الرئيسية المقالات مدارات الدكتاتور صالح والرقص على رؤوس الثعابين الثائره
الدكتاتور صالح والرقص على رؤوس الثعابين الثائره
عبدالكريم عاصم
عبدالكريم عاصم

في الكثير من خطابات الدكتاتور اليمني ومقابلاته أو عند سؤاله عن الحكم في اليمن كانت الاجابه الأولى الموجزة والمختصرة له هي أن من يحكم اليمن كمن يرقص على رؤوس الثعابين .. بوصف الدكتاتور علي صالح للشعب اليمني بالثعابين  يتراقص على رؤوسها فان ذلك لا يخلو من إهانة كبيره للشعب جراء ذلك الوصف وهو انه كان يقصد من خلال الكلام بان الشعب اليمني شعب ماكر شعب مخادع شعب متآمر، شعب لا يمتلك ولاء ،ولا حسن نية شعب يعظ من أحسن إليه.

 هذه الأوصاف جميعها هي التي اختزلها الرقاص صالح في وصفه لأبناء اليمن وحكمهم بأنه كالرقص على رؤوس الثعابين ...

هل فعلا نحن ثعابين؟ وهل الثعابين جبانة؟ حتى تقبل بإنسان يحمل من الجهل والتخلف الكثير لكي يتراقص على رؤوسها دونما لدغه أو في اضعف الإيمان فتح فمها رافعه لرأسها مكشرة بأنيابها لكي تثير الرعب في ذلك الراقص المتخلف الذي أتعبها وأثقل كاهلها برقصه المتواصل منذ مده على رؤوسها الم يكن هناك ثعبان حر يتولى مهمة القضاء على هذا الراقص الذي بلغ من العمر اجله حتى أن حركة نقل أقدامه أثناء الرقص أصبحت بطيئة جدا وأكثر ألما ....

العجيب والغريب أيضا هو أن الكثير من أبناء الشعب كانوا يتقبلون ذلك الوصف بكل سعة صدر وبكل ترحيب وابتسامه عريضة لا اعرف ما هو سببها أو مسببها هل هو الوصف بالثعابين أم أسلوب استخدام الدكتاتور للعبارة ومراوغته في إخفاء القصد من وراء ذلك النعت غير اللائق بحق أبناء الشعب أم انه جهل بما كان يرمي إليه الدكتاتوري الذي يبرر فترة حمكه وظلمه وسياسات قتلة وتنكيله بحق الشعب على أنها كمن يرقص على رؤوس الثعابين ..

كشعور شخصي كنت أتعجب وفي نفس الوقت اطرح الكثير من التساؤلات ما هي دوافع الدكتاتور اليمني التي جعلته يستخدم تلك العبارات ، وماهو المغزى من ورائها فكانت الإجابات كثير ومتعددة ولكن كانت جميعها تؤكد على أن ذلك الوصف كان يقصد به الإهانة للشعب والتقليل من شرفه ووفائه ووطنية أبنائه وأيضا هي في نفس الوقت تهم تدل على أن أبناء الشعب هم عبارة عن عصابات انقلابيه أو مافيا مسلحه أو مجموعات تشتهي السلطة فتسول لها نفسها التطاول أو تهديد عرش الرقاص صالح .

كل تلك التهم والمخاوف هي التي كان يعنيها الدكتاتور بعبارة الرقص على رؤوس الثعابين . ألا يعلم هذا الرجل بان الشعب اليمن ليس طامعا في السلطة و ولا يخلق صراعات من اجل الوصول إليها بل أن من يقوم بذلك وقام به في الماضي هو هذا الدكتاتور وأركان نظامه وحاشيته ...

من بعد انطلاق الثورة الشعبية العارمة وبطابعها السلمي الراقي في جميع مناطق اليمن التي أعادت لليمن ولشعبها الكثير من بريقهما اللذين فرط فيهما النظام وعمل على انتهاج سياسة مدروسة تهدف إلى تخلي الإنسان اليمني عن أخلاقه وآدابه وعاداته الجميلة والاصيله, كما أن الثورة أظهرت الصورة الحقيقيه لليمن بعد أن كان يصنف ويوصف على انه من البلدان الأكثر تخلف وجهل وعدم وعي واقل الشعوب مواكبة للتطور العلمي والتكنولوجي المتسارع فأصبح اليمن نموذجا فريدا يجب على كل الشعوب المستضعفة والمظلومة في هذا العالم أن تستفيد من التجربة اليمنية في كيفية النضال السلمي الذي يتم من خلاله تحقيق جميع الأهداف، والمطالب وإزالة الانظمه الاجراميه والدكتاتورية التي أدمنت على سفك دماء أبناء شعوبها ..

نعود مره أخرى إلى الرقص على رؤوس الثعابين .. كان هذا الوصف سيكون فيه شيء من الواقعية لو استخدمه الدكتاتوري اليمني لتوصيف الاوضاع منذ ما بعد انطلاقة الثورة.

 لان الرئيس المخلوع كان قبل ذلك يحكم اليمن ويتلاعب به وبشرائحه وأطيافه ونشر سياسة الاقتتال والتناحر فيما بين الآخرين حتى تلتهي جميع الأطراف في تصفية الحسابات الداخلية والشخصية، والابتعاد عن التوجه نحو النظام وسياساته والوقوف أمامها .. فعلا هذه السياسة كان لها دور بالغ في إطالة مدة حكم الدكتاتور اليمني المخلوع علي صالح وكان لها أيضا دور هام في إبعاد الشعب وشرائحه عن تدارس القضايا الوطنية الهامة والمشاكل والأزمات التي تواجه اليمن وتهدد أمنه واستقراره جراء السياسات الفاشلة للحزب الحاكم وحكوماته الفاسدة ومن المؤكد أن الدكتاتور كان يعيش في أفضل لحظاته ، وأجمل أيام حكمه هي عندما يصله خبر اقتتال قبلي أو تناحر طائفي أو تصادم مذهبي مقيت أو تشنج سياسي بين بعض الأحزاب، لان كل ذلك يؤدي إلى ضعف قدرة القوى الأخرى التي قد تحاول الوقوف أمامه وأمام سياساته العبثية ...

أما وقد أطلق شباب اليمن شرارة ثورتهم السلمية التي أول أهدافها إسقاط النظام الرجعي والمتخلف ومحاكمه جميع أركانه الاجراميه التي تورطت في قتل أبناء الشعب السلميين ومارست كل أنواع التحريض والتعبئة ضدهم في مختلف وسائل الإعلام الحكومية والرسمية والحزبية ووصفهم بأبشع وأقبح النعوت كالخونة والمأجورين وتجار المخدرات وغيرها من تلك الأوصاف التي يستخدمها أبواق النظام وأركانه التي إن كان هناك فعلا من يستحق تلك الأوصاف فلايوجد غيرهم(النظام وأركانه ) لأنهم قتله ومأجورين وخونه للوطن .. فرطوا بالسيادة اليمنية أرضا وإنسانا ..

الحقيقة أن بعد هذه الثورة المباركة عادت بي الذاكرة حتى استحضرت عبارة الرقص على رؤوس الثعابين فوجدتها أكثر الأوصاف إنصاف في وصف أو تشبيه الحالة التي يعيشها الدكتاتور هذه الأيام، ولكن الغريب أن هذه الثعابين ليست ماكرة أو جبانة كتلك التي كان يقصدها الدكتاتور في مقابلاته وخطاباته بل أنها ثعابين ثائرة و حرة تركت سمومها وسلاحها وانتهجت السلم والكفاح بصدور عارية في سبيل إسقاط النظام وتحقيق أهداف الثورة المتمثلة في وطن حر يسوده الأمن والأمان وتعمه المحبة والتسامح والإخاء وطن لا يأكل الكبير فيه الصغير ، ولا يظلمه ولا يسلب حقوقه وينهب ممتلكاته .. وطن تسير أموره وقضاياه بناء على الدساتير والقوانين لا على المحسوبية والوجاهة.. وطن واحد يشعر جميع أبنائه بالانتماء إليه راغبين لا مكرهين ومجبرين .

وطن خالي من كل فاسد وحاسد وانفصالي وحاقد ،وطن نموت من اجله ومن اجل الدفاع عن كرامته وسيادته .لا وطن نموت على يده وأيدي سفاحوه ومجرموه .. وطن لا تصنع فيه القاعدة في القصور ودور الرئاسة وطن لا تنتهج فيه لغة الإقصاء والتجهيل ، وطن يبني دوله مدنيه نعيش ونتعايش فيها ونعمل من اجل مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة من أبناء الوطن الحبيب


إقراء أيضا