Home News Locally

اليمن: المكفوفين ضحايا "التنمر" ونظرة المجتمع القاصرة

اليمن: المكفوفين ضحايا "التنمر" ونظرة المجتمع القاصرة

 

"غالبا ما كنا عرضة للتنمر في حياتنا العلمية والعملية " هكذا تلخص جميلة الزبيري ما تعانيه وزميلاتها الكفيفات من نظرة وتعامل المجتمع القاصرة نحوهن.  تقول الزبيري (30) عاماً أنهن يتعرضن للعديد من المضايقات والصعوبات سواء على صعيد ميدان العمل أو في حياتهن اليومية، فدائما ما تسمعن كلمات تجرح مشاعرهن وكرامتهن وخاصة حين يتم  الاستخفاف منهن ومن قدرتهن الناتج بسبب الإعاقة.
 وتشير الزبيري الى ما عانته طيلة دراستها الأساسية والجامعية من تنمر ومضايقات وخاصة من قبل زميلاتها من خلال السخرية منها ومن عدم قدرتها على مواصلة التعليم وأن هذا كان يسبب لها ألم كبير، ناهيك عما واجهته في العمل من عملية استهزاء ورفض شديد من قبل مسئول في مستشفى الثورة العام بالعاصمة صنعاء، "عند نزول درجتي الوظيفية بالمستشفى واجهت تنمر كبير من قبل الموظفين والعاملين في المستشفى فكنت اواجه يوميا نظرات التعجب والسخرية ترمقني وكثيرا ما كنت اسمعهم يتساءلون بسخرية: كيف ستتعامل هذه العمياء مع التحويلات والأرقام؟!".
وعلى الرغم من كل ما تعرضت له جميلة الزبيري وما واجهته في حياتها اليومية الا أنها لم تكن لتقف عائقا امامها نحو شق طريقها في اكمال تعليمها وبناء أسرتها بل زادها عزيمة وتحدي وإصرار.
 تقول الزبيري لموقع "الوحدوي نت" على الرغم من حجم الصعوبات التي اعترضت طريق حياتي انا وزميلاتي الكفيفات إلا أننا لم نكن نأبه كثيرا لما كان يحكى ضدنا بل واصلنا تحدي ظروف الإعاقة.
وتضيف: لقد تمكنت من التخرج من جامعة صنعاء كلية الآداب قسم خدمة اجتماعية وهذا انجاز حقيقي وكبير بالنسبة لي ولكل الكفيفات وواصلت طريقي في البحث عن عمل، وقد تمكنت من ان اثبت نفسي رغم ظروفي الخاصة وظروف العمل الصعبة والشاقة.
واوضحت الزبيري تمكنهن من تغيير نظرة المجتمع نحو الكفيفات بشكل عام وأنهن عنصر فاعل في هذا المجتمع.
الكفيف يفرض نفسه:
  زياد العميسي (27) عاما - لديه (4) من المكفوفين ذكور واناث - يقول: انه عانى من نظرة المجتمع القاصرة نحوهم، وخاصة حين تقدم للحصول على فرصة عمل فتم الرد عليه بألفاظ جارحه مثل "لا نقبل ان نوظف اعمى عندنا" وغيرها من حالات التنمر التي تواجه فئات المكفوفين.
 ‏تمكن العميسي من تحويل إعاقة البصر الى مصدر الهام لم يستسلم ولم يجعلها عائقا او حائط صد أمام طموحه وتحقيق ذاته،.
يقول العميسي ل "الوحدوي نت " لقد تغلبت على جميع الصعوبات التي واجهتنا، فواصلت تعليمي الجامعي وحصلت على شهادة بكالوريوس من كلية التربية بجامعة صنعاء، وحاليا اعمل مدرسا في مدرسة الوفاء النموذجية، كما اعمل مسؤولا للرقابة والتفتيش في الجمعية اليمنية لرعاية وتأهيل المكفوفين.
واستطرد العميسي قائلا: الكفيف هو من يفرض نفسه بنفسه في المجتمع، فهناك مكفوفين لديهم قدرات ومواهب واثبتوا تفوقهم في الجانب التعليمي والإداري، مؤكدا ان على الكفيف ان يكون قادرا بان يثبت للمجتمع قدرته كعنصر فعال وانه يستطيع العمل وتحقيق الإنجاز.
وهو ما اكدت عليه الكفيفة نعمة داود (45) عاماً - إعلامية "إذاعة وتلفزيون "- التي قالت  ان على الكفيف الا يلتفت لكلام الاخرين وتنمرهم، وهو ما سوف يساعدهم على النجاح في حياتها العلمية والعملية والخاصة.
ونوهت الى انه لم يعد الاستسلام للتنمر وارداً بالشكل الذي كان علية سابقا، فالمكفوفين فرضوا واقعا مختلفاً عندما واجهوا القول، والنظرة، والتساؤل، بالأداء التعليمي والعملي.
 وفيما يخص مواجهة النظرة القاصرة نحو هذه الفئة من المجتمع يشدد العميسي على ضرورة تغير نظرة المجتمع نحو المكفوفين وعدم التنمر عليهم باعتبارهم فئة يحتاجوا لمعاملة خاصة وان يتم ادماجهم في كل المجالات العلمية والعملية.
 من جهتها دعت نعمة داود المجتمع ان يغير نظرته القاصرة نحو المكفوفين ، والتوقف عن استغلال الناس لحاجاتهم ومطالبهم وتمكينهم من حقهم في التعليم والعمل والحياة الكريمة.
من جانبه تحدث رئيس الجمعية اليمنية لرعاية وتأهيل المكفوفين بصنعاء عبد العزيز بالحاج عن الصعوبات والمعوقات التي تواجه المكفوفين والجمعيات العاملة في هذا المجال ، وتقديم الدعم والمساندة لهم.
يقول بالحاج  ل"الوحدوي نت " هناك الكثير من الصعوبات التي تواجه الكفيف نفسة، فعند تخرجه من الجامعة يصطدم اولا بعدم قبوله في سوق العمل بسبب عدم قناعة رجال الاعمال بقدراته، بالإضافة الى توجيه بعض الالفاظ الجارحة مثل انه لا يتم توظيف اعمى، واثناء الزواج هناك بعض الاسر لا توافق على زواج الكفيف مما يعرض الكفيف للاكتئاب في بعض الحالات.
وفيما يخص ما تقوم به الجمعية نحو فئة المكفوفين يقول الحاج " ان الجمعية تعمل قدر المستطاع على تقديم خدمات تعليمية وتأهيلية وثقافية للمكفوفين التابعين للجمعية والبالغ عددهم 1500 ، والمتضمنة تعليمهم في مركز إبصار التابع للجمعية حتى اكمال التعليم الأساسي,  حيث ان  المركز يستوعب 65 كفيف سنويا ومن ثم ادماجهم  في المدارس الحكومية حتى انهاء المرحلة الثانوية ، وبعد ذلك ادخالهم الجامعة والعمل على تسكين بعضهم  في السكن الجامعي والعمل على توفير المناهج بطريقة برايل مشيرا الى ان هناك ما يقارب (244) من المكفوفين ملتحقين بالتعليم الجامعي"

وأضاف بالحاج ان الجمعية قدمت المساعدات الاجتماعية كعمل عرس جماعي لمجموعة من المكفوفين ، وتمويل بعثة الحج  ل 120 كفيفا  كما حصل في الاعوام السابقة ، وتوزيع الحقيبة الشتوية وتوزيع سلة غذائية والاضاحي ، وكذلك تقديم  الرعاية الصحية من "الادوية والدعم النفسي "
ولفت رئيس الجمعية اليمنية لرعاية وتأهيل المكفوفين بصنعاء في حديثة لموقع "الوحدوي نت  " :الى وجود العديد من الصعوبات التي تواجههم في الجمعية وخاصة مع الازمة التي تمر به البلاد منها احتياج ما يقارب 50-60 كفيف مصابين بضغط العين لقطرة العين بتكلفة (8000 ألف ريال)، وانعدام المشتقات النفطية (البترول) لتمويل الباصات التي تقل المكفوفين من والى المدارس، بالإضافة الى توقف كثير من الأنشطة التعليمية والثقافية مثل اقامت دورات تعليم الكمبيوتر الناطقة.
وتابع: ان الازمة التي تمر بها البلاد اضافت معاناة جديدة وجهدا اخر على المكفوفين.
 ويناشد بالحاج اهل الخير ورجال الاعمال الى الالتفات الى هذه الفئة من المجتمع ودعمها بقدر الاستطاعة خاصة بعد انقطاع الرواتب، فهناك من اخرج أولاده من المدارس والبعض الاخر أصبح أولاده باعه متجولين في الجولات او أسواق القات.
 ‏من جهتها مسؤولة العلاقات والاعلام بجمعية الأمان لرعاية الكفيفات ليزا الكوري تقول ل"الوحدوي نت ": ان الجمعية تقوم برعاية وتأهيل الكفيفات في الجانب التعليمي والثقافي والصحي من خلال التعليم الأساسي في معهد الشهيد فضل الحلالي التابع للجمعية والذي يستوعب سنويا (100) طالبة، بينما تضم الجمعية (1654) كفيفة، ثم دمجهن في المدارس الحكومية ومتابعة الكفيفات حتى انهاء المرحلة الجامعية وقد تخرجت ما يقارب 159كفيفة في عدد من فروع الجمعية في محافظات (صنعاء-تعز -اب-الحديدة) .
 وتضيف: بان المكفوفين يعانوا في المرحلة الجامعية من تغيير المواد من قبل الدكاترة لكل عام ، وبالتالي لا يستطيع الكفيف الحصول على المادة مسجلة بطريقة برايل فيضطر لتسجيل المادة كل سنة على شريط كاسيت او ذاكرة ،ومشكلة الأبحاث والتكاليف ولكنها حاليا تم التغلب عليها نسبيا لقدرت الكفيف على استخدام الكمبيوتر الناطق ،وأيضا ضعف الإمكانيات المادية لدفع أقساط الجامعة ،وبعد الانتهاء من الجامعة تعمل الجمعية على البحث عن وظائف للكفيفات ولكن قليل جدا ما يتم قبول توظيف كفيفة.

الاكتفاء الذاتي
وتطرقت الكوري الى الانشطة التي تقدمها الجمعية حيث عملت على مشروع التمكين الاقتصادي، ففي عام 2016 أطلقت مشروع "كرامة" والذي استهدف نحو 43 كفيفة ومن خلاله تم فتح المشروع الذي ترغب به الكفيفة.
 وتابعت: في عام 2018م إطلاق مشروع "انامل" حيث بلغ عدد المستفيدات (105) كفيفة، وانه تم تدريبهم على حرف يدوية مختلفة كالبخور والعطور، وصناعة الاكسسوارات وخياطة الشنط، كما تم أطلق مشغل انامل امتدادا لمشروع انامل السابق واستهدف (13) كفيفة، وان الهدف هو تحقيق الاكتفاء الذاتي للكفيفة.
لكنها تشير في هذا المجال الى عائقين رئيسيين يواجه المشروع ويتمثل في التسويق للمنتجات بالإضافة الى عدم تقبل السوق لمنتجات الكفيفة.
 واختتمت الكوري حديثها قائلة: ان الكفيفة قد عملت على فرض نفسها من خلال النجاحات المتتالية سواء في الجانب التعليمي او الإداري وحتى الجانب الاسري فهي قادرة على ان تكون زوجة وأم وعاملة ولهذا بدأت نظرة المجتمع تتحسن ولو بنسبة ضئيلة". "