العربي.. أنت اليوم أكبر

  • الوحدوي نت
  • منذ 16 سنة - Thursday 24 April 2008
العربي.. أنت اليوم أكبر

ما أحوجنا اليوم، ونحن نلامس ذكراك السنوية الأولى، لنتذكر افتقادنا العربي الأصيل ذا السيرة العطرة زخماً وثورية وأصالة وتضحية وقدوة للضمير الوحدوي الثوري الأكبر.
في 20 / 4 / 2007م، رحل عنا المناضل الوحدوي الجسور الذي ارتبطنا به أباً وقائداً وناصحاً و...، الحي فينا، والذي يكفي قومه العربي تعليم الأجيال القيم النبيلة التي سار عليها منذ بزوغ النضج الفكري الثوري المساند للوطن والمواطن في التحرر من الاستعمار والكهنوت وأعوانهما للأرض، وتحرير الإنسان من ذل واستعباد أخيه الإنسان، لنسير بالتلازم حرية سياسية واجتماعية، مندفعين بذكراك المعطر صوب العدالة الاجتماعية والشراكة في الثروة والقرار والمصير، الذي حلمت به لأبناء وطنك الذين لازمهم هذا الحلم سنوات عصيبة قبل الثورة، ولتأخذ على عاتقك الحلم بالقومية العربية تأثراً بتربية منبتك الأصيل الذي امتزج بالمبادئ والقيم الفكرية للثورة الأم 23يوليو؛ ثورة المعلم جمال عبدالناصر، التي صهرت الشعب العربي تحت قيادته؛ نتيجة فعلية لما قدمته من خطوات عظام لتحرير الشعوب إنساناً وأرضاً..
ومن العشق للنور الثوري الوحدوي، لم تشرد بذهنك عن الوحدة التي استمددتها من إيمانك بما كنت تعلمنا إياه؛ إيماناً لايتزعزع بالله وملائكته وكتبه، ومن إملاء الظروف التي جعلت الوحدة ومضامينها التي تخدم من يعيشون تحت سقفها واقعاً في الذهن والواقع.
فكنت القدوة لإعطاء الدروس، وبصلابة، ودون تراخٍ، مما أعطاك الثقة التي استمددناها منك، لتأثر باستمرار في طرحك ومواجهتك الموضوعية أمام الأصدقاء والأعداء، دون حسابات مسبقة، مما أكسبك الاحترام والذكر الطيب، والذي لازمك حياً، وزاد من الأخذ بك مثلاً في فقدنا من هو مثلك في الأحداث الحالية، والتي كنت تتنبأ بها، عن ذاك الحاكم السابق، وعن ذاك المنتصر، فقد كنت منصفاً لتوريثي ما علمتك الحياة (تجربة ومعرفة للأحداث والأفكار والناس) من خبرة، ولتكون سنداً لي وأبناء جيلي في حياتنا، فكنت المنصف للآخر، وكان لك الظفر بالموضوعية، ووضع الخطوط العريضة، فأصبحت الحياة بمحدثاتها مُعتركاً طبيعياً.. وأصبحت أنت ساكن الضمير والمكان، ووعياً أعطانا الرؤية وسط هذا الخضم العسير، دون جهد بفكر، لأن منهاجك (شبابك، مسيرتك الثورية الوحدوية، حتى انتقالك للرفيق الأعلى).
إن الحياة البسيطة التي عشتها معك، نكنت فينا جميعاً أن تكون حاضراً في أحداثنا وهمنا. وما الأحداث التي يمر بها الوطن، وبخصوص مناطقه الجنوبية، أظهرت صراعاً وانخناقاً كبيراً، وضعنا فعلاً أمام ذكراك، فكما وصفت يوماً بأن هناك من سيسقط لتشبثه بمبدأ لايفهمه، ومع سقوط داعمه بدا مشتتاً الى من أو أين يلجأ، فأصابه الشتات بدخوله غربة في داخله في التفكير، مما خلق لديه أكثر من رؤية، ومازالت تفقد طريقها، والآخر «يتزعبر» (حسب قول إخواننا اللبنانيين) ويتشدق بالأحلام الكبيرة التي حققناها بفضل الدماء الزكية التي ضحت ورحلت، وكُنت دوماً تؤكد لنا أن الله مع الصابرين والشهداء والصادقين، لأن حسبتهم عند ربهم، فقد أدوا ما عليهم، وأصبحوا برفقة الشهداء والصديقين، كما وعدهم الله لصدقهم.
أخاطب نفسي لمرحلة ترنحت لتغوص وتتعمق باحثة عن العربي الأصيل ذي الصوت الجهوري المجلجل، طلباً للنجدة وسرعة لوقفة يعلو فيها صوت ليجمع الكل مع الاستثناء بتجربة الصدق من الزيف، الشعور بالمعاناة للسواد الأعظم من الناس، وليخطو بنا الى الأفق الأقرب الى الصواب.. هذا الصوت احتجناه بيننا كثيراً.
فالأحداث في المحافظات الجنوبية احتجنا لصوت عالٍ صادق يزأر في وجه المرهون للهوان، ولو بلباس جميل وأنيق، وليعضد الساعد الوطنية، فالحبيلين وردفان كلها والضالع وتعز وأبين والحديدة، بل أجزم أن اليمن أحوج لك أيها الراحل أبداً الى الضمير الواخز للنبل والطهر.. اليوم أكثر.
فكل مقيل يذكر اسمك، وكل مسيرة وكل عزاء وعرس، فقط لأنك النصر دون تمييز للأصل أو الانتماء أو.. أو.. فقط نصرة للحق، فأصبح الشباب في العشرين وأدنى، ولسماعهم من الآباء، يتذكرونك جنباً الى جنب مع لبوزة وعبدالحميد والضمبري والمزاحمي والبعليه.. وذكرك يأتي وأنت تهبط من السماء الى كل ركن في اليمن، لتهون عنا آلامنا، وتعين المظلومين فينا، وتحررهم من بقايا الروث الفكري، وتساعدنا على أنفسنا كي لانطأطئ رؤوسنا ولا نتآمر ضد صالح وطننا.
لقد تركت سيرةً عطرة وتاريخاً أعطر ونوراً ملأ الآفاق إنارة لمن يريد أن يتعلم كيف يكون في الطليعة الثورية والأخلاقية والدور والتجربة وصدق التعامل والسمعة الطيبة والقدوة والأصالة الصاعدة الى كبد السماء.
ابن ردفان قلعة الثورة والثوار.. نفتقدك ولن نيأس. فلله درك. ورحمة من الله لإسكانك فسيح الجنان بقرب الصديقين والشهداء.
ما أعظمك بذكراك... أنت اليوم أكبر.


ولدك/ عبدالناصر العربي المحامي