كشف تقرير رسمي حديث عن مخالفات وفساد أهدر مئات الملايين في الهيئة العامة للاستثمار وأعاق مشاريع استثمارية كبيرة.
وأظهر تقرير رقابي للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة- حوى مراجعة حسابات الهيئة للعام 2009 حصلت «الوحدوي» على نسخة منه- عجزاً في النشاط التجاري للعام 2009 بمبلغ 112.195.552 ريالاً بسبب المبالغة في الإنفاق الجاري الذي بلغ 746.731.394 ريال، بينما بلغت الموارد الجارية 634.535.842 ريال رغم توجيهات الحكومة بشأن ترشيد الإنفاق وقرار مجلس الوزراء رقم 467 لسنة 2008م بشأن ضبط الإنفاق والمواءمة بين تدفق الإيرادات وحدود الإنفاق.
وحسب التقرير, فإن الهيئة استحدثت إدارات جديدة ضمت الهيكل التنظيمي للهيئة دون الحصول على الموافقة القانونية والنظامية لذلك, مما يتعارض والهيكل التنظيمي واللائحة التنظيمية التي حددت مهام واختصاصات القطاعات والوحدات المقررة في هيكل الوحدة.
وأوضح التقرير أن رئيس الهيئة كلف أحد الموظفين للقيام بأعمال مدير وحدة المشاريع الاستراتيجية دون تحديد مهام واختصاصات التكليف ودون وجود دائرة للمشاريع الاستراتيجية ضمن الهيكل. كما عدل الهيكل التنظيمي لقطاع الترويج باستحداث دوائر وحدات ضمن القطاع دون أن يوافق ذلك تعديلاً في الهكيل, ناهيك عن تكليفه لأحد الموظفين المتعاقدين بعقود خاصة للقيام بأعمال رئيس قطاع الترويج.
ومن ضمن المخالفات التي سردها التقرير صرف بدل سفر خارجي للعديد من الحالات المخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 175 لسنة 2007م بشأن الموافقة على لائحة بدل السفر الداخلي والخارجي لمهمات العمل الرسمي والتدريب.
كما قامت الهيئة بالحجز للوفود الرسمية المكلفة بالسفر إلى الخارج على خطوط غير الخطوط الجوية اليمنية بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 331 لسنة 2009م, وأقرت تنفيذ مشروع المبنى الخاص بها من عام لآخر رغم إنجاز التصاميم والرسومات للمبنى والأرضية.
وحول نظام الرقابة الداخلية في الهيئة قال التقرير إن الملاحظات حول استحداث وحدة الفروع والمكاتب بموجب قرار رئيس الهيئة رقم 47 لسنة 2007 لازالت دون إجراء معالجة نظامية لذلك، حيث لم يتم إجراء التعديلات اللازمة للهيكل التنظيمي للهيئة.
رئيس الهيئة صلاح العطار الذي ترك الهيئة منذ شهرين وسافر إلى بيروت، كلف أحد الموظفين للقيام بأعمال مدير وحدة المشاريع الاستراتيجية في العام 2008م دون تحديد مهام واختصاصات التكليف، ودون وجود دائرة للمشاريع الاستراتيجية ضمن الهيكل التنظيمي للهيئة، كما قام بتعديل الهيكل التنظيمي لقطاع الترويج عند استحداث دوائر ووحدات جديدة ضمن القطاع كما تم تكليف أحد الموظفين المتعاقدين بعقود خاصة للقيام بأعمال رئيس قطاع الترويج بقرار رئيس الهيئة نهاية مايو 2008م.
مما سبق يلاحظ العبث بلوائح الهيكل التنظيمي، والمزاجية التي لم تعر الجوانب القانونية والنظامية أدنى اهتمام.
التقرير لم يكن بوسع معديه وهم يقفون أمام ذلك العبث سوى التوجيه بضرورة حصول الهيئة على الموافقات من الجهات المختصة باستحداث إدارات ودوائر جديدة، وتحديد مهامها وكذا الحصول على الموافقات القانونية اللازمة بتعيين رئيس قطاع الترويج، خصوصاً وأن الأمر يتعارض ومنشور وزارتي المالية والخدمة رقم 1 لسنة 2008م بشأن التعاقد مع اليمنيين.
وفيما يخص الموجودات الثابتة في الهيئة التي بلغ رصيدها في نهاية العام 2009م (461.293.346) ريال بزيادة مقدارها (4.070.466) ريال، أوضح التقرير عدم استرداد الهيئة عدد 12 سيارة مملوكة للهيئة وهي عهدة على قيادات سابقة لم تعد تعمل في الهيئة في مخالفة صريحة للمادة (18) من قرار مجلس الوزراء رقم (39) لسنة 1998م بشأن سيارات الركوب المملوكة للدولة في كل من الجهاز الإداري والقطاع الاقتصادي.
كما لم يتم إجراء المعالجات اللازمة لعملية شراء سيارة لمدير الشؤون القانونية بالمخالفة لأحكام المادة (16) عن قرار مجلس الوزارء رقم 39 لسنة 1998م وتسليم سيارته السابقة لسكرتيرة رئيس الهيئة بالمخالفة لأحكام المادة 3 من نفس القرار.
ووفقاً للتوصيات الواردة في تقرير الجهاز للعام 2008م.. في العام 2001م قامت الهيئة بشراء أرضية بمبلغ (47247520) ريال لإقامة مبنى عليها، ورغم صرف مبلغ (1890929) ريال مقابل رسومات وتصاميم عليها إلا أن الهيئة مستمرة بممارسة نشاطها بمبنى الإيجار وتدفع إيجار شهري للمقر بمبلغ (1164625) ريال للأدوار من الأول إلى الخامس مع دفع إيجار شهري للدور السادس بمبلغ 2640 دولار وهو الأمر الذي يستوجب من الهيئة سرعة إنشاء المبنى المقرر أن يكون مقراً لها بدلاً من الاستمرار في تحمل تكاليف الإيجار للمقر الحالي.
وبشأن الاحتياطات والفائض قال التقرير إن رصيد الاحتياطات والفائض بلغ نهاية العام 2009م (169.262.656) ريال متضمناً حصة الحكومة من فائض النشاط تجاري للعام 2008م والبالغ (12.085.258) ريال وبقى المبلغ مرحل في حساب الاحتياطيات والفائض حتى نهاية 2009م.
الجهاز المركزي أكد على ضرورة توريد حصة الحكومة من فائض النشاط للعام 2008م وعدم ترحيل المبلغ من عام لآخر.
وعند مراجعة حساب الدائنين تبين أن رصيدهم بلغ نهاية العام 2009م (49.232.723) ريال بزيادة عن رصيد العام 2008م بمبلغ (9.672.537) ريال.
وتضمن رصيد الدائنين مبلغ (3.781.127) ريال (ذمم دائنة مختلفة) رواتب محتجزة وهو رصيد تراكمي يمثل رواتب الموظفين الذين تم توقيفهم بسبب قضايا جنائية أو إدارية الى حين صدور الحكم النهائي بحقهم، الأمر الذي يتطلب من الهيئة الإسراع في استصدار أحكام بشأن تلك القضايا.
الرصيد تضمن مبلغ (24.073.067) ريال إيرادات من شركة MTN للهاتف النقال مقابل رسوم خدمات شهادة إعفاء ضريبتين لسنتين إضافيتين بموجب قرار التعديل الصادر عن الهيئة مطلع العام 2005م، وتم تجنيب المبلغ بسبب تعليق قرار التعديل الى حين بت الجهات ذات العلاقة بمدى قانونية الإعفاء واستحقاق الشركة للتمديد من عدمه وهو مبلغ مدوي من العام 2008 حسب التقرير.
كما تضمن رصيد الدائنين مبلغ (4.512.402) ريال مستحقات الاتحاد للاعلان والتسويق بموجب العقد الموقع بتاريخ 2009/12/13م ولتوريد مواد دعائية، كما تضمن الرصيد مبلغ (4.129.400) ريال مستحقات شركة يمن بموجب العقد الموقع في 2009/12/28م لتوريد 1000 صورة بوسترات لمناظر يمنية، وهو ما يعد مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية رقم 23 لسنة 2005م، حيث تم التعاقد بالأمر المباشر.
كما تضمن رصيد الدائنين مبلغ (3.348.986) ريالاً مستحقات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وتمثل الأقساط التأمينية على رواتب الموظفين المتعاقدين، وهو رصيد تراكمي منذ أعوام سابقة، وإزاء هذا الوضع أكد التقرير على العمل على متابعة القضايا الجنائية المتعلقة بموظفي الهيئة لتسوية المرتبات المحتجزة في حساب الدائنين (ذمم دائنة مختلفة) وعدم ترحيلها من عام لآخر، والإسراع في التوصل الى حل نهائي فيما يخص شركة MTN خصوصاً، وأن الهيئة تحملت أعباء مالية فيما يخص بدل سفر الى ألمانيا للأخ عبدالله لقمان الذي أوكلت اليه الهيئة مهمة حول قضية MTN والذي تم رفعها لتحكيم دولي، حيث بلغ ما تم صرفه مقابل بدل سفر خارجي ونفقات سفر (1.237.794) ريالاً.
كما أكد التقرير على ضرورة الالتزام بما ورد في مواد قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية رقم 23 لسنة 2007م عند الشراء والتعاقد في حدود الصلاحيات المحددة في القانون مع مراعاة إنزال المناقصات في المواعيد التي حددها القانون.
بلغ بدل السفر الخارجي المنصرف عام 2009م (24.733.228) ريالاً، بالإضافة الى مبلغ (24.086.978) ريالاً يشمل قيمة التذاكر، إضافة الى ٪20 نثريات للموفدين من الهيئة.
التقرير قال إنه تم الصرف للعديد من حالات السفر الخارجي كمصرف نهائي دون قيدها عهدة على ذمة المكلفين بالسفر وفقاً للنظام، بحيث يتم إخلائها بعد تنفيذ المهمة وذلك بالمخالفة للمادة 242 من القانون المالي رقم 8 لسنة 90م وتعديلاته.
كما أن تقرير الجهاز في العام 2008م قد أورد العديد من الحالات التي تم الصرف لها بهذه الطريقة ووعدت الهيئة في ردها على التقرير بأنها ستلتزم مستقبلاً بقيد المبالغ التي تصرف للمدير العام ورئيس المكتب الفني كعهدة سيتم تصفيتها بانتهاء المهمة تنفيذاً للمادة 242 من القانون المالي رقم 8 لسنة 90م.
ويستثى رئيس الهيئة من ذلك بعد الحصول على توجيهات من رئيس الوزراء (رئيس مجلس إدارة الهيئة) إلا أن الأمر تكرر هذا العام ولم تلتزم الهيئة بذلك.
التقرير لاحظ تخفيض بدل السفر الخارجي لعدد من الحالات الى ٪50 وتقوم الهيئة بتحمل تكاليف الإقامة، وذلك بصرف عهدة بالدولار للموفدين يتم تصفيتها بفواتير الإقامة، ويعد ذلك مخالفة واضحة للقرار رقم 175 لسنة 2007م بشأن الموافقة على لائحة بدل السفر الداخلي والخارجي المادة 8 منه.
التقرير قال إن الوفود المشاركة الى الخارج على خطوط طيران غير الخطوط الجوية اليمنية، وذلك بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 331 لعام 2009م بشأن سفر الوفود الرسمية على طيران شركة الخطوط الجوية اليمنية.
ثم صرف مبلغ (496.008) ريالات لمكتب الصقر للسفريات مقابل مستحقات تذكرة سفر مدير عام الهيئة، وتذكرة سفر رئيس المكتب الفني بمبلغ (496.008) ريال على طيران القطرية (صنعاء- الدوحة- صنعاء) في يوليو من نفس العام.
وفي سبتمبر من نفس العام تم صرف (323.523) ريالاً لمكتب الصقر للسفريات مقابل تذكرة سفر رئيس الهيئة على خط (صنعاء- دبي- صنعاء) وذلك على الخطوط الإماراتية.
وفي أبريل من العام 2009م تم صرف مبلغ (360.812) ريالاً مقابل مستحقات الصقر للسفريات مقابل تذكرة مدير الشؤون القانونية ومدير مكتب الجمارك بالهيئة على خط (صنعاء- القاهرة- كازبلانكا- القاهرة- صنعاء) على الخطوط المصرية.
كل ما سبق صرف خلافاً لقرار مجلس الوزراء لسنة 2009م بشأن سفر الوفود الرسمية على طيران اليمنية.
التقرير أوضح أن إجمالي خدمات المكاتب الاستشارية نهاية العام 2009م بلغ (4.766.979) ريالاً، وقد تبين من خلال المراجعة لسند الصرف رقم 312 في مايو 2009م أنه تم صرف مبلغ (2.306.778) ريالاً مستحقات (يمن نيجل) مقابل أتعاب المشاركة في المباحثات مع شركة إعمار وقيمة تذكرة سفر الى دبي، وبالرجوع لمرفقات السند اتضح أن الهيئة وقعت عقداً مع شركة (يمن نيجل) أوكلت فيه الى الشركة مهام التفاوض مع شركة إعمار في دبي والتي كانت تعتزم القيام باستثمارات استراتيجية في اليمن.
ما حدث باختصار، يفترض أن تقوم به إدارة الشؤون القانونية بالهيئة وليس شركة وسيطة صُرف عليها ملايين.
أما الإيردات، فأوضح التقرير أنها بلغت (634.535.842) ريالاً، منه مبلغ (615.514.008) ريالات يمثل إيرادات النشاط الجاري.
وكشف التقرير انخفاض إيرادات العام 2009م مقارنة بالعام 2008 بمبلغ (95.735.022) ريالاً بسبب انخفاض نشاط الهيئة فيما يتعلق بتسجيل المشاريع والترخيص لها. إضافة الى عدم متابعة المشاريع التي تقدمت للتسجيل في الأعوام السابقة وصدرت لها قرارات ترخيص ومن المفترض بدء نشاطها من العام 2009 وحصول الهيئة على إيرادات رسوم الخدمات من تلك المشاريع.
الهيئة لم تتابع المشاريع التي صدرت لها قرارات مع العام 2007م وانتهت فترة السماح بها بحكم قانون الاستثمار حتى نهاية 2009م، الأمر الذي أحرم الهيئة إيرادات رسوم خدمات بواقع ٪75 من الألف من واقع تلك الموجودات الثابتة والتي بلغت (8.163.555.000) ريال.
الأفضع من ذلك أن الهيئة لم تتابع عدد من المشاريع التي صدرت لها قرارات الترخيص في العام 2007م ويفترض أن تكون بدأت النشاط حتى نهاية العام 2009م وتقدمت للهيئة للحصول على شهادة إعفاء ضريبي، وبالتالي تحصل الهيئة على رسوم خدمات قدرت بـ (255.658.388.000) ريال.
التقرير قال إن على الهيئة بذل المزيد من الجهود لاستقطاب عدد أكبر من المستثمرين وتقديم تصورات لمشاريع استراتيجية مصنفة على مستوى القطاعات، خصوصاً والهيئة تحصلت على منحة مليون دولار من وزارة التخطيط للأعمال الاستثمارية لإعداد الاستراتيجية العامة للترويج للاستثمار والتي تتولى إعدادها الشركة الإيرلندية (IDI) .
التقرير كشف عن عدد من قضايا التزوير والاختلاس المنضوي في إطار القضاء والتي كبدت الهيئة مبالغ باهضة.
من تلك القضايا قضية المستثمر عوض الأمير (معمل حياكة) والتي لا تزال منظورة أمام القضاء ودفعت الهيئة مقابل إجراءات التقاضي ما يزيد عن قيمة المشروع نفسه.
وأضاف أن أمين صندوق فرع الحديدة أدين بقضية اختلاس وتزوير سندات قبض في العام 2005 بقيمة (16.514.497) ريالاً.
القائم بأعمال مدير فرع لحج رفض تسليم سيارة الهيئة المقدر قيمتها (3.739.960) ريالاً، كما رفض تسليم سجلات ومبالغ مالية قدرت بـ (1.133.125) ريالاً، ولا تزال قضيته منظورة أمام محكمة الأموال العامة بلحج.
__