أشرف الريفي
كشرت السلطة من أنيابها ضد السلطة الرابعة بهوس جنوني داهسة للحريات والحقوق، ومتنصلة عن كل الالتزامات الحكومية للمواثيق الدولة.
وصارت الصحافة اليوم في مرمى نيران السلطة المكثفة، مطلقة قذائفها ما بين اعتقالات، واختطافات، ومحاكمات، وتهديدات رخيصة. لتصير الصحافة ضحية لحروبها التي تخوضها في جبهات عديدة مع أبناء البلد.
والأبرز في الانتهاكات المستمرة اليوم هو الحكم القاسي بحق صحيفة المصدر القاضي بسجن رئيس تحريرها الزميل سمير جبران سنة مع وقف التنفيذ، ومنعه من الكتابة خلال هذه الفترة وتغريمه 100 الف ريال، وحبس الكاتب الصحافي المقيم في واشنطن منير الماوري سنتين مع النفاذ ومنعه من الكتابة ومزوالة مهنة الصحافة مدى الحياة.
وجاء هذا الحكم بسبب مقال نشره الزميل منير الماوري في صحيفة المصدر قبل شهور حول رئيس الجمهورية بعنوان «سلاح الدمار الشامل» أعتبرته السلطة إهانة للرئيس.
ولاقى حكم محكمة الصحافة الصادر السبت الفائت استهجانا واسعا في الوسط الصحافي والحقوقي والسياسي.
ودانت هيئة تحرير صحيفة الوحدوي، وموقع الوحدوي نت هذا الحكم التعسفي، معتبرين إياها حكما سياسيا يحصن موقع الرئيس من النقد ويحيطه بالقداسة.
من جهته دان مركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية (ctjpf) هذا الحكم الجائر معتبرا إياه انتهاكا صارخا لحرية التعبير، وتضييقا للهامش الديمقراطي المحدود.
وقال المركز الذي يراسه الصحافي والحقوقي محمد صادق العديني في بيان صادر عنه حصل موقع «الوحدوي نت» على نسخة منه إن إصدار أحكام بالحبس للصحافيين يخالف توجيهات رئيس الجمهورية بعدم حبس الصحافي، كما أن منع الصحافي من الكتابة جريمة بحق حرية التعبير، وخطوة لا تتواكب مع تطورات العصر والعالم المفتوح والفضاء الإلكتروني الواسع.
واعتبر أن ما تعانيه الصحافة اليوم من إخفاء قسري للصحافيين، وحبس و محاكمات سياسية، وشن حملات ساذجة ضدهم كما حدث مع الصحافي أحمد الشلفي يقدم اليمن للعالم كدولة دكتاتورية تضيق بالرأي المخالف وتعادي الصحافة وتنهج نهجا شموليا مقيتا.
واتهم البيان السلطة بالإساءة لسمعة اليمن من خلال انتهاكها المتكرر لحرية الصحافة وقمع الرأي المخالف وخطف الصحافيين. وفبركة التهم الواهية ضدهم بهدف منعهم من ممارسة مهنتهم بمهنية خالصة.
ودعا السلطات الى التعامل مع الصحافة بانفتاح بعيدا عن عقلية المخبرين.
وسارعت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لإدانة ماوصفته اعتداءات الحكومة اليمنية المتكررة على حرية التعبير في البلاد، معلنة قلقها لتدهور أوضاع الحريات في اليمن خاصة بعدما كشفت زوجة الصحفي صلاح السقلدي عن تعرض زوجها للضرب والتعذيب في معتقله, مؤكدة انه علق لأربعة أيام بسقف الزنزانة.
وعبرت الشبكة عن قلقها العميق لاستمرار اعتقال العديد من الصحفيين والنشطاء اليمنيين. مطالبة الحكومة اليمنية باحترام الحريات والحقوق وعلى رأسها الحق في التعبير وحق الشعب في المعرفة خاصة في أمر يهم كل مواطني اليمن مثل الحرب في صعدة أو الدعوات إلى انفصال الجنوب.
وقال جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: «إن الجزء الأول من المشكلة هو الاعتداء على حقوق هؤلاء الكتاب والصحفيين في التعبير عن آرائهم وممارسة مهنتهم، لكن هناك شقا آخر فالحكومة اليمنية لا تعتدي فقط على الكتّاب ولكن تنتهك حق الشعب في المعرفة خاصة في ظل التعتيم الإعلامي على المشكلات الراهنة في الدولة مع الحوثيين من ناحية ومع الجنوب الذي تتصاعد فيه مطالبات بالانفصال من ناحية أخرى».
وفي اول تصريح له عقب الاعلان عن الحكم أعتبر الكاتب الصحافي منير الماوري الحكم الصادر ضده والزميل سمير جبران رئيس تحرير صحيفة المصدر الأهلية إهانة لرئيس الجمهورية ويسئ لليمن في جميع المحافل الدولية.
وقال الماوري لـ«الوحدوي نت» إن الحكم موجه للصحافيين اليمنيين في الداخل لإرهابهم، مؤكدا استمراره في الكتابة وتعرية نظام الحكم الذي قبل بإهانة نفسه.
أحزاب اللقاء المشتر بدورها دانت الحكم الذي وصفته بالجائر كونه صادر من محكمة غير دستورية.
واعتبر المجلس الأعلى للمشترك في بيان صادر عنه ذلك الحكم بأنه تصفية حسابات مع أهم ركيزة في المجتمع، كون الإعلام وحرية الرأي والتعبير عنه أساس الديمقراطية ومنبع الحرية وركيزة بناء الدولة الحديثة.
وحمل المشترك السلطة مسؤولية ما يتعرض له الصحفيون عموماً من مضايقات وتعسفات وآخرهم اختطاف الصحفي محمد المقالح الذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى اليوم، مطالبا السلطة بالكشف عن مصير كل المختطفين وضمان سلامتهم، كونها المسؤولة عن امن المواطنين.
نقابة الصحافيين اليمنيين من جهتها عبرت عن صدمتها من الحكم, مطالبة بإلغائه, مشككة من أن يكون صادرا من جهة قضائية.
وعبرت النقابة عن أسفها واستغرابها وتخوفها من استخدام القضاء كوسيلة لمصادرة وقمع الحريات وتكميم الأفواه.
وأعتبرت ذلك الحكم إجراء تصعيديا ضد حرية الصحافة وتقويضا للهامش الديمقراطي ومصادرة الحريات, وافتئات على حق الناس في التعبير عن رأيهم وفقا للدستور والقوانين الدولية الموقعة عليها اليمن.