الرئيسية المقالات مدارات الجماعة المنبوذة والمشروعية الإنتخابية
الجماعة المنبوذة والمشروعية الإنتخابية
يحيى الثلايا
يحيى الثلايا

السلطات الحوثية تعلن استكمالها ترتيبات إجراء انتخابات برلمانية في 34 دائرة شاغرة خلال شهر وتفتح باب استقبال المرشحين وتحدد 13 ابريل القادم موعدا للإقتراع.
قرار رائع جداً.
كان اليمنيون يتجهون للاستفتاء على دستور جديد تعقبه انتخابات عامة، لكن الحوثي أكمل انقلابه وأسقط مؤسسات البلاد في 2014م رغم أنه كان ممثلاً في لجنة صياغة الدستور.
الحركة الحوثية ترفض بشدة خيار "المشروعية الانتخابية" كونها منبوذة شعبياً، ولذلك لجأت إلى خيار العنف والحرب، وحاولت تعويضها لاحقاً بما تسميه "المشروعية الثورية" حيث شكلت لجنتها الثورية وأشهرت "الإعلان الدستوري".
"الإعلان الدستوري" الذي أعلنه الخيواني في القصر الجمهوري كانت أهم بنوده هي قرار "حل مجلس النواب المنتخب" والاستعاضة عنه بلجنة ثورية ومجلس وطني مقام مجلس النواب المنحل.
بسبب الخلاف حول نصيب كل طرف، أعاق شريكهم في الانقلاب آنذاك - الرئيس السابق علي صالح - تشكيل المجلس الوطني المزعوم فاعتمدوا على مشروعية اللجنة الثورية وحدها وهي تتعارض مع الدستور وكل القوانين السارية.
لكن الحوثي فجأة قرر الدعوة لانتخابات تكميلية في دوائر توفي ممثلوها في عدد من المحافظات، أكثر من نصفها لا يستطيع الحوثيون مجرد الوصول إليها.
الدعوة للإنتخابات المزعومة هذه ليست صادرة عن عبدالملك الحوثي كحاكم فعلي، ولا عن لجنته الثورية المزعومة ولا حتى عن مجلس المشاط، فهم يدركون جيداً ويعترفون أن هذه المسميات القبيحة لا تمتلك أي صفة قانونية ولا دستورية ولا حتى أخلاقية.
صدرت هذه الدعوة فقط عن اللجنة العليا للإنتخابات وهي لجنة عين الحوثيون قيادتها قبل أسابيع، وقد شرعت في تدريب لجان الإنتخابات وبحث ترتيباتها، والمعلوم أن اللجنة العليا للانتخابات هي جهاز لتنظيم العملية الانتخابية بينما الدعوة لأي انتخابات عامة تصدر فقط عن رئيس الجمهورية.
هذه الخطوة التي اقدم عليها الحوثيون خطوة رائعة في تقديري ومن المهم جدا التعاطي معها حالياً ومستقبلاً وذلك لعدد من الأسباب أهمها التالية:

* أسباب دستورية:
- الدعوة لانتخابات تكميلية للبرلمان الذي انتهت دورته الانتخابية الدستورية قبل 10 سنوات هي اعتراف حوثي صريح بشرعية البرلمان القائم وكل مؤسسات الحكم الحالية، وأهمها مؤسسة الرئاسة، البرلمان الذي تعذر عقد دورته الانتخابية بسبب وضع البلاد يستمد شرعيته فقط من المبادرة الخليجية وقرار رئيس الجمهورية بالتمديد، وبالتالي تصبح كل ممارسات الحوثيين في مؤسسات الدولة وقرارات لجنتهم الثورية وما صدر عنه هي جرائم تعرضهم للمحاكمات أمام أي محكمة بما فيها القضاء الذي يخضع للحوثيين أنفسهم.
- هذه الخطوة تسقط كل أحاديث ومزاعم الحوثي عن انتهاء فترة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن ظلوا يسوقون للغرب عبارتهم الشهيرة "الرئيس المنتهية ولايته دستورياً"، لكنهم اليوم يعترفون بالبرلمان الذي انتهت ولايته دستورياً قبل 3 سنوات من انتخاب هادي واستمد البرلمان مشروعيته من مشروعية رئيس الجمهورية ويرتبطان ببعضهما.

* أسباب قانونية وإجرائية شكلية:
- الإعلان الصادر عن لجنة الانتخابات قال إنه يستند على قانون الإنتخابات رقم 13 لعام 2011 لكنه احتوى مخالفات قانونية وإجرائية جسيمة تسقط مشروعية أي نتائج وتبعات أهمها مخالفة الإعلان لعدد من مواد القانون ذاته وأهمها المواد المتعلقة بجداول الناخبين.
- افتقار اللجنة ذاتها للمشروعية الدستورية والقانونية حيث ينص القانون المشار إليه أن مدة اللجنة ست سنوات فقط، وقد مضى على تشكيلها أكثر من هذه المدة كما أنه مؤخراً تم إضافة أعضاء إلى اللجنة بطريقة مخالفة للقانون.

* أسباب سياسية وواقعية:
- من الناحية السياسية يقف الحوثي حاكماً وحيداً في مناطق سيطرته حيث قام بتعطيل كل أدوات الدستور والقانون وأغلق كل نوافذ حياة الناس وحرياتهم بمبرر أنه يواجه حرباً وعدواناً كونياً يتيح له حكم الشعب قهراً، وتخلى عن كل واجباته كحاكم أمر واقع بما فيها مرتبات الموظفين، لكنه بهذه الدعوة للإنتخابات ينسف دعاويه تلك ويعترف أن تذرعه بالحرب كاذب، فالمعلوم مثلاً أن التكاليف المالية لإجراء عملية انتخابات في دائرة برلمانية واحدة فقط تكفي لدفع مرتبات كل موظفيها لعام وقد تصل إلى عامين.
- من الناحية الواقعية نجد أن أكثر من نصف الدوائر التي توفي ممثلوها تقع في المناطق المحررة لكن الحوثي يشكل لجانها الإنتخابية في صنعاء كما لو أنها ستفتح أبوابها فعلا أمام المتنافسين، وحتى الدوائر التي تقع ضمن المناطق الخاضعة للاحتلال الحوثي أغلبها مناطق ملتهبة فضلاً عن ان الناس في طول البلاد وعرضها يعيشون هموماً وأوضاعاً قاتلة بسبب الحوثي ذاته، تجعل من حديثه عن الإتتخابات مسخرة سخيفة لا يمكن القبول بها من عاقل.

*** ختاماً؛ الحركة الإمامية التي تقوم على مشروعية الحيوانات المنوية تخوض معركتها ضد الجمهورية لاعتمادها على مشروعية الإنتخابات وهروباً من الإنتخابات قتلت عشرات الآلاف من اليمنيين، لكنها اليوم بحركة غبية تواجه فكرة الانتخابات وتنتحر بمسرحيتها البائسة بشكل فاضح دون أن تدري.

* من صفحة الكاتب على الفيس بوك

إقراء أيضا