Home Articles Orbits بين السعودية وإيران
بين السعودية وإيران
عمر الضبياني
عمر الضبياني

التحول الكبير في الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي كان من أعظم ملامح الثورة اليمنية الكبرى, حيث غيرت الثورة الكثير من رواسب الماضي وأيقظت العقلية اليمنية التي رزحت دهراً من الزمان تحت نير التضليل الإعلامي الكاذب الذي سعى بالتعاون مع وكالات العلاقات العامة الأجنبية بما أوتي من مقدرات إلى تزييف الحقائق ومحاربة الحقيقة والوعي وتكريس التخلف والتصارع الطبقي.

واستطاعت ثورة الشباب اليمني أن تبلور التحول الايجابي الثوري إلى فكر عروبي إسلامي خلال أشهر بسيطة بما يثبت النقلة النوعية للمجتمع اليمني , فقد تمكن الشباب الثوري من تذويب الخلافات والفوارق الاجتماعية والسياسية والانصهار في نسيج اجتماعي يستوعب كل مكونات الشعب اليمني في ظاهرة حضارية نالت بها إعجاب العالم بهذه اللوحة الجمالية الذي طالما انتظرها اليمنيون دهراً من الزمن ليجسدوا واحدية الشعب وواحدية الهدف والمصير من خلال الأهداف المشتركة لمحاربة النظام البائد العميل لـ " آل سعود " . تلك الأسرة الأخرى التي سيطرت على نجد والحجاز بدعم بريطانيا صهيوناً واستطاعت ان تمد نفوذها لليمن , من خلال دعمها لنظام الحكم الاسري في محاولة منها تهدف إلى تسييد الحكم الفردي الوراثي في المنطقة وتهميش الأنظمة الديمقراطية والجمهوريات والمعاني المرتبطة بها كالحرية والكرامة والمساواة.

في اليمن نظام كهنوتي أسري مقيت قوامه أسرة واحدة استغلت شعبنا لمدة 33 سنة رافقها العذاب والقمع والتخلف الممنهج وإذكاء الفتن والحروب ليظل اليمنيون في مؤخرة الركب الحضاري لبسط سيطرتها وتنفيذ الأجندة السعودية وتوصيات الأسرة الحاكمة في المهلكة التي بدورها استمدت وجودها من خلال استغلال المناطق المقدسة في مكة والحجاز لما لها من مكانة في قلوب المسلمين أجمعين مضيفة هالة من القداسة حول نفسها تمنحها نوعا من المصداقية والحصانة لدى شعوب الشرق الأوسط في محاولة لفرض وصايتها على الشعوب الإسلامية.

 وبهذا تمكنت من تحويل الشرق الاوسط إلى بؤرة من الصراعات المختلفة تمهد للمشروع الغربي وتؤسس له عن طريق توظيف الطائفية والمذهبية وفق التحولات الإقليمية مستغلة الإسلام وسماحتة لتطويعه بما يتماشى مع مشاريع تخدم الغرب الصليبي باسم الدين والإنسانية التي تدعي انها حارسها الأمين ، وبذلك يسهّل ضرب أي مشروع وحدوي سواءً في الدائرة العربية أو الإسلامية وأيضا يسهل افتراس الدول العربية والإسلامية الواحدة تلو الأخرى وإضعافها أمام الإمبريالية والذي تمثل اسرائيل أصغر حلقة في حلقاتها مقارنة بما تقدمة الأسرة الحاكمة في نجد والحجاز ، وبالفعل كانت الإسهامات السعودية السلبية مؤثرة على حياة الأمة عبر العصر الحديث بعد خلق وتأجيج الصراع الطائفي المذهبي البغيض المفتعل لضرب مشروع المقاومة في لبنان بحجة أنها مقاومة طائفية تمول من إيران الشيعية وكأن المذهب الديني الشيعي الثوري دخيل أو أنه ضد الاسلام الذي يتاجر به آل سعود مع إيمانهم بعظمة التوجه الفكري والثوري للمذهب الشيعي التحرري وهذا الفكر الثوري ما يدعو اليه الإسلام لمقاومة الظالم ونشر الافكار الثورية التحررية القادرة على المواجهة وحماية الأمة وعلى النقيض نجد المواقف السعودية تقف عائقاً أمام شعوب الأمة وتطلعاتها في الحرية والاستقلال والوحدة , إن نظرية المذهب أو الطائفةالذي تروج لها المهلكة يقف ضد طموحاتنا .

التاريخ مليء بالشواهد فكلنا يتذكر وقوفها ضد الثورات اليمنية وضد اي تحول ايجابي يتوق الية الشعب اليمني نجد حكام الحجاز أول من يقف ضد اليمن وتحولاته نحو الحداثة والنمو وهم من يقتضم الأراضي اليمنية ولن ينسى الشعب اليمني اغتيال القائد الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي والذي نفذه زعيم عصابة الفساد العائلي وبإشراف المقبور المجرم صالح الهذيان قبيح السمعة.

 

يصعب سرد كل مآسينا من السعودية في تناوله مختصرة ولكن ما تقوم به من دعم لسفاح وعصابته ومجابهة الثورة اليمنية الشبابية بالعداء الواضح يضاف لمواقفها الرعناء في دولة البحرين وتدخلها السافر مستغلة ضعف الحاكم ولم يكن بعيداً عن الذاكرة العربية وقوفها ضد مشروع عبدالناصر التحرري المقاوم رغم توجه مصر العروبي الإسلامي فقد حزمت أمرها وكانت ضمن حلف بغداد ومن مول الانفصال المصري السوري ومن ساهم في ضياع أراض عربية وحقوق عربية لا يزال العراق الشامخ ماثل بكونه من ضحايا آل سعود واليوم نراها تقف ضد إيران وحزب الله بحجة عداء المذهب الشيعي لأهل السنة لكن ما الذي يفسر وقوفها ضد حماس والجهاد الإسلامي السنيتين ؟؟ إذا فالقاسم المشترك بين القوى التي تقف ضدها دولة آل سعود هو تبنيها مواقف سلبية رجعية من المقاومة العربية.

فكيف نفسر هذا الموقف العميل بعكس الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي حسمت خياراتها لدعم المقاومة العربية أينما تكون ولم توظف المذهبية الذي تحاول الأنظمة التبعية الترويج لها فحماس سنية وتدعمها إيران وتقف السعودية السنية ضدها كما ان الثورة الإيرانية تدعم الجهاد وكل حركات التحرر فلماذا الكذب والتلفيق والتشوية للشقيقة إيران وهي من تدعم الوحدة والعزة والكرامة لهذا الجزء من العالم الإسلامي الأمر الذي يصب في مصلحة الأمة العربية وحقوقها. لذلك فقد انقسم الشرق الأوسط إلى فريقين:

فريق عميل للاستعمار بكل أشكاله تقوده السعودية وفريق داعم لمشاريع التحرر والانعتاق والمقاومة والوحدة في مختلف المجالات إيران على رأس المشروع المقاوم، كما كانت تتزعمه مصر عبد الناصر وحين رحل عبد الناصر رحمة الله وسيطرت ثورة الردة بقيادة أنور السادات أحد قادة العمالة العربية.

 

بينما لم تخيب الثورة الإيرانية الشعور العربي رغم ما حصل من حرب مؤسفة مع العراق ظلت ايران وفية للأمة والراعي الامين لكل شرفاء الامة وكل القوى الحية , هنا نتذكر وفاء قادة ايران لأبطال العرب والذي قال مرشد الثورة علي خامنئي عن عبد الناصر حين وفاته " لم أبكي على أبي وأمي كما بكيت عبدالناصر " .

واليوم وكاستكمال لمشروع الأمة المقاوم مطلوب من الثورة الايرانية الانتصار لشعوب المنطقة كون الشعوب هم أصحاب المصالح وليس حكام الوكالة فالصمت الايراني الثوري حيال ما يعانيه الشعب اليمني من مؤامرات إجرامية بقيادة السعودية و أمريكا وإسرائيل لا يتفق مع مواقف إيران السابقة والداعمة لحركات التحرر في المنطقة فنجد أنه من الواجب الديني والانساني والقومي على ايران الوقوف ضد المشاريع الرجعية والانتصار لارادة الشعوب الحرة المغلوبة على أمرها مجدداً ودعم الثورات العربية وعلى وجه الخصوص الثورة اليمنية للأسباب التي سبق ذكرها في المقال السابق ولكن الذي لم أجد له تفسيراً حتى الآن هو صمت إيران الخميني عن دعم الثورة اليمنية وهي التي طالما دعمت بسخاء اليمن دون أي اشتراط مسبق فهل تقبل إيران الثورة ان تقف صامتة والشعب اليمني يذبح وتنحر ثورته المباركة بأيدي عملاء الاستعمار وخونة الدين؟؟

لابد لإيران أن تلقي بثقلها مع ثورة الشباب بعد أن عرف الشعب اليمني حقيقة مواقف إيران الإيجابية نحوه وسقطت كل الأكاذيب التي روج لها النظام اليمني حول دور إيراني في إذكاء حرب صعدة تحت ذريعة الطائفية خاصة و المعارضة اليمنية ممثلة باللقاء المشترك تعاني من ضغوطات خليجية وغربية قوية لفرض مبادرة لانقاذ النظام العميل على حساب تضحيات شعبنا ودماء الشهداء أو ربما حتى تتمكن السعودية من توريث الحكم لأبناء علي صالح وهو مالا يمكن للشعب اليمني قبوله وهنا من غير المستبعد تماماً أن تكون هناك خطة مرسومة لضرب الساحات وإبادتها عن بكرة أبيها تحت الغطاء الرجعي الاستعماري كما حذر من ذلك الثوار فهل تقف إيران صامتة والشعب اليمني يواجه مصيره المحتوم ؟؟

نحن نعلم أن أي تغيير حقيقي لابد وأن يكون نابعاً من الداخل وهذا ماكان بالفعل في اليمن لكن اليمن وبسبب أهمية موقعة الاستراتيجي الذي جعله مطمعا للدول الاستعمارية منتظرين الفرصة للانقضاض علية وضعف اقتصاده باحثين عن موطئ قدم في المنافذ البحرية الاستراتيجية وهذا ما ولد المخاوف لدى المعارضة من انزلاق الوضع إلى ما لا يحمد عقباه وبدعم عالمي لنظام صالح جعلها تدخل في حوارات ومفاوضات سياسية غير متحمسة لحوار يخدم الحاكم بكون موازين القوى غير متكافئة , ان الدعم المعنوي واللوجستي الإيراني كفيل بصياغة واقع آخر يخدم الثورة بكون الدعم الايراني ثوري ولايتناقض مع المفاهيم الثورية بعكس السموم السعودية والتي أصبحت طرف في الصراع لصالح الدكتاتور على حساب الشعب والثورة وهذا ما لا يمكن أن يقبله شعبنا اليمني العظيم وإنها ثورة حتى النصر