الرئيسية المقالات مدارات في وداع الدكتورة رءوفة حسن
في وداع الدكتورة رءوفة حسن
عبدالله أحمد العرشي
عبدالله أحمد العرشي
 

فارسة وثابة دءوبة ترجلت من على صهوة جوادها بعد حياة امتلأت بعطاء ريادي متدفق وكفاح دءوب متواكب وأمل باسم متقد وألام عسيرة لم تنفد.

تلك هي سمات الفقيدة وخصائص شخصيتها التي ارتسمت على فعاليات حياتها منذ بواكير حياتها وحتى نهايتها.

منذ وقت مبكر وتحديدا في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي وفي سبيل العلم والتعلم تمردت فتاة صنعاء (أمة الرءوف حسن الشرقي رحمها الله) على بيئتها الصنعانية وأعرافها المحافظة والتي لا تسمح بالاختلاط بين الجنسين في فصول الدراسة، فكانت حينها واحدة من قلائل الفتيات اللاتي اقتحمنا مدرسة إعدادية للبنين بالعاصمة صنعاء لمواصلة تعليمهن بها في مرحلة ما بعد المرحلة الابتدائية وهي المرحلة الإعدادية وكان عددهن حينذاك لا يتجاوز أصابع اليد، كونه لم يكن حينها بصنعاء للبنات من مدارس سوى مدرسة بلقيس التي كانت مخصصة للمرحلة الابتدائية، وكذا مدرسة سالم الصباح التي كانت معهدا لتأهيل المعلمات، ولكوني حينذاك كنت من طلاب هذه المدرسة فقد كان ذلك سببا لمعرفتي بها، وبالطبع فقد كان ذلك المشهد بالنسبة لي ولغيري من طلاب هذه المدرسة حينذاك ملفتا للغاية ومثيرا للترقب في أن واحد، ومدعاة للتركيز على مسار هذه الشخصية من بين عشرات الآلاف من فتيات صنعاء.

وبالطبع فإن دلالات ذلك المشهد لم تعدو عن ملمح أولي للتعبير عن شخصية فريدة ذو عزم قوي وتطلع متواكب نابع عن إصرار وشجاعة واعتزاز بالذات منبثق عن نفس سوية مرتكزة على مكارم وقيم أخلاقية متأصلة.

ومن منطلقها أي تلك السمات والخصائص مضت الدكتورة رءوفة لخوض فعاليات الحياة بكفاءة واقتدار لتثمر عطاء متميزا هنا وهناك لا يخلو من إثارة أو لفت للانتباه من وقت لآخر.

ففي وقت مبكر من عمرها وتحديدا خلال مواصلة تعليمها في المرحلة الإعدادية كانت قد التحقت بإذاعة صنعاء ومن خلال هذا المنبر أسهمت إسهاما فاعلا في توعية المرأة اليمنية عبر البرامج التي كانت تقدمها وتعدها أو تشارك في إعدادها وتقديمها مثل برامج الأسرة والتمثيليات وأغاني الأطفال وغيرها، وبالطبع فإن ندرة تواجد العنصر النسائي في مثل هذه المرافق حينذاك قد أضفي على مشاركتها ومثيلاتها سمة التميز والتأثير خصوصا في الوسط النسائي.

هذا المجال التوعوي المهتم بالمرأة المستهدف الرفع من مستوى المرأة اليمنية فكرا وتفكيرا وتعظيم دورها في المجتمع اليمني والرفع من مكانتها في أوساطه لا شك أنه قد خيم على ذهنها منذ ذلك الوقت المبكر فاحتلت تطلعات تحقيقه حيزا كبيرا من اهتماماتها وتجندت له قدر كبير من هممها وهمتها في الفترات اللاحقة.

لكنها حينها كانت تدرك بأن تحقيق تلك التطلعات للنهوض بالمرأة اليمنية يتطلب منها اقتحام الأفاق لمعرفة سبله والإلمام بطرقه وغير ذلك من أسباب الحجة وركائز المعرفة، فمضت نحو مواصلة مشوارها التعليمي لما بعد المرحلة الثانوية، ولكون مجالات التعليم الجامعي كانت قاصرة ومحدودة في اليمن حينذاك، اضطرت مرة أخرى وفي سبيل التعلم والعلم أن تواجه وبكل شجاعة جميع حواجز الإعاقة التي كانت تفرضها أعراف المجتمع حتى التحقت بكلية الإعلام بجامعة القاهرة فواصلت تعليمها بها على مدى أربع سنوات لتعود بعدها لتواصل دورها التوعوي، ولكن دون أن تتخلى عن تطلعاتها نحو المزيد من العلم والمعرفة، ومن ثم فعندما لاحت لها في الأفق فرصة لتحقيق انطلاقة جديدة مضت وبكل شجاعة واقتدار نحو ارتياد أفاقها، فانطلقت إلى أمريكا لتحصد منها تأهيلا علميا أخر وهي شهادة الماجيستير والتي نالتها عن رسالة أعدتها باللغة الانجليزية عن الإعلام التنموي، وما أن عادت البلاد حتى مضت مجددا في رحلة علمية جديدة كانت إلى فرنسا والتي فيها ومنها أكملت رحلتها التعليمية بحصولها على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة باريس عام 1991م .

بذلك أنهت الدكتورة رؤوفة رحلتها التعليمية لكن رحلتها العلمية ظلت متواصلة وعامرة بالعديد من الدراسات والأبحاث العلمية المتعددة وأوراق العمل المختلفة وبكم هائل من المشاركات في العديد من الندوات والمؤتمرات واللقاءات والمهرجانات المحلية والعربية والدولية وفي العديد من المجالات، جلها كان متعلقا بشأن المرأة وهمومها، ناهيكم عن كونها بعد ذلك أضحت أستاذة جامعية محاضرة بجامعة صنعاء استضاءت بوهج علومها أفواج متعاقبة من الأجيال المتعلمة على مدى عقدين من الزمن، كما كانت إعلامية حاضرة بقلم رشيق على صفحات العديد من الصحف المحلية والعربية أبرزها كان اسبوعيتها على يوميات صحيفة الثورة حتى وفاها الأجل، وقد كان من سمات تميز هذا الحضور أن قلمها لم يجافي الحقيقة ولم يجنح نحو التزلف والتملق والزيف في أي وقت مهما كانت الظروف والمبررات ..

كما أن ذلك المستوى من التأهيل العلمي والمكانة الاجتماعية التي بلغتها لم تعلق بها شوائب التعالي والغرور والتي عادة ما تتمكن بل وتأسر البعض من أمثالها سواء كانوا نساء أو رجالا، فقد ظلت الدكتورة رءوفة حسن قريبة من وسطها النسائي بمختلف فئاته... وفية لتطلعات شرائحه وغايات أفراده في تحقيق الذات والإسهام في الحياة العامة، وفي سبيل ذلك خاضت معارك عنيفة وصراعات صاخبة غير مسبوقة...كلفها الكثير والكثير... ومع شراسته إلا أنه لم يتمكن من إحباط إسهاماتها في الرفع من مكانة وشأن المرأة اليمنية في المجتمع، فقد ظلت شموعها التوعوية مشتعلة في الأوساط النسائية اليمنية حتى وافاها الأجل، وهو ما أثمر بروزا وحضورا متناميا ملموسا لأفواج نسائية متعددة ومتواكبة في الحياة العامة اليمنية. 

وفي هذا السياق فإن ما هو مثير للإعجاب في شخصية هذه الفقيدة وجدير باحترامها... أن تأهيلها العلمي وقوة حضور شخصيتها في الوسط اليمني ومنذ وقت مبكر وحتى اليوم كان مدعاة لحملها إلى مناصب عليا في الدولة كوزيرة وما في مستواه مثلا وذلك فيما لو أنها قبلت التسييس بالطريقة اليمنية وأضفت على خصائص شخصيتها قدر من المرونة (الطاعة العمياء) وشيء من المجاملة (النفاق)، لكنها ومع إدراكها الكامل بذلك آثرت التزام شرفات الوضوح والنقاء بمخاطرها وما ترتب عليها من منكدات ومنغصات على غياهب وشبهات السياسة ومستنقعات النفاق والتضليل على الرغم من مغرياتها.

هكذا هي الدكتورة رءوفة حسن رحمها الله...

امرأة قلت مثيلاتها...

جديرة بوسام الريادة في عصرها...

باعثة على الفخر والاعتزاز بها وبمثيلاتها...

فرحمها الله رحمة الأبرار...وأسكنها فسيح جناته... وألهمنا جميعا وأهلها الصبر والسلوان... وإنا لله وإنا إليه راجعون...

 

(انتهى المقال)

 

 

ملاحظة:

ترون أدنى هذا السيرة الذاتية للدكتورة رءوفة حسن ، وذلك إن رأيتم نشرها ... كما ترون مرفق أخر وهو عبارة عن صورة للفقيدة.

 تحياتي

 


الاسم: د/ امة الرءوف حسن الشرقي
تاريخ الميلاد: 1958م
جهة العمل: جامعة صنعاء
نوع العمل: أستاذة اجتماع
المؤهلات العلمية: دكتوراه علم اجتماع ريفي إعلامي- جامعة باريس السابقة فرنسا 1991م

الخبرة السابقة على العمل الحالي :
- نائب رئيس المكتب الفني بوزارة الإعلام 84-86م
-
رئيس قسم التحقيقات صحيفة الثورة 80-84م
-
معدة ومقدمة برامج المرأة- تلفزيون صنعاء 75-80م
-
معدة ومقدمة برامج المرأة إذاعة صنعاء- 70-75م
-
مؤسسة إدارة المرأة بوزارة الشؤون الاجتماعية عام 76م


الإنتاج والنشاط العلمي والبحثي :
- رسالة ماجستير إعلام تنموي باللغة الانجليزية
-
رسالة دكتوراه حول التغير الاجتماعي باللغة الفرنسية
-
ورقة عمل عن أوضاع المرأة اليمنية مقدمة إلى مؤتمر المرأة العربية القاهرة
-
عدد من المقالات الصحفية في جريدة الثورة وحلقات إذاعية وتلفزيونية.


المشاركات في المؤتمرات والندوات الداخلية والخارجية :
- حضور مؤتمر المرأة العاملة- جامعة الدول العربية- ليبيا 75م
-
حضور مؤتمر المرأة العاملة- جامعة الدول العربية- القاهرة 76م
-
المؤتمر العالمي للفتيات موسكو 75م
-
المؤتمر العالمي للمرأة برلين
-
مؤتمر المرأة العربية- اتحاد المرأة العربية- دمشق 76م
-
مؤتمر العمل العربي- المغرب 80م
-
مهرجان الشباب العربي الأول الجزائر 72م
-
مؤتمر الصحفيين العالمي- صوفيا 86م
-
مهرجان ملتقى الشباب في الصين
-
المشاركة في الندوة الوطنية للأسرة والسكان في عدن من 15-18 سبتمبر 1991م (معدة ورقة (
-
المشاركة في المؤتمر الأول للسياسات السكانية المنعقد في صنعاء للفترة من 26-29 أكتوبر 1991م.


العضوية في المنظمات والاتحادات الاجتماعية والنسائية :
- عضو جمعية المرأة اليمنية ورئيسة للجمعية سابقاً
-
عضو الاتحاد الدولي للنساء برلين 19-1991م
-
عضو المجلس الدولي للمرأة- لندن 77-91م
-
عضو جمعية التضامن مع المرأة العربي القاهرة 87-91م
-
عضو اللجنة الوطنية للشباب- صنعاء 85-86م
-
عضو نقابة الصحفيين اليمنيين 75-86م ومسئولة اللجنة الاجتماعية للنقابة 84- 86م
-
عضو المجلس الإقليمي لرعاية الأمومة والطفولة صنعاء سابقاً
-
عضو مؤسس لجمعية المعوقين- صنعاء سابقاً .

إقراء أيضا