Home Articles Orbits كفاكم يا آل سعود ..الشعب اليمني قد قرر مصيره
كفاكم يا آل سعود ..الشعب اليمني قد قرر مصيره
موسى مجرد
موسى مجرد

منذ العام 1932 م تاريخ قيام وتأسيس مملكة آل سعود على أرض نجد والحجاز في جزيرة العرب وواقع الحال يشير إلى أنها لا زالت تفتقد إلى التأييد الشعبي الداخلي وإلى الأنسجام السياسي مع محيطها الأقليمي حتى بعد أكتشاف الثروة النفطية في الثلاثينات ومجئ الثراء الضخم في بداية السبعينات وآل سعود لا زالوا يحرمون شعبهم وأمتهم من الأستفادة بهذه الثروة الهائلة بل جعلوا منها وسيلة لتجميل صورة العائلة الحاكمة على المستويين الداخلي والإقليمي وإظهارها كطرف فاعل ومؤثر في التطورات الإقليمية كما وضعوا الجزء الأكبر من هذه الثروة أيضاً في تصرف الإمبريالية العالمية وجندوها ضد الأمة العربية والأسلامية وضد القوى التحررية وأهدافها التقدمية النبيلة الداعية إلى الأستقلال والتحرر من الأستعمار وإلى الوحدة والتقدم نحو التغيير المنشود وإستعادة الحقوق المسلوبة للأمة في كل مكان وفي مقدمتها فلسطين المحتلة والقدس الشريف ...

 هذا الواقع الذي كرسّته مملكة آل سعود في سياساتها الخارجية المشبوهة والتآمرية ضد العديد من دول وشعوب المنطقة على الدوام منذ نشأتها الأولى وبالأخص تجاه الدول والشعوب الواقعة ضمن محيطها الجغرافي والأقليمي وبالتحديد ضد جارتها الجنوبية ( الجمهورية اليمنية ) حيث كانت ولا زالت حتى اليوم تؤرق الذاكرة اليمنية بأدوارها التآمرية المكشوفة والمفضوحة في جميع المراحل والحقب التي مر بها اليمن منذ قيام الثورة الأولى في الـ 26 من سبتمبر عام 1962 م ووصولاً إلى ثورة 15 يناير عام 2011 م حتى بات الشعب اليمني يدرك يقيناً أن هذه المملكة الأسرية التوسعية ومن خلال أمكانياتها المادية الخرافية والبذخ في صرف الأموال لشراء الولاءات والذمم ظلت تعمل على الدوام عبر عدة قنوات رسمية وقبلية منها ما يسمى بمجلس التنسيق اليمني السعودي الذي أنشئ عام 1975 م برعاية من قبل ولي العهد السعودي المشرف أيضاً على المخصصات المالية التي تصرف سنوياً على كبار مشائخ القبائل النافذة حتى أستطاعت أن توسع من دائرة نفوذ هذا اللوبي ليشمل الدولة والقبيلة ظل يعمل دون كلل على تنفيذ أجندتها السياسية الهادفة إلى الأستمرار في إحتواء اليمن وإدارة الصراعات السياسية والقبلية فيه وخلق القلاقل والأضطرابات التي تعمل على أجهاض أي حركة تنموية تحديثية وإفساد أي مشروع مدني تغييري مرتقب من شأنه أن يساعد في قوة وأزدهار اليمن ... فعلى سبيل المثال لا للحصر ... نجح هذا اللوبي في الإعداد والتخطيط لعملية إغتيال حُلم اليمن الذي لم يكتمل وقائد حركة التطوير والتحديث الرئيس الشهيد / إبراهيم الحمدي كما لا ننسى الدور المركزي الذي لعبتهُ المملكة في إذكاء حرب الأنفصال بين أبناء الوطن اليمني الواحد في صيف 94 م وفي غيرها من الأحداث على الساحة اليمنية .

 

 هكذا ظلت السّياسة السّعودية تجاه اليمن على الدوام قائمة على مبدأ إظهار ما لا تخفيه !! تحمل الكثير من التناقضات حتى صارت أحد الأسباب الرئيسية وراء الضجيج والتأخر الذي لحق بالشعب اليمني في جميع مناحي الحياة الأجتماعية والسياسية والأقتصادية إلى جانب المعاناة من الفساد والظلم والأستبداد الذي تعرض لهُ طيلة الثلاثة عقود المنصرمة من قبل النظام الذي ظل يحكمهُ حيث ظل اللوبي السعودي حاضراً على الدوام من الرياض وعبر سفارته في صنعاء يقوم بدوره الوظيفي المشبوه مبكراً حيث عكس خلفية الموقف السلبي لآل سعود تجاه الثورات اليمنية بدءاً بالثورة الأولى في الـ 26 من سبتمبر عام 1962م التي أسقطت الحكم الملكي الأمامي الحليف لهم فقد وقف آل سعود ضد الثورة وبصورة مبدئية وتدخلوا عسكرياً في محاولة منهم لأنقاذ حكم البدر وحاربوا ضد الجيش الجمهوري اليمني وإلى جانبه الجيش المصري الشقيق على أمل إعادة تثبيت نظام الحكم الرجعي ( للإمام البدر ) ولم تتوقف محاربة آل سعود لتلك الثورة الوطنية ذات البعد القومي بل نوعوا في أساليب محاربتها والتآمر عليها وأستخدموا سلاح النفط والتحالفات مع الغرب الأستعماري (( في ذلك الوقت كان روبرت كومر رئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي على صلة وثيقة وقوية بإسرائيل وشركة آرامكو السعودية ـ الأمريكية تولى الأشراف على مجموعة فكتوريا الثلاثية المؤلفة من الملك فيصل وصهره كمال أدهم وعدنان خاشقجي ظل الأثنان الأخيران يقدمان تقارير مغالطة أن الهدف من مساندة الرئيس / جمال عبد الناصر للثورة اليمنية هو الوصول والسيطرة على منابع النفط في منطقة الخليج العربي حتى ورطا الملك فيصل تماماً في نصب العداء لجمال عبدالناصر حتى تمكن خاشقجي من الحصول على ميزانية غير محدودة لشراء جميع الأسلحة اللازمة للمرتزقة الأسرائيليين والغربيين بقيادة الضابط البريطاني المرتزق جون كوبر الذي تحرك عبر الحدود السعودية إلى منطقة الجوف اليمنية ليشكل أول وحدة عمل سعودية ـ إسرائيلية مشتركة لتوجيه جنود المظلات الأسرائيليين من أصل يمني وإنزالهم سراً للقيام بأعمال تخريبية تستنزف طاقات الجيش المصري من أجل محاصرة الثورة والعمل على إسقاطها )) حدث ذلك رغم حقيقة أن الشعب السعودي بمعظم شرائحهُ كان يقف إلى جانب الثورة اليمنية ويتعاطف معها بكل مشاعره القومية والأسلامية ..

 

وصولاً إلى الثورة الثانية في الـ 15 يناير 2011 م عادت المملكة السعودية مجدداً لتمارس دور الوصي وتقف حجر عثره أمام أحلام وتطلعات الشعب اليمني المطالب وبإسلوب حضاري وسلمي بالتغيير الذي يفضي به إلى دولة مدنية أساسها الحرية والعدالة الأجتماعية والمساواة ولكن اللوبي السعودي لم يترك الشعب اليمني وشأنه بل عاد ليقوم بدوره الوظيفي المشبوه المتزايد والمؤثر في خلق التعقيدات أمام الحسم الكامل لهذه الثورة التي أشعل شرارتها الأولى شباب التغيير من أمام بوابة جامعة صنعاء لتنطلق تؤيدها الملايين في كل الميادين والساحات العامة وفي جميع محافظات الجمهورية قاطبة بصورة أعتصامات ومسيرات سلمية راقية أذهلت العالم أجمع عدا الجارة الشقيقة الكبرى ؟؟ إذ لم يرق ذلك لنظام آل سعود أن يروا الأرادة العامة للشعب اليمني تعود وتتوحد من جديد بصوره أكثر جمالأً وأكثر إصراراً وتصميم عن ذي قبل وهو ينادي بثورة تغييرية شاملة تعيد لهُ العزة والكرامة التي سُلبت منهُ ردحاً من الزمن بعد أن نفض غبار الخوف والذل والأستكانة من على وجهه وتجرد من التبعية والرضوخ للهيمنة السعودية اللتان ظلا ينتهجهما نظام / علي عبدالله صالح المتهالك والفاشل والذي أصبح أداة من أدوات التآمر السعودي ـ الأمريكي ضد شعبه وضد شعوب المنطقة أكدتهُ العديد من الأحداث ،،،،،،

 

ـ حين أنتهكت القوات السعودية السيادة الوطنية على الحدود الشمالية وقتلت الأبرياء من أبناء صعدة ـ حين قام الطيران اليمني بقصف وقتل المواطنين العُزل بالطائرات في قرية المعجلة بأسم مكافحة الأرهاب ـ حين يجري كل يوم قهر وإذلال كبرياء الهاربين من جحيم العيش في وطنهم وتمريغ كرامتهم بالرمال والرماد من قبل السلطات السعودية التي تطاردهم عبر الحدود لتودعهم السجون وتسومهم سوء العذاب ، حين تم إحراق المواطنين اليمنيين بين أكياس القمامة أحياء على مرأى ومسمع من النظام الذي لم يحرك ساكن لأنهُ أصبح دميةً بيد الهيمنة السعودية التي تدير مساراته السياسية بالوصاية وبالريمونت كونترول من قصور آل سعود في الرياض ؟؟

 

  الشعب اليمني اليوم صار أكثر وعيا وأكثر إدراكاً ً لذا لن تستمر أو تنطلي عليه سياسة مملكة آل سعود المخادعة التي لا زالت تنطوي على قدر كبير من الأستخفاف بآلامه وبإرادته الوطنية فالتظليل والنفاق بائن في طابعها الدعائي الذي تبديه تجاه ثورة الشباب التغييرية والمتمثل في حرصها الدائم على توقيع وتنفيذ بنود المبادرة الخليجية وسرعة إنتقال السلطة مع إحاطتهم كل الرعاية والأهتمام البروتوكولي والشخصي لرأس بقايا النظام القابع لديهم بصفة الرئيس الشرعي ؟؟ مع أنهُ دستورياً أصبح فاقد للشرعية ما فتئ في نثر سمومه وفي إثارة الفتن والتحريض في جر البلاد إلى حرب أهلية من على بلاطهم الملكي وفي قلب عاصمتهم الرياض . جميعنا يعلم أن هاجس آل سعود الدائم هو الخوف من عدوى أستنساخ هذه الثورة وأمتدادها لتتجاوز الجغرافيا وتطالهم !! هذه الثورة التي قامت برضى وبمطلب من الشعب اليمني وبمشاركته الواسعة التي يطالب فيها بإسقاط وتغيير النظام في الحكم وعلى وجود دستور دائم يكفل للجميع حقوقهم في المواطنة ويصون كرامتهم ونظام سياسي يكفل العدالة والمساواة بين كافة أفراد الشعب ويسمح بتداول السلطة وحرية التعبير وأستفادة جميع شرائح المجتمع من مصادر الثروات الوطنية إذ من شأن نظام أسري قبلي كنظام آل سعود المتخلف القائم على تحالف رجعي بين عائلة متسلطة ومجموعة من رجال الدين المتزمتين أن يخشى من وجود نظام جمهوري ديمقراطي مدني ومتحضر على خاصرته الجنوبية يكون كافياً لفضح تخلفهُ ورجعيتهُ .

لهذا هم يعملون في الخفاء ومن وراء الأبواب المغلقة على ألا يأتي نظام بديل لنظام حليفهم الأستراتيجي / علي عبدالله صالح القبلي والعائلي أيضاً الذي فرط بالكثير من حقوق الشعب اليمني المصيرية والتاريخية لصالحهم حين رضخ لنفوذهم وأملاءاتهم حتى جعل من اليمن بشعبه وبكامل أرثه التاريخي والحضاري بين الأمم ليس أكثر من إسطبل خلفي وراء قصورهم الفارهه يروضّون به خيولهم الجامحة كيفما شأوا ومتى ما أرادوا أمام ضمانات لهُ بالبقاء أطول فترى ممكنه وبالوقوف إلى جانبه ومسّاندته في الحفاظ على بقاء نظامه طالما ذلك يتماشى مع سياساتهم ومواقفهم وحساباتهم الخاصة ومن ورائها الأمريكية ............

خلاصة القول : عـلى آل سعود أن يدركوا عاجلاً لا أجلاً أن أستقرار مُلكهم مرهون بإستقرار وأزدهارالشعب اليمني وليس بأستقرار وإبقاء / علي عبدالله صالح أو أحد أبنائه على كرسي السلطة كما عليهم أن يدركوا أيضاً أن الشعب اليمني قد حباه الله من الصبر والحكمة والأيمان ما يكفيه للوقوف في وجه كل المؤامرات والدسائس وأنهُ مهما طال زمن ثورته أو قدم المزيد من التضحيات , ومهما زرعوا من الأشواك والتعقيدات في طريق صموده وفي طريق أنتصار ثورته فإنهُ قد قرر مصيره وحسم أمره حين حمل الأكفان على الأكتاف فبعد اليوم لن يقبل الذل والعيش في وطن كما لو كان غريب فيه ليس لهُ حق المشاركة في صنع مصيره ومستقبله هذا الوضع أنتهى ولن يُقبل أبدا فلا تراجع لديه ولا شئ بعد اليوم يثنيه أو يغويه أو يتطابق لديه مع الحلم بالوطن الجديد سوى إسقاط بقايا نظام / علي عبدالله صالح .



كاتب يمني / أمريكا

[email protected]