حكام العرب. لم يقرءوا التاريخ!

  • الوحدوي نت - يحي السادة
  • منذ 16 سنة - Wednesday 20 February 2008
حكام العرب. لم يقرءوا التاريخ!

وكأن ذاكرة التاريخ , وهي بصدد تدوين ما يجري اليوم على أرض لبنان وما يحاك ضده من مؤامرات تستهدف وحدته ووجوده . مضطرة للعودة بضع سنين إلى عام 2003م  ، تاريخ احتلال بغداد من قبل مغول العصر . بل وإلى ما هو أبعد بكثير من هذا التاريخ إلى العام الذي غزى فيه هولاكو بغداد عام 1258م .
عودة الذاكرة لهاتين المحطتين . تسهل على المتتبع للأحداث في لبنان قراءة السيناريو المعد الذي لا يختلف في تفاصيله عن تفاصيل الغزوتين السابقين من حيث الواقع الجغرافي وشخوص العملاء والمأجورين سواء في الساحة الإقليمية أم في الداخل اللبناني المهيأ في أجزاء منه للعمالة والارتزاق أكثر من أي وقت مضى، فالمخطط المعد لتفتيت هذا البلد من قبل المخابرات الأمريكية والصهيونية ما هو إلا نسخة معدلة من مخطط هولاكو الذي أعده ، ونفذه  قبل سبعة قرون ونصف من الزمن ، والذي استخدمه الأمريكان في غزو العراق قبل أربع أعوام ونيف . إذ يعتمد هذا المخطط على استخدام الممرات العربية وتجنيد العملاء أياًُ كانت  مراكزهم السياسية أو الدينية على المستويين الإقليمي والمحلي.  لقد تمكن هولاكو عند ذاك التاريخ من سبر أغوار أمراء العرب والمسلمين المتحكمين بالطرق المؤدية إلى بغداد . إذ وجدهم مهيئين للخيانة والانحطاط والتخلي عن القيم والمثل والأخلاقيات ، مقابل أبقائهم في حكم تلك الإمارات واستمرارهم في تركيع رعيتهم وسلب أرزاقهم . لم يكن لهولاكو أو بوش أن يمرا عبر أرض عربية . لو لا خنوع واستسلام بعض أمراء ، وحكام العرب ، الذين يهللون ويباركون دوماً لتلك الجحافل زحفها . رغم إدراكهم أن ذلك الزحف يستهدف في الأساس شرفهم وكرامتهم ، وأعراضهم ، وثرواتهم . الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان أن يفرق المرء  بين سلوك  الحاكم العربي قبل قرون من الزمن وسلوك بعض أحفاده في هذا الزمن الرديء الذي نعيشه - باستثناء قلة من الشرفاء- فكلاهما تستهويه المؤامرات ، والتجرد من الأخلاقيات. كونهما رضعا من ثدي واحد... من الثدي الذي رضع منه إبن العلقم الوزير الأول في بلاط الخليفة العباسي(المستعصم بالله) الذي تواطأ مع هولاكو ، ومهد له الطريق لدخول بغداد .
اليوم نجد هؤلاء مازالوا على غييهم خاصة وأنهم يدفعون بالمخططات الأمريكية والصهيونية إلى التنفيذ من خلال دفعهم بلبنان واللبنانيين إلى أكثر من مجهول. إذ يبدوا أن هؤلاء العملاء قد استمرؤ  الذل والهوان وارتضوا لأنفسهم باستمرار تقمص هذا الدور الحقير . اليوم هم أكثر نشاطاُ ، وأكثر جرئه   ، وأكثر وضوح خاصة وهم يتآمرون على شعب "غزة" الجائع والمحاصر أو على المقاومة اللبنانية التي أعادت للإنسان العربي في تموز 2006م جزء من كرامته بتلقينها العدو الصهيوني درساً في النضال والفداء والتضحية وعشق الموت على طريق الشهادة . عجز خلالها العدو وعلى مدى ثلاثة و ثلاثون يوماُ عن تحقيق إي مكسب على الأرض . رغم الإسناد الأمريكي ، والبريطاني له عسكرياُ ، وسياسياُ فضلاً عن تخاذل بعض الأنظمة العربية لدرجة التشكيك في نصر المقاومة . رغم اعتراف العدو بهزيمته على الملاء.
من الواضح أن تلك الأنظمة لم تتعلم من دروس التاريخ . ربما كونها لا تقرأ بإمعان. أو أنها لا تقرأ بالمطلق ، فمصير شاه إيران الحليف الأول للولايات المتحدة الأمريكية في حقبة السبعينيات من القرن  العشرين. ربما لا أحد يجهل ذاك المصير على الإطلاق عندما تخلت عنه أمريكا في اللحظة الذي كان فيها يصارع الموت نتيجة المرض العضال . إذ رفضت حليفته السماح لطائرته  الهبوط على أراضيها لتلقي العلاج بعد أن كانت تغدق على مطاراتها بالسجاد الأحمر ليدوس عليه هذا الشاه.
لم يتعلموا هؤلاء الحكام درساً من الماضي البعيد للمصير الذي آل إليه إبن العلقم الذي مات على فراشه موتة البعير بعد سقوط بغداد بشهرين فقط نتيجة الألم الذي أحدثه به أحد جنود هولاكو عندما أسقطه من على بغلته في أحد شوارع بغداد ، وهو الموعود من هولاكو بحكم العراق مقابل خيانته للخليفة.
الآن حانت اللحظة التي يجب أن يتنبه لها بعض حكام العرب. بل وكل  عربي . إذ ما يحاك من مؤامرات على لبنان حالياًُ لا علاقة لها بنصرة فئة على أخرى . فالهدف القادم للصهاينة يتمثل  بإسقاط هذه القلعة التي مرغت أنوفهم في وحل الجنوب ، وأيقظت الاستعمار الغربي القديم والحديث من غفوته . فإسرائيل في نظر الغرب وعقيدته ما وجدت إلا لتبقى شوكة في خاصرة الأمة العربية . بحيث  يتمكن الغرب خلالها من  استنزاف ثروات العرب وخيراتهم كما هو القائم والمتعارف عليه منذُ ستون عاماً. تهديد إسرائيل بالزوال في ظل تهديد أمين عام حزب الله في أكثر من خطاب. بدنو اختفاء  الكيان الصهيوني من الوجود ، وبقرب تغيير  وجه الشرق الأوسط من خلال تغيير مسار المعركة القادمة .إذا فكرت إسرائيل بمهاجمة لبنان . تهديد  نصر الله لهذا الكيان هو في الأساس  تهديد للمصالح الغربية كما هو تهديد لبعض الأنظمة العربية التي تستمد بقائها في الحكم من طول عمر القضية الفلسطينية . لذا فإن المعركة القادمة ليست معركة إسرائيل مع حزب الله . بل هي معركة قوى الشر في العالم مع لبنان والأمة العربية . معركة اليوم أو غداً على  اعتبار أنها مسالة وقت لا أكثر هي معركة أن نكون أو لا نكون . هذا الشعار الذي أضحى اليوم شعاراً مزدوجاً إذ ينطبق على العرب كما ينطبق على وضع الكيان الصهيوني . على اعتبار أن المعركة القادمة التي تعد السابعة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي . هي معركة مفصلية في تاريخ هذا الصراع ، سيتحدد من خلالها مصير هذه الأمة . بل ومصير الكيان الصهيوني ذاته.
لذا فإن التأمر العربي في هذا الوضع الحرج وفي هذه المرحلة الخطيرة. بالذات هو تآمر على مصير أمة، ونسف للمعادلة الجديدة التي صاغتها المقاومة اللبنانية ، على إثر نصر حرب تموز  والتي برغم محدودية أرقامها . إلا أنها اختزلت كرامة ( 300 ) مليون عربي ، بعد أن نجحت هذه المعادلة في تحرير الجنوب اللبناني عام 2000م ، وعززت ذاك التحرير بإنزال الهزيمة بالعدو الصهيوني عام 2006 م . إذن أي استهداف للمقاومة اللبنانية بهدف القضاء عليها هو استهداف لهذه الأمة . إذ تعد هزيمة حزب الله لا قدر الله بمثابة المسمار الأخير في نعش لبنان ، والأمة العربية . فبعيداً عن المذهبية التي يحلوا لبعض أصوات النشاز العزف على أوتارها  لتمرير مخططات العدو. كي يتمكن من خلالها  الانقضاض على لبنان ، وفي ظل هذا الوضع الخطير الذي تمر به الأمة العربية. فإن مسألة تخيير المواطن العربي بين مقاومة إسرائيل وخزعبلات  الدين التي لا علاقة لها بجوهره ستجد جواباً  لمعظم من يستفتون حول هذا الخيار يفضلون فيه خط المقاومة لأنها تعني لهم ، ولأبنائهم وأحفادهم الكثير من الضرورات التي أفتقدوها كالشرف والكرامة واحترام الذات والهوية العربية. وما على الذين يقفون في خندق إسرائيل والصهيونية العالمية ضد حزب الله ومن ورائه شرفاء لبنان والأمة العربية . إلا أن يدققوا في قراءة الأرقام لعدد المساجد التي هدمت في الأراضي المحتلة منذ احتلال فلسطين وحتى هذه اللحظة . إذ تقدر بــ (1200) مسجداً ، فيما عدد منها حولت إلى خمارات ومسارح رقص وأماكن دعارة ولعب قمار . على هؤلاء الحكام تحديد الفاعل فيما إذا كانت مقاومة لبنان المحصور تواجدها بالضاحية الجنوبية لبيروت ، ومناطق الجنوب . أم إسرائيل التي تحتل فلسطين منذ ستة عقود من الزمن.فإذا ما اتضح لهؤلاء الحكام من أن هذا العدو الصهيوني هو من أقدم على هذه الأعمال الدنيئة والقذرة . فلماذا الإمعان في الالتواء على هذه الحقيقة والانشغال بالمؤامرات على كل ما هو مقاوم . فلقد حان الوقت لأن ينبروا في الدفاع عن بيوت الله وحرماته  وإلا فعن ماذا هم سيدافعون ؟!