الحقيقة الناصعة التي يجب ان تعيها حكومة الوفاق وقبلها رئيس الجمهورية أن الثورة الشعبية العظيمة قامت في الاساس من أجل كرامة وحرية المواطن اليمني وحقه في الحياة الكريمة والهانئة ، دون التعامل معه كضحية يتم التسول به واستجداء أمراء النفط للشفقة عليه.
ما كان يجدر بأول حكومة تأتي عقب الثورة اليمنية أن تواصل نهج النظام البائد وتصوير اليمنيين كمتسولين ينتظرون شفقة المترفين في الجوار.
ياسادة لم يخرج أطهر أبناء اليمن في ثورتهم العظيمة التي ابهرت العالم من أجل أن تأتي حكومة تتعامل مع هذا الشعب العظيم كمحتاج وعليها أن توفر احتياجاته عبر استجداء الاخرين.
أن شباب الثورة الذين أهدوا اليمن أرواحهم رخيصة من أجل كرامته وحريته لم يثوروا إلا من اجل أن تعود موارد اليمن لليمنيين وليس لقوى النفوذ ، وما يحتاج اليمنيون اليوم هو أن تغلق منافذ الفساد وتستغل ثروات البلد وموارده بشكل جيد حتى يعود مردودها على كل ابناء الشعب.
ما تتوق إليه أمهات الشهداء هو أن يقدم الفاسدين والعابثين بثروات الشعب للمحاكمة وقبلهم قتلة الثوار ، لا أن ينتظروا مساعدات الشفقة التي تدهس كرامة وعزة اليمنيين وتسيء لعظمة الثورة.
من منجزات نظام المخلوع صالح هو خلق صورة نمطية لليمنيين لدى بعض شعوب دول الجوار بأن اليمني هو ذلك الكائن الفقير المعدم المحاط بالفساد والقابل للإهانة والذل ، وجسدت هذه الرؤية بالتعامل السيء الذي يلاقيه اليمنيين في المملكة "غير الشقيقة" التي تتعامل مع اخواننا وفق نظام العبودية المترجم بنظام الكفالة.
إلا تعي هذه الحكومة أن كرامة الوطن من كرامة أبنائه، وأن عزته تأتي من استثمار موارده وايقاف العابثين بأمن وأستقرار اليمن للسير صوب التنمية الشاملة.
عبارات سخرية واستهزاء سمعتها الاسبوع الفائت من بعض مواطنين سعوديين وهم يخاطبون مواطن يمني في احدى حدائق مدينة عمان بتعالي وسخرية تجسد نظراتهم غير السوية للمواطن اليمني.
بمجرد ما سمع ذلك "الخنفس" لهجة مواطن يمني حتى خاطبه يا ابو يمن مافيه قات .. هات الطلبية" في إشارة لعمل بعض اليمنيين في المطاعم بالسعودية وهو عمل يراه ذلك الممسوخ عيبا.
كان الرد له قاسيا عندما زجره اخونا اليمني ورد عليه :أن من يعمل ويشقى بعرق جبينه ويعيل اسر ارجل منك ويعيش بكرامته .. لتتطور الواقعة الى مشادة كلامية كانت تنتهي بالمشادة لولا تدخل بعض الاخوان العرب.
ثمة حقيقة يجب أن لاتغيب عن ثوار اليمن وساسته وكل فئاته تتمثل بأن الثورة كانت في الاسس ثورة كرامة وعزة وأن قوة اليمن وعظمتها تنطلق من قوة وكرامة مواطنيها ، وهو المبتغى المأمول من الثورة في إعادة قيم الكرامة للمواطن قبل كل شيء.
اليمني الذي يتحمل الشدائد والجوع والفقر دون أن يتنازل عن كرامته ، مستعد أن يتحمل أكثر وأن يعمل من اجل استغلال موارده التي ستحقق له حياة هانئة دون الحاجة للآخرين.
يا هؤلاء أن زمن الهبات السياسية والمساعدات المذلة يجب أن يغادر قاموسنا وثقافتنا ، لنعمل بجد من اجل إنهاء تقاسم الثروة والعبث بها من قبل قوى النفوذ التي لا تزال تسيطر على المشهد حتى بعد الثورة.
ان كرامة اليمنيين ستبدأ من إسقاط تقاسم "المتصارعين "للثروة النفطية وإهمال الدولة للقطاع السمكي وغياب الرؤى الاقتصادية لاستثمار موارد وطاقات البلد. ..
يا ثوار اليمن أن معركتكم لم تنه بعد وان القيم التي ثرتم عليها لاتزال هي السائدة ومن تحاول أن تفرض نفسها على الغد الذي ضحى من أجل اشراقه ونصاعة بياضه خيرت أبناء وشباب اليمن.
على اليمنيين اليوم خوض معركة استعادة الكرامة والقيمة الإنسانية للمواطن اليمني الذي كان دائما رافعا رأسه في كل بقاع العالم .
على الحكومة أن تستعيد ثقة المواطن بها ليشعر بأنها تحمي حقوقه وتعلي شأنه وتوفر الخدمات له .. عليها أن تستعيد زمن العبارة الشهيرة " راجع الحمدي" التي كان يتسلح بها اليمني في الغربة لتصير هي قوة المواطن اليمني وسنده في حله وترحاله.
شكرا لأشقائنا الذي فتحوا أبواب التبرع لليمنيين وهم يجنون من إيقاف وتعطيل ميناء عدن مثلا المليارات من العملات الصعبة .. اليمني ياسادة يؤمن بالعبارة الشهيرة " لاتعطني سمكة ولكن علمني كيف أصيد". .. ولذا فأن طاقات اليمنيين البشرية وقدراتهم العملية والعلمية بحاجة لاستثمار ينهض باليمن الارض والانسان.
اليمنيون اليوم يتطلعون لتقديمهم للعالم بما يستحقونه لا كما يريد ان يقدمهم حكامهم الفاسدين والعابثين .. وهذا ما لايجب أن يستمر في العهد الجديد.