نختلف وتبقى الوحدة أبدية

  • الوحدوي نت - عمر الضبياني
  • منذ 16 سنة - Tuesday 22 May 2007
نختلف وتبقى الوحدة أبدية

اليوم  تحل علينا الذكرى السابعة عشر للمنجز الأغلى في حياة اليمنيين .
الوحدة اليمنية ..المفردة الجميلة والحدث الأسمى, والغاية التي ناضل من اجلها كل الشرفاء والمخلصين في هذا الوطن على مر العصور وبذلوا في سبيلها أرواحهم  رخيصة .
وان كان لا بد لنا من وقفة في مناسبة كهذه فإنها ستدور حول الممارسات التي تحاول النيل من هذا الحدث العظيم والتقليل من شأنه سواء كانت من خلال السياسات الخاطئة التي ينتهجها النظام الحاكم في اليمن وطريقة إدارته للبلد , وما خلفته من إفرازات سلبية انعكست على حياة المواطنين المعيشية جراء ارتفاع نسب البطالة وتوسع رقعة الفقر,وتفشي الفساد والمحسوبية في مختلف مفاصل المؤسسات الحكومية واحتكار حيتان الفساد لقوت البسطاء ولقمة عيشهم ومن يعولون,للتحكم بها وفق أهوائهم الجشعة وإطماعهم التي لا تنتهي .
وهو ما تؤكده الجرع  السعرية المتتالية والتي تترافق هذه الأيام مع احتفالات شعبنا بالعيد السابع عشر للوحدة المباركة .
وعلى الطرف الآخر نسمع بين الحين والأخر أصوات من هنا وهناك تنادي بما لايستوعبه العقل ولا يتقبله المنطق .
ولأننا في زمن حافل بكل ما هو غريب ومتناقض ,وواقع لم يعد يفرز غير ما هو مرير فليس ببعيد أن يدعي الوطنية من ينادي باغتيال الوطن, مثلما هو الأمر مثير للضحك والبكاء معا,أن تسمع من يطلقون عل  أنفسهم وحدويون يتحدثون عما يسمونها دولة الجنوب العربي.
ومن عاصمة الضباب إلى مدينة العم سام وعواصم أخرى ارتفعت مؤخرا أصوات تطالب بالانفصال وهي قطعا غير مدركة لما تقول .
شخصيات ربما اتخذت من تردي الأوضاع في اليمن ذريعة لتنادي بالعودة إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو عام 1990م ,وهو ما لا يمكن اعتباره مبررا لمجرد الخوض في هكذا مجال .
مثلما أن معاناة أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية من المحسوبية والشللية والحرمان من حقهم في الوظيفة العامة ليست حكرا عليهم فقط .
البسطاء في كل مديريات الوطن الواحد جنوبا وشمالا شرقا وغربا يعانون من تسلط المسئولين وعقلية الإلغاء والتفرد التي يسير وفقها الحزب الحاكم في البلد .. لكن ذلك لا يعني أن نسخط من الوحدة كمنجز نفاخر به أمام الأمم , ولا أن نحملها مسؤولية ما يحدث .
الوحدة رخاء ,استقرار , بناء وتنمية فيما لو أحسن القائمون على الحكم استغلالها .
فقط هو النهب الجائر لخيرات البلد وثرواته الذي يمارسه رموز الفساد من أوصل الأوضاع المعيشية والاقتصادية في اليمن إلى ما وصلت إليه ,وهو الفساد أيضا من يحرم ستحقي الوظيفة العامة منها لتذهب إلى من هم ليسوا أهلا لها .
هو الفساد من يجعل مسئولي البد يتساهلون حيال المتاجرين بلقمة عيش البسطاء بل ويشاركونهم في ذلك .
استغلال المسئولين لمناصبهم في تحقيق مصالح شخصية ونهب مخصصات التنمية وراء حرمان المديريات والعزل من المشاريع الخدمية ,وليست الوحدة التي  جاءت لتعمل على نهضة البلد وتقدم أبناءه .
البون شاسع بين نقدنا لممارسات الحكم الخاطئة والتقليل من شأن الوحدة المباركة. لنخلتف في وجهات النظر ولنتبادل النقد حول طريقة الإدارة لكن يجب أن تضل الوحدة أبدية وضمن المسلمات التي لا يجب الخوض حولها.
اختزال الوحدة في شخص معين أو نظام بذاته أمرا غاية في الخطورة .. الوحدة اليمنية منجز ساهم في صنعه عدد كبير من الشخصيات الوطنية على مدى عقود طويلة من الزمان .
الرئيس علي عبد الله صالح وان كان له دور في تحقيق الوحدة لا ينكره التاريخ , فهناك أيضا أبطال كثر آخرين وقفوا وراء هذا المنجز .
وان اغفل الإعلام الرسمي ادوار عبد الفتاح إسماعيل وسالمين والقاضي الارياني والشهيد الحمدي وعلي سالم البيض في صنع الوحدة اليمنية فإن التاريخ يحفظ لهم ذلك, مثلما يحفظ لكل اليمنيين شرف انتمائهم لدولة الوحدة والحفاظ عليها .
ورغم كل المنغصات يجب ألا نفقد الأمل بغد أكثر إشراقا وبهاء تعود فيه لأرض السعيدة بسمتها الغائبة .
ولعل ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو ما حدث مطلع مايو الحالي عند زيارة الرئيس علي عبد الله صالح للولايات المتحدة الأمريكية وما شهدته واشنطن حينها من مظاهرات قام بها قلة من اليمنيين المتواجدين هناك تطالب بانفصال الروح عن الجسد والعودة بالتاريخ إلى الوراء ..
والغريب في الأمر أنا كنا نعد من قاموا بتنظيم تلك المظاهرات من الشخصيات الوطنية والوحدوية , وفي  محاولتنا لإقناعهم بخطأ ما هم مقدمون عليه قبل تظاهرهم وكذا أحاديثنا معهم عقب المظاهرة , برر هؤلاء فعلتهم بالأوضاع الاقتصادية والإدارية المختلة في البلد , معتقدين أن الممارسات الغير سوية للسلطة والمحسوبية واحتكار الوظيفة العامة وإحالة من هم خارج صفوف الحزب الحاكم إلى التقاعد مبكرا تمارس فقط ضد أبناء المحافظات الجنوبية دون غيرهم ,وهو الاعتقاد الذي يعلم مدى خطئه الجميع ,حيث البسطاء من أبناء هذا
الوطن الواحد يعانون من مثل هذه الممارسات التي يجب نقدها واستنكارها كفعل غير سوي يتناقض مع دستور دولة الوحدة .
ولان الوحدة اليمنية لم تعد متوقفة عند أهواء ورغبات البعض مهما كانوا ,باعتبارها خيار انتهجه الشعب اليمني ولا تراجع عنه شاء من شاء وأبى من أبى , فان على من يرفعون أعلام التشطير في الخارج أن يراجعوا حساباتهم, ويكفوا عن الجدل العقيم في هذا الموضوع .
ولتوجه الطاقات والهمم لنقد كل ممارسة سلبية من شانها الإضرار باقتصاد البلد ووحدته الوطنية في سبيل تقويمها وفضح القائمين عليها .
ولمتظاهري واشنطن نقول تذكروا قول المناضل الوحدوي علي سالم البيض الذي عبر ذات يوم عن اعتزازه بالإسهام في صنع الوحدة التي قال أنها أعظم انجاز في تاريخ الشعب اليمني .
نعلم أن ممارسات النظام الحاكم تعمل على تراكم مشاعر السخط لدى أبناء اليمن خاصة في محافظة عدن التي لم تحترم السلطة حتى موتاها بعد أن تحولت مقبرة الشهداء إلى معسكر للجند في تصرف استفزازي , إلى جانب تفريغ عدد من الكوادر الوطنية , إلا أننا نعود ونقول أن مثل هذه الممارسات تعاني منها مختلف محافظات الجمهورية دون استثناء .
وان كان الرئيس علي عبد الله صالح قد اظهر سعة صدر وتسامح مع الذين هتفوا في واشنطن ضد الوحدة وطلب لقائهم مرتين  والتحاور معهم  - وهو للامانة تصرف لاقى ارتياح الجميع من بينهم من شاركوا في تلك المظاهرات -, إلا أن مرافقيه عملوا على إفشال اللقاء الذي دعا إليه الرئيس وقاموا بإطلاق عبارات لا تليق بمرافقي رئيس الجمهورية سارت في نفس النهج الذي خرجت لأجله المظاهرة , ولكم أن تحكموا أي لباقة تلك التي يتمتع بها مرافقو رئيس الجمهورية الذين سألوا المتظاهرين بسخرية :هل انتم يمنيين! "وإلا انتم هنود أو صوماليين"؟! .
جمل لا نظن أن الرئيس صالح يعلم بها أو يقبل بمضمونها وها نحن نطلعه عليها ,عله يحاسب مرافقيه الذين لم يحسن اختيارهم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتب يمني مقيم في امريكا

[email protected]