Home Articles Orbits ثورة يوليو والقوى الظلامية
ثورة يوليو والقوى الظلامية
عمر الضبياني
عمر الضبياني

تعد ثورة 23 يوليو المجيدة اكبر ثورة عربية منذ رسالة الإسلام  حتى عصرنا الراهن, وهي الثورة الام التي فجرت باقي الثورات في الوطن العربي فضلا عن كونها تجسد لروح الإسلام  وصدق  رسالته.

 وقد مثلت ثورة يوليو جوهر التغيير والتحرير من الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي بعد أن استطاعت توظيف عناصر القوة الحقيقية التي حملها الإسلام وكل الرسالات السماوية في احترام الإنسان وتحريره وحقه في الحياة الكريمة وحقه في الحرية الاجتماعية والدينية والسياسية من خلال إشراكه في الإسهام ببناء مستقبلة وتامين الصحة ومجانية العلم ومكافحة الفقر والاستغلال ورفع الظلم والعبودية الذي كانت تمارسها القوى الإقطاعية والاستعمارية.

هذه العناصر الايجابية التي جسدتها ثورة يوليو تجلت بالوفاء للإنسان وتجسيد العدالة بين جميع مكونات الشعب المصري بعيداً عن الطبقية الانتهازية والاشتراكية الاقصائية مستخدمة الاجتهاد في التعامل بايجابية مع العادات والتقاليد والموروثات المصرية التاريخية بعيداً عن التسلط والإقصاء وهذا ما يميز ثورة 23 يوليو وقائدها الخالد جمال عبد الناصر ورفاقه أبطال الأمة وشعلتها المضيئة.

 ومن خلال فهمنا للخط السياسي المستقل لثورة يوليو ونهجها العروبي والإسلامي والإفريقي من خلال الدوائر الثلاث الذي حددها الزعيم الخالد في كتابه فلسفة الثورة الذي اسميه من باب الإنصاف فلسفة الأمة حيث ربط بين الهوية العربية للشعب المصري الأصيل وبين الدائرة الإسلامية بكونها تجمع الأمة تحت راية إخوة الشهادة وهذا لا يعني إغفال المحيط الإفريقي الذي يشكل عمق استراتيجي لمصر ولن تكون بعيد عن تحولاتها وتفاعلاتها بل ان التاريخ والشراكة تجبر الثورة المصرية التعامل بايجابية مع حركات التحرر الإفريقية بكونه انعكاس على مصر والأمة بشكل عام ولهذا وقفت مصر الناصرية مع كل شعوب القارة السمراء حتى تنال حقها في الحرية من الاستعمار الغربي وهذا مازال في عقول وضمائر الأفارقة وعبروا عنة بأكثر من مناسبة وأكثر من طريقة وفاء بالدور المصري والقائد جمال عبدالناصر الذي لا ينكره ادوار هالا جاحد أو مكابر..

الثورة المصرية الفتية ولدت ولم يكن لها نظرية سياسية مغلفة او جاهزة كما هو الحال في عدة ثورات منها البلشفية وكثير من الثورات وبالتالي جاءت الثورة المصرية كتفاعل ايجابي خلاق بين الشعب الثائر والقوات المسلحة الباسلة , لهذا كانت تختصر الثورة في الأهداف الستة , وبكون الصراع العالمي على أشده والحرب الباردة في ذروتها استطاعت الثورة ان تلعب بالتوازنات وتستخدم أكثر من ورقة منها الغرب ضد الشرق والعكس قبل ان تكون صداقتها مع الكتلة الشرقية في ظل توازن قوى ثالثة ممثلة بحركة عدم الانحياز والانحياز الايجابي الذي استطاع كسر احتكار السياسة العالمية بين قطبين وهذا يحسب لزعيم الخالد.

ومع بروز عالمية يوليو كان هناك إصلاح اقتصادي و"تمصير" الممتلكات وتأميم قناة السويس وإصدار قانون الإصلاح الزراعي وتحرير الإنسان وإشراك القوى العاملة في مجالس الشعب وغيرها من خلال العمال والفلاحين إضافة الى مجانية العلم والصحة ووو .. الخ. فضلا عن وبناء المصانع والاف المدارس والجامعات والمساجد التي بنيت في عهد ناصر اكثر مما بنيت منذ قيام الدولة الاسلامية.

 كل ذلك عمل على انتعاش البلاد في مختلف المجالات وحجزت مصر موقعا مرموقا ومهما بين دول العالم مثلما أصبح ناصر النجم العالمي الذي يستحيل تجاوزه رغم العداء الذي اكتسبه من الغرب بكونة لم يقبل ان يساوم على وطنه وأمته ولهذا وجدوا انه الخصم اللدود الذي يهدد اطماعهم التوسعية والاستعمارية بعد إسهامه في كل الثورات العربية وانتصارها بقيادته وليس من المبالغة القول أن انتصار أي ثورة عربية دون تاثيرات ثورة يوليو وقائدها كان صعبا للغاية وربما مستحيلا، وهذه حقائق يعرفها الجميع. لهذا لم تستطيع له قوى الشر والعدوان التي فشلت عسكرياً من خلال عدوان 56 وكسر احتكار السلاح من خلال صفقة يوغسلافيا مرورا بتأميم القناة , وجدوا ان اداتهم الأخيرة الاستعانة بالعملاء من المتأسلمين على الطريقة الغربية واستخدموا الدين لتمرير المشاريع الغربية ومن السخف أن يصل الامر حد القول أن السلاح الروسي كافر لأنه بيد القوات المصرية بينما السلاح الأمريكي والبريطاني الذي كان يصدر لمملكة آل سعود حلال وشرعي !! ولم نفهم من اين استمد هؤلاء الشرعية الا بعد وقوف السعودية في حرب 67م مع الغرب واعطاء إسرائيل جزيرتي تيران وصنافير وهذه هي شرعية السلاح الحلال.

 ولم تكون الجماعات الإرهابية ببعيد عن ما يجري انذاك بل قامت بعمليات ارهابية ووقفت مع المشاريع الغربية بكل صلف ولم تقف مع الإرادة الثورية الوطنية بل استخدمت الدين وإمكانيات مختلفة لضرب الثورة واغتيال عبد الناصر وضرب المشاريع القومية وكل هذه خدمة للعدو والتي تجاوزت الدعم الغربي للكيان الغاصب.

وتحضر المخاوف بقوة في الوقت الراهن حين تطفح إلى السطح مواقف مشينة من قبل بعض المتاسلمين في دول الربيع العربي وعلاقاتهم المشبوهة  مع الكيان الصهيوني.. وما حدث من لقاءات في تونس وتصريحات دليل على الترابط العضوي بين التيار المتأسلم الاخونجي على الطريقة الأمريكية الغربية والماسونية الصهيونية! وتجلت المواقف النتنة ايضا في ليبيا وجلب الاحتلال لها وتشويه صورة الإسلام وافتتاح المعابد اليهودية وحمايتها مقابل قتل الليبيين يوميا في قارعة الطريق! وهنا يأتي الدور على مصر وعلى مرسي "وما أدراك ما مرسي" والذي استخدم أساليب الفراعنة في التزييف وطمس ايجابيات الماضي مع الفارق في الابداع الفرعوني وتخلف مسلمي الخيانة. فقد كان الفراعنة كل فرعون ينسب حضارة سلفه لنفسه ويحاول طمس معالم من سبق وهذا ما يمارسه  "مرسي بيك" وجماعة الإخوان من خلال خطابة الايدولوجي والذي كان يحمل اجندة الاخوان وفية التهديد والوعيد لناصريين محاكمة فترة ناصر !!ونسي انه انتخب رئيس للمصريين وليس لعصابة الاخوان.

ومع إيماننا بعقلية تخلفهم وحقدهم على كل ما هو جميل وتحرري كان يحدونا الامل بتغيير في التعامل وفق معطيات العصر واستيعاب كل مكونات الشعب المصري الا أن مرسي خيب الظن واستمر في سلسلة الأكاذيب التي دأب عليها الإخوان المسلمين والتي من بينها وجود مرسي على كرسي الرئاسة بعد أن سبق ووعدت الجماعة بعدم الترشح لمنصب الرئاسة مثلما وعدت بعدم تعيين رئيس حكومة من الاخوان وقبل ذلك وعدت بعدم الترشح بكامل عضوية مجلس النواب وهي جميعها وعود كاذبة كشفت النوايا الحقيقية للاخوان المسلمين ونزعتهم للتسلط والاستحواذ.

 ومن يتابع خطابات "سي مرسي" يجدها تطفح بالعنصرية والتشجيع على الطائفية وتجاهل واضح لثورة الشعب المصري العظيم وتضحياته وكانه انتقام من الاستقلال الوطني والقومي والتي كان اخرها مقاطعة الاحتفالات بثورة يوليو العظيمة، مع ان عراب الخيانة من مخلفات كامب ديفيد السادات ومن بعده مبارك مبارك كانا فيهم شيئ من الحياء والخجل فكانوا يحييون الاحتفال السنوي بيوليو، كنوع من الوفاء الذي يكنه الشعب المصري للقائد والثورة وتكريما للشهداء الإبطال.

ان ثورة يوليو المجيدة الذي بنت مصر ووزعت الاراضي الزراعية للبسطاء والمعدمين ومن بينهم والد محمد مرسي الذي استطاع أن يدخل ابنه في مدارس التعليم المجاني التي وفرتها ثورة يوليو، وبالتالي فان من الواجب الاخلاقي قبل السياسي ان يحفظ الجميل لثورة علمته حتى اصبح مرشد وليس زعيم! ان الخوف ان يستدعوا بريطانيا لاحتلال مصر انتقاما من الزعيم الخالد وباجروا القناة.. أن مقاطعة ثورة يوليو تكشف عن عقلية ظلامية لا تملك القيم الأخلاقية والثورية بل عصابات قتل وتحريم وتكفير.

وبالقدر الذي نشعر فيه بالاسى والحزن لما ال اليه الوضع السياسي في مصر الا أن كلنا امل في عظمة الشعب المصري ورقيه وهو بكل تاكيد لن يقبل المساس بثوابته وبقياداته التاريخية ومن هنا يبدو أن عمر مرسي في السلطة لن يطول كثيرا ان استمر في انتهاج هذه السياسية الايديولجة المنغلقة.

المجد والخلود لثورة يوليو العظيمة وأبطالها..الخزي والعار لتجار الدين مروجي الاستعمار.