محمد الصبري لـ''نيوزيمن'': خلال الخمسة الأشهر الماضية يؤكد الرئيس على أهمية الاصلاحات، لكن الحركة تسير في اتجاه آخر

  • الوحدوي نت - نيوز يمن
  • منذ 17 سنة - Sunday 18 February 2007
محمد الصبري لـ''نيوزيمن'': خلال الخمسة الأشهر الماضية يؤكد الرئيس على أهمية الاصلاحات، لكن الحركة تسير في اتجاه آخر

; محطات المراجعة والتقييم للأداءات والممارسات الجمعية والفردية عند كل منعطف ومرحلة مسألة ملحة، كون عملية التقييم مرآة تعكس صفحتها للواقف أمامها – أفراداً وأحزابا وتكتلات- المحاسن فيعمل على توطينها والاعتزاز بها، والعيوب فيشرع في معالجتها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم الوقوع في شراكها مرة أخرى.. وانطلاقاً من هذه الحقيقة وتجسيداً لها أجرينامراجعة حوارية للمرحلة الماضية مع رئيس الدائرة السياسية للتنظيم الوحدوي الناصري الأستاذ/ محمد الصبري مراجعة اتسمت بالجرأة المبصرة، والتشخيص الراشد لملابسات الاستحقاق الانتخابي وإفرازات النتائج التي تمخضت عنه، والحراك السياسي الواسع والفرز الذي سبقه ورافقه وتلاه، إضافة إلى متطلبات التعاطي الواعي مع مرحلة ما بعد الانتخابات في ظل محاولات لسرقة ألق التجربة الديمقراطية التنافسية التي صاغها صناع الحراك السياسي في التنظيمات والأحزاب السياسية في الساحة الوطنية.
حاوره: خالد العلواني

* بداية أستاذ. محمد، نود أن نتعرف من خلالكم على الوجه المشرق لانتخابات 2006م؟

الديمقراطية لا تزال في المحطات الأولى لبداية تقدمها وهذه المحطات الأولى تحتاج من المشتغلين بالسياسة، والأحزاب أن يتخذوا أحياناً من القرارات التي يمكن أن يكون فيها إساءة لنتائجهم كأحزاب

- أعتقد أن الحديث عن الوجه المشرق للانتخابات يقتضي بالضرورة أن هناك وجهاً غير مشرق، وهو أمر طبيعي.. الجوانب الإيجابية التي شكلتها انتخابات 20 سبتمبر 2006م، تطرح نفسها اليوم بقوة على كافة المستويات، وطرحت نفسها أثناء الانتخابات بذلك الحجم الهائل من المنافسة التي لم تكن متوقعة، حيث كان ثمة من يراهن على أن اللقاء المشترك غير جاد في هذه الانتخابات، وأنه لن ينافس، وكانت كثير من التوقعات والتحليلات بناء على تجربة ماضية تقول: إن هذه الأحزاب لا يمكن لها أن تخوض هذه التجربة بمنافسة جادة، وإنه بالكثير لو استطاعت أن تنافس فإنها ستدخل الانتخابات المحلية، وستترك الرئاسية، لكن المشترك كسر كل هذه الرهانات ونافس بجدية وهذا هو أول الجوانب المشرقة في تاريخ التجربة السياسية اليمنية.
* وما معايير الجدية في المنافسة الانتخابية التي خاضها المشترك؟
- أولاً كانت كل الأطروحات والأحاديث التي تجري في تلك الفترة تقول إن المنافسة في انتخابات الرئاسة في ظل الظروف اليمنية والتجربة الناشئة بالكثير لو حدثت فستحدث بشكل خفيف وناعم،

ويمكن ببساطة أن نقول إننا تعاملنا مع الانتخابات المحلية بعدم اكتراث من البداية

ن يخرج عن إطار ما جرى في انتخابات 99م، وكان -بالإضافة إلى ذلك- هناك من يتحدث عن إمكانية أن يكون الرئيس مرشح الإجماع الوطني، فلم يكن شيء من ذلك، كما أن هذه المنافسة التي جاءت معبرة عن تكتل خمسة أحزاب هامة على الصعيد الوطني عكست مدى التطور السياسي والحزبي الذي وصلت إليه هذه الأحزاب التي التقت على مرشح واحد، والأهم من هذا كله أن موضوع الرئاسة في اليمن كان قبل الانتخابات إحدى المشكلات الرئيسية في الإصلاح السياسي والوطني بمعنى أن المشكلة في الرئاسة أعطت مؤشرات ودلالات على أن الأحزاب قد لا تستطيع أن تتخذ قراراً في هذا الشأن، وخلافاً لذلك كانت هناك قدرة لدى خمسة أحزاب استطاعت فيما بينها أن تتحاور داخلياً وأن تضع البرنامج وتضع الخطوط وتتخذ القرار، هذا القرار بأبعاده الوطنية والحزبية وأبعاده الإقليمية والأبعاد الدولية ذات الصلة بالشأن الديمقراطي اليمني يكتسب هذا الحجم من الأهمية والجدية خصوصاً وأنه لم يسبق في اليمن أن خاض اليمنيون تجربة منافسة على منصب الرئاسة.
* لكن المشترك وإن كان استطاع بهذا القرار الخروج من مربع المحاصصة لأصوات الناخبين، إلا أنه لم يستطع صناعة نتائج مغايرة؟
- هذا موضوع آخر، فموضوع المشاركة غير موضوع النتائج، موضوع المنافسة غير موضوع الممارسة، وكما قلت لك هذه أول تجربة

لم تتوفر للقاء المشترك لا الإمكانيات ولا الأدوات ولا الوقت كي يستطيع أن يوصل رسالته للناس حول الإصلاح الوطني، والنظام الرئاسي

تنافسية على منصب الرئاسة في اليمن، وكانت كل التوقعات تشير إلى أنها لن تتعدى ما جرى في تجربة 99م، بمعنى أن المؤتمر ينافس نفسه أو أن هناك بالكثير مرشح إجماع وطني.
* يعني أن النتائج لا تعتبر إحدى ثمار التنافس الجاد؟
- سنأتي إلى موضوع كيف نحسب النتائج، دعنا في الحديث الأول وهو كيف اتخذت قرار المشاركة، هذا هو الأهم، هل اتخذته على ضوء أنك تريد الفوز في الانتخابات أم تريد تكريس الممارسة الديمقراطية؟ أم تتحدى الظروف؟ أم تنفذ برنامج؟ هناك كثير من الاعتبارات والأسباب التي دفعت المشترك إلى أن يتخذ قراراً في هذا الموضوع.
* وكيف تحسب النتائج في رأيكم؟
- النتائج لها معنيان، المعنى الرقمي الذي ظهر حينها والمعنى السياسي والوطني، بالمعنى الرقمي حدث تحكم بالأرقام وتحكم بالنسب سواء يوم الاقتراع أو يوم الفرز لكن بالمعنى السياسي هذه الانتخابات جسدت الوحدة الوطنية، وما أعطانا هذا المعنى وهذه الدلالة وهذه القوة هو أن من حق أي يمني أن يرشح نفسه للرئاسة. كسرت الثقافة التقليدية، وكسرت كل الدلالات والمعاني المحمولة بالصراع السياسي في اليمن بتاريخه الطويل ولا أريد أن أخوض في تفاصيل هذا الموضوع.
* ولماذا خضتم معترك الانتخابات؟
- كانت خيارات اللقاء المشترك حين اتخذنا قرار المشاركة تتراوح بين أمرين كلاهما أسمي وقتها خيارات تصادمية، لا خيارات منافسة سلمية، كان الخيار التصادمي الأول أنه في ظل الظروف القائمة للانتخابات والإدارة الانتخابية في ظل الاختلال، في ظل تماهي الدولة مع الحزب الحاكم، في ظل كل هذه الظروف

تأكد لدى أحزاب اللقاء المشترك من خلال تقييمها للانتخابات أن الظروف العامة ما لم يجري فيها تعديل وتغيير وإصلاح حقيقي واهتمام بالاقتصاد وبالثقافة بالنسبة للناس، فإن الانتخابات ستظل تكرس المظاهر الشكلية

المعروفة التي عايشناها لم يعد أمامنا من خيار إلا المقاطعة، ولكن المقاطعة بأي معنى؟ المقاطعة السلبية، تقاطع وتجلس في البيت وهذا الخيار ربما يكون أسلم لك حزبياً وأسلم لقواعدك وأعضائك وحتى لمواردك، ولكنه على صعيد التجربة الوطنية، على صعيد العمل السياسي الوطني سيكون ضاراً إلى أبعد الحدود، وإلى جانب المقاطعة السلبية كان هناك المقاطعة الإيجابية فنقيم الاعتصامات، ومهرجانات، وفعاليات لكي تجعل –على الأقل- من هذه الانتخابات التي إذا جرت تصبح بلا معنى، كان هذا هو الخيار الأول، وصلت الرسالة بالتأكيد للحزب الحاكم ووصلت الرسالة للسلطة حينها.
* متى كان هذا؟
- هذا الكلام كان يدور الحديث عنه في نهاية شهر مايو 2006م.
* ما الذي رجح خيار المشاركة إذاً؟
- رجح خيار المشاركة مجموعة من العوامل أولها: أن الحزب الحاكم والسلطة والرئيس بدرجة رئيسية بعد أن تصلبوا في موضوع الحوار وموضوع تحقيق الحد الأدنى من إصلاحات الإدارة الانتخابية تراجعوا عن موقفهم المتصلب وعن الخطوط الحمراء التي كانوا يرفعونها.
* وما تلك الخطوط الحمراء؟
- اللجنة العليا للانتخابات، اللجان الميدانية، تراجعوا عن هذه الخطوط الحمراء وقبلوا أن يتم وضع اتفاق على قاعدة ورقة الضمانات السياسية والقانونية التي أصدرها اللقاء المشترك في شهر مارس هذه الورقة رسمت الحدين الأعلى والأدنى لمطالب المشترك فيما يتعلق بإصلاح الإدارة الانتخابية، لأن هناك منطقاً في الأشياء، أنا لا استطيع قبل الانتخابات بستة أشهر أو حتى ثمانية أشهر أن أحقق كل الإصلاحات ولذلك انتهى الحوار في اتفاق المبادئ إلى الاتفاق على الحد الأدنى ولو فيما يتعلق بإصلاح الإدارة الانتخابية، حصل المشترك على 48% من اللجان، حصل على أربعة أعضاء في اللجنة العليا للانتخابات، حصل على مجموعة من الالتزامات التي وردت في الاتفاق حتى وإن لم تنفذ، لكنها تظل التزامات على الأقل أخلاقية، وحتى المجتمع الدولي أخذها على اعتبار أنها هي المعايير التي على ضوئها سيجري تقييمه للانتخابات في اليمن وهذا بالفعل هو ما جرى.

هناك جوانب ضعف في الإدارة، في التنسيق، في الاتصال، وفي الاستعداد للحوار فيما يتعلق بقرارات أحزاب المشترك وبأساليبها في المنافسة أو المشاركة وقد أصبحت مطروحة أمام الأحزاب لكي تعالجها

* طيب ما جدوى اتفاق المبادئ في ظل عدم تطبيقه؟
- أنت لا تستطيع أن تتحدث عن قرار بهذا الحجم وبهذه المساحة من خلال رؤية جانب واحد أو عامل واحد، كان هناك عامل آخر غير مرتبط باتفاق المبادئ أو بتنفيذ الالتزامات، إذا كان هذا النظام أو هذه السلطة لا تحترم الدستور في داخل البلد ولا تحترم القانون فكيف لها أن تأتي لتحترم اتفاق مبادئ قسم كبير منه، نقل من الدستور والقانون، لكن في عامل آخر مهم.
* إذاً لماذا اعتبرتم التوقيع على هذه الاتفاق انجازاً وسط هكذا وضع؟
- هذا هو العامل الآخر، بمعنى أنه عندنا عوامل أخرى هي التي ساهمت وشجعت على اتخاذ القرار، من هذه العوامل مثلاً، عوامل حزبية مرتبطة بموضوع تقييم المشاركة داخل كل حزب، مثلاً نحن في داخل أحزابنا كان هناك من يرى أن عدم المشاركة في الانتخابات ستعمل الكثير من المشاكل الداخلية للأحزاب، ستضمر الأحزاب وكان هناك أمر أهم وهو أن المشاركة في الانتخابات برغم كل مساوئ الوضع الراهن أفضل من عدم المشاركة لأنها مرتبطة بتجربة ديمقراطية وليدة وناشئة، بل إننا سنخوض أول تجربة للانتخابات الرئاسية في ظل حديث يجري عن الانتقال السلمي للسلطة، في ظل ظروف كثيرة معقدة غلبت العامل الوطني على العامل الحزبي.
* كيف؟
- يعني نحن نقول التجربة الديمقراطية لا تزال في المحطات الأولى لبداية تقدمها وهذه المحطات الأولى تحتاج من المشتغلين بالسياسة، والحزبيين والأحزاب أن يتخذوا أحياناً من القرارات التي يمكن أن يكون فيها إساءة لنتائجهم كأحزاب، لكن على الصعيد الوطني فيها مساحة واسعة من الانجاز، اليوم نحن نقول الجانب المشرق للانتخابات الرئاسية هذه الانجازات على الصعيد الوطني.
* وهي؟
- نستطيع القول إن هذه الانتخابات جسدت لأول مرة كل المعاني الحقيقية للتنافس السلمي على السلطة في اليمن وعلى تداولها، لأن الموضوع كان انتخاب الرئيس، ولأول مرة على الصعيد السياسي اليمني يجري الحديث في كل بيت في اليمن عن موضوع مرشحين متنافسين على الرئاسة هما الأستاذ فيصل بن شملان مرشح

دخل المشترك الانتخابات وهو يعرف النتيجة بالتأكيد وبدقة، يعني لم يكن المشترك لا واهماً ولا حالماً ولكن كان لديه هدف سامٍ ونبيل وهو الإصلاح الوطني

المشترك، والأخ علي عبد الله صالح مرشح المؤتمر، وهذه الثقافة الجديدة التي خلقها اللقاء المشترك على الصعيد الوطني تعتبر زاداً للوطن ولثقافته لمدة لا تقل عن عشر إلى عشرين سنة إلى الأمام، يكفي أننا كيمنيين استطعنا من خلال تجربتنا الوليدة برغم ظروفها أن نقول إننا قادرون من خلال صندوق الانتخابات أن نتنافس ونحشد الملايين من الناس وأن نتحدث بخطاب مسؤول ما جعل الحدث الانتخابي يتحول إلى ثورة ديمقراطية في لحظتها.
* ما الذي حملك على هذا التوصيف؟
- لو نظرنا إلى مفهوم الثورات وماذا تعمل في الشعوب.. الثورات تغير ثقافة، الثورات تغير معاني، الثورات تغير سياسات، الثورات تغير حتى توازنات القوى، وانتخابات 2006م صنعت كل هذا.
* لكن حديث المشترك طوال الفترة الماضية عن مسخ إرادة الناخبين يفيد أنه لم يستفد من كل ما ذكرت؟
- أحزاب المشترك قيمت نفسها وقالت ما هو السيئ وما هو الجميل، ويمكن ببساطة أن نقول إننا تعاملنا مع الانتخابات المحلية بعدم اكتراث من البداية.
* لماذا؟
- لأننا كنا مرتبطين بمشروع الإصلاح السياسي، وكنا على قناعة بأنه إذا لم ترتبط هذه الانتخابات بمفهوم جديد يتعلق بالتجديد في المؤسسات والتغيير في السياسات، والإصلاح على مستوى الحياة العامة فإن الانتخابات هذه ستتحول إلى انتخابات شكلية، ما كان ظاهراً في ظل القانون القائم للانتخابات المحلية أن السلطات المحلية لا تعطي كل هذه المعاني فيما يتعلق بالانتخابات، مشروع الإصلاح السياسي والوطني تحدث عن قضايا مرتبطة بالإصلاح الوطني تتعلق بموضوع إصلاح النظام الرئاسي، ومن ثم قد لا تكون هذه المسألة مفهومة لدى الرأي العام لأن اللقاء المشترك لم تتوفر له لا الإمكانيات ولا الأدوات ولا الوقت كي يستطيع من خلالها أن يوصل رسالته للناس حول هذه القضية الجوهرية.
* ما هي القضية الجوهرية؟
- القضية الجوهرية هي أن موضوع الإصلاح السياسي هو الرسالة الرئيسة التي خاض بها المشترك الانتخابات، وهذا الإصلاح السياسي يبدأ من إصلاح النظام السياسي، يعني نحن اليوم نشكو من الفساد، ومخالفة الدستور والقانون، ونشكو من الجوع والفقر.

سعينا لانتخابات تكرس مبدأ وتقول للعالم إن اليمنيين قادرين على أن يمارسوا حقوقهم السياسية على أفضل وجه ممكن


إن مصدر كل هذه الاختلالات والفساد يكمن في شكل النظام السياسي.. وليس الانتخابات أو الناس.
* وما الذي خلصتم إليه من عملية التقييم؟
- ما ذكرته سابقاً في النتائج كنقطة أولى على صعيد الوحدة الوطنية كان أول ما توصلنا إليه في التقييم وهذا شيء جعلنا راضيين عن المنافسة في الانتخابات، من ناحية أخرى أحزاب المعارضة استطاعت أن تكتشف من خلال مشاركتها جديتها وموضوعيتها وتعاملها المسؤول مع الانتخابات، استطاعت أن تراكم خبرات كبيرة تستطيع من خلالها أن تحدد مسارها في أي مشاركة انتخابية قادمة أو في أي حدث سياسي قادم بناء على هذه التجربة، يعني توفرت لهذه الأحزاب تجربة غنية، من النتائج أيضاً أن هناك جوانب ضعف في الإدارة، في التنسيق، في الاتصال، في الاستعداد في الحوار فيما يتعلق بقراراتها وما يتعلق بأساليبها في المنافسة أو المشاركة وهذه النتائج أو هذه العيوب أصبحت مطروحة أمام الأحزاب لكي تتخذ بشأنها العديد من أساليب المعالجة.
تأكد لدى أحزاب اللقاء المشترك من خلال تقييمها للانتخابات أن الظروف العامة ما لم يجري فيها تعديل وتغيير وإصلاح حقيقي واهتمام بالاقتصاد وبالثقافة بالنسبة للناس، فإن الانتخابات ستظل تكرس المظاهر الشكلية وربما لا تقود إلى نتائج حقيقية ومن ثم مشروع الإصلاح السياسي والوطني أصبح أولوية، التعديلات القانونية، ميادين الفعل الحزبي لا بد أن تحدد بشكل واضح وهذا الميدان الرئيسي أصبح من الواجب أن يكون ميدان العمل مع الناس والاهتمام بأوضاع الجمهور ومخاطبة المواطنين، وتحويل الرؤى والأفكار من مستواها المجرد إلى ملامسة مصالح الناس كأولوية وحاجة، العمل من خلال ميدان التشريعات والبرلمان، العمل من خلال أدوات الحوار والاتصال السياسي، العمل من خلال وسائل الإعلام، كلها عبارة عن مجموعة من النتائج انتهت إليها الأحزاب من تقييم هذه الانتخابات.

كان التعامل مع النتائج مرتبط بجوهر قرار المشاركة لكن الممارسة العملية اقتضت منا أن نحدد خيارنا قبل إجراء الانتخابات

* يعني المشترك دخل الانتخابات وهو يعرف النتيجة سلفاً؟
- نعم دخل وهو يعرف النتيجة بالتأكيد وبدقة، يعني لم يكن المشترك لا واهماً ولا حالماً ولكن كان لديه هدف سامٍ ونبيل وهو الإصلاح الوطني.
* وأين الجدية في المنافسة إذاً؟
- أنت تعتقد أن المنافسة الجدية تتمثل في الأرقام والنتائج، يعني أنت تتحدث وكأنك في سويسرا أو النمسا، أنت تتجاوز في موضوع الحديث عن الجدية الواقع الاجتماعي والظروف السياسية، وهذا الكلام كان واضحاً منذ البداية، اللقاء المشترك حين كان يتحدث عن الضمانات السياسية والقانونية وكانت ردود الأفعال التي تأتي من الصحفيين أو المثقفين أو من المجتمع تقول إن المعارضة لا توجد لديها قضية حقيقية، فيما كان الأمر يعني بالنسبة للمشترك الشيء الكثير لأن هذه الأحزاب هي التي ستمارس في الميدان، هي التي تعرف واقع التزوير وهي التي تعرف واقع التسلط، وواقع الإدارة المحلية والمتنفذين هؤلاء الذين تحكم بهم البلد، لكنها كانت رسالة مهمة بالنسبة للمشترك كونها ذات صلة حقيقية بجوهر القرار الذي سيتخذه المشترك سواء قرار المشاركة أو المقاطعة.
* ألا ترى أن المشترك بدخوله الانتخابات قد ساهم في إطالة عمر النظام الذي يشكو من فساده؟
- هذا تقييم قد لا اتفق معه، ولا يتفق معه الكثيرون من الناس لكن هناك أمور في القرارات السياسية تظهر لها آثار جانبية ليست هي المقصودة من هذا القرار.
* ألم تعط نتائج الانتخابات مشروعية للنظام في الاستمرار بالحكم؟
- تحتاج الإجابة على هذا السؤال إلى أن نتروى في موضوع الحديث عن المشروعية، ما هي المشروعية، لا بد أن يكون لدينا تفسير متفق عليه عن مفهوم المشروعية.
* إذاً ما المشروعية في نظرك؟
- المشروعية السياسية هي الرضا العام أو الرضا الوطني عن نظام سياسي معين وعن أدائه، هذه الانتخابات والمعركة أو الجدل الذي جرى حول نتائجها ولا يزال قائماً حتى اليوم، بمعنى أن نتائج الانتخابات بالطريقة التي أُخرجت بها، وبالطريقة التي أعلنت بها من قبل اللجنة العليا تعد أحد أركان المشروعية التي لم تتوفر لها، ولا يزال المنافس الرئيسي يقول بصريح العبارة أنا لن أهنئ ولن أبارك لأن ما تم إعلانه من نتائج في الانتخابات لم يستند إلى الطرق القانونية والطرق الصحيحة.
* ما الشكل الذي تباركونه في الانتخابات إذا كنتم لا تباركون النتائج؟
- أنا أتحدث لك عن سياق زمني جرت فيه الانتخابات، فيه مجموعة من التحولات، النتيجة ليست إلا جزء من هذه التحولات، حين أتحدث معك عن النتيجة سأقول لك كيف تعاملنا مع هذه النتيجة،

حين نتحدث عن إجراءات الانتخابات ونتائجها لا بد أن يكون واضح لدينا بشكل كامل أننا نجريها في منظومة مجتمع، تحكمه ثقافة معينة معروفة في تأثيرها على حماس الناخبين

بحجمها، بوضعها، بالموقف الأخير منها، فلا تخلط بين سؤالين لا تربط موضوع الجوانب الإيجابية للانتخابات بموضوع النتائج.
* ولم لا؟
- نحن نرى فرقاً واسعاً وكبيراً بين أن تشارك في الانتخابات لكي تكرس مبدأ ولكي ترسي قاعدة ولكي تقول للعالم إن اليمنيين قادرون على أن يمارسوا حقوقهم السياسية على أفضل وجه ممكن وأن هناك معارضة جادة ومسؤولة، ولكن هناك من العوائق ما يجعل هذه الممارسة في الأخير إما نتائج مشكوك فيها أو خواتم لا تتفق مع البدايات، هذه أول مرة يصدر فيها تقرير عن بعثة الاتحاد الأوروبي أو عن المعهد الديمقراطي الأمريكي يتحدث عن انتخابات تنافسية وجادة بمظاهرها وفعالياتها ولكن بنتائج مشكوك في صحتها، وهنا يحسب للمشترك تعامله مع هذه النتيجة بطريقة مسؤولة ووطنية جنبت الوطن مهالك كانت مؤشراتها واضحة.
* وكيف تعاملتم مع النتائج؟
- كان التعامل مع النتائج مبني أو مرتبط بدرجة رئيسية بجوهر قرار المشاركة لكن الممارسة العملية اقتضت منا أن نحدد خيارنا قبل إجراء الانتخابات.. كانت صورة الخيارات واضحة فيما يتعلق بالتعامل مع النتائج، الخيار الأول: نسبة وضعها المشترك على ضوء دراسته للسجل الانتخابي وعلى ضوء ما يمتلكه من أصوات انتخابية، وعلى ضوء ما توفر من بعض الآليات التي يمكن أن ترفع نسبة ما سيحصل عليه المشترك، ومع قراءة متغيرات الرأي العام في ظل ظروف الفساد وتفشي مظاهر الفقر أنه سيخلق نوع من الحركة الاحتجاجية وكان الخيار في هذا أن اللقاء المشترك محتم أن يحصل على نتيجة رقمية إن لم تصل إلى 50% من أصوات الناخبين فإنها بالتأكيد ستتراوح ما بين 45% إلى 40% وعلى ضوء هذا يمكن أن يكون التعامل مع هذه النتيجة بالشكل الذي ترضاه الأحزاب لنفسها من مشاركتها في الانتخابات، والموقف الذي يحدده المرشح المنافس وهو الأستاذ فيصل بن شملان.
والخيار الثاني: أن المتوقع على ضوء التجارب السابقة أن السلطة أو النظام أو آلية إدارة الانتخابات التي ظلت مختلة أو تابعة للسلطة قد تتخذ قرارات ميدانية أثناء يوم الفرز

إرادة الناخب تحتاج إلى من يحميها في صناديق الاقتراع من التزوير

ويوم الاقتراع تحدد سلفاً رقماً معيناً أو شكلاً معيناً تحكمي لهذه النتيجة ومن ثم سيكون أمام اللقاء المشترك تحد لا يقل في خطورته وأهميته عن تحدي اتخاذ قرار المشاركة وهو كيف نتعامل مع نتيجة لا تتوفر فيها الشروط القانونية والإدارية الصحيحة.
* كنتم وطنتم أنفسكم على أسوأ الاحتمالات؟
- بالتأكيد اللقاء المشترك كان يضع الخيار الإيجابي أو الخيار الطبيعي، وفي نفس الوقت يضع الخيار السلبي، وحينها تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تحول دون أن يصل اللقاء المشترك إلى مواجهة الخيار السلبي، لكن للأسف الشديد أن يوم الاقتراع والفرز أكد الخيار السلبي ولم يؤكد الخيار الإيجابي، ما جرى يوم الاقتراع وما جرى ليلة الفرز وما أبدته اللجنة العليا أو رئيسها والناطق الرسمي من التزام مبكر بإعلان نتيجة محددة للمشترك وضع اللقاء المشترك أمام الطرق والأساليب التي يجب أن يتعامل معها الخيار السلبي، وكان موقف المشترك واضحاً من تلك الفضيحة التي صدرت عن اللجنة العليا عندما أعلنت نتائج غير حقيقية وبأرقام عشوائية وكأن هناك من قد وجه بهذا الأمر يعطي للقاء المشترك نسبة لا تتجاوز الـ10% أو لا تتجاوز 12 أو 11% من الأصوات، صدر حينها الموقف الأول الذي عبر عن رفض لهذه النتيجة من ناحية ورسالة من ناحية أخرى أريد بها تنبيه الحزب الحاكم أو تنبيه السلطة إلى مخاطر هذا التحكم في إعلان النتائج، وحينها عقد المؤتمر الصحفي الأول للهيئة التنفيذية في اليوم الثاني من إجراءات الفرز وأثار تصريح الناطق الرسمي باللقاء المشترك الأخ محمد قحطان حين تحدث عن أننا سنخرج أعضاء المشترك بناء على تقييماتنا وتقييمات السجل الانتخابي وكل التقييمات المعروفة إلى الميدان ونأتي بعدادين من الأمم المتحدة لكي يعدوا هل فعلاً هذه هي النتيجة؟ بُتر هذا التصريح من سياقه وجاء رد الفعل أن الخروج إلى الشارع سيواجهه بالخروج إلى الشارع، وفعلاً توتر الوضع الأمني والسياسي على الصعيد الوطني وأصبحنا أمام صورة لا تقل خطورة فيما يتعلق بالتعامل مع النتائج عن مؤشرات مواجهة بين الطرفين.

التخطيط لتكون المنافسة السياسية خارج الصندوق مغامرة بمستقبل الاستقرار الوطني وبمستقبل الحكم


* إذا كان يحسب للمشترك منافسته الجادة فهل يحسب عليه عدم القدرة على الانتصار لإرادة الناخبين؟
- قد أوافقك في جزئية من هذا الموضوع، وهي أن إرادة الناخب تحتاج إلى من يحميها في صناديق الاقتراع من التزوير، نحن لسنا مع من يرون أنه يكفي اليمنيين أن يرتصوا طوابير أمام صناديق الاقتراع حتى وإن تم تزوير بطائق الاقتراع، نحن نقول هذا الكلام لا يصح على اعتبار أن الديمقراطية في اليمن مصلحة لكل اليمنيين، ليست المسألة مسألة تنفيذ مطالب خارجية أو شهادات دولية أو شهادات حسن سيرة وسلوك من هذا الطرف أو ذاك، نحن –كيمنيين- معنيون بهذا ونؤكد لك هنا أننا كنا نعرف من التجارب السابقة أنه يتم تزوير هذه الإرادة، عملنا ما نستطيع وما نملك من أدوات لكي نؤمن هذه الإرادة، ولا تنس أن هناك وضعاً عاماً ورأياً عاماً وطنياً لم يصل بعد إلى درجة المغامرة في التضحية من أجل حماية صندوق الانتخابات.. يعني نحن حين نتحدث عن إجراءات الانتخابات ونتائجها لا بد أن يكون واضح لدينا بشكل كامل أننا نجريها في منظومة مجتمع، تحكمه ثقافة معينة معروفة في تأثيرها على حماس الناخبين.
* وما الرؤية التي لديكم من أجل الوصول إلى رأي عام وطني يحمي إرادته وخياراته؟
- يا أخي حين أتحدث عن الثقافة، لا تقل لي ماذا عملتم أنتم في المعارضة من أجل تغيير هذه الثقافة، مسؤولية تغيير الثقافة في المجتمع مسؤولية دولة، يعني أنا حين أتحدث عن الثقافة أتحدث عن شيئين واضحين في المجتمع، أمية تصل إلى 67% في المجتمع وهذه الأمية تعطي درجة تفضيل للحزب الحاكم أكثر مما تعطي للمعارضة.
* أنا كدولة ونظام معنى بتكريس الثقافة الحالية التي تضمن لي الاستمرار فما دورك أنت كمعارضة؟

هناك خطابات متعددة للرئيس خلال الخمسة الأشهر الماضية يقول إنه سيعمل إصلاحات في الاقتصاد وغيره، لكن الحركة بعد ذلك تسير في اتجاه آخر


- لا تخلط بين الأمرين، نحن بحاجة في صحافتنا، في إعلامنا إلى أن نلفت ونركز الانتباه إلى هذا الوضع الثقافي الاجتماعي، بعد ذلك ما هي البرامج التي سوف نتخذها في سبيل تغيير هذه الثقافة، هذا موضوع آخر، أنا يكفيني أن أجيبك عن سؤال واحد، أن أحزاب اللقاء المشترك قبل أن تجري هذه الانتخابات كانت مدركة لهذا الوضع الاجتماعي ولذلك قدمت مشروعها للإصلاح السياسي والوطني، وقالت إن الدولة تعاني من
الاختلالات من رأسها إلى قدمها، وإن هناك اختلالات ستضر بالدولة والمجتمع وثقافته لكن المساحة الزمنية كانت ضيقة، الزمن مهم في العمل السياسي.
* لمن قدمتم مشروع الإصلاح السياسي؟
- هذا المشروع قدم للمجتمع ونؤكد أن من ضمن برامجنا وأولوياتنا في اللقاء المشترك الإصلاحات الوطنية التي تجعل للسياسة معنى وتجعل للمعارضة قيمة، وتجعل للسلطة قيمة بما تعمله، لكن حين نتحدث عن الانتخابات وظروفها علينا أن نعطي الواقع حقه من الاهتمام، هناك ركنان أثرا على الانتخابات وهما الأمية، والفقر، هذا النظام الذي يعبث بالمال العام ويعبث بالسلطات العامة والوظيفة وخزينة الدولة وفي ظل أوضاع المجتمع الفقير ستحول هذه الوسائل إلى أدوات لشراء الناس وشراء أصواتهم، وقد ساهم في تفشي هذا الفساد السياسي والانتخابي أن المؤسسات العامة التي يفترض فيها أنها تراقب الصرف والموازنة، مؤسسات مختلة ومشلولة هناك حزب أغلبية مسيطر على البرلمان، يتصرف كما يشاء وهناك مؤسسات قضاء غير مستقلة باعتراف الداخل والخارج، وهناك كثير من المشكلات، حينئذ يحسب للمعارضة أنها في ظل الانتخابات وفي ظل هذين الأمية والفقر، أنها نبهت إلى المشكلات الرئيسية التي يواجهها الوطن بشكل كامل وليس الأحزاب فقط، كما أن هذه الانتخابات أرست قواعد أساسية لموضوع التنافس على السلطة.
* أبرز هذه القواعد؟
- المنافسة السلمية، صندوق الانتخابات، وهذه هي القاعدة الرئيسية التي يجب أن نحميها كلنا.

المشترك عليه التزامات لا علاقة لها ببرنامج المؤتمر وهو من الانتخابات وحتى اليوم لم يظهر هذا الالتزام


* وما الذي يحسب للنظام في هذا الإطار؟
- يحسب للنظام أنه قبل أن يكون الصندوق في هذه الفترة هو وسيلة للمنافسة، وأنا أتوقع أنه سيقبل هذا القاعدة في المستقبل القادم لأنه لا يوجد لديه خيارات، هناك في السلطة من يعتقد وهو يخطط الآن على أساس ألا يكون الصندوق هو الوسيلة، وإنما تكون هناك وسائل أخرى وهناك مؤشرات كثيرة، لكن أقول هذا الطرف يغامر ليس فقط بمستقبل الاستقرار الوطني ولكنه يغامر حتى بمستقبله هو.
* هل لديكم رؤية كفيلة بتحييد هذا الطرف وتحويل مسألة قبول النظام بالصندوق إلى إرادة سياسية؟
- أعتقد أن لدينا هذا البرنامج ونحن نعمل الآن جاهدين، وقد أقرينا برنامجاً لعام 2007م المتعلق بتحويل ممارسة الانتخابات إلى إرادة شعبية وإرادة جماهيره، وهذا البرنامج الذي أقريناه في هذا الشهر له جانبان، جانب يتعلق بممارسات الدولة وشكل الدولة وهو متعلق بالتشريعات القانونية، لدينا تصور للتعديلات الدستورية ولدينا تصور لتعديل عدد من القوانين مثل قانون الانتخابات وقانون الأحزاب وغيرها من القوانين ذات الصلة بتحويل الممارسة السياسية إلى إرادة سياسية ومن ثم إلى عمل ولدينا شق آخر وهو المهم والذي نعتبره الخطر الأكبر، وهو الظروف المعيشية والمستوى الاقتصادي المتدني.. وهنا استطيع أن أقول بصفة شخصية إنه لا يمكن للتجربة الديمقراطية والمنافسة الانتخابية أن تنمو في ظل مجتمع لا اقتصاد فيه ذلك مستحيل.. ستتحول الانتخابات إلى معارك طاحنة بين الناس.
* وما الآلية التي تعولون عليها في تحويل هذه الرؤية إلى واقع؟
- أولاً نحن بحاجة إلى تعديل التشريعات هذا أمر لا بد منه، كل التشريعات التي تسيء للممارسة الديمقراطية، وتلتف وتزور إرادة الناخبين لا بد أن يتم تعديلها.
* لكن يبقى هذا الحديث مجرد أماني في ظل الأغلبية البرلمانية التي يمتلكها الحزب الحاكم؟
- علينا أن نعمل في إطار المؤسسات الدستورية، ودعونا لا نتشاءم كثيراً فيما يتعلق بالأغلبية البرلمانية، على اعتبار أن هناك قضايا في البرلمان يدور حولها حوار متقطع بين لحظة وأخرى وهي تحتاج إلى أن لا تخضع لمنطق الأغلبية والأقلية،

المجتمع يقدم للمؤتمر هدية حينما يتخلى عن مطالبته بالوفاء ببرنامجه

ونلمس في هذا السياق أو القاعدة الوطنية تجاوباً من قيادات في حزب الأغلبية وأعضاء كتلته البرلمانية ولكن حين نأتي لنجسدها نجد بعض التعثر، ومع ذلك نحن نراهن على أن هؤلاء هم حزب وطني أيضاً وهذه أغلبية من الوطن وهي حريصة على الوطن ولا نستطيع أن نسلبها هذا الحق أو ندعي أننا نحن الوطنيون والحريصون على مصلحة الوطن فقط، هذا منطق غير مقبول.. لكننا نقول نحن لا نختلف حول تقييم القضايا الوطنية وإنما حول أساليب المعالجة، لديهم رؤاهم وسياساتهم وتكتيكاتهم فيما يتعلق بأساليب المعالجة التي نختلف معها جذرياً، نحن نقول الحوار الجاد هو الوسيلة التي يمكن من خلالها أن نتوصل إلى نقاط اتفاق معينة.
* لا يوجد نموذج يبرهن على أن المشترك يمكن أن يصل إلى تعديل قانوني في ظل الأغلبية الحالية؟
- لستُ متشائماً كما أنت متشائم، أنا أراهن على الوازع الوطني والضمير الوطني الموجود لدى إخواننا في كتلة الأغلبية وفي حزب المؤتمر الشعبي العام، نقطة الخلاف الرئيسية هي كيف نتعامل مع ما نحن متفقون عليه وطنياً.
*لكن يا أستاذ حتى مفهوم الوطنية يمكن أن يؤول؟
-هناك أساليب متعارف عليها، نحن لسنا في أوائل التجربة الديمقراطية أو الممارسة الحزبية، يوجد الكثير من الأساليب التي يمكن أن توصلنا معاً إلى أن نتفق على القواسم المشتركة، لكن يظل هناك محذورات تتعلق بما أفرزته الانتخابات من نتائج على مستوى السلطة، يبدو أن هناك صراعاً داخلياً لديهم حول تقييم نتائج الانتخابات حول تقييم الغنائم، حو تقييم السياسات حول تقييم الطريقة التي يتعاملون بها مع الأوضاع الوطنية بعد الانتخابات.

من مظاهر النتائج الحقيقية للانتخابات برز اصطفاف وطني حقيقي لأول مرة في اليمن


* هلا أوضحت لنا قصدك؟
- لكي نكون أكثر صراحة في هذا الموضوع، الخطابات التي قالها الرئيس بعد الانتخابات وقدم فيها وعوداً قاطعة بأنه سيلتزم أولاً بإجراء انتخابات المحافظين ومدراء المديريات، ونحن نعتبر أن هذا التزام وطني صادق، ونحن أيدناه، ولكن قلنا نحتاج معاً نحن والمؤتمر إلى أن نناقش الآليات التي يتم فيها تنفيذ هذا الأمر، هناك خطابات متعددة للرئيس خلال الخمسة الأشهر الماضية يقول إنه سيعمل إصلاحات في الاقتصاد وغيره، لكن الحركة بعد ذلك تسير في اتجاه آخر، يعني أن هناك أطرافاً موجودة –وهذا أمر طبيعي- لا تريد للاستحقاق الانتخابي أو لما جرى في الانتخابات أن يتخذ مساره في الخدمة الوطنية.
* نفهم من كلامكم أنكم تطمحون لتحقيق الإصلاح السياسي والوطني من خلال تنفيذ المؤتمر لوعوده الانتخابية؟
- أولاً كقاعدة دستورية وقاعدة انتخابية المؤتمر ملزم أخلاقياً ودستورياً وأدبياً أن ينفذ برنامجه، لماذا لا ينفذ برنامجه؟ وهنا يجب ألا نخلط بين برنامج المشترك للإصلاح السياسي، وفيما يتعلق بمطالبه سواء في الشأن العام أو مواقفه من الشؤون والظروف الوطنية التي هي قاعدة للعيش المشترك، وما بين التزام المؤتمر بتنفيذ وعوده الانتخابية.. المجتمع يقدم للمؤتمر هدية حينما يتخلى عن مطالبته بالوفاء ببرنامجه، ثانياً اتفق مع ما يمكن أن يطرح أن المشترك عليه التزامات لا علاقة لها ببرنامج المؤتمر وهو من الانتخابات وحتى اليوم لم

من واجبات المعارضة أن تعدل من أدواتها وأن توسع من هيئاتها

يظهر هذا الالتزام، ولكن هناك مشكلة لابد أن تعرفها تتعلق بمفهوم التزام المشترك تجاه المجتمع ماذا يفعل الآن؟ هل مطلوب إعلامياً من المشترك أن يواصل المهرجانات الانتخابية؟ أو يعلن العصيان المدني كما أعلن الطرف الآخر حرب صعده؟ أعتقد أن المشترك ينفذ منذ انتهاء الانتخابات التزامات حزبية مفروضة كأولويات على أطرافه.
* ألا يعود هذا الخلط في رأيكم إلى نوع من غياب التواصل بين السياسي والإعلامي داخل المشترك؟
- هذا يكاد يكون سبباً رئيسياً وجوهرياً نحن نقر به، ومع ذلك نحن كنا حاولنا أن نسد هذه الفجوة قبل أن نتخذ قرار المشاركة وبعد أن اتخذناه عبر مجموعة من الإجراءات منها اللقاءات بالصحفيين والاجتماعات وتكثيف عمل المركز الإعلامي ومع ذلك لا تزال المشكلة قائمة، نحن مجتمع حديث على موضع الاتصال السياسي وهذه قصة يفهمها الأكاديميون ويفهمها الإعلاميون، والمختصون في هذا الجانب.
* إيش يعني الاتصال السياسي؟
- الاتصال السياسي عملية لها مكونان رئيسيان، المكون الأول أن السياسي لديه من الاهتمامات والقضايا التي بالضرورة ليست مجال اهتمام الصحفي، والصحفي كذلك لديه من الاهتمامات والقضايا ما ليست بالضرورة متطابقة مع اهتمامات السياسي فيحدث شكل من الفراغ أو شكل من عدم الوضوح أو حتى نوع من الافتئات في إصدار الأحكام سواء من السياسي على الصحفي، أو من قبل الصحفي على السياسي لكن في كل الأحوال أقول: إن الفترة الماضية جرى فيها ما يمكن أن تسميه مظاهر النتائج الحقيقية للانتخابات برز في المقام الأول اصطفاف وطني حقيقي لأول مرة يتحقق في اليمن، هناك سلطة مسئولة الناس تراقبها وتسأل عما تعمل ومركزة على مسألة برامجها والتزاماتها الانتخابية وهناك طرف آخر في المعارضة اسمه اللقاء المشترك لا تقل مسئوليته عن مسؤولية الذي في السلطة وبقدر ما هناك من يتساءل ماذا تعمل السلطة، هناك من يتساءل ماذا تفعل المعارضة.

هناك حركة لدى السلطة وحزبها الحاكم للهروب من الالتزامات، وهناك وضع في المعارضة لديه فترة يمكن أن تسميها انتقاليه ما بين حدث وحدث، قيم فيها الحدث الانتخابي ووضع البرامج التي سيسر عليها


* تلمح إلى أن النتيجة الأبرز للانتخابات هي الفرز السياسي؟
- لا، ليست النتيجة الوحيدة، هذه النتيجة الأولى، النتيجة الثانية أن هناك حركة لدى السلطة وحزبها الحاكم للهروب من الالتزامات، وهناك وضع في المعارضة لديه فترة يمكن أن تسميها انتقاليه ما بين حدث وحدث، قيم فيها الحدث الانتخابي ووضع البرامج التي سيسر عليها.
* ما هي مظاهر الحركة الهروبية التي تقوم بها السلطة للتنصل من التزاماتها؟
- نحن نقول إن الانتخابات فرضت على السلطة وعلى الحزب الحاكم مجموعة استحقاقات، هذه الاستحقاقات ظهرت وتبلورت بشكل البرنامج الانتخابي للحزب الحاكم، ما جرى من مظاهر تنصل عن هذه الوعود تمثلت أولاً في أن الرئيس حين أعلن التزاماً بعد الانتخابات مباشرة بانتخاب المحافظين وانتخاب مدراء المديريات نجد اليوم أن هذه الدعوة وهذا الالتزام تلاشى، الحديث الذي جرى عن برنامج التنمية الاقتصادية والإصلاح الاقتصادي ووعود المانحين وما جرى في مؤتمر المانحين في لندن بعد الانتخابات بشهرين نجد اليوم أن هذه الوعود تلاشت إما بمشكلة خلقت حول التغيير الحكومي أو بقلب الحقائق باتهام المعارضة، يعني هناك شكل من أشكال الالتفاف على القضايا، هذه القضية الثانية، القضية الثالثة الوعود بألا ترتفع الأسعار وألا جرع قادمة وأن الجدية ستكون، برزت مشكلة جديدة أخرى الخلاف بين التجار وبين الحكومة حول ضريبة المبيعات وتاهت القضية الرئيسية بهذا الافتعال لهذا الخلاف، القضية الرابعة والأهم ما يجري من انتهاكات لحقوق وحريات المواطنين.
لكن الأخطر اليوم هو حالة الهروب والافتئات عن التزامات الحزب الحاكم باتجاه وعوده الانتخابية، ما يجري في صعده، اليوم حول جدول الاهتمام العام السياسي على الصعيد الوطني.
خرج المواطن والأحزاب والقوى السياسية بما فيها الحزب الحاكم من الانتخابات وهم يتحدثون عن كيف سيلتزم الفائز بالانتخابات ببرنامجه وما سيقدم للناس، اليوم مع حرب صعده اختفى مثل هذا الأمر وصار الناس مشغولين باهتمام غريب على مجتمعنا بالحديث عن حرب لا أحد يعرف ما هي أهدافها ولا ما هي مبررات أن تعود بهذه الطريقة.
* لكن النظام يقول إنه مستهدف من خلال ما يجري في صعدة؟
- من حق النظام أن يقول مثل هذا الكلام، لكن ما نلاحظه نحن وما نقرؤه وما نتابعه وحتى ما يقوله الإعلام الرسمي من معلومات حول هذه القضية لا يرتقي إلى مستوى المسؤولية قبل مستوى الصدق فيها، يعني هناك كثير من التزييف للحقائق حين يتحدث لي عن تدخل خارجي أو يتحدث عن انقلاب على النظام الجمهوري أجد أن ما يطرح كمبررات أو كمعلومات حول هذا الموضوع لا يقنع أحد، بل بالعكس يعري أو يفضح الأسلوب العشوائي والارتجال في إدارة هذه المواجهة، لكن استطيع أن أقول لك إن الخطورة الكبيرة في هذا الموضوع أنه لا مصلحة لا للسلطة ولا لليمن أن تغدو البلاد مسرحاً لحديث عن حرب فيها سنة وشيعة واليمن في تاريخها لم تعرف مثل هذا الصراع.

أي تأخير، اليوم في عملية الإصلاحات أو التلكؤ أو البحث عن أي مشكلات أخرى تلهينا عن هذه القضية فإن الوطن كله سيواجه المخاطر وليست مسألة الحزب في السلطة أو الأحزاب في المعارضة


* برأيكم ما هي متطلبات وشروط التعاطي الفاعل مع مرحلة ما بعد الانتخابات؟
- أولاً هناك التزام سياسي وأخلاقي وقانوني وأدبي لدى الطرف الذي فاز في الانتخابات يفرض عليه أن ينفذ برامجه والتزاماته ووعوده تجاه الناس، والأمر الثاني أن قضية الإصلاح الوطني بما يعنيه من مسؤولية وطنية لكل أطراف العمل السياسي ومنظومة العمل السياسي تحتاج إلى أن يكون هناك نوع أو شكل من أشكال الاتفاق المبدئي حول هذه الإصلاحات، بمعنى إن أي تأخير، اليوم في عملية الإصلاحات أو التلكؤ أو البحث عن أي مشكلات أخرى تلهينا عن هذه القضية فإن الوطن كله سيواجه المخاطر وليست مسألة الحزب في السلطة أو الأحزاب في المعارضة.
* وماذا فيما يخص المعارضة؟
- المعارضة أيضاً من واجباتها أن تعدل من أدواتها وأن توسع من هيئاتها، هناك مهام ومتطلبات على اللقاء المشترك أن يقوم بها من خلال تجربته في الممارسة وتقييمه لها أن يحول رسالته، رسالة المشترك، رسالة الإصلاح، إلى رسالة وطنية ويحتاج لكي ينفذ هذا أن يستخدم مجموعة من الأدوات، فيما يتعلق بالعمل التنظيمي والهيئات والمؤسسات القائمة اليوم، وهي تحتاج إلى مزيد من التطوير لخطابها الإعلامي والسياسي وتطوير في العمل، علاقته بالمواطن، علاقته بهموم الناس تحتاج إلى مزيد من التفكير والتفعيل ومزيد من الجرأة والإرادة، في تبني هموم الناس وقضاياهم المختلفة لاسيما لانتهاكات منها.
* وهل يمتلك المشترك حقاً مقومات الاستمرار والتطور؟
- بالتأكيد يمتلك اللقاء المشترك العديد من المقومات، لكنني أكتفي بالقول أنه لا يمكن لنا أن نفكر بتطوير أدوات الفعل السياسي للقاء المشترك إلا وهو يمتلك مقومات البقاء.. المشترك يمتلك البرنامج، ويمتلك اللائحة والقوانين المنظمة لأعماله، يمتلك الهيئات حتى وإن كانت حديثة، ويمتلك التجربة بالممارسة، تجربة العمل المشترك، ويمتلك مناخ سياسي عام مؤيد وقابل للمشترك أكثر من ذي قبل، هذه المقومات هي التي تعطينا ثقة بإمكانية تطور اللقاء المشترك.