اودى فيروس كورونا المستجد بحياة أكثر من ربع مليون شخص حول العالم منذ ظهوره في ديسمبر (كانون الأول) في الصين، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية، إلا أن الانحسار الظاهر للوباء يحفز المزيد من الدول، لا سيما في أوروبا، على تخفيف القيود المفروضة على السكان.
فقد تراجع عدد الوفيات اليومية في الأيام الأخيرة في أوروبا بشكل ملحوظ، ما دفع السلطات إلى رفع بعض القيود. لكنها أبقت لزوم التباعد الاجتماعي وفرضت تدابير جديدة مثل الوضع الإلزامي للقناع في وسائل النقل العام أو المتاجر والأماكن العامة، تفادياً لموجة إصابات جديدة.
وفي الولايات المتحدة، قررت بعض الولايات رفع إجراءات العزل. وسجلت البلاد أدنى عدد وفيات يومية أمس (الاثنين) منذ مطلع أبريل (نيسان)، مع وفاة 1015 شخصاً في الساعات الـ24 الأخيرة جراء إصابتهم بكوفيد - 19. مع ذلك تبدو الصورة مظلمة بالنسبة لهذا البلد. فقد سُجل في الولايات المتحدة أكبر عدد وفيات في العالم بلغ 68 ألفاً حتى الآن، ويفترض أن تتجاوز مائة ألف وفاة اعتباراً من يونيو (حزيران)، وفق العديد من النماذج الوبائية التي لا تتوقع توقفاً مفاجئاً لانتقال العدوى خلال الصيف.
وأعاد المعهد الأميركي للقياسات الصحية والتقييم مراجعة نموذجه حول تطور الوباء، وهو أحد النماذج الأكبر في العالم، إذ توقع وفاة 135 ألف شخص بالوباء في البلاد بحلول 4 أغسطس (آب)، وليس 72 ألفاً كما ذكر سابقاً، وذلك بسبب رفع العزل السابق لأوانه في بعض المناطق في الولايات المتحدة. وأقر الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأحد بأن بلاده ستخسر «75 ألفاً، 80 ألفاً، 100 ألف شخص».
ورأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من جهتها، أن اكتشاف لقاح هو «فرصتنا الجماعية الفضلى لهزم الفيروس». وقالت خلال مؤتمر دولي افتراضي لجمع التبرعات لهذا الغرض: «علينا تطويره، وإنتاجه، ونشره في كل أنحاء العالم، بأسعار معقولة».
وجمع التيليتون العالمي الخاص بالتبرعات 7.4 مليار يورو يهدف إلى تمويل مشاريع الأبحاث عن لقاح.
وتؤيد منظمة الصحة العالمية رأي دير لاين بأن وحده اللقاح أو العلاج يمكن أن يضع حداً للوباء الذي أجبر مليارات الناس على البقاء محجورين في بيوتهم أسابيع عديدة وتسبب بشلّ الاقتصاد العالمي.
ويجري العمل حول العالم على مئات مشاريع اللقاحات، دخلت نحو عشرة منها مرحلة الاختبار السريري، وفق «مدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة».
بانتظار ذلك، تعود الحياة تدريجياً حول العالم إلى طبيعتها. وتبدأ كاليفورنيا، أول ولاية أميركية أقرت عزلاً عاماً، بتخفيف بعض التدابير نهاية الأسبوع، كما أعلن حاكمها غافن نيوسوم الذي قال: «ملايين من أبناء كاليفورنيا احترموا قواعد العزل، وبفضلهم بتنا قادرين على الانتقال للمرحلة الثانية».
ويتعرض هذا الحاكم الديمقراطي لضغط متزايد لرفع العزل وإعادة تنشيط اقتصاد ولايته، الخامس في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي.
والمعضلة نفسها تتكرر في كل أنحاء العالم، بين الحذر من الناحية الصحية وضرورة إعادة الحركة الاقتصادية.
ووسط احتياطات هائلة، خفف نحو 15 بلداً أوروبياً أمس بعض تدابير العزل. وفتحت الحدائق في إيطاليا، وأماكن العبادة والمتاحف في ألمانيا، وتشكلت صفوف طويلة أمام صالونات تصفيف الشعر.
وقال ألكسيس بروتوباباس في أثينا مسروراً: «كنت أنتظر بفارغ الصبر إمكان الخروج واستعادة حياة اجتماعية، وتشذيب لحيتي حتى لا أشبه الدب بعد اليوم».
وخففت القيود على الحركة في البرتغال وصربيا وبلجيكا والنمسا وتركيا وإسرائيل ونيجيريا وتونس ولبنان، لكن بشكل محدود.
وتختلف الأمور في مناطق أخرى من العالم، فقد أرجئ فتح المتاجر في مونتريال الكندية لأسبوع، نظراً للعدد القليل جداً من الأسرة المتوافرة في المستشفيات، وخطر أن يتسبب رفع العزل بارتفاع في عدد الحالات التي يتوجب نقلها إلى المستشفى.
وفي جزيرة مايوت الفرنسية في المحيط الهندي، أرجئ رفع العزل الذي كان مقرراً في 11 مايو لأن «الفيروس يتحرك بحرية»، كما أكد رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب.