دولة ..أم حكم عصابات ( 2 )

  • ريما الشامي
  • منذ 16 سنة - Tuesday 30 October 2007
دولة ..أم حكم عصابات ( 2 )

اهداء:

 إلى السيدة أم حبيب  أرملة شهيد اليمن الجديد صلاح الرعوي وهي تطلب المستحيل في هذه البلاد وهو أن يقول شرع الله كلمته في قتلة زوجها وأن ينتصف (القضاء) من الذين يريدون نهب أرضها بالقوة والنفوذ .
الى ضحايا اليمن الجديد المخدوعين بالمستقبل الأفضل الذي حلموابأنه سيكون  بدون متنفذين وجرائمهم حسبما وعدهم الرئيس فكان الواقع كابوسا وجحيم عصابات .
لا نطالب عصابات المتنفذين بأكثر من أن تخفف من وطأة جنونها قليلا في دماء الناس  وأعراضهم وأن تحتكم الى اخلاقيات المافيا و قوانين الاجرام في ممارستها  أما السيدة زوجة المواطن صلاح الرعوي فعليها أن لا تذهب بعيدا وتطلب الاحتكام الى القانون والقضاء وشرع الله في قضية زوجها الذي قتلته قيادات أمنية كبيرة في الدولة  ثأرا على ذمة قضية نزاع أرض وجريمة قتل لم تثبت عليه ولم تتح له محاكمة عادلة لمعرفة الحقائق الكاملة رغم تسليم نفسه لأجهزة الدولة التي تم قتله داخلها مباشرة  .
جريمة مقتل الرعوي داخل سجن البحث الجنائي على أيدي مدير بحث ذمار ومدير أمن جامعتها وأستاذ جامعي واحتضانهم من قبل شخصيات قيادية كبرى في الدولة تدخلت للحصول على توجيهات عليا لاطلاق سراح كافة المتورطين بجريمة الثأر ، هذه الجريمة روتينية جدا ولا تثير الغضب في واقع  حكم الفوضى  و تسيد العصابات التي تقتل وتنهب وتستبيح الدماء والأعراض والحقوق بمنتهى الأريحية  اتكاء على النفوذ والقوة التي توفر الحماية والحصانة المطلقة ، غير أن التداعيات اللاحقة لجريمة مقتل الرعوي هي التي تستدعي النظر ومناشدة عصابات القتل أن تراجع تصرفاتها وان تلتزم بالقوانين التي تنظم عملها اذ لايستقيم حتى في شرع الغاب أن يتم الانتقام من أسرة الضحية وتشريدها والتنكيل بها وهدم منزل أطفالها كما حدث لأسرة المواطن صلاح الرعوي  وكان يكفي المصير الذي لاقاه الرجل داخل أروقة البحث الجنائي سواء كان هو القاتل أو غيره في واقع  الفوضى  التي تطبق على البلاد  أما القانون والقضاء وشرع الله الذي تطالب السيدة زوجة الرعوي الاحتكام اليه في الفصل في قضية زوجها وقتلته والأرض المتنازع عليها فهذا غير ممكن أما لماذا ؟ .  .  .  فلأنه بكل بساطة جاءت توجيهات عليا لتطلق سراح القتلة الكبار ويكون بالضرورة بعد ذلك ليس امامها وأولياء الدم وأصحاب الحق من خيار غير الاحتكام لشرع الغاب و القبول بقانون القوة وتقدير موقف رئيس الجمهورية الذي شكل لجنة رئاسية  لانهاء القضية حسب الطريقة القبلية التقليدية التي تنتهي الى ذبح 4 أثوار مقابل دم الضحية لأن المطالبة بان تأخذ القضية مجراها في القضاء فهذا أمر غير مقدور عليه في بلد يحظى المجرمون بالحصانة من أعلى المستويات القيادية التي تتدخل لتضييع دماء الناس وتمييعها بعيدا عن شرع الله .
معركة خاسرة : المواطنة في مواجهة النفوذ
المواطن الرعوي الذي تم قتله ثأرا بعد ساعات من تسليم نفسه لأجهزة الدولة على ذمة قضية نزاع أرض وجريمة قتل كما ذكرت مسبقا لم تتح له محاكمة عادلة لمعرفة الحقائق الكاملة والقاتل الحقيقي ان كان الرعوي أو غيره ، غير ان  المعاناة التي تعرض لها الرعوي وأسرته قبل مقتله وبعد مقتله  تكشف مدى تفلت عصابات القتل والاجرام عن أية اخلاقيات أو أعراف في اغتصاب حقوق الناس ونهب أراضيهم استقواء بالنفوذ والسلطة  فمستوى المعاناة التي ظل يعيشها الرجل في ظل دولة النظام والقانون وصلت حد الاعتداء على عرضه  وتعرض امرأته للضرب على أيدي ذلك العقيد المتنفذ الذي ظل يستخدم نفوذه ومركزه  من أجل نهب أرض الرجل و اكراهه على التسليم والتنازل عنها تحت مبرر القوة السافرة  التي يمتلكها والتي تبرر له أن يفعل ما يشاء وقد فعلوا به مايشاؤن .
مأساة الرعوي  أنه وقف بجسده النحيل دون سند من قبيلة أو نفوذ سلطة ليدافع عن حقه وأرضه في مواجهة خصم يمتلك ثلاثي القوة والتسلط والنفوذ الذي يشرعن نهب أراضي المساكين واغتصابها بل وكافة صنوف العذاب والاعتداء التي لاقاها الرعوي من اعتداء على عرضه وضرب امرأته وحبسه من قبل خصمه في سجون دولة النظام و القانون لأكثر من 6 أشهر التي لم يستطع قضاؤها العادل والمستقل والنزيه على البت والفصل في قضية نزاع الأرض بين خصمين خلال مدة 3 سنوات لأنه أصلا لا وجود لقضاء في ظل شرع الغاب و تسيد قانون القوة الذي يستند اليه المتنفذين في استباحة دماء الناس ونهب حقوقهم والاعتداء على أعراضهم وهذا هو ماحصل بكل بساطة للمواطن الرعوي الذي كان أخر فصل من معاناته الشخصية هو بتلك النهاية البشعة التي رسمت على جسده  ب 40 طلقة رصاص و 20 طعنة جنبية وبتوقيع مباشر من مدير بحث وضابط أمن  وأستاذ جامعي ودعم وإسناد محافظ صنعاء ومحافظ صعدة ووكيل وزارة الداخلية وأركان حرب أمن مركزي وكل هؤلاء الطحاطيح اجتمعوا ـ بحجة الانتماء الجغرافي والتعصب القبلي الأعمى ـ على وضع نهاية لحياة عبده مسعد الرعوي الذي مات دون عرضه وأرضه في مواجهة عصابة متنفذين لم يقتنعوا بقتله بل راحوا يهدمون بعد ذلك بيته وينكلون بأسرته ويعلم الله أي مصير ينتظر أم اباء وأطفالها .
وصفة الرئيس السحرية : 4 أثوار بدلا عن شرع الله
رئيس الجمهورية المسؤل الأول في البلد عن النظام والقانون وحماية حياة مواطنيه وصيانة حقوقهم وأعراضهم والذي دائما مايتحدث عن دولة المؤسسات والأمن والاستقرار و بدلا من أن يتخذ اجراءات  تعيد الاعتبار لهيبة الدولة ويقدم المتورطين في جريمة مقتل الرعوي داخل أجهزة الدولة للمحاكمة والقضاء والذين هم في نفس الوقت مسؤلين كبار في السلطة لكن مشكلته انه لايعترف الا بالأقوى فتكا وقتلا وقبيلة ولأنه يعرف كيف يستخدم القبيلة ويجعلها أداة في صناعة توازنات حكم الثعابين ويواجه بها فئات أخرى من الشعب فلم يجد أمامه غير أن يصدر توجيهات عليا باطلاق سراح الثلاثي القتلة الكبار المتورطين بالجريمة ( مدير البحث ، ضابط أمن الجامعة ، الأستاذ الجامعي ) ، من ثم راح يشكل لجنة لحل القضية قبليا حسب الأعراف القبلية المتبعة التي تنتهي الى الهجر وذبح 4 من الأثوار مقابل دم الضحية مثل غيرها من الجرائم التي يتعرض لها أبناء هذا الشعب على أيدي المتنفذين كجريمة مقتل الحامدي الذي احتمى قتلته بالرئيس و الذي استطاع بدوره تمييعها وأنهاها بعيدا عن القضاء بواسطة فرض الهجر القبلي قسرا على أولياء الدم وذبح 4 أثوار .
عصابات متنفذين  .   .   أم يمن جديد ؟
وجريمة قتل الرعوي  ليست الا عينة بسيطة تحكي شواهد انهيار الدولة وسيادة الفوضى وانعدام القضاء العادل المستقل وتكشف واقع المظالم المستفحلة التي يعيشها المجتمع وتلقي بالضوء على جرائم نهب الأراضي التي تعد أحد مفردات الحياة اليومية لسكان هذه البلاد والتجارة الرائجة التي تزدهر خصوصا في مناطق التجمعات السكانية الحضرية المسالمة التي تؤمن بقيم المدنية والمواطنة المتساوية التي لاوجود لها في الواقع والقانون الذي يحكم الجميع ولكن نظريا فقط وعادة يكون أبطال جرئم النهب والقتل هم عصابات المتنفذين الذين يستمدون قوتهم من مواقع مسؤوليتهم ومراكزهم الوظيفية في السلطة التي يسخرونها في القيام بعمليات الفساد والنهب والبلطجة واغتصاب حقوق أناس بسطاء مسالمين لاحول لهم من قوة وتسلط وقبيلة بالقوة الهمجية السافرة  حتى وصلت بلدنا حسب توصيف المنظمات الدولية الى مستوى درجة الدولة الاجرامية  بدلا عن اليمن الجديد والمستقبل الأفضل  نتيجة لتسلط مراكز الفساد على كيان الدولة و تحولها الى مجموعات من عصابات متنفذة  تمارس كلا منها أعمال الفساد والنهب والعبث في موارد البلاد وحقوق الناس بحسب مراكز نفوذها وقوة تسلطها ودرجة سيطرتها على المقدرات الوطنية .
اعتبروا  يا أولي الألباب
هي دعوة صادقة باطنها و ظاهرها الرحمة لكل ضحايا عصابات المتنفذين ولكل من لازال لديه شك في أنه لازال هناك بقية من نظام وقانون ودولة في هذه البلاد أن يعتبروا من مصير شهيد اليمن الجديد  الذي وعد الرئيس بأنه سيكون خاليا من المتنفذين وجرائمهم ومحتوى هذه الدعوة : ان كنت تمتلك قطعة أرض في بلاد اليمن لتبني عليها بيتا يضمك وأطفالك تحت سقف واحد ثم ظهر عليك عقيد (رأس) أو مسؤلا متنفذا كبيرا في السلطة ويريد أن ينهبك اياها ويغتصبها بالقوة فالأفضل لك أن تتنازل عنها وتسلمها له وأنت صاغر لأنه لا يوجد في هذه البلاد دولة تحمي الحقوق وقضاء ينصف المظلوم أو قانونا يوقف الظلمة عند حد ، أما أن تثبت على حقك وتختار أن تدافع عن أرضك فليس أمامك الا مصير الرعوي وعليك أن تنتظر أن يعتدون على عرضك ويضربون امرأتك ويحبسونك وأنت المظلوم في سجون دولة النظام والقانون ويسلطون عليك عصابة مسلحة تأتي ليلا لتعتدي عليك وتهدم منزلك فوق رؤؤس أفراد أسرتك وانتم نيام وبعدئذ سيصلون اليك ليقتلونك ولو كنت في بروج مشيدة وسيسدل الستار عن جريمة قتلك بالتنكيل بأسرتك وتهديم بيتك وملاحقة أطفالك ليلحقوهم بك وسيختتم المشهد بتوجيهات رئاسية عليا بالإفراج عن القتلة وحل المشكلة قبليا بالهجر وذبح 4 أثوار مقابل دمك.
 من المسؤل  ؟ :  القبيلة .  .   أم سلطة القتل والفوضى والفساد
وقطعا المصير المأساوي الذي انتهى اليه صلاح الرعوي وأسرته لا ترتضيها أعراف القبيلة لأن اخلاقها أصيلة وكريمة ولا يمكن أن تقبل بالظلم والاستقواء على الضعفاء ونهب عباد الله حقوقهم وأرضهم اتكاء الى حمايتها وتحت مبرر الانتماء اليها ، ولم تكن قبائل الحدأ أو غيرها لتقبل مطلقا ابتداءا أن يقوم أحد أفرادها بمحاولة اغتصاب أرض غيره بالقوة لأن اخلاق القبيلة تقوم على أساس نصرة المظلوم والوقوف الى جانبه حتى يتمكن من حقه ، وحتى عندما قامت حرب داحس والغبراء في الأزمنة الغابرة بين قبيلتين عربيتين قامت تلك الحرب على أساس مبدأ نصرة المظلوم بسبب أنه كان هناك شعور بالغبن والظلم الذي وقع على الخيل داحس فسبقته الغباء نتيجة خديعة وحيلة وضعت في طريق داحس كي يسقط ويتأخر وتسبقه الغبراء ، والمواطن الرعوي هو انسان اعتدي عليه وضربت امرأته ومورس في حقه شتى أنواع القهر والمعاناة  لنهب أرضه بالقوة وجاءته عصابة مسلحة ليلا الى عقر داره لتعتدي عليه وتهدم بيته فوق رؤؤس أطفاله ومع ذلك لم يعرف القاتل الحقيقي لخصمه الذي ينتمي الى قبيلة الحدأ فهل هذه هي اخلاق القبيلة حتى يتم التنكيل بأسرة الرعوي وتهديم منزله واختطاف أطفاله بعد قتله .
قطعا ليست هذه هي اخلاق القبيلة ولكنه منهج سلطة ترى في حكم البلاد بالفوضى والفساد وبث النعرات وخلق الصراعات وزرع العنصريات عن طريق تقسيم المواطنة الى درجات واحالة الدولة الى عصابات ومراكز نفوذ للتسلط والنهب وارتكاب الجرائم هو افضل فلسفة وطريقة للحكم من أجل البقاء على الكرسي وتوريثه للأسرة والأبناء ، وفي اطار هذه السياسة الجهنمية التي أحكمت بالجهل والفوضى والفساد خناقها على الشعب واستطاعت تحويله الى عدو لنفسه وتوجيهه ضد مصلحته استطاعت أيضا ادخال القبيلة ومكوناتها واحالتها الى أن تكون احدى اليات وأدوات الفوضى والقتل والدمار وتمكنت من اللعب بأعرافها وإفساد أخلاقها الأصيلة وشاهد الحال هو هذا  المواطن الرعوي الذي مات دون عرضه وأرضه ، وكان يفترض أن لا يلقى مصرعه مظلوما على أيدي القبيلة التي دائما تنتصر للمظلوم وتثأر له ويكون جهلها أشد وطأة وقوة  على أي أحد كان يمارس الظلم والاعتداء على أحدا أي أحدا كان حد قول الشعر الجاهلي :
الا لا يجهلن أحدا علينا       فنجهل فوق جهل الجاهلين

حلف فضول يمني جديد
حلف الفضول الذي اجتمعت عليه قبائل العرب قبل الاسلام وزكاه محمد صلى الله عليه وسلم وقال ( لو دعيت الى حلف مثله لأجبت ) يشهد هذا الحلف للقبيلة ككيان اجتماعي سموها ورفعة اخلاقها الأصيلة عندما اتفقت جميع القبائل العربية ووقعت عهدا وميثاق شرف يقوم على مبدأ سام و خلق كريم وهو نصرة المظلوم فهل تحتاج القبائل اليمنية اليوم الى حلف فضول جديد طالما وبلدنا تعيش انهيارا شاملا في كافة جوانب الحياة المادية والقيم الانسانية  وذلك من أجل أن تحرر القبيلة نفسها و ترد اعتبار قيمها الأصيلة من دائرة الارتهان لسلطة تحصرها في نطاق الفوضى والقتل وتسخرها فيه الى مجرد أدوات لتنفيذ اجندة الفساد والاستبداد  واطالة عمره على حساب وطننا وأمنه واستقراره  وحياة أبنائه ، نعم القبيلة بحاجة ماسة  الى فك الارتباط المفروض عليها مع سلطة الفوضى والقتل والفساد التي أحالتها الى معمل لتفريخ عصابات النفوذ واستخدامها في ارهاب فئات أخرى في المجتمع من أجل أن تستمر حالة  الفوضى والصراعات كبيئة ضامنة  وحاضنة لتسيد حكم الفساد والاستبداد ، ولهذا فان القبيلة  مدعوة اليوم لأن تنتصر لنفسها وتجدد قيمها وتحافظ على اخلاقياتها وأن تكون عامل قوة وبناء واستقرار للمجتمع وليس اداة بيد الاستبداد للهدم والتدمير واشاعة الفوضى لأنها جزءا من الوطن ومصيرها مرتبط به الى الأبد أما حكم الفساد والاستبداد فهو حالة مؤقتة ومصيره الى زوال .