تجمع الدراسات الاجتماعية على أن التطرف ظاهرة عالمية إنسانية ولا تخلو منها ثقافة أي مجتمع من المجتمعات وهي مرتبطة بالأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية أكثر من ارتباطها بالمسألة الدينية .
هي أيضا ذات صلة بما يلحق بالمجتمع من ظلم وفساد وتفشي لظاهرتي الفقر والبطالة. وما يصاحب ذلك من قمع للحريات وغياب للعمل الديمقراطي وانسداد أفق التطلع للحرية والأمل في المستقبل كل تلك العوامل هي الدافع والباعث الرئيسي والحقيقي لظاهرة التطرف والإرهاب .ولعل المتتبع لمسيرة السلطة السياسية في بلادنا سوف يجد أن التوصيف السابق لبرو ز ظاهرة التطرف
والإرهاب في بلادنا تكمن في المناخ السياسي السلطوي الذي وفر الأجواء والمناخات للجماعات المتطرفة لتعبر عن أزمتها ومن ثم تطفو على السطح بالطريقة التي ظهرت عليها خلال الخمسة عشر عاماً المنصرمة. من هنا كانت البداية.. برزت ظاهرة الإرهاب في اليمن بصورة معلنة في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي وبالتحديد في العام 1996م وذلك بحسب التقرير الحكومي الأول والوحيد الذي قدم لمجلس النواب في أواخر ديسمبر 2002م حول هذه الظاهرة وفيه قدم رصيداً تفصيلياً للعمليات الإ
رهابية التي نفذت وأنواع المتفجرات المستخدمة وأعداد الضحايا والجهات المنفذة لها ومقدار الخسائر البشرية والمادية لكل من السلطة والجماعات الإرهابية. وعلى الرغم من أن الحديث عن ظاهرة الإرهاب في اليمن هو متشعب وشائك وله أبعاد داخلية وخارجية ويتم توظيفها من أطراف مختلفة ولأهداف متعددة ومختلفة إلا أننا مع ذلك سنحاول مناقشة هذا الملف بنظرة محايدة ومهنية مستخدمين أكبر قدر من البيانات والمعلومات المتوفرة عن حكاية اليمن مع الإرهاب خلال الفترة 1996 - 2008م من مختلف جوانبها.
الوقائع والأحداث:
من واقع البيانات والأرقام التي حصلنا عليها حول العمليات الإرهابية فقد شهدت اليمن منذ العام 1996م أكثر من 42 عملية هجومية للجماعات الجهادية أو ما يطلق عليها بالإرهابية وفي معظم محافظات الجمهورية، وعلى الجانب الآخر تفيد الأرقام والمعلومات أن السلطات الأمنية قامت بشن أكثر من 20 عملية هجومية مضادة من بينها مداهمات واعتقالات واسعة في صفوف الجماعات الجهادية والعناصر المشتبه بها. الهجوم والهجوم المتبادل بين الطرفين والبالغ عددها 62 عملية قد أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 250 شخصاً في حين تفيد الأرقام عن أن السلطات الأمنية قد قامت باعتقالات مصاحبة لهذه العمليات بحيث تجاوز أعداد المعتقلين 500 شخص أغلبهم اعتقلوا في عام 2008م ومع أن هذه الأرقام قد لا تكون دقيقة مائة بالمائة نظراً لحجب السلطات الأمنية للمعلومات وعدم إعلانها وشفافيتها في هذا الأمر، إلا أن صحتها أكيدة، وفي ذات الوقت تعطي مؤشر لحجم الظاهرة وخطورتها وخاصة حينما تتصاعد العمليات الإرهابية عاماً بعد عام. وفي هذا الشأن ومن خلال رصدنا وتتبعنا لأبرز وأهم العمليات المنفذة منذ العام 96م وحتى أواخر العام 2008م فقد توصلنا إلى الآتي: في عام 1996م شهدت اليمن وقوع عمليتين إرهابيتين أسفرتا عن مقتل سائحة بينما شهد العام 98م وقوع ثلاث عمليات أسفرت بحسب ما توفر من معلومات عن سقوط أحد عشر قتيلاً واعتقال أكثر من عشرة أشخاص.
أما في العام 2000م فقد شهد حدوث عمليتين إرهابيتين أسفرتا عن سقوط 17 قتيلاً وجرح 28 آخرين جميعهم أمريكيين، إحدى هاتين العمليتين كانت تفجير المدمرة الأمريكية (كول) في ميناء عدن 12 / 10 / 2000م. أما العام 2001م فقد تمت عملية واحدة حيث سقط فيها عشرين قتيلاً وثمانية عشر جريحاً. في حين شهد العام 2002م تصاعداً مهولاً في أعداد العمليات الإرهابية حيث وقع فيه 8 عمليات هجومية أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص وجرح ثلاثين آخرين. ووقعت في العام 2003م عملية واحدة وهي عبارة عن مواجهة مسلحة بين الطرفين أسفرت عن مقتل 12 شخصاً واعتقال 21 آخرين فيحين لم يعلن عن الجرحى وهم بالعشرات من الطرفين.
وكأشبه بالهدنة لم يسجل خلال عامي 2004 و2005م أية أحداث إرهابية أو عمل مسلح غير أنها كانت الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث ظهر تنظيم القاعدة في اليمن خلال العام 2006 اكثر قوة وتخطيطا مما كان عليه في السابق وخلاله خطط لإنجاح أكبر عملية هروب اعضاء في القاعدة من داخل السجن بطريقة لاتزال علامات الاستفهام تثار حولها حتى اليوم بعد ان تمكنت مجموعة مكونة من 23 عنصراً من أعضاء تنظيم القاعدة بالفرار من سجن الأمن السياسي بصنعاء عبر النفق الأرضي تلاها عملية تفجير المنشأة النفطية بمأرب. أما العام 2007م فهو الآخر شهد حدوث عمليتين ارهابيتين أسفرتا عن مقتل 9 أشخاص، في حين كان العام 2008م الأشهر بين الأعوام السابقة من حيث عدد العمليات والقتلى والمعتقلين ففيه قامت الجماعات الإرهابية بشن قرابة 19 عملية هجومية متفرقة مستخدمة فيها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وقد أسفرت تلك العمليات عن مقتل أكثر من ثلاثين شخصاً وإصابة قرابة 40 آخرين. في حين وصل عدد المعتقلين في هذا العام الى100 شخص، بحسب مصادر إعلامية غير رسمية. وهذا الرقم قد يكون دقيقاً إلى حد ما نظراً لحجم الهجمات وشدتها وعددها. ارتفاع عدد الهجمات خلال العام 2008 لفت انظار العالم نحو اليمن التي تحولت الى وجهة اعلامية تتصدر ترتيب الاخبار في الوكالات والفضائيات العربية والدولية.
ماذا عن الحكومة؟
إن المتتبع لمجريات الأحداث الارهابية التي شهدتها اليمن منذ العام 1996م سوف يجد أن موقف الحكومة كان بمثابة رد الفعل أو صده وأحيانا ًشن بعض الهجمات وحملات أمنية للاعتقال كما صاحب هذه العمليات بعض الاجراءات الأمنية والاحترازية واتخاذ بعض التدابير التي تساعدها في كبح عنف الجماعة وقوة هجماتها ولقد حققت السلطات الأمنية بعض النجاح في هذا الجانب فقد بلغ عدد الهجمات التي شنتها على الجماعات القاعدية أكثر من 20 هجمة أسفرت عن مقتل العشرات واعتقال لامئات من العناصر القاعدية ولعل أبرز هذه النجاحات تمثلت باعتقال أبو الحسن المحضار زعيم جيش عدن أبين وكذا اعتقال (14) عنصر قاعدي لقيامهم بتفجير المدمره الامريكية كول 2000م وكذا القبض على منفذ الاعتداء على السفاره البريطانية وعلى مفجري السفينة الفرنسية ليبرج في المكلا 2002م.
اما اهم العمليات التي اضرت بتنظيم القاعدة فهي:
1/ مقتل زعيم تنظيم القاعدة أبو علي الحارثي في صحراء مأرب بتاريخ 3 / 2/ 2002 م من قبل المخابرات الامريكية وبواسطة طائرة بدون طيار وقد صاحب هذه العملية نفي وتأكيد من السلطات اليمنية بالعمل والمشاركة .
2/ القيام بحملة أمنية على جبال حطاط بتاريخ 25 / 6 / 2003م اسفرت عن مقتل 12عنصراً جهادياً واعتقال 21 اخرين .
3/ مقتل فوزي الربيعي ومحمد الديلمي بتاريخ 6/ 10/ 2006م شمال العاصمة صنعاء وهما من مجموعة ال( 23) الفارين من سجن الامن السياسي .
4/ مقتل ياسر ناصر الحميقاني بتاريخ 14 /1 /2007م بمحافظة ابين وهو احد الفارين من سجن الامن السياسي بصنعاء.
5 - 11 /8 /2008م أعلن عن مقتل خمسة من قيادة القاعدة في تريم حضرموت وهذه عدت من الضربات القوية في جسد التنظيم وعناصره.
6 - بتاريخ 20/ 8/ 2008م اعتقلت الأجهزة الأمنية خمسة من عناصر كتائب التوحيد التابعة لتنظيم القاعدة.
7 - اعتقال 30 عنصراً قاعدياً بحضرموت بتاريخ 28/ 8/ 2008م رافضين استسلام آخرين في شبوة وأبين .
8 - 26/ 12/ 2008م إحباط محاولة فرار لعناصر قاعدية من سجن المنصورة بعدن. 9 - في 8/ 8/ 2007م مقتل خمسة من عناصر الالقاعدة المتهمين بعملية قتل السياح الأسبان الثمانية. تلك كانت أبرز العمليات الهجومية التي شنتها القوات الحكومية ضد القاعدة وأسفرت عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى واعتقال العشرات بمن فيهم مجموعة الهروب الكبيرة.
مع تحفظنا على مدى دقة البيانات والمعلومات الصادرة عن التقارير الرسمية وخاصة في هذا المجال ومرجع هذا التحفظ هو طريقة السلطة في تعاملها مع هذا الملف وتوظيفها له. وثانياً لتحفظ السلطة وفي ذات الوقت الجماعات الجهادية أو الإرهابية حول خسائر كل طرف وعدم إعلانهما وبكل شفافية عن البيانات أو المعلومات الكاملة وبالأخص حول العمليات الإرهابية وأعمال العنف المسلح الذي شهدته اليمن خلال 96 - 2008م والخسائر التي تكبدها كل طرف، ومع ذلك فقد جهدنا في الحصول على أكبر قدر من المعلومات والبيانات المتعلقة في هذا المجال، مع التأكد من صحتها ودقتها كانت هذه خلاصتها.
الانعكاسات والتحديات..
لقد أدت العمليات الإرهابية التي شهدتها اليمن خلال الفترة المنصرمة إلى تأثيرات وانعكاسات سلبية في حياة المجتمع اليمني وفرضت تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية وفضلاً عن ذلك كله فقد شكلت ظاهرة خطيرة تقلق أمن المواطن وتهدد استقراره. واستناداً إلى بعض المؤشرات والإرقام والخسائر التي صاحبت بعض العمليات الارهابية تفيد المعلومات أن عملية ترميم آثار معبد مأرب عقب العملية الإرهابية التي شهدتها مأرب في يوليو 2007م قد كلفت الحكومة ما يزيد عن 500 ألف دولار لإزالة التشوهات التي لحقت ببعض الآثار. بينما أكدت تقارير أن الضربات القاصمة كانت في السياحة البحرية حيث أكدت إحصائات أن تفجير المدمرة كول وبعدها السفينة الفرنسية ليمبرج 6/ 10 / 2002م قد كبدت السياحة والملاحة البحرية اليمنية مبالغ ضخمة تصل إلى أكثر من مليار و800 مليون دولار. وقالت تقارير رسمية أن حادثة ليمبرج قد كبدت الاقتصاد اليمني 16 مليون دولار، منها مليون دولار مقابل تنظيف الشواطئ وإعادة تأهيلها للحياة مشيرة الى أن عملية تفجيرها قد أسفر عن تلويث 500 كيلومتر مربع، بسبب تدفق 150 ألف متر مكعب من النفط ولم تقتصر الخسارة عند هذا الحد بل وصل الى خسارة 15 مليون دولار شهرياً بسبب زيادة أقساط التأمين والذي ارتفع من 250 إلى 500 دولار عن كل حاوية وخلصت الدراسة الى أن خسارة اليمن البحرية جراء تفجير المدمرة كول والسفينة ليمبرج تصل الى مليار و800 مليون دولار. إلى ذلك فقد رافق العمليات الهجومية البرية خسائر مادية هائلة على مستوى السياحة وملحقاتها حيث ضربت العملية السياحية ضربة قاصمة أدت إلى انخفاض وتراجع أعداد من الفنادق والمتنزهات السياحية والاستغناء عن المئات من العاملين والموظفين في هذا المجال. وبحسب التقارير الرسمية فقد تعطلت الحركة السياحية وبالأخص عقب حادثة اختطاف السياح بأبين وكذا تفجير المدمرة كول والسفينة ليمبرج يضاف لهم جريمة جبلة ومأرب وحضرموت وتفيد المعلومات أن وزارة السياحة سعت لعمل مسح في العام 2007م للمنشآت السياحية والمقدر عددها 4419 منشأة وجد أن 107 متوقفة عن العمل والجزء الآخر يشكو من الركود والحركة ناهيك عن عزوف رجال المال عن الاستثمار في بيئة تحدق بها المخاطر من كافة الجوانب والمجالات. أما على الصعيد الأمني فقد أدت العمليات الارهابية الى استنزاف ملايين الدولارات جراء الانفاق الأمني والمتمثلة في شن العمليات الهجومية أو عمليات المداهمات والاعتقالات مضاف إليها زيادة تكاليف الحملات العسكرية والأمنية المكلفة بمطاردة ومتابعة الجماعات الارهابية وارتفاعالنفقات الخاصة بتعزيز الانتشار الأمني في عدد من المناطق والمحافظات وتزويدها بكافة المتطلبات اللازمة من معدات وآليات وقود وتخصيص ميزانية باهضة لهذا المجال بالإضافة الى تخصيص قوات لحماية المواقع النفطية والسياحية والأثرية وانشاء قطاع خاص لحماية السواحل والسفن النفطية والحربية. كل ذلك وأخرى من الإجراءات والتدابير التي قامت بها الحكومة قد كلفتها مليارات الدولارات وكلها تنعكس على حياة وأمن واستقرار المواطن ووضعه المعيشي والاقتصادي. القاعدة..
لهذا اخترنا اليمن!
لم يكن اختيار الجماعات الجهادية لليمن كموقع للتمترس والتدريب وساحة لخوض معاركها مع الآخر سواء كانت السلطات الأمنية اليمنية أو سلطات الأنظمة العربية والإسلامية والدولية والتي هي في نظر الجماعات القاعدية إما أنظمة عميلة أو كافرة فاسقة، من فراغ بل يرجع لعدة أسباب أبرزها الوضع الأمني المنفلت والحياة المعيشية البائسة والوضع الاقتصادي المتردي والتدهور المتسارع في المجال الصحي والتعليمي وتدني مستوى الخدمات وارتفاع نسبة الفقر واتساع رقعته وتصاعد البطالة وتفشيها وسط مختلف فئات المجتمع وبالأخص الشباب الذين يعدون الرافد الرئيسي للجماعات الجهادية. ومن الأسباب الرئيسية الداعية لهذا الاختيار هو العلاقة الحميمة التي كانت قائمة بين السلطة وقيادة الجماعات الجهادية وبالاخص ابان الحرب البارده بين امريكا وروسيا والتي شهدت معاركها الضارية ارض افغانستان وكانت اليمن والسعودية حربتا امريكا حيث تم الزج بالاف من الشباب اليمني في اتون تلك الحرب وبعد عودتهم من الانتصار الامريكي استقبلتهم السلطات اليمنية وسخرتهم في صراعها مع الحزب الاشتراكي قبيل اعلان قيام الوحدة اليمنية وحتى بعد اعلانها وصولاً الى استخدتهم كوفود في حرب صيف 94م التي انتصرت فيها السلطه الحاكمة وبعدها بدأت العلاقة في التراخي ما بين شد وجذب حتى بداء فك الارتباط ولكن هذا الفك لم يأت الابعد أن تم تسوية آوضاع معظمهم بل أن الكثير منهم تم الحاقهم بالسلك العسكري وباعتراف وزارة الخارجية اليمنية في هذا الشأن المهم أن التنظيم القاعدي استفاد من هذه العلاقة قدر المستطاع وأن لم يكن بقدر استفادة السلطة منه ولهذا نجد أن القيادة الجهادية قد أعدت نفسها لمثل هذا اليوم وهو فك الارتباط والاستعداد للتحراب والاقتتال من أجل البقى وقد دفع الطرفان ثمن هذا البقاء بيد أن أكثر من دفع الثمن هو الوطن فقد كان تفكير وأهتمام كلا الطرفين السلطة والجماعة أنه وسيلة للمناورة لتحقيق مصالح وأهداف ذاتية وغارقة في الانانية.
ولليمن أهمية خاصة لدى القاعدة وبحسب ما جاء في التقرير الاستراتيجي اليمني 2008م فقد أصدر أبو مصعب السوري الملقب بداهية الفكر الجهادي في العام 1999م كتاب حول مسؤوليات أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم) وساق فيه ثمانية عوامل رئيسية تمتاز بها اليمن عن غيرها من الدول الاسلامية. أولى هذه العوامل هي الكثافة السكانية مقارنة بدول الجوار..
وثانيهما طبيعة البلاد الخصبة والكفاية الغذائية وثالثها الوضع الجغرافي المرتبط بالطبيعة الجبلية الحصينة والتي تجعل منها قلعة طبيعية منيعة ليس لأهل الجزيرة فحسب بل للشرق الأوسط كافة. أما العامل الرابع فهو الشوكة والبأس وأهلية القتال عند اليمنيين وتماسك تركيبتهم القبلية.
وخامس هذه العوامل انتشار السلاح والذخيرة بكافة أنواعها.
أما العامل السادس مكان امتلاك اليمن حدود مفتوحة وسواحل بحرية طويلة مضافة لها تحكمها بمضيق باب المندب والعامل السابع الطبيعة الحرة لأهل اليمن والصحوة الإسلامية وآخر هذا العوامل يتمثل بضرورة استغلال الفقر واكسابه معنى ثورياً ليكون عاملاً محفزاً للشعور بالظلم والغبن. لكل هذه الأسباب ولغيرها يرجع اختيار القاعدة لليمن ليكون مقراً لها ولاطلاق معاركها مع الداخل اليمني والخارج الاقليمي والدولي. فالوطن أصبح ورقة بيد الجماعات الارهابية تهدد أمنه واستقراره متى اختلفت مع السلطة وتضررت مصالحها والسلطة هي الأخرى تستخدم الوطن والإرهاب في ذات الوقت ورقة لتصفية حساباتها مع الآخرين وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي.
وهكذا أصبح الوطن وبكل مميزاته وسيلة ابتزاز للإرهابيين وللسلطة على حد سواء والإرهاب هو الآخر وسيلة لابتزاز السلطة من قبل الجماعات الإرهابية وهو أيضاً وسيلة للسلطة لابتزاز الآخر الاقليمي والدولي. الصراع مستمر.. من الواضح أن العلاقة بين السلطة والجماعات الجهادية القاعدية لم تعد حميمة كما أن الأمر ليس فك ارتباط بل إنه طلاق بائن لا رجعة فيه وعليه فقد أصبح الارهاب والسلطة في تضاد وفي طريقين مختلفين فالجماعات الارهابية أصبحت ترى أن السلطة قد ارتمت في حضن العمالة وأضحت ضمن دائرة الأعداء ولهذا فلن يكون هناك هوادة معها ولذا من المتوقع أن تشتد المواجهات على مختلف الجبهات وأن تشهد خلال الأعوام المقبلة المزيد من العمليات والتفجيرات مما يعزز ذلك هو حالة الاندماج بين جماعتي اليمن والسعودية في تنظيم وإمارة واحدة خاصة بعد أن فقد التنظيم في السعودية قوته وأمنه واتخذ اليمن مقراً لقيادته وتحركاته. فاليمن هي الملجأ الوحيد الآمن للتنظيم ليس في السعودية واليمن بل في الجزيرة العربية كلها. أما السلطة لم تعد قادرة على إعادة العلاقة الى ما كانت عليه فقد كشفت عن نواياها تجاه الجماعة كما أنها غير قادرة على التفريط بالسعودية وأمريكا ومصالحها معهما مقابل إعادة العلاقة مع الجهاديين كما أن الجهاديين ذاتهم لم يعودو يثقون بها ولهذا لم يعد أمامها من خيار سوى استمرار المواجهة واستثمار هذه المواجهة باستغلال المستفيدين الآخرين السعودية وأمريكا. وهكذا فالطلاق بائن والصراع هو المستمر.