مقام اليمن
يوسف أبو لوز
يوسف أبو لوز
تذكر اليمن، فتتذكر الحكمة والفصاحة والجرأة .
واليمني بطبعه متسامح وطيب القلب، إذا صادقته فهو مستعد للتضحية من أجلك، يحب الحياة حتى لو كانت صعبة عليه وضيقة، ودود وشجاع، وربما استمد صفة الشجاعة من طبيعة بلاده الجبلية، هذه الطبيعة التي حوّلها اليمني بالصبر والثبات إلى غناء وقصائد .
اليمني يحب الشعر ويقوله بالفطرة، وهي أيضاً فطرة مستمدة من الطبيعة اليمنية ومن تشكيلات الجغرافيا الصاعدة إلى وجه السماء، والقريبة من البحر، وكأن اليمني فيه صلابة الجبل وانسياب الماء، أو فيه سرّ البحر وسرّ البر .
يغني اليمني . . لا بد من صنعا ولو طال السفر، واليمني أيضاً يتبع كوكب إرادته وحريته “ولو طال السفر” بهذا التكوين الثقافي الذي يتكئ إلى تكوين تاريخي عريق يرفض أن تمس روحه وكرامته بأي خدش أو استلاب أو مصادرة .
عرفنا اليمن وتشبّعنا بمفرداتها الثقافية والجمالية والإنسانية عن طريق شعرائها ومبدعيها وفنّانيها أكثر مما عرفناها عن طريق رجال السياسة أو رجال سلطة السياسة، ففي كل زمان ومكان تزول دائماً سلطة القوة، وتبقى إلى الأبد سلطة الثقافة والجمال .
عرفنا اليمن في الأناشيد المدرسية الوطنية، وعرفنا اليمن على خريطة الوطن العربي، وفي درس التاريخ العربي، وفي درس الثقافة العربية والروح العربية، أكثر مما عرفنا هذا البلد الحميم في دروس الأحزاب والأيديولوجيات والخطاب السياسي واللغة السياسية .
عرفنا اليمن وحملناها في القلب من خلال وجوه ناسها البسطاء والفقراء، لكن المسلحين بالكرامة والقناعة وحب الحياة .
كانت لغة الشاعر الراحل عبدالله البردوني الضرير والبسيط، لكن الرائي الكبير والفيلسوف الكبير . . هي “اللغة البوصلة” إلى اليمن وهي الدليل إلى اليمن وهي صوت اليمن .
وكانت لغة المحضار وهو يحوّل التراب إلى شعر وغناء، هي الدرب التي أخذتنا إلى جنة عدن وشمس صنعاء وجبال الأسطورة .

الحكمة يمانية والشعر يماني، وهذا يكفي لأن يبتسم الإنسان العربي من قلبه ومن روحه وهو يرى الشمس أجمل فوق صنعاء .
نحب اليمن، قلوبنا عليه، وعيوننا إليه في مقام كهذا المقام.
عن الخليج

إقراء أيضا