Home Articles Orbits منى صفوان والطابور الخامس
منى صفوان والطابور الخامس
عمر الضبياني
عمر الضبياني

منذ أن خلق الله البشر أوجد معهم الخير والشر كمتلازمتين لا تنفصلان لكنهما متفاوتين في شدتهما وتأثيرهما باختلاف الأرضية التي يتواجدان فيها وطبيعة البشر والمجتمعات والخلفيات الإنسانية ، لكن أشد أنواع الشرور خطورة على الإطلاق وأشدها ضررا بالإنسان سواء كان الشرير نفسه أو الذي تتوجه ضده هذا المشاعر السلبية أن يضمر الإنسان الشر لأهلة واقرب الناس له ويظهر خلاف ذلك وهو ما يسمى بالنفاق أو كما يطلق على أصحابة " الطابور الخامس "وهو مصطلح يشار به إلى العملاء السريين الذين يمارسون نشاطهم داخل صفوف العدو لإضعاف موقفه . ويشمل نشاطهم التجسس والتخريب والتدمير الاقتصادي والدعاية وإثارة الشعور العام. وقد يصل إلى الاغتيال والإرهاب والثورة ، وهو مصطلح قد استعمل لأول مرة أثناء الحرب الأهلية الأسبانية (1936-1939م) حين صرَّح إميليو مولا وهو لواء تحت قيادة فرانكو، قائلاً " لي أربعة طوابير تتحرك في اتجاه مدريد ، وطابور خامس سينهض من داخل المدينة نفسه" يقصد بذلك عملاءه بين صفوف أعدائه .

ومن المعروف أن هؤلاء أكثر خطرا واشد ضررا من العدو نفسه لأنهم يعلمون بواطن الأمور ونقاط الضعف والقوة ويختلف خطرهم وتأثيرهم أيضا حسب ماتحشى به أفواههم من أوراق وعملات نقدية وعطايا سلطانية ، وغالبا لا يتكشف هؤلاء في أوقات السلم والرخاء لكن من رحمة الله بعبادة انه من السهولة بمكان كشف ألاعيب هذه الفئة في الأزمات والأوقات العصيبة حيث تفرز الأحداث الكثير من الدروس والعبر التي يمكن أن يقال باستحالتها قبل حدوثها ، وهذا ما حصل ويحصل بالضبط في ثورتنا اليمنية العظيمة والتي تبرهن الأيام والشهور المتوالية مدى عظمتها وقوتها وتوازنها وعقلانيتها ، فمع كل حدث يمر تتساقط الكثير من الأقنعة في حين تصقل الأحداث المعادن النفيسة فتزداد هذه النفائس توهجاً ولمعاناً بنضالهم الصادق الحقيقي وطرح الرؤى والأفكار من أجل اليمن واليمن فقط سواءً اتفقت هذه الرؤى والأفكار مع ما يؤمن به أصحاب القرار أو تعارضت معها فكل ما يشغل تفكيرهم هو الهم الجماعي والحلم الشعبي بالانعتاق من نير هذه الأسرة الظالمة الفاسدة ونجاح الثورة ، وربما نختلف أو نتفق معهم ولا ضير في ذلك طالما اتفقنا على واحدية الهدف والمصير بل من الواقعي القول إنه لابد من الإختلاف حتى نخرج برؤية شاملة لكل زوايا المرحلة ودقائقها ، رؤية تسير بالبلاد نحو الأفضل حيث إن الإنسان لا يستطيع مهما بلغت قدرته أن يحيط بالأمور من جميع جوانبها فلله الكمال وحده سبحانه وتعالى .

ومن هذه المعادن النفيسة الكاتبة الرائعة والمحاورة اليمنية اللبقة حفيدة بلقيس صاحبة التحدي والمواجهة الأخت منى صفوان صاحبة الصوت الثائر المعارض منذ ما قبل اندلاع شرارة الثورة المباركة وإحدى أهم قيادات الشباب الثائر بأطروحاتها المميزة التي لا يشق لها غبار ، فمن خلال متابعتي لها كما يتابع الآلاف من اليمنيين كل صوت حر شريف وجدتها لا تقبل المحاباة ولا المجاملة ولا تساوم في مواقفها ولا على حريتها الأمر الذي أعطاها بعدا أخر في صرخاتها الصريحة وتوجهها الصادق الذي منحها مصداقية عند كل ثائر. ومثل هذه الأصوات يتخذها أصحاب الطابور الخامس كدروع واقية من خلال التبني المزيف لأرائهم وأطروحاتهم والذي سرعان ما تظهر حقيقته عند أول تحدي حقيقي ، وهو ما حصل مع الأخت منى صفوان والطابور الخامس حملة المباخر وصبابي القهوة السلطانية حين تعمدوا نشر مقالاتها وصرخاتها الثائرة مذيلة بـ "خاص " في أحد المواقع الذي يديره اثنان من لاعقي الأحذية السلطانية متخذين منه منبراً لبث التفرقة و السموم الانفصالية و الحقد الطائفي ؛ لذلك فإن المنطق العقلي يربأ بالأخت منى أن تكون خصتهم بمقالاتها للبون الشاسع بين التوجهين فهم لا هم له سوى التحرش بكل تكتل معارض ذو توجه وطني صادق والنيل من الشخصيات الوطنية المناضلة فبلا مبالغة لم يسلم من آذاهم وتحرشهم أي شخص أو تكتل معارض فكما يقول المثل الشعبي " لا يعبهم العجب ولا الصيام في رجب " . فمن خلال متابعتي لهم لا أرى أنهم ينتهجون خطا معارضاً ذو أيدلوجية ورؤية سياسية واضحة حتى وان لم تكن متوازنة فكل مانراه هو تحرش وانتقاص من أي خط معارض ونقد خفيف لرأس النظام دون الوجوه الشابة فيه ونتحداهم كما تحديناهم في السابق وسنتحداهم لاحقا ً أن يوجهوا أي نقد حقيقي لأحد الأبناء أو أبناء الإخوة فذلك خط أحمر مشحون بكهرباء 200 فولت ، ثم نراهم ينشطون بشكل ملفت وملحوظ في الخط الأخر الموازي لخط زعزعة الثقة بالقيادات وهو زرع الفتنة بين الشباب الثوري في الساحات متذرعين بأنه نقد بناء وهي كلمة حق يراد بها باطل لدك الثورة من جذورها الشبابية ويطعمون ذلك بنشرهم على صفحات موقعهم كل ما يؤثر سلبا على الثورة من باب الرأي والرأي الأخر وهي كما قلت مسبقا كلمات حق يراد بها باطل ، ثم يأتي تتويج كل ذلك بترويجهم لفكرة تقرير المصير والانفصال وقولهم على الملأ ودون خجل أنهم مع حق الانفصال احتراماً لدماء الشهداء من أبناء الجنوب على حد زعمهم والمضحك انهم يتناقضون مع أنفسهم بالترويج لفكرة أن رحيل النظام يعني الانفصال وهنا سؤال قوي يطرح نفسه ما ضركم من الانفصال حين تحذرون من أسبابة " رحيل النظام " وانتم الذين تؤمنون بحق الانفصال من الأساس ؟ في الواقع إن هذا التخبط ما هو إلا لإحداث شرخ في الثورة وحالة إرباك وتراجع في صفوف الشباب ، حتى إنهم وصلوا في ذلك إلى فكرة المناصفة من خلال ترويج رؤية مدمرة حول التقاسم قبل إعلان المجلس الوطني مستهدفين بهذه الخطة المدروسة شق الصف الوطني وإنقاذ النظام الساقط . متجاوزين بجهودهم تلك ما يملكونه من وسائل إعلامية إلى أرض الواقع من خلال بعض الأشخاص ممن لهم صلة أو قرابة بهم في الساحات ولكن يقظة الشباب وفطنتهم أحبطت مخططاتهم . ومما يدلل على سوء نواياهم عدم تعرضهم للعائلة الوريثة بكلمة واحده ومرة أخرى أتحدى أن نجد أي كلمة نقد لعفاش أو عائلته الفاسدة أو الأجهزة الأمنية التي يستخدمونها لضرب الشعب على صفحاتهم الإلكترونية ؛ فهم خطوط حمراء عند الأمن القومي الذي يستلمون منه معاشاتهم الشهرية بتنسيق مع السفارة اليمنية في أمريكا ومع السفير الحجري شخصياً صديق طفولة أحدهم " على حد قوله " من خلال لقاءات شهريه يعلم بها القاصي قبل الداني .

والآن تم إعلان المجلس الوطني والذي استشير فيه الجميع ووافق علية الجميع ولم ينسحبوا منه إلا بعد ضغوط إقليمية وإغراءات وأحلام بالفردوس ولو كان بالرياض ، بدليل أن الانسحابات والانشقاقات ورؤى المناصفة " المتوافقة مع ما يروج له الطابور الخامس " لم يُعلن عنها إلا بعد 3 أيام من إعلان المجلس فهل كانت هذه المدة وهذا التوافق من قبيل المصادفة ؟ وكالعادة فإن الأزمات تصقل معادن البشر وتسقط أقنعة الزيف عن الكثيرين ويتميز بها الألماس من النحاس ، كتبت الأخت منى صفوان مقال يكتب بماء الذهب بعنوان " التقاسم المبكر للسلطة " يدل على وطنيتها وأصالتها كان له صدى غير عادي لم يرق لحملة المباخر وعازفي الجوقات السلطانية الذين اتخذوا في بعض الأوقات مقالاتها وسائل لخداع القارئ حين كانوا يذيلونها بكلمة "خاص " وبوقاحة منقطعة النظير وماء وجه أراقه الكذب يصرحون أن إستراتيجيتهم في النشر تمنعهم من نقل المقالات التي لا ترسل لهم خاص وقد اثبت المنطق أنه من المستحيل أن تخصهم الأخت منى صفوان بمقالاتها فأين الثرى من الثريا ؟؟ فكان أن نضح إنائهم بما فيه من انحطاط أخلاقي غير متناهي حين وصفوها بالثائرة الطائرة وهي لعمري مفخرةٌ لها من وجهين الأول : أن مظنة النقص فيها جاءت من أصحاب النقص وقد قيل

وإذا أتتك مذمتي من ناقص فتلك الشهادة بأني كامل

والأخر : أن وصف الثائرة الطائرة في حد ذاته وصف مادح فهي ثائرة من واجبها أن تطير بكل انجاز تحققه ثورة بلادها وأرضها الطيبة تبلغه لكل أصقاع الأرض وليس الجزيرة الفضائية فقط ولكن الجهل إذا اجتمع مع سوء الخلق والنية يصبح كارثة على صاحبه ، ثم يصفون المقالات التي كُتبت في إطار نقد الانسحابات من المجلس الوطني بل والمجلس الوطني في حد ذاته فتنه وهنا نتساءل هل إيجاد تكتل جامع لكل القوى الوطنية في الداخل والخارج انصياعا لأوامر الثوار هدفه الأساسي حسم الثورة في اقرب وقت ممكن وبأقل الخسائر الممكنة من خلال خطط مدروسة والية منهجيه صحيحة هو الفتنه أم اللعب على وتر قضايانا الخلافية "التي لا ننكر عدالتها " في هذه الأوقات الصعبة التي نحتاج فيها أن ننكر ذواتنا ونتناسى خلافاتنا من أجل الهدف الأسمى هو الفتنه؟! لكن طبيعة الحال تقول أن هذا تخصص الطابور الخامس وهنا يصح المثل القائل رمتني بدائها وانسلت .

في الأخير أحب أن أنوه إنني ليست مغرم بالرد نيابة عن الأخت منى أو غيرها وخاصة الأخت منى فهي في غنى عني وعن غيري وإنما دفاعاً عن شباب الثورة وكل ماجدات وشرفاء الوطن ولكشف الطابور الخامس أخطر التيارات على الوطن والذي قربت نهاية أصحابة مع نهاية سيدهم ولكن وحتى نكون واقعيين فلن ينتهي وجود هذا الطابور حتى يرث الله الأرض ومن عليها وعلينا أن نكون حذرين ومتيقظين لهذه النوعيات من البشر .

مولود اليمن ، عربي الهوية ، ناصري الانتماء