها عدد من أعضاءه المفترضين مواقفهم الخجوله والغير مُطمئنة تجاه المجلس الوليد فمنهم من أعلن حياده ومنهم من قال لا علم لهُ بذلك ومنهم من آثر الصمت محبذاً الأستمرار في العمل وفق منهجهُ وأجندتهُ الخاصه التي يعمل من أجلها منذ زمن ؟؟؟ ...

خلاصة القول : ـ

في نهاية الأمر يظل الشارع الشعبي وشباب الثورة المرابطون في كل الساحات هم المعنيون بالدرجة الأولى وهم أصحاب الشرعية العليا في إقرار أي مبادره سياسية أو فعل ثوري منتظر .. دون ذلك تظل التباينات والأجتهادات في أتخاذ أساليب ووسائل النضال الثوري ليست بذات أهمية قصوى في ظل قوة حضور الشارع وأستمرار الزخم الشعبي المؤيد للثورة والمطالب برحيل بقايا النظام .

موسى مجرد

كاتب يمني / أمريكا

[email protected]