الرئيسية الأخبار عربي ودولي

جمال عبدالناصر.. الذكرى الخالدة

  • الوحدوي نت - المصري اليوم
  • منذ 15 سنة - Thursday 15 January 2009
جمال عبدالناصر.. الذكرى الخالدة

كان جواهر لال نهرو الزعيم الهندى الكبير يقول: «إن ما أحبه فى ناصر أنه يتعلم دائمًا».. وتميز الرئيس جمال عبدالناصر بصدقه المطلق، ونهمه المتصل للمعرفة وشجاعته، وهذا ما جعله رجل الفكر والفعل المؤهل لقيادة أمة فى حقبة حاسمة.. كان شعار عبدالناصر دائمًا هو التغلغل فى الواقع والتفتح على العالم..
فالثورى الذى يريد أن يغير جذريًا وجوهريًا، عليه أن يعرف واقعه ويغوص فيه إلى القاع.. وقد رحل الرجل مبكرًا وقبل أن يكمل المشوار، ولكنه ترك لنا دليل فكر ودليل فعل.. لقد أثبتت حقبة طويلة من الزمن والانقلاب المضاد صحة ما اكتشفه وطبقه جمال عبدالناصر. وتأكد للأمة من المحيط للخليج أنه ليس لنا طريق آخر سوى الذى شقه لنا عبدالناصر..
لقد نشر عن جمال عبدالناصر حتى الآن ما يقرب من أربعة آلاف كتاب.. ذاب الجسد.. وبقيت الأفكار.. أخطاؤه كانت مثل إنجازاته كبيرة وواضحة.. حمل هموم أمته على كتفيه وعبر بها بحور التاريخ فى وقت ارتفعت فيه ضده الجواسيس وتجار العبيد والقراصنة، كل يحاول الضرب فى جميع الاتجاهات.. ثورته.. تجربته.. سمعته.. ذمته.. أحلامه.. معاركه.. وطنيته.. الحملة شرسة ومستمرة، وسوف تستمر، ولكن الجماهير بفطرتها تستطيع أن تفرز الكلمة الطاهرة من الكلمة العاهرة.
عندما قارنوا بين عصره وعصور غيره كانت المقارنة لصالحه.. إن فى تجربةعبدالناصر ما يستحق النقد ويستوجب التصحيح شأنها فى ذلك شأن أى تجربة إنسانية.. وتجربة الرجل ملك الجماهير الواسعة العريضة وهى بالقطع ليست عمياء، وليست عرجاء، ولا فاقدة للوعى..
جمال عبدالناصر كان يريد أن يخلق من مصر نموذجًا على الأرض العربية يجسد معنى الاستقلال السياسى والاقتصادى، نموذجًا تتحقق فيه حرية الوطن والمواطن من خلال مجتمع الكفاية والعدل والقضاء على التخلف، كان يريد نموذجًا لمجتمع عصرى ينتشر فيه التعليم والتصنيع ويبنى قوته الذاتية.
كانت كل معاركه من أجل تقريب يوم الوحدة العربية التى كان يراها كلاً لا يتجزأ، سواء من ناحية الأمن القومى أو التنمية.. فى ظل هزيمة يونيو ٦٧ استطاعت مصر عبدالناصر أن تعيد بناء القوات المسلحة فى زمن قياسى، وإتمام بناء السد العالى، وقيام مصنع الحديد والصلب، وإقامة مجمع الألومنيوم، وتثبيت أسعار السلع الاستهلاكية، وتأمين الجبهة الداخلية لدعم صمود قواتها المسلحة..
كل هذا فى ظل دعم مقداره مائة مليون جنيه، وفى غياب دخل قناة السويس وغياب دخل البترول فى سيناء، علاوة على أعباء تهجير منطقة قناة السويس ونقل معامل التكرير والمصانع إلى الدلتا والقاهرة، وقد تم ذلك لإفشال الحرب النفسية التى كانت توجه إلينا حتى نفقد الثقة فى أنفسنا، وتفقد قواتنا المسلحة الثقة فى نفسها، وحتى يفقد الشعب ثقته فى قواته المسلحة..
لقد وجدت أمتنا العربية نفسها فى جمال عبدالناصر وهذا هو الذى يبقى، وغيره تكنسه الأيام.. إن تجربة عبدالناصر الإنسانية أصابت فى أشياء ولم تصب فى أخرى.. لكن بقى ألا يحكم عليها خارج عصرها وخارج المناخ الوطنى والقومى والدولى الذى تحركت فيه وفعلت فيه..
الباقى هو صورة عبدالناصر وما ترمز إليه من الإحساس بالكرامة.. إن تجربته الإنسانية ما زالت حية، ولم تمت كما مات آخرون أو ماتت تجارب أخرى وتاهت فى مقابر التاريخ.
سامى شرف
سكرتير الرئيس جمال عبدالناصر للمعلومات
وزير شؤون رئاسة الجمهورية الأسبق