الرئيس اليمني الجديد

  • أشرف الريفي
  • منذ 18 سنة - Tuesday 06 September 2005
الرئيس اليمني الجديد

أن يصل الرئيس االيمني الى قناعة شخصية بمبدأ التداول السلمي للسلطة، ويشعر بقلق الناس من استمراره في الحكم27 عاماً، فتلك خطوة جيدة تستحق الإشادة والمساندة، لترسيخ ذلك المبدأ الديمقراطي·
وفي الحقيقة، كان لإعلانه، أمس الأول الأحد، عدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة، وقع خاص بالنسبة لي، بعد أكثر من عقدين ونصف هي مساحة تواجدي في هذه الحياة، ولم أعرف خلالها رئيساً لليمن سوى علي عبدالله صالح·
كنت مراراً أسأل نفسي: متى سيأتي اليوم الذي نرى فيه حاكماً للبلد غير علي صالح؟ ومتى يتحول مبدأ التداول السلمي للسلطة الى واقع حقيقي يتخلى فيه حاكم اليوم عن تشبثه بتلابيب الحكم، ويسلم الراية لمن يخلفه، عبر صناديق الاقتراع؟
ولكن، الآن، أعتقد أنه ربما أمكننا أن نتحدث بعد المعركة الانتخابية القادمة، عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح·
الوطن يضج بالقدرات والخبرات الكفؤة القادرة على تحمل المسؤولية، والخروج به من مأزق الفوضى والعبث· والتغيير سمة كونية يجب أن تؤمن بها الأنظمة العربية الوارثة للحكم·
عيبنا كعرب أن ولاء الحاكم دائماً يكون للكرسي أكثر من ولائه للوطن· ولذلك نرى حكاماً مازالوا يحكمون وهم على محفة الموت، ويعيشون حياة غير طبيعية خارج اللاوعي·
ها هو الرئيس اليوم يستجيب لمنطق العقل ومطالب الجماهير، ويرفع شعار كفاية تفرداً بالكرسي وسيطرة على الحكم· لكن ما نخشاه هو أن تضغط القوى والمراكز المتمصلحة من نظام الحكم الحالي، لإثناء الرجل عما أسماه بقناعته الشخصية·
قطعاً، فقرار الرئيس خطوة إيجابية بعد 27عاماً في الحكم· ورغم تأخرها، إلا أن ذلك لايعني عدم مباركتها، وتحويلها الى خطوة عملية في الواقع·
عديد من أجيال فترة حكم علي صالح، عرفوا أكثر من رئيس أمريكي تولى دفة قيادة الولايات المتحدة، إلا أنهم لم يعرفوا سوى رئيس واحد لليمن· وربما توهم البعض أن الرئيس علي عبدالله صالح هو خاتم الرؤساء اليمنيين·
اليوم، الرئيس يسقط هذا الاعتقاد بقراره المنطقي، ويفسح المجال للتجربة الديمقراطية بأن تدفع برئيس جديد لليمن·· يسعى للانتقال بها الى وضع جديد·· نحو الأفضل·
على الرئيس اليوم أن يترجم قراره الى واقع عملي، دون الإصغاء لأصحاب المصالح والتزلف، وأن يدرك أن جوهر قراره مفاده رفض صريح لقضية التفرد بالحكم والاستحواذ على السلطة، كما يعني إغلاق الباب أمام نزوات توريث الحكم·
وإذا كان البعض يرى أن قرار وموقف الرئيس تكتيكي الهدف منه تسليم نجله أحمد السلطة فمن غير المعقول أن يصل الرئيس إلى قناعة بمبدأ التداول السلمي للسلطة، في الوقت الذي يعمل فيه على تنصيب ابنه أحمد رئيساً بدلاً عنه·
لأن مبدأ التداول السلمي للسلطة يختلف تماماً عن سيناريوهات التوريث، ونقل السلطة من الأب الى الابن·
نريد رئيساً يأتي الى دفة الحكم بالانتخاب الديمقراطي الحر والنزيه، بعيداً عن تمسك المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس للبلد، كما أعلن ذلك، أمس، نائب رئيس الجمهورية عبد ربه هادي، الذي أكد على ترشيح المؤتمر الرئيس في مؤتمره السادس المقرر انعقاده نهاية العام الحالي·
·· بعيداً عن ذلك، فإننا نتعامل مع قرار الرئيس ظاهرياً، بعيداً عن التأويلات والتكهنات·
وعلى المستوى الشخصي، أعطاني قرار الرئيس بصيص أمل بإنجاز مشروع اعتدت الرد على من يسألني عن إنجازه بـ"عندما يأتي رئيس للبلاد غير علي عبدالله صالح".
المشروع هو مشروع الدخول في القفص الذهبي، والذي كنت أتحجج بتأجيل تنفيذه حتى يأتي رئيس جديد··!
ولكن، كما جعل الرئيس القوى السياسية في موقف محرج، أدخلني كذلك في دوامة حسابات طويلة لإنجاز هذا المشروع، تزامناً مع تنصيب رئيس جديد للبلد، أظن أنها مناسبة تاريخية·
[email protected]