Home News Arabic and International

لسياسي والمعارض البحريني عبدالرحمن النعيمي لـ

الرؤساء العرب يريدون توريث الحكم لأبنائهم·· والأنظمة الجمهورية أسوأ من الملكية

الرؤساء العرب يريدون توريث الحكم لأبنائهم·· والأنظمة الجمهورية أسوأ من الملكية


قال الأستاذ عبدالرحمن النعيمي، السياسي البحريني المعارض، والرئيس السابق لجمعية العمل الوطني الديمقراطي في البحرين، إن الإصلاح السياسي في المنطقة العربية يبدأ بالإصلاح الدستوري·
وتحدث في حوار أجرته معه "الوحدوي"، عن مسألة توريث الحكم العربي، وعلاقة الأنظمة العربية بالبيت الأبيض· وتطرق الى قضية الإصلاحات الدستورية في البحرين، والمهام الأساسية التي تقع على عاتق الأحزاب القومية في ظل الظروف الراهنة·
مسألة الإصلاحات من الخارج، ومهام المعارضة العربية اليوم، وقضايا ساخنة أخرى·· تحدث عنها النعيمي في هذا الحوار·
" في البداية نرحب بك ضيفاً عزيزاً على صحيفة "الوحدوي"·· ويا حبذا لو حدثتنا عن انطباعك في زيارتك هذه لليمن، والمشاركة في المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي·
- انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي يعد خطوة كبيرة في تاريخ الحزب· وتجمعنا مع الحزب الاشتراكي علاقات تاريخية، فكنا حريصين على حضور مثل هذا المؤتمر، والمشاركة في أعماله، واطلعنا على الأقل على الوثائق التي قيمت المسيرة الماضية· وبطبيعة الحال، فإن أي حزب حيوي لابد أن تكون هناك وجهة نظر، وخلافات واجتهادات وصراعات، ولكن بمقدار ما إن الحزب يستطيع أن يتوصل الى قواسم مشتركة، أكيد يستطيع أن يتحرك بشكل أفضل في الفترات اللاحقة·
الهدف من الزيارة كان المشاركة في المؤتمر الخامس للحزب الاشتراكي، وكانت فرصة للحوارات واللقاءات مع الإخوة في الحزب الاشتراكي، والتنظيم الناصري، بشكل أساس، وعلى الأقل تبادلنا الآراء في مختلف القضايا، خاصة ما يتعلق بالحزب وأوضاعه، واليمن وأوضاعها، وأيضاً ما يتعلق بالعلاقة بين التنظيمات الوطنية والتقدمية في المنطقة·
" هل يعني ذلك أن هناك توجهاً لإرساء استراتيجية عمل للأحزاب القومية والتقدمية في الوطن العربي؟
- والله لاتوجد آلية حتى الآن غير الآلية الموجودة· هناك مؤتمر الأحزاب العربية الذي لازال يتعثر في اجتماعاته للأمانة العامة بحكم محاربة الأنظمة العربية لمثل هذا الاجتماع الذي كان من المفروض أن يعقد في صنعاء، واعتذر المؤتمر الشعبي العام في اللحظات الأخيرة، وكان مفروضاً أن يعقد في البحرين، وجوبهنا باعتذار من قبل القصر الملكي· وتقديرنا بأن الأمريكان لايريدون للأحزاب العربية أن تلتقي وتنسق وتعمل مع بعضها البعض، لأنهم يريدون كل بلد لوحده وعلاقاته مرتبطة قد تكون معهم وليس مع الإخوان العرب·
على كل حال، نحن نعتقد أن ما هو موجود حالياً من عقد مؤتمرات وحضور لهذه المؤتمرات، خاصة بالنسبة لليمن والبحرين والمناطق الخليجية الموجودة فيها أحزاب كالكويت·· يجب أن تكون هناك آلية لعلاقات أفضل، خاصة في فعاليات تعقد في هذه البلدان، مثل مؤتمر التنمية الخليجي الذي يعقد سنوياً، وهذا ممكن على الأقل أن يشارك فيه الإخوة اليمنيون، وهو يناقش سنوياً مسائل التنمية، والتحولات، والإصلاحات الديمقراطية، وأيضاً ما هو مطلوب من كل القوى الوطنية وقوى الإصلاح السياسي في المنطقة، أن تكون لها آلية معينة·
وحقيقة، الى الآن لم توجد آلية معينة بعد الصيغة المقدمة من ليبيا، وهي ملتقى الحوار· وأعتقد أن اللقاء الأخير الذي تم في ليبيا قد يكون خاتمة المطاف بالنسبة لهذا الملتقى، لأنه واضح عدم وجود جدية في العمل لما يتعلق بهذه الملتقيات·
وعلى أية حال، مطلوب من كل القوى أن تفكر في صيغة العلاقة في ما بينها·· يعني·· كيف نطور عملنا في ما يتعلق بدعم فلسطين، ودعم العراق، والإصلاح السياسي· وعندنا في البحرين، نهاية هذا العام، منتدى المستقبل، تشرف عليه الدول الكبرى، وهناك منتدى المستقبل الشعبي، البديل· وقد تشكلت في البحرين لجنة تحضيرية برئاسة الأستاذ عبدالنبي العكري، وهناك توجه لدعوة كل الفعاليات والنشطاء العرب من مختلف البلدان العربية، على أساس أن تكون هناك ورقة تقدم الى هؤلاء القادة الدوليين والقادة العرب الذين سيحضرون، بأن المنطقة العربية تعاني من هذا الخلل في ما يتعلق بالإصلاح الشامل·· هذه سماته، سواء على مستوى كل بلد عربي، أو على مستوى المنطقة ككل·
نرى أن هناك حاجة ماسة على مستوى الجزيرة العربية الى تطوير علاقات القوى الوطنية·
" نحاول أن نحشرك قليلاً بالشأن اليمني·· زيارتك تزامنت مع صدامات ومواجهات بين الجماهير وقوات الأمن، هل من تعليق على ذلك··؟
- واضح على الأقل من خلال ما اطلعنا عليه من نشاطات لإخوة في الأحزاب السياسية، وأيضاً الصحافة، أن هناك ردود فعل عفوية من قبل المواطنين لارتفاع الأسعار، وهذه ظاهرة شوهدت في أكثر من بلد، سواء في اليمن أعتقد في 9991م، أو مصر أو غيرهما من البلدان العربية، عندما يسحب الدعم من سلع أساسية، ويشعر المواطن بأنه دخل نفقاً مظلماً، وتجربة اليمن وعدد من البلدان العربية في توصيات البنك الدولي والمنظمات الدولية لاتأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطن· وأيضاً أعتقد أن الحكومات العربية، سواء في اليمن أو غيرها، الشفافية على الأقل حسب التقارير الدولية، أنه في آخر القائمة، والحديث عن الفساد الإداري والمالي سمة عربية، فأكيد الأحزاب على الاقل تتحدث عن أن هناك فساداً إدارياً ومالياً كبيراً هو الذي يستنزف الإمكانيات الكبيرة لليمن، خاصة ونحن نعيش مرحلة كارتفاع الأسعار، واليمن دولة منتجة للنفط الى حد ما، وبالتالي فمداخلها ارتفعت عن الفترات السابقة في هذا الجانب، أكيد اذا لم يكن هناك توافق بين القوى السياسية، وتوعية للمواطن على مسألة الظروف الجديدة التي تواجه المنطقة غير المنتجة للنفط، لاشك أن الجماهير ستصدم، وتحدث ردود فعل عفوية من الناس· ونتمنى أن اليمن تستطيع أن تتجاوز هذه المعضلة، وأن يكون للحركة الوطنية اليمنية دور لتوجيه كل هذه الاحتجاجات لتصل الى صيغة تخدم اليمن وتطورها ومستقبلها السياسي·
" دعنا نطرق الشأن البحريني·· بدأت منذ فترة المعركة الدستورية، ما جديد هذه المعركة، خصوصاً بعد انعقاد المؤتمر الدستوري الثاني، وإقرار قانون الجمعيات السياسية من قبل القصر الملكي؟
- مستجدات المؤتمر الدستوري الثاني أننا خرجنا بصيغة متقدمة في ما يتعلق بعلاقات الجمعيات الأربع، وشكلنا أمانة عامة للمؤتمر الدستوري، تمثل فيها الجمعيات الدستورية الأربع بمندوبين اثنين، والمستقلون ثلاثة، من 11 عضواً في الأمانة العامة التي وضعت على عاتقها مهمة الملف الدستوري، وتنظيم الفعاليات الشعبية داخل البحرين، وتنظيم الوفود التي يمكن أن تأتي من الخارج· وقد قمنا بأكثر من فعالية في هذا الجانب؛ مسيرتين، إحداهما في سترا، والأخرى في مدينة حمد، وشارك في الأخيرة قرابة 03 ألف مواطن، وكانت رسالة واضحة بأن هذه المدينة التي تحمل اسم الملك، فيها حضور للمعارضة، وتطالب بالتعديل الدستوري، ولا يمكن أن تستمر الحالة السياسية بفرض هذا الدستور على القوى السياسية في البحرين، خاصة المعارضة·
بطبيعة الحال، الأمانة العامة لديها العديد من البرامج في ما يتعلق بالتحرك الشعبي، الاعتصامات والمسيرات في الفترة القادمة، ونقل الاحتجاج الدستوري الى أكثر من منطقة·· السلطة تحاول أن تصبغ هذه التحركات بالصبغة الطائفية، ونحن نريد أن نبعدها عن ذلك بالاعتصامات والتحركات في المناطق المختلطة، وفي مناطق فيها حضور للحركة الوطنية بمختلف تلاوينها· يبدو أن السلطة ضاقت ذرعاً باحتجاجات المعارضة، ولذلك دفعت بالمستقلين في مجلس النواب لإنزال قانون الجمعيات السياسية·· نحن معلوماتنا أنه قد نزل من السلطات العليا وليس من إبداعات المستقلين في المجلس· واعترضت عليه القوى السياسية، واتفقت تسع جمعيات على صيغة بديلة لهذا القانون، سميت بمشروع قانون التنظيمات السياسية، ورفعت رسالة الى الملك تعبر عن وجهة نظر كل الجمعيات السياسية في ما يتعلق بمستقبل العمل السياسي في البحرين، في ضوء هذا المشروع· وتم توصيل هذا المشروع الى النواب وأعضاء مجلس الشورى، ليكونوا بالصورة تجاه وجهة نظر الحركة السياسية، وتنظيم العمل السياسي المستقبلي·
تقديرنا أن الحكومة لاتريد أن يكون هناك استقلالية للحركة السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتريدها أن تكون أداة ملحقة بوزارتها، وتضع القيود الصارمة على حركتها التي تريد أن تفشلها، وتتحول ضمن هذا القانون الجمعيات السياسية الى جمعيات ثقافية تأخذ الأوامر من وزير العدل· وتقديري أن هذا القانون يتعارض كلياً مع الدستور، والميثاق، وميثاق حقوق الإنسان، والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية، وكل المعايير الدولية· لذلك رفضنا هذا القانون· وهناك نوع من التكتل الكبير للقوى السياسية باتجاه عدم الالتزام بهذا القانون· وقد قمنا بإغلاق المقرات لمدة ثلاثة أيام، ثم عقدت مؤتمراً صحافياً تعبر فيه عن استنكارها، ليس فقط لأن مجلس الشورى قد صدق على القانون بطريقة صاروخية·· خلال أربع ساعات يناقش قانون·· ولكن الاستغراب من تصديق الملك السريع على مثل هذا القانون، رغم احتجاج قوى المجتمع· نعتقد أن هذه خطوة تراجعية من قبل النظام، وكنا نتمنى أن يعيد الملك النظر في ذلك ليؤكد أن هناك مشروعاً إصلاحياً·
لذلك الأيام القادمة سيكون فيها شد وجذب بين القوى السياسية والسلطة·
" الأوضاع العربية تتشابه، خصوصاً علاقة الحاكم بالمعارضة، وعلاقة المعارضة بهموم الناس·· كيف تقرأ ذلك··؟
- السمة الظاهرة في المنطقة العربية هي تمسك الرئيس، والملك، والحزب الحاكم بمقاليد السلطة، وأيضاً نحن نعيش واقع أنظمة شمولية ليس فقط أن هناك رئيساً أو ملكاً·· النظام والحزب الحاكم·· أو الأسرة الحاكمة تحاول أن تهيمن على المجتمع بأكمله، ليس فقط من خلال أجهزة القمع، وإنما من خلال المؤسسات الشعبية (التي تخلقها)، سواء وزارة الشباب والرياضة، أو المجلس الأعلى للشباب، أو حتى النقابات العمالية·· تحاول أن تبعث عناصرها بحيث أنها تسيطر على الحركة السياسية· ونعتقد أن المخرج هو مزيد من الضغط الشعبي على هذه الأنظمة باتجاه أن تكون هناك حرية تعبير وحق للأحزاب السياسية في أن تمارس نشاطها بفعالية، وأن تكون هناك جمعيات للشفافية، ومراقبة سلوك السلطة، وتواصل بين الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية والديمقراطية· وتقديرنا أن المعركة مستمرة وطويلة، ونتمنى أن يستوعب الحكام العرب الدرس العراقي بدقة، لأن النظام العراقي قد نُصح مراراً بأن يعمل مصالحة وطنية، ويفتح الحوار مع الأحزاب والقوى السياسية المعارضة، وأن يخلق انفراجاً في البلد، ولكنه كان مصراً على استمرار النظام الشمولي، حتى جاء الأمريكان، وغزوا العراق تحت مبرر تحرير العراق من النظام الديكتاتوري· وبطبيعة الحال، نحن لانريد من الأمريكان أن يحرروا مناطقنا من الأنظمة الديكتاتورية، ولكن بمقدار ما يتزايد القمع، وتجاهل الأنظمة السياسية لمطالب الناس والنشطاء السياسيين، بمقدار ما يتزايد التوجه والتقبل للتدخل الأجنبي لتغيير مثل هذه الأنظمة·
تقديرنا أن هناك حاجة ماسة لمزيد من التعاون بين الأحزاب العربية ومنظمات حقوق الإنسان، والمنتديات الحقوقية، إضافة الى تشكيل مزيد من الضغوط داخلياً وخارجياً على هذه الأنظمة حتى تؤمن بحرية الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، والتخلي عن مسألة التوريث، ومسألة الحزب الحاكم· وأيضاً في أنظمتنا في الخليج نقول يجب أن تتحول هذه البلدان الى ملكيات دستورية، بحيث يكون هناك برلمان، وأحزاب، وسلطات تشريعية· ونحن متفائلون بأن الواقع يفرز مزيداً من القوى التي تتطلع الى المشاركة وتقليص هذه الصلاحيات للحاكم والمسؤولين· وأيضاً هناك توجه دولي بأهمية الشفافية، وأهمية تقليل السلطات المطلقة، سواء للحزب الحاكم أو الأسرة الحاكمة أو الرئيس·
" يقابل ذلك حقيقة عربية هي ازدياد الأنظمة العربية دكتاتورية، وضعف قوى المعارضة وبعدها عن هموم الجماهير والمشاكل العامة للناس·· لماذا لم تكن هناك استراتيجية بين الأحزاب القومية والتقدمية للعمل الموحد في ظل هذه الظروف، والعودة لتبني هموم الجماهير؟
- في تقديري، إن الخطوة الأولى أن تكون الديمقراطية في الأحزاب العربية، فإذا صارت ديمقراطية في الأحزاب، يستطيع النشطاء أن يقتنعوا أن هذه الأحزاب قد تستطيع أن تقدم بدائل لهذه النظم السياسية· فإذا كانت الأحزاب العربية عندها أمين عام لايتغير، ولجنة مركزية لاتتغير، ومكتب سياسي لايتغير، فإنها لاتقدم نموذجاً آخر لتداول السلطة داخل المؤسسات والمجتمع· وهذا الموضوع أعتقد يواجه الحركة الإسلامية بعنف، لأنها أقل ديمقراطية في حياتها الداخلية من الأحزاب العربية التي بدأت تتحول الى حد ما، وتمارس نقداً في ما يتعلق بمسائلها الداخلية وصفوفها، خاصة بعد أن شاهدت النموذج الأكبر وهو الاتحاد السوفيتي وسقوطه· فإذا كانت الأحزاب تعيش شفافية وحالة من الديمقراطية، وتنفتح على المجتمع، عليها أن تعيش هموم الناس من خلال النقابات ومؤسسات المجتمع المدني في المحافظات والقرى، وتدافع عن مصالح الناس، وتكون في مقدمة الصفوف في أية حركة احتجاجية شعبية·
في تقديري، هناك معضلة كبيرة تواجه الحركة السياسية، تتمثل في أنها لم تستطع أن تتغير في سلوكها، وتتغير بصعوبة بالغة على الأقل النموذج اليمني وعدد كبير من الأحزاب مازالت تعاني من هذه المشكلة· ولذلك لنبدأ بأنفسنا في هذا الجانب، لنرى ما هو الخلل في ما يتعلق بعلاقتنا مع الناس، حتى لاتكون مشاكلنا الداخلية هي الهم الأكبر·
كيف تقرأ مستقبل الأمة العربية في ظل الاستعمار الصهيوني في فلسطين، والأمريكي في العراق، وخنوع الأنظمة العربية للبيت الأبيض··؟ وما دور القوى السياسية العربية في مثل هكذا وضع··؟
- هناك تطور كبير في المنطقة على صعيد ثورة المعلومات والقوى الاقتصادية والاجتماعية التي تنمو في كل بلد عربي· وإذا وصلنا الى نوع من الانسداد في علاقة السلطة مع كل الحركة السياسية والمجتمعية، لاشك أن انفجارات عديدة ستحصل حالياً·· الأمريكان يحاولون أن يضبطوا إيقاع الحركة الاحتجاجية في المنطقة العربية، بحيث أنها لاتفلت من أيديهم، وأبرز نموذج هو لبنان عندما ضغطت الولايات المتحدة باتجاه إخراج التواجد السوري، ثم التحكم باللعبة البرلمانية حتى تصعد قوى قريبة من الأمريكان، ويهيمن الأمريكان على إعادة بناء الجيش وأجهزة الأمن اللبنانية، مستفيدة من تجربتهم في العراق في حل الجيش العراقي وأجهزة الأمن العراقية، وبالتالي المكاسب التي حققوها في لبنان مكاسب كبيرة، والنموذج اللبناني هو نموذج ديمقراطية الطوائف بشكل أساسي·
أكيد المستقبل ليس بحقيقة هذه الأنظمة القمعية، والتوجه العام بالنسبة للحركة السياسية، وكيف نستطيع أن نناضل من أجل الديمقراطية، ومزيد من الحقوق، وتقليص سلطات الحاكم، في مصر مثلاً هناك رفض لترشيح الرئيس مرة أخرى، في اليمن الرئيس أعلن أنه لايريد الترشح·· يعني تشعر أن هناك وضعاً عربياً مضطرباً·· السودان قبل أن تدخل المعارضة الجنوبية في السلطة·· وبالتالي هناك تحولات هائلة في قضية كيف تستطيع أن تشرك قطاعات مختلفة من الناس في الثروة· النظام الحاكم يتصور أنه مالك الثروة في البلد، وهذا أخطر شيء، فلم يعد هو صاحب القرار فقط·· حتى في الأنظمة الجمهورية لاتعرف ما هو إنتاج النفط، وما هي مداخيل البلد، وكيف تصرف··؟ وهذه معضلة· لاتفكر بأن هذا الرئيس في الدورة القادمة سيسقط أو سينجح، لأن الأجهزة والتركيبة التي بناها تضمن أنه سيعود انتخابه مرة·· مرتين·· وإلى الأبد·
وعلى كل حال، الناس والحركة السياسية المعارضة تتمتع بوعي متزايد، وضغط متزايد على المنطقة العربية التي تتمتع بموقع استراتيجي مهم، وثروة نفطية كبيرة، وغير مسموح أن تستمر هذه الأنظمة العربية بهذا النمط من الحكم، خاصة ونحن نلاحظ في منطقة الخليج، رغم التراجعات عندنا في البحرين، لكننا نرى أنها قد تكون تعبيراً عن ردود فعل عن موقف المعارضة من السلطة، وبالتالي يريدون أن يكشروا عن أنيابهم من أجل أن تتراجع المعارضة· لكن أعتقد أن الجو العام هو جو ضاغط باتجاه مزيد من الحريات· والحركة السياسية يجب أن تستفيد من السمة العامة للعصر؛ سمة الانفتاح والعالم الواحد وثورة المعلومات والتكنولوجيا المتقدمة· وإذا لم نتطور، ونعش هذا العالم، فإن الأوضاع ستكون في منتهى السوء، يعني على صعيد الاحتقانات الشعبية، ودورنا في صنع المستقبل، وعلاقاتنا الإقليمية والدولية·
" الأوضاع العربية بحاجة الى إصلاحات·· من وجهة نظرك، ما هي الإصلاحات التي تحتاجها المنطقة العربية، في ظل هذه الأنظمة الخانعة؟
- هناك إجماع على أن الإصلاح الدستوري هو الأساس·· هناك حاجة ماسة الى دساتير واضحة المعالم، يلتزم بها الحاكم، تفصل بين السلطات الثلاث· وهناك حاجة ماسة لإصلاح القضاء، لأنه بدون إصلاح القضاء وإيجاد القضاء النزيه، لاتستطيع أن تراقب الحاكم والقوى السياسية· وبالتالي موضوع الإصلاح الشامل هو الشعار الحالي المطروح، ولاحظنا بالبحرين أن الإصلاح السياسي فيه جانب من الانفراج، تم إصلاح أعرج في ما يتعلق بالدستور، لم يحل المشكلة، بل عقَّدها أكثر·· حالياً ولي العهد يحاول أن يفتح الملف الاقتصادي وإصلاح الأوضاع الاقتصادية على أساس أن هناك مشكلة اقتصادية في البلد·· وتوجد مشكلة بطالة، وبالتالي هو يريد أن يحل مشكلة البطالة والاقتصاد نحو مزيد من الخصخصة وإعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر· نعتقد أن هذه كلها حلول جزئية مفيدة، ولكن لاتحل الأزمة الشاملة·
" الحاكم العربي اليوم لايهيئ مناخات الإصلاحات من الداخل، ما جعل البعض ينادي بالإصلاح من الخارج·· ماذا تقول في ذلك؟
- أولاً نحن ندري بالديمقراطية وإقامة أنظمة جمهورية تحترم حقوق الإنسان منذ الخمسينيات·· بين كل الحركات القومية: الناصرية، البعثية، والشيوعية·· جميعها كانت تطالب بالتحرر والعدالة الاجتماعية، وبالتالي هذه القوى الوطنية والقومية لاتستمع أمريكا حتى تضع لها برامجها، فهي قد وضعت برامجها من زمان، وكنا نقول إن أمريكا تدعم أنظمة في منتهى التخلف والرجعية من أجل الحفاظ على النفط، وإيجاد قواها العسكرية في الخليج· الآن الأمريكان وجدوا أن هذه الأنظمة التي دعموها، تصدر الإرهاب والنفط·· هم يضغطون عليها من أجل أن تصدر النفط، وأن تقوى على القوى الإرهابية الموجودة في أراضيها· وهذه الأنظمة كانت تستجيب، والسعودية نموذج في هذا الجانب·
بطبيعة الحال، الأمريكان يريدون تجفيف منابع الإرهاب عبر تغيير التعليم، وهم حالياً يتدخلون في المنطقة العربية؛ في السعودية وقطر والبحرين وغيرها من المناطق· وأيضاً يريدون مزيداً من الشفافية، مزيداً من مؤسسات يتعاملون معها بأكثر وضوح· هذا ما يتعلق بالأنظمة التي كنا نسميها بالرجعية والمرتبطة مع أمريكا، أما الأنظمة الوطنية والديمقراطية المعادية لأمريكا، والتي سارت على الطريق السوفيتي، فالأمريكان يريدون تغييرها على أساس أن تمشي ضمن المخطط الأمريكي في المنطقة، الذي يرتكز على أهمية الصلح مع الكيان الصهيوني، وفتح الأسواق للأمريكان ليكونوا أصحاب القرار النفطي والاقتصادي في المنطقة· وهذه الأنظمة قد تكون غير قادرة للتجاوب معها في ما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني، ولكنها مستعدة أن تقدم تنازلات·
بالنسبة لنا في الخليج إذ الأمريكان يضغطون على الأنظمة من شأن إصلاحات سياسية، هذا موضوع يعنيهم·· يضغطون كما يشاؤون، ولكن لنا برنامجنا الخاص لما يتعلق بالضغط على هذه الأنظمة، اذا كان الأمريكان يضغطون في اتجاه إصلاحات، فنحن لانقول لأن الأمريكان يضغطون من أجل الإصلاحات، فنحن نريد مزيداً من القمع نكاية، ولكن بمقدار ما يكون هناك انفراج في البلد، بمقدار ما يكون هناك إمكانية لنناضل من أجل فلسطين، ونتحدث ضد الاحتلال الأمريكي في العراق، وأن نقدم دعماً لأشقائنا في فلسطين والعراق·
هناك قوى سياسية برزت، والأمريكان يشتغلون في كل البلدان العربية من أجل قوى سياسية واجتماعية تعتمد عليها، سواء مثقفين أو قطاعات مرأة أو شباب، ويجب مراقبة هذا الموضوع بدقة عالية· كيف نستطيع أن نحصن أنفسنا من الطرق الأمريكية في التغلغل· وهذه قضايا مركزية في صراعنا ضد الإدارة الأمريكية· القضية الأساسية فلسطين، وهو جوهر الصراع في المنطقة، والكيان الصهيوني مشروع استعماري· ونعتقد أن هذا الكيان لاينبغي أن يكون له مستقبل في المنطقة، وبالتالي مهما عملت له من حلول أمريكية أو غيرها، فإن الصراع لن ينتهي بمقدار ما يعمق أن الصراع سيستمر، وأن الصهيونية عنصرية، ويجب إنهاؤها في منطقتنا العربية، على أساس أن العنصرية والأنظمة العنصرية قد انتهت في كثير من بلدان العالم، وأن فلسطين لايزال فيها نظام عنصري، وبالتالي لانحول الصراع بين مسلمين ومسيحيين ويهود، وإنما هو صراع قد يكون عرب مشتركين فيه، يعني عنصريين وصهاينة أكثر من اليهود الذين قد يكون بينهم من يقفون الى جانب الكفاح ضد العنصرية الصهيونية·
نحن لانريد لبلداننا أن تُحتل كما جرى للعراق، ونحن نتمنى أن تتحرر من الاحتلال الأمريكي، وأن يخرج الأمريكان بأسرع ما يمكن، ولكن أن يكون هناك نظام ديمقراطي في العراق، فنحن لانريد النظام السابق أن يعود، نحن نعتقد أن النظام السابق هو الذي هيأ الأجواء للاحتلال الأمريكي، وأيضاً أي نظام عربي غير مستعد أن يسمع لأصوات العقل وأصوات الانفتاح والحريات وأهميتها، يهيئ الأجواء لخلق قوى عميلة للامبريالية الأمريكية، وبالتالي يمهد الطريق للتدخل الأمريكي· وعلى الاقل المثل اللبناني والعراقي واضح، وفي منطقة الخليج· لنكن واضحين، نحن لن نقف ضد الضغوط الأمريكية لتعديل هذه الأنظمة، لأننا نعتقد أنها تعيش تحت خط الصفر السياسي، وليس فيها أحزاب سياسية ولا دساتير عقدية أو نقابات حقيقية ومؤسسات دستورية، وليس فيها قضاء مستقل، ولا مراقبة على هذه الأسر الحاكمة، كيف تتصرف بالثروة·· ولذلك نعتقد هذا برنامجنا السياسي اذا الأمريكان ضغطوا في اتجاه تحسن الأوضاع، ووجدنا أن لنا مصلحة بعدم الممانعة، فنحن سنزيد من ضغطنا على السلطة من أجل تحسين أوضاعها، ولا نبتز من قبل هذه الأنظمة·· أنه أنتم أيها الإصلاحيون ترددون دعوات الأمريكيين· يعني ما نحن متفقون عليه أن هؤلاء قدموا للأمريكان ومازالوا الأرض والثروة·· وفي البحرين عندنا قواعد أمريكية، والسفير الأمريكي يتصرف كما يشاء·· وكل الخليج·· ومن يتحدث عن استقلالية دول الخليج، هو واهم، لأنه في النهاية الهيمنة الأمريكية هيمنة شبه مطلقة·· يراقبون حتى كيف تحول مائة دولار الى فلسطين، والجمعيات كيف تعمل وتجمع التبرعات·
فعلى أية حال، موضوع الخارج فيه جانبان: جانب الأمريكان والضغط من أجل مزيد من التعديل للأوضاع العربية لتتماشى مع مصالحهم، وتوجهاتهم، والجانب الآخر قوى الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان والأحزاب، والبرلمانات، خاصة البرلمانات الأوروبية، التي تتجاوب مع مجمل الحركة الوطنية العربية· ولنا تجربة في ما يتعلق بأنها تريد أن يكون مقياس حقوق الإنسان شرطاً من شروط أية اتفاقيات توقع مع أنظمة الخليج مثلاً مجلس التعاون، ومع عدد من البلدان· فنحن مع هذه التوجهات· وأعتقد أن أوروبا تستطيع أن تساعد بقواها الشعبية وعلاقات تاريخية معها، وبتفهم عدد من مثقفيها، أكثر من الأمريكان الذين توجههم هو الهيمنة والسيطرة والاحتلال، ويعتبرون النفط هو الأساس لأنه بالنسبة لهم ليس أن تسيطر عليه من أجل أن أمريكا تحتاج النفط، إنما كيف يستخدم النفط من قبل الأمريكان للضغط على اليابان والاتحاد الأوروبي وغيرها من البلدان·
أكيد هناك في كل بلد منظمات مرتبطة مع الأمريكان، تتلقى منهم المساعدات أحياناً، لأنه ليس هناك منظمات عربية·· تجار، مؤسسات اقتصادية، وبنوك عربية·· لتدعم مثل هذه المنظمات، يعني أنت عندك "إل أند آي" لماذا لايكون هناك صندوق قومي عربي من قبل تجار وطنيين وتقدميين وقوميين أينما توجد حركة وطنية تناضل من أجل حقوق الإنسان، يقدمون لها دعماً· وهذا جزء من مشكلة، فالبعض يتوجه الى الغرب للمساعدة المالية، والبعض الآخر من أجل أن يحصل على دعم معنوي، وآخرون يريدون نوعاً من الإثراء·· فنحن نعرف أن هناك أناساً انتهازيين يحصلون على مرتبات، ويعيشون حياة بذخ، ويتحدثون عن حقوق الإنسان·· فهم يقفزون من بلد الى بلد، ويسكنون في أفخم الفنادق، ويتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان··· الخ·· الإشكالية ليست في هؤلاء، وإنما في البلد نفسه، ليس هناك احترام لحقوق الانسان، لو أن الأنظمة تحترم حقوق الانسان لن تجد هذه المنظمة أي مبرر لما تقوم به·
على كل حال، مهم أن نتنبه ألا نكون أدوات في يد الأمريكان كما جرى في العراق مثلاً، أو ما يجري حالياً في سوريا، فهناك قوى مرتبطة مع الأمريكان، وداخل الخليج المسألة أكثر تعقيداً، فالأنظمة مرتبطة مع الأمريكان، لذلك لايسمعون كثيراً للمعارضة، وإذا سمعوا قد يضغطون بشكل خجول، والنموذج السعودي جد واضح·· هناك ثلاثة من المعتقلين الوطنيين والإسلاميين والناصريين، سنة ونصف وهم معتقلون، لأنهم طالبوا بما طالب به طلال بن عبدالعزيز، الأمير السعودي، وهو: ملكية دستورية· الآن، علي الدميني تسع سنوات سجناً، ومتروك الفالح سبع سنوات، والدكتور عبدالله الحامد خمس سنوات·· والأمريكان على خجل رايس تتحدث، ولكن ليس هناك ضغوط حقيقية·
على كل حال، نحن نتمنى أن تكون هناك حركة قوية في بلداننا من أجل أن نقنع الحكام·· طبعاً بالنسبة للخليج نحن مع الحكام لانريد أنظمة جمهورية، نريد ملكية دستورية، لأن الأنظمة الجمهورية صارت أسوأ من الأنظمة الملكية· والأنظمة الجمهورية نتمنى أن تقدم نموذجاً في تبادل السلطة، وتغيير الرئيس، وعدم التوريث·· يعني مؤسف أن تحولت الأنظمة الجمهورية، وصار كل رئيس يفكر أن يورث ابنه، وهذه كارثة حقيقية، ونتمنى ألا تتحقق طموحات الرؤساء، وأن يكون هناك تداول للسلطة· وهذه المسألة تحتاج الى نضال من قبل القوى الوطنية في كل بلد من البلدان·
" هل من كلمة تود قولها في نهاية هذا الحوار؟
- أشكركم في صحيفة "الوحدوي" والإخوة في التنظيم الناصري الذين كان لنا بهم لقاء لنقل تجربتنا في جمعية العمل الوطني الديمقراطي، في ما يتعلق بالخط السياسي وعملنا الجماهيري، وأيضاً استفدنا من تجربة المؤتمر الأخير لتنظيمكم الناصري· وأعتقد أن هناك حاجة ماسة ليس لتوحيد جهود الناصريين، وإنما توحيد كل قوانا، وخاصة في الجزيرة العربية·· هل نستطيع أن نحقق لقاءات لتبادل المعلومات، فمنطقتنا مترابطة، ويجب ألا نعيش التقوقع المحلي الذي يفرغ العمل اليومي بالنسبة للأحزاب السياسية بمقدار ما نعطي جزءاً من اهتمامنا بعلاقاتنا الخارجية، نستطيع أن نرى الى أين وصلنا في كل بلد في نضالنا الديمقراطي، وبالتالي نترجم قناعتنا بأننا ننتمي الى أمة عربية واحدة لديها هموم مشتركة، وتواجه أخطاراً وضغوطاً مشتركة، وبالتالي نستطيع عمل آلية لعملنا ودعمنا لقضيتنا المركزية، وهي قضية الصراع في فلسطين، ودعم الشعب العراقي لتحرير وطنه·