الرئيسية المقالات الموقف الوحدوي الذكرى الثالثة والخمسون للوحدة العربية التي لم تكتمل
الذكرى الثالثة والخمسون للوحدة العربية التي لم تكتمل
الوحدوي نت
الوحدوي نت

تحل على أمتنا العربية الذكرى الثالثة والخمسون لإعلان أول تجربة عربية وحدوية، وقيام الجمهورية العربية المتحدة، التي تكونت من الإقليم الشمالي – سوريا- والإقليم الجنوبي-مصر- في 22فبراير عام 1958. وبهذه المناسبة القومية العظيمة، يتقدم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وهيئة تحرير صحيفة الوحدوي وموقع الوحدوي نت إلى جميع الناصريين، وكل الوحدويين في أرجاء المعمورة، بأسمى التهاني، وأطيب الأماني، مع الابتهال إلى العلي القدير أن تحتفل أمتنا بالذكرى القادمة لهذه المناسبة وبقية المناسبات الدينية والوطنية والقومية وقد انعتقت من ذل وقهر أركان النظام العربي الفاسد والعميل. الوحدوي نت

إن الاحتفاء بالمناسبة - هذه المرة - يتزامن مع المخاض العسير الذي تمر به الإرادة الشعبية العربية المبشر بولادة جديدة للأمة العربية المتحررة، ليس من الاستعمار فحسب، وإنما أيضا متحررة من الأنظمة العربية الفاسدة، التي يستخدمها الاستعمار كمخلب للبطش بقوى الأمة وطليعتها الثائرة ضد مخططاته لنهب الثروات العربية، وضمان استقرار وبقاء العدو الصهيوني غاصبا للأرض العربية. لاسيما وأن تباشير هذه الولادة قد ظهرت في الإقليمين العربيين ( مصر وتونس).

لقد كانت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا- وإن لم يدم لها البقاء، بسبب تكالب قوى الشر الاستعماري والرجعي ضدها- برهانا على أن الحلم الوحدوي ليس مستحيل التحقق، كما أن تفاعل جماهير الشعب العربي مع الحدث حين تحققه، أو بعد انفراط عقده، كان دليلا آخر على حقيقة وجود الأمة العربية الواحدة، التي تحتاج فقط إلى حركة عربية واحدة، كان القائد المعلم قد أدرك ضرورة بنائها من أجل تحقيق أهداف النضال العربي وحمايتها.

واليوم إذ تخرج الجماهير العربية في عديد أقاليم عربية، إلى الشارع، معبرة عن رفضها للنظام الرسمي العربي، ومعلنة استعدادها وقدرتها على الإطاحة بهذا النظام العميل، إنما تقدم دليلا قاطعا على أن الأمة العربية حقيقة قائمة مهما حاول أركان النظام العربي المهترئ أن يكابر ويغالط نفسه، وهو يعلن – كاذبا- عن أن الصوت الجماهيري الرافض لفساده وخياناته، إنما هو من قبيل التقليد الأعمى. قال ذلك المخلوع حسني مبارك وهو يلفظ أنفاس نظامه الأخيرة ، فجاء هدير ذلك الصوت الجماهيري أعلى مما كان المكابرون يتوقعون، فتفجر جسد النظام المباركي، فيما كان رأسه المخلوع يهذي بالقول: إن مصر ليست تونس، وإن حسني مبارك ليس زين العابدين بن علي. 

ولقد أثبت الشعب في تونس والشعب في مصر أنهما شعب واحد، وأن مبارك، هو بن علي،ولم يقف الأمر عند هذين الإقليمين، فالجماهير العربية تخرج منذ الحادي عشر من فبراير الجاري زرافات إلى الشارع، في صنعاء، والمنامة، والجزائر، وبنغازي، وعمَّان، وغيرها من العواصم والمدن العربية، صارخة بصوت واحد، ولغة واحدة : " الشعب يريد تغيير النظام" وهذا ليس تقليدا أعمى - كما يدعي الحكام الفاسدون، الذين لم يستوعبوا الدروس التي تلقنهم إياها الجماهير- وإنما هو دليل قاطع على وحدة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، وحدة اللغة، وحدة الفكر، وحدة المصير،وحدة التاريخ، وحدة الألم،وحدة الأمل، ووحدة الأهداف.

بل إن اللغة المشتركة التي يتشدق بها الحكام العرب، والممارسات الوحشية التي تديرها الأذرع الأمنية الإرهابية ضد الجماهير العربية الثائرة، تزيد من تأكيد حقيقة وجود الأمة. فمصطلح الأجندة الخارجية، سمعناه قبلا من المخلوعين حسني وزين العبدين، ومازلنا نسمعه اليوم من أشداق تيوس العابثين في العواصم العربية الثائرة، مع أن هذه الأنظمة هي التي تنفذ منذ تربعت على كراس الحكم الأجندات الخارجية، فهي التي حولت المنطقة العربية إلى ساحة تعربد فيها القوات الاستعمارية كيفما تشاء؛ تنتهك طائراتها الحربية حرمة الوطن، وتعتدي على الأبرياء بحجة مكافحة الإرهاب الذي صنعته الدوائر الاستخباراتية في يوم ما ، وتقتصر مهمة الأنظمة العميلة التغطية على تلك الاعتداءات، ومغالطة الجماهير. وهذه الأنظمة هي التي قبلت لمفرداتها وأسرها بالفتات من ثروات الأمة، وجيرت الجزء الأكبر من هذه الثروات للدول الاستعمارية التي تمثلها الشركات العابرة للقارات. حتى ذلك الفتات، فإنه يأخذ طريقه إلى المصارف الأوروبية والأمريكية، لدعم اقتصادات تلك الدول، بينما يعاني المجتمع العربي من كل الأمراض الاقتصادية والاجتماعية التي تحولت إلى عاهات مزمنة غير قابلة للعلاج.

كثيرة هي الادعاءات والممارسات الوحشية المشتركة بين الحكام العرب ضد الشعب العربي، مثل الاستهانة بالثائرين في الشوارع، ووصفهم بـ (شوية عيال). وأن المعارضة طامعة بالسلطة، وأن صندوق الاقتراع هو الحكم، مع أن التجارب أكدت أن هذا الصندوق في ظل هذه الأنظمة الفاسدة إنما هو مجرد صندوق للتزوير، وليس للاقتراع الحر. ومنها أيضا الفهم المتأخر لمطالب الشعب، والاستعداد الكاذب لتلبية هذه المطالب، مع أنها على مدى عقود من الحكم لم تعمل شيئا من أجل الشعب، وإنما تكرس نشاطها كعصابات مافيا لنهب المال العام والخاص.والأدهى والأمر أن رؤوس الأنظمة ملت وسئمت السلطة، مع أن الواقع العملي يؤكد أنها تعض على السلطة بالنواجذ، وأنها مستعدة أن تسحل ثلاثة أرباع شعوبها، مقابل بقائها وبقاء واستمرار مصالح أسرها ومطامع عصاباتها، وجميع هذه الأنظمة يتعلل إصراره على البقاء في السلطة، بأنه من أجل حماية الوطن من الدمار، في الوقت الذي تحرق فيه الأخضر واليابس من أجل السلطة وليس من أجل الوطن، وتواجه المتظاهرين سلميا بالعنف الوحشي، وتستخدم البلطجية سواء الأمنية أو القبلية، لانتهاك كرامة المواطنين المتطلعين لغد أفضل يعيشون فيه أحرارا، ويقيمون دولتهم المؤسسة على النظام والقانون واحترام الحقوق السياسية والاقتصادية.

ومن السلوكيات التي تمارسها العصابات الحاكمة في الوطن العربي؛ الاستيلاء على أراضي الدولة، ونهب أرضي المواطنين بالقوة إما بدون ثمن أو بأثمان بخسة، ثم المتاجرة بها بأسعار خيالية، وكأن ما ينهبونه من مليارات، سواء من خزائن الدولة مباشرة، أو من ثروات الأجيال القادمة، لا يخمد جشع ونهم هؤلاء الفاسدين. حتى أن هذه العصابات امتدت أيديها إلى منافسة الرأسمالية الوطنية، فاستولت على النصيب الأكبر من التجارة والصناعة، واستحوذت على الائتمان المصرفي بدون ضمانات مادية، فجعلت القطاع المصرفي على شفى هاوية الانهيار.

وعند ما يرفع الشعب العربي صوته الرافض لتلك الممارسات، لا يواجهونه بالتخوين عبر وسائل الإعلام الرسمية المنهوبة، والأهلية المأجورة فقط، وإنما يستخدمون كل وسائل القمع والقتل، حتى أن أركان النظام العربي لا تتوانى عن استخدام السيارات العسكرية أو الدبلوماسية، أو التي تحمل أرقام دول الجوار في دهس المتظاهرين.

نكتفي بإبراز موقفنا هذا الأسبوع بتشخيص الحالة عموما ، لنواصل في موقفنا القادم لإبراز ماذا نريد، مؤكدين أن ما نريد لن يكون متناقضا مع ما يرده شعبنا، ولكن بلغة سياسية أوضح، لعل المكابرين يراجعون حساباتهم، ويعودون إلى جادة الصواب. 

 

إقراء أيضا