اخبار العالم اليوم لم يفِ عام 2020 بجميع وعوده في الملاعب العالمية، فمثل مختلف مناحي الحياة الأخرى، ألقى فيروس كورونا بظلاله على المسابقات الرياضية حول العالم، متسببا بتأجيل أحداث رياضية متعددة، وأودى بحياة بعض الرياضيين. كما شهد العام وفاة عدد من أكبر الأسماء في عالم الرياضة، وسجلت بعض الفرق الرياضية إنجازات كبرى، وأخرى تعرضت لسقطات كبرى. فيما يلي أبرز الأحداث الرياضية التي شهدها العالم في 2020.
كان العام 2020 عاما مرتقبا على المستوى الرياضي لكثرة الأحداث الرياضية التي كان من المقرر إقامتها خلاله، من أولمبياد طوكيو، إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية، ونظيرتها الأوروبية. ولكن ظهور وباء كوفيد-19 أدى لاضطرابات واسعة في الأجندة الرياضية العالمية، وتسبب بتأجيل الكثير من البطولات التي كانت مرتقبة.
بداية بفاجعة
بدأ العام بطريقة طبيعية، إذ استأنفت المسابقات الكروية في معظم دول العالم مبارياتها بعد فترة توقف قصيرة خلال فترة أعياد نهاية العام.
وكان أول حدث رياضي بارز نهائي كأس السوبر الإسباني لكرة القدم الذي استضافته مدينة جدة السعودية في 12 كانون الثاني/يناير وجمع بين قطبي العاصمة مدريد، ريال وأتلتيكو. وبعد انتهاء أشواط المباراة الأصلية والإضافية بالتعادل السلبي، تمكن النادي الملكي من خطف اللقب بفوزه بركلات الترجيح بسهولة بنتيجة 4-1.
وشهد الشهر الأول من العام أيضا نهائيات كأس آسيا لكرة القدم للشباب تحت 23 عاما والتي أقيمت في تايلاند، وفاز بها منتخب كوريا الجنوبية الذي تغلب في المباراة النهائية على نظيره السعودي بهدف دون رد.
وخلال هذا الشهر أيضا انطلقت أول البطولات الأربع الكبرى لكرة المضرب، وشهدت أول مفاجآت عالم الرياضة خلال هذا العام، بفوز الأمريكية صوفيا كنين الشابة الصاعدة البالغة من العمر 21 عاما، باللقب بعد تغلبها على الإسبانية الخبيرة غاربينيي موغوروسا التي تحمل لقبين في بطولات الغراند سلام في المباراة النهائية. وفي منافسات الرجال عزز الصربي نوفاك جوكوفيتش سيطرته على مشهد التنس العالمي خلال الأعوام الأخيرة بحصوله على اللقب بعد فوزه في المباراة النهائية أمام النمساوي دومينيك تييم.
ولكن كانون الثاني/يناير شهد أيضا فاجعة ضربت الأوساط الرياضية العالمية بمقتل نجم الدوري الأمريكي للمحترفين لكرة السلة، والمنتخب الأمريكي، وفريق لوس أنجلس ليكرز، كوبي براينت، الذي لقي حتفه عن 41 عاما في حادث تحطم مروحية كانت تقله مع ابنته جوانا.
كذلك توفي في هذا الشهر اللاعب الدولي السعودي السابق خميس العويران بعد صراع طويل مع المرض.
وفي فبراير/شباط انطلقت بطولة كأس العرب لكرة القدم للشباب تحت 20 عاما في السعودية، والتي اعتذرت عنها كل من قطر وجزر القمر في وقت متأخر، فوجهت دعوة لمنتخبي السنغال ومدغشقر للعب مكانهما. وتوج المنتخب السنغالي الضيف باللقب بفوزه في المباراة النهائية على نظيره التونسي بهدف دون رد.
كذلك استضافت العاصمة القطرية نهائي كأس السوبر الأفريقي بين الترجي التونسي بطل دوري الأبطال، والزمالك المصري بطل كأس الاتحاد، والذي تمكن من الفوز بالمباراة 3-1 محققا لقبه الرابع في البطولة.
فيروس كورونا يوقف الأحداث الرياضية
في هذا الشهر أيضا انطلقت مرحلة خروج المغلوب من دوري أبطال أوروبا بإقامة مباريات الدور ثمن النهائي، ولم يستكمل منها سوى أربع مباريات قبل توقف المسابقات بسبب فيروس كورونا بمنتصف شهر آذار/مارس، الذي لم يشهد أحداثا رياضية تذكر.
وأدى توقف الأحداث الرياضية حول العالم إلى إعادة النظر في مواعيد الكثير من المسابقات، إذ قررت اللجنة الأولمبية الدولية تأجيل أولمبياد طوكيو لصيف عام 2021، كذلك تأجلت بطولة أمم أفريقيا في الكاميرون إلى 2021، وأيضا قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تأجيل كأس أمم أوروبا إلى صيف 2021. فيما ألغيت نسخة 2020 من بطولة ويمبلدون لكرة المضرب، وتم تأجيل بطولة فرنسا المفتوحة إلى موعد لاحق من العام. وقررت بعض بطولات الدوري إيقاف نشاطها وتوزيع الجوائز بناء على الوضع الذي كانت عليه عند توقف المنافسات، كما هو الحال في فرنسا، حيث أعلن فوز باريس سان جرمان باللقب قبل 15 جولة من النهاية الطبيعية للموسم.
وفي نيسان/أبريل، فارق الحياة ثلاثة من نجوم الكرة العالمية، أولهم مايكل روبنسون لاعب نادي ليفربول السابق، والذي توفي بعد صراع مع مرض السرطان عن 61 عاما. وبعده رحل حارس المرمى السابق لنادي تشيلسي ومنتخب إنكلترا بيتر بونيتي إثر صراع مع المرض، وتبعهم غويو بينيتو أسطورة ريال مدريد، الذي توفي متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.
في أيار/مايو، بدأت بعض البطولات الكروية الأوروبية باستئناف نشاطها بغياب الجمهور. وفي حزيران/يونيو، عادت باقي البطولات الأوروبية المحلية الكبرى للعبة ما عدا الدوري الفرنسي.
العودة إلى الملاعب
وودعت الأوساط الرياضية في حزيران/يونيو نجم الكرة العراقية السابق أحمد راضي، الذي سجل هدف منتخب أسود الرافدين الوحيد في كأس العالم خلال مشاركته اليتيمة بالبطولة عام 1986، والذي رحل بسبب إصابته بفيروس كورونا.
في تموز/يوليو اختتمت منافسات معظم البطولات الكروية المحلية في أوروبا، إذ توج يوفنتوس بطلا للدوري الإيطالي للمرة التاسعة على التوالي، وكذلك حقق بايرن ميونيخ الألماني لقبه الثامن على التوالي، وتمكن ريال مدريد من استعادة لقب الدوري الإسباني، وفاز ليفربول بلقب الدوري الإنكليزي بعد غياب طويل دام ثلاثين عاما.
وفي هذا الشهر استؤنفت مباريات مسابقة دوري أبطال أوروبا، إذ استكملت مباريات الدور ثمن النهائي الذي شهد مفاجأتين تمثلتا بخروج يوفنتوس الإيطالي أمام ليون الفرنسي، وريال مدريد الإسباني أمام مانشستر سيتي الإنكليزي.
وفيه أيضا ودعت إنكلترا نجمها السابق جاك تشارلتون الذي توج مع منتخب الأسود الثلاثة بكأس العالم لكرة القدم عام 1966 والذي توفي عن عمر ناهز 85 عاما.
في آب/أغسطس استضافت العاصمة البرتغالية لشبونة بطولة مصغرة بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة لاستكمال بطولة دوري أبطال أوروبا بدءا من ربع النهائي، وكذلك استضافت ألمانيا بطولة مصغرة مشابهة لاستكمال الدوري الأوروبي "أوروبا ليغ".
ففي أوروبا ليغ تمكن إشبيليا الإسباني من تعزيز رقمه القياسي في المسابقة وحقق لقبه السادس بعد فوزه على إنتر ميلان الإيطالي 3-2.
أما دوري الأبطال فاستمر بتقديم المفاجآت التي كان أبرزها السقوط المدوي لفريق برشلونة بنتيجة 8-2 أمام بايرن ميونيخ الألماني في الدور ربع النهائي.
كذلك تابع ليون الفرنسي مسلسل مفاجآته وأقصى مانشستر سيتي الذي بدأت الترشيحات تقدمه كمنافس على اللقب خصوصا بعد إقصائه للريال، ولكن ليون تمكن من الفوز عليه 3-1.
وبالمحصلة تمكن بايرن ميونيخ من حسم اللقب لمصلحته بعد فوزه في المباراة النهائية بهدف دون رد على باريس سان جرمان الذي كان يمني النفس بأن يكون ثاني فريق فرنسي يتوج بالبطولة بعد مواطنه مرسيليا، خصوصا بعد تمكنه من بلوغ المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه.
وفي هذا الشهر فقدت كرة القدم العربية نجما آخر هو التونسي حمادي العقربي، أحد أبرز نجوم الجيل الذهبي لنسور قرطاج، والذي شارك مع منتخب بلاده في أول وصول له إلى كأس العالم عام 1978 وكان جزءا من الكتيبة التي حققت أول انتصار لمنتخب عربي وأفريقي في المونديال.
ولم تكد البطولات الأوروبية تنتهي حتى عادت المنافسات المحلية لتطلق موسمها الجديد بعد أيام قليلة. وكان العالم يترقب خلال فترة التوقف مصير الأرجنتيني ليونيل ميسي مع فريقه برشلونة، إذ بعد هزيمة النادي الكاتالوني المذلة أمام العملاق البافاري، أعلن الفائز بجائزة الكرة الذهبية ست مرات رغبته في الرحيل من برشلونة، وكثرت العروض والتكهنات بخصوص وجهته المحتملة، ولكنه في النهاية قرر البقاء حتى نهاية عقده في حزيران/يونيو 2021.
ولعل أبرز ما شهده سوق الانتقالات الصيفي في 2020 رحيل نجمي هجوم منتخب الأورغواي عن كل من باريس سان جرمان وبرشلونة، إذ انتقل إدينسون كافاني من العاصمة الفرنسية إلى مانشستر يونايتد الإنكليزي، ولويس سواريز من برشلونة إلى أتلتيكو مدريد، بعد تقارير رجحت انتقاله ليوفنتوس الإيطالي، ما أدى لفتح تحقيق اتهم خلاله اللاعب والنادي بمحاولة استخدام وسائل غير شرعية بهدف حصول سواريز على شهادة في اللغة الإيطالية بهدف تسهيل حيازته للجنسية الإيطالية ليتمكن من اللعب لمصلحة فريق السيدة العجوز.
لعبت بطولة أمريكا المفتوحة لكرة المضرب من 31 آب/أغسطس إلى 13 أيلول/سبتمبر وتمكنت اليابانية ناعومي أوساكا من الفوز بلقب السيدات بعد تغلبها على البيلاروسية فيكتوريا أزارينكا، أما في منافسات الرجال فتغلب الألماني دومينيم تييم على الألماني ألكسندر زفيريف ليفوز باللقب.
أما بطولة فرنسا المفتوحة فلعبت بين 27 أيلول/سبتمبر و11 تشرين الأول/أكتوبر، وتمكنت البولندية إيغا شفيونتيك ذات الـ19 عاما من إحراز اللقب بعد فوزها في المباراة النهائية على بطلة أستراليا المفتوحة صوفيا كينن. وفي منافسات الرجال عزز الإسباني رافايل نادال سيطرته على البطولة وأحرز لقبه الـ13 فيها بعد فوزه في المباراة النهائية على الصربي المصنف أولا نوفاك جوكوفيتش.
وفي تشرين الأول/أكتوبر تمكن لوس أنجلس ليكرز بقيادة نجمه ليبرون جيمس من إحراز بطولة الدوري الأمريكي للمحترفين لكرة السلة للمرة الـ17 في تاريخه معادلا الرقم القياسي الذي يحمله غريمه التاريخي بوسطن سلتيكس.
وداع النجوم يختم العام
وفي تشرين الثاني/نوفمبر عادت الوفيات لتتصدر المشهد الرياضي العالمي، إذ رحل حارس المرمى الدولي الإنكليزي السابق راي كليمنس الذي سبق له اللعب لكل من ليفربول وتوتنهام هوتسبر عن 72 عاما. كذلك رحل نجم المنتخب السنغالي بابا ديوب بعد معاناة طويلة مع المرض، وديوب هو الذي سجل الهدف الوحيد لأسود التيرانغا في مرمى أبطال العالم وقتذاك المنتخب الفرنسي في مونديال 2002 ليفوز المنتخب السنغالي بالمباراة ويبدأ مشوارا رائعا في البطولة، بينما ودع الديوك البطولة من دورها الأول.
في كانون الأول/ديسمبر توج البولندي روبرت ليفاندوفسكي بجائزة أفضل لاعب في العالم، بعد إحرازه لقب الدوري الألماني ودوري الأبطال مع فريقه بايرن ميونيخ.
ولكن الوفيات بقيت في واجهة عالم الرياضة في الشهر الأخير من العام، إذ توفي فيه المهاجم الإيطالي باولو روسي هداف كأس العالم عام 1982، والذي قاد الأزوري لإحراز اللقب الثالث في تاريخه، والأول منذ عام 1938.
كما توفي أسطورة كرة السلة الأمريكية كي سي جونز، الذي فاز بلقب الدوري الأمريكي للمحترفين ثماني مرات كلاعب وأربع مرات كمدرب، عن 88 عاما.
ولكن الحدث الأبرز في أواخر العام كان وفاة أسطورة كرة القدم الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا الذي رحل في تشرين الثاني/نوفمبر عن 60 عاما. وهزت وفاة مارادونا الأوساط الكروية والرياضية العالمية، إذ إن متابعي كرة القدم يجمعون على أنه من أفضل اللاعبين في تاريخ الساحرة المستديرة، إن لم يكن الأفضل على الإطلاق، كما أنه كان طيلة حياته، في الملعب وبعد الاعتزال، أحد أكثر الشخصيات الرياضية تأثيرا في العالم. قاد مارادونا منتخب التانغو للفوز ببطولة كأس العالم عام 1986، كما ساهم في تحويل نابولي الإيطالي من أحد الفرق المغمورة أوروبيا، إلى بطولة الدوري الإيطالي، وأحد الفرق الحاضرة بقوة على الساحة الأوروبية.
فؤاد حسن