Home Articles Orbits العدين .. صيحة القهر في بلاط الحجري
العدين .. صيحة القهر في بلاط الحجري
عبد العزيز الويز
عبد العزيز الويز

على قدر جسامة مظالمهم وضخامة اوجاعهم المسيلة للدموع يحافظ ضحايا تغييب الدولة في مديرية العدين على حبل من الود متين مع المحافظ احمد الحجري ،والاخير ما فتىء يصعر خده للناس ويعرض بهمه عن القيام بمسؤوليته - مع القدرة على ذلك - الى ما فيه فلتان الاوضاع والاعصاب وتدهور هيبة الدولة وهيبته ، ومنح الجناة والمجرمين والفسدة والنهابة وقطاع الطرق اقدام ثابتة للاستقواء على الضحايا والتنكيل بهم.

طيلة ثمانية اشهر تقريباً وضحايا القتل والرصاص والاستبداد والطغيان المشيخي في العدين يترددون بقهر جم ، وبدرجة رئيسية على مكتب ومنزل المحافظ وسمعه وبصره املا في ان يجدوا عنده ما وجده امثالهم من قبل في عبدالقادر هلال وصالح عباد الخولاني ويحي المتوكل ويحي مصلح ، وهؤلاء كانوا يجلسون على ذات الكرسي الذي يجلس عليه فخامة القاضي ويشغلون ذات المنصب مع فارق الزمن والثورة الشعبية التي تاتي بلا ريب لصالح الحجري في انجاز ما يفوق سابقيه لكن ما حدث ويحدث العكس والمبرر لكل ذاك وذلك التراخي والبرود الحجري وحده المحافظ الهادىء جداً من يعلمه ، حتى من حوله ومن يسير في فلكه يخرسون حينما تصعقهم حقائق المسؤول الاول في محافظة ( الثجة ) وعلي عبدالمغني قائد ثورة سبتمبر.

عشرات المسيرات وعشرات التظاهرات السلمية والوقفات الاحتجاجية وعشرات الشكاوي والبلاغات وعشرات اللافتات والشعارات وعشرات التوجيهات والاوامر التي وصل بها ضحايا العدين وانصارهم الى حضرة القاضي المحافظ وغيره في سبيل إقامة العدل وانفاذ القانون وفرض سلطة الدولة عوضاً عن تسلط الفرد الجائر ، وفي كل مرة كانوا يعودون مضرجين بوعود لا هي قبضت على قاتل ولا هي انتصرت لمظلوم ولاهي اطلقت معتقل ولا اعادت مختطف ولا هي منعت اتساع الوجع والخرق على الراقع ،والادهى من ذلك كله انها لم تمنع نسب الرئيس السابق صالح من اذية الضحايا في ظاهرة بدت عجيبة وغريبة قل ان تجد لها نسخة مكررة في تاريخ المسؤولية .

منتصف يوليو الماضي طفق ابن المناضل الثائر القاضي عبدالله الحجري في اندر دوام له في مقر السلطة المحلية بالمحافظة الى الاتيان بتقرير عن قضايا العدين مذيل باسم جبران صادق باشا احد الذين يتهمهم ضحايا العدين بارتكاب جرائم جنائية بحق العديد منهم وفقاً للعديد من الشكاوي والبلاغات ومحاضر التحقيقات وجمع الاستدلالات المتضمنة ذلك، وقيام المحافظ بسماخة نادرة تلاوة التقرير في اجتماع رسمي ضم قيادات السلطة المحلية بالمحافظة ، والعمل على اخراج الاجتماع باقرار ما جاء به تقرير خصم الضحايا من توصيات .

حينها لم يكن من سبيل امام ضحايا العدين وقد ابتلوا بهكذا محافظ الا الدعاء " ليته لم يداوم واستمر في تغيبه ، ليته لم يحضر ، ليته سكت كان افضل وارحم " .

كان بامكان المحافظ إن اراد أن يتبين الحقيقة ويطمئن قلبه ان يلجأ الى تقارير الاجهزة المختصة بالمديرية، ان يرجع الى ملفات القضايا المثخنة بجرائم القتل والاصابة حد الاعاقة وعصابات الحرابة وارهاب المدنيين وجرائم الاختطاف والاعتقال في السجون الخاصة ،الى أدلة إستهداف المنازل ليلا ونهارا بالاعيرة النارية المميتة مختلفة الاحجام ،الى شهود ومعاينة مليشيات الفوضى وجماعات السلاح المنتشرة على قمم الجبال والشوارع العامة .

كان عليه ان يزور قبورضحايا الرصاص المشيخي في مقابر الساحِكة وأُذن والسُهيلة ، ان يسأل عن ايتام احمد الجعوش كيف يقضون يومياتهم بلا عائل بعد ان قُتل ابوهم واخوهم الارشد نهاراً، وعن اسرة حسام البريد المصابة الى اللحظة بقتل احب ابنائها واكبرهم جهارا، وعن فواز الزهيري المعاق بعد ان كان انسان سوي ،وعن قتلة ماجد الجابري وابراهيم الجبرتي وغيرهم من الضحايا، ان يمرعلى تفاصيل اختطاف واعتقال وارهاب الدكتور احمد العامري مرتين ومن قبله فيصل القليصي واخاه طه وورفقائهم في سجن دار العدن ومحمد الحسام المختطف والمعتقل منذ قرابة شهر ، ان يستفهم عن حقيقة خيمة مهجري دار عُمير في ساحة خليج الحرية، وعن خيمة ساحة نصرة المظلوم في العدين ذات القضايا الحقوقية البحتة المتقاطعة كلياً مع ساحات السياسة والضغط وصراع الاوغاد، وإن شُق عليه ذلك وخشي على نفسه التعب كان بامكانه ان يتطلع على التقرير الرسمي المحايد الخاص بلجنة وزارة حقوق الانسان التي زارت المديرية اواخر مارس الماضي والتقت بكافة الاطراف المعنية واستوضحت الحقيقية عن كثب والمحال نسخة منه الى مكتب المحافظ ،على الاقل كان ربما ذلك اوثق واعدل من الرجوع الى تقرير باهت من طرف متهم وخصم على حساب اطراف ضحية ومديرية بأسرها لن يكون قدر تمثيل نجل الباشا لها في السلطة المحلية بالمحافظة ذنباً تمرر عبره افضع الجرائم بحق الابرياء ، وقد جاءت انتفاضة " نصرة المظلوم " كفارة واضحة لذنبٍ غير مقصود في عهد ولى .

إن تصرف المحافظ الرصين الذي يعده العدينيون اشد عليهم مما الحقه بضعفائهم الجناة لن يكون له في القاموس الطبيعي غير مفهوم وحيد هو ان الرجل على علو منصبه ونسبه صار هو الاخر ضحية لمشايخ من العدين وغلمانهم في صورة اسوء من المواطن ( الرعوي ) وهو ما يتوجب عليهم مناصرته في قادم الايام اولاً والحاقه في قائمة قضايا نضالهم السلمي التي يسعون بجد وجهد للانتصار لها في اطار مشروعية انتفاضتهم التي اطلقوا عليها مسمى " انتفاضة نصرة المظلوم " ، مالم فليس اقسى واشد من الحجارة الا الحجري.

في اول ايام الدوام الرسمي بعد اجازة عيد الفطر خرج الرئيس هادي شاهرا خطابا تناقل قوته ووضوحه الداخل والخارج شدد فيه هادي على ضرورة اضطلاع المحافظين بمسؤوليتهم في حفظ الامن وضبط الجناة مؤكداً في سياق خطابه على ان المحافظ هو رئيس اللجنة الامنية في المحافظة .

لعل الرئيس هادي ساءه ما يحدث في بعض المحافظات من انفلات امني متعمد اضر بسمعة الدولة والبلاد والمرحلة الانتقالية فاراد ان يشدد على المحافظين للاضطلاع بمسؤوليتهم وقد منحهم صلاحيات كاملة للتصرف حتى قال الكثير لعله بذلك يقصد محافظ إب لما تشهده المحافظة من انفلات وفساد غير مسبوق بالإمكان تداركه متى ما اراد المسؤول الاول بالمحافظة .

انفسهم شركاء حزب المحافظ في الوفاق السياسي والتوقيع على المبادرة الخليجية ساءهم الوضع في المحافظة فقرروا الخروج عن الوفاق والاتفاق وعدم السكوت هذه المرة وقد سكتوا كثيراً فجاء بيان احزاب اللقاء المشترك بالمحافظة الاسبوع الماضي فاصلاً ومحدداً مهلة للمحافظ للقيام ببعض الواجبات العاجلة قبل ان يهدد البيان باللجوء الى التصعيد الثوري كخيار لا رجعة فيه ولا مناص ، وكان ملحوظاً حضور العدين القضية والانسان والقهر اليومي في البيان بقوة وباكثر من سطر في اشارة الى ما تعيشه مديرية " غصن الزيتون " من احداث ينبغي التعامل معها بمسؤولية، ولا يعتقد عاقل ان يكون لرئيس فرع حزب المؤتمر بالمحافظة عبدالواحد صلاح ورئيس المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح فخري الرباحي الا ما يقي صاحبهم التصعيد الثوري وجميعهم من مديرية الرضمة واصحاب قرار وتأثير.

في كل الاحوال لدى الضحايا في العدين من الظلم ما يكفيهم واي تقاعس او تراخي عن انصافهم ظلم اكبر لن يثنيهم في الاخير عن التمسك بالدولة كخيار للانتصاف مهما بدت اجراءات الديوان مفزعة وانتهاكات الكعب العالي بحقهم موجعة والنضال السلمي مضنٍ فحتماً سيأتي الفرج في عهد الحجري او بديله وكم سيكون مؤسف ان يفوت ابن الشهيد البطل الفرصة في ترك اثر حميد يخلده له الناس والتاريخ ، كما ان لدى العدينيون من الكرم والاخلاق ما يميزهم عن غيرهم في الابقاء على حبل الود والطاعة مع المحافظ بعد صدور عنه ما يؤذيهم لكن ما يخشونه ان تصبح العدين فيما لو استمر في صعره القشة التي قسمت ظهر البعير .