الرئيسية المقالات مدارات لماذا نرفض المبادرة؟
لماذا نرفض المبادرة؟
أحمد عبده سيف
أحمد عبده سيف

اعتمد ثوارنا في مختلف ساحات الحرية السلمية نهجاً حتى أنهم أقنعوا كل من لحق بهم بان ترك السلاح في المنزل شرط أساسي لقبول مشاركته لهم، بالرغم من إدراكهم بأنهم يثورون على عصابات قطاع طرق تتمنطق بكل أنواع الأسلحة وبثقيلها قبل الخفيف، وبأن هذه السلطة تجيد الكيد، ولا تأبه لقيم، وتستمرىْ القتل وتبتذل خلق دوافع اللجؤ إليه.. ومع ذلك وغيره فلا يزال ثوارنا مصممون على المواجهة والإنتصار بنهجهم السلمي (( مهما غلت التضحيات)).. وهذا الإصرار فرض ويفرض عليهم مواجهة قبح أساليب السلطة بالصدور العارية والورود.. وهو خيار راقي يعبر عن حالة ثقافية خاصة، لا تتساكن مع الموروث الثقافي للمجتمع.. لكنها في ذات الوقت تعبر عن رغبة جامحة بإعادة تشكيله.. مع إنها من ناحية أخرى كانت كواسطة تعريف بهذه الثورة لدى الغير وفي المقدمة منهم شعوب دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من دول الجوار.. وقد أستهدف الثوار تصدير أنفسهم كذلك ليقنعوا الجوار بخطاء ما إعتمدته السلطة الفاسدة.. كما أرادو توجيه العديد من الرسائل لعل أهمها وأقواها بأننا في اليمن لا نراهن كثيراً على وقفه حقيقية منحازة لمصلحة الثورة والمجتمع لأننا نعلم خفايا الدور الصهيو أمريكي المتقاطع مع مصالح بعض أنظمة دول الجوار.. والذي حرص كما تبدى أخيراً بابعاد الأنف الأمريكية المثخنة لتحل مكانها قدم سعودية غليظة لم تعد تسمح بالمزيد من التداعيات الثورية في المنطقة وخاصة على أطراف حدودها.. وقد رأينا فاحشتها الخشنة في البحرين وشممنا رائحتها القذرةبالمساعدة السخية للنظام المتداعي في صنعاء سواء من خلال دعم عسكري مادي عبر موانئ عدن وحرض..الخ. وكذا بالدعم المعنوي مع لوازم أخرى تدفع نمرود اليمن للتمرد ظاهرياً على ضغوط أوربية وأمريكية متوقعه.

ولاننا لسنا في معرض تفنيد النوايا السعودية تجاهنا((وهي نوايا سبق للشقيقة ان عبرت عنها بوضوح)) وخاصة بدورها القذر باغتيال المشروع النهضوي في اليمن في اكتوبر 77م ثم في صيف 94م وحتى حرصها على استمرار دفع مكافاْتها السخية لطابور خامس يتجاوز عدده الاْجمالي ((ثلاثه وثلاثون الف ليس وطني شريف بالتاْكيد حتى وان رئسهم صالح ؟ولاننا لانود حتى الاشارة الى تخفي دور أثم سابق ولاحق تبدت روائحه النتنه بين سطور المبادرة بما فيها الحرص على إبقاء النظام في صنعاء تحت السيطرة، وترميز من يقبل الإستتباع، واحالة رموز النظام المتهالك إلى دكة الإحتياط، وانكار الحق بالحرية والإستقلال.. لأن ما يهمنا هنا هو التركيز على أسباب رفض الشباب للمبادرة ((المؤامرة)) والرد على أسباب عدم تبني المناورة للرحيل والمحاكمة للنظام حيث أن المبادرة بصورتها العامه وبصيغتها الثالثة الصادرة في 19/4/2011م قد تضمنت من المثالب الواضحة ما يصيب المبادرة بخوازيق فاضحة لعل أهمها:-

1- أن صياغتها لا تعترف بثورة سلمية قائمة حيث تعتبرها أزمه سياسيه فقط.

2- تؤكد على تشكيل حكومة وفاق بنسبة 50% لكل طرف برئاسة المعارضة لها ولكن ممن يكون مقبولاً من الجميع بما فيهم الوسطاء.

3- تتقبل بقاء رئيس الجمهورية حيث تكليف التشكيل مناط به. (وبرنامجها سينفذ تحت رعايته خلال الشهر على الأقل.

4- لا تعترف سوى بوجود طرفين للأزمه (( السلطة/معارضة المشترك)) وتتجاهل وجود الشباب كطرف ثالث.

5- المبادرة تلغي إرادة غير المتحزبين من المواطنين المعتصمين كما تلغي إرادة من أنحازو للثورة وتلزم الطرفان بإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً. ولا تبحث في الأسباب وتعالجها.

6- لا تعترف بحق المجتمع في المحاسبة والمحاكمة لمن أسائوا اليه والى ثورته بل وتلغي الحق الخاص بذلك وتستصدر قانون ضمانات وحصانة للرئيس ومن عملوا معه خلال فترة حكمه.(وهي مفتوحه)؟.

7- لا تأبه بعدم دستورية المجلس في وقت تشدد فية على وجوب اتباع إجراءات دستورية وفيها دعوته للإجتماع وتقديم إستقالة الرئيس له، وواجبه في إصدار تشريعات ((لا يملكها))؟.

8- لا تضمن عدم تراجع الرئيس أو حزبه عند التصويت على الإستقالة بحسب النصاب المطلوب لتطيل عمر الأزمه ثلاثة أشهر مثلاً.

9- لا تضمن إستعادة ما نهب من ثروات الشعب.

10- لا تحرم الرئيس ومن عمل معه من ممارسة الحقوق السياسية والمواطنيه بصورة عامه.

11- لا تأبه بتهيئة المجتمع للإنتقال الى حياة ديمقراطية حقيقية من خلال التعديلات القانونية اللازمة أو بإنتاج البدائل المناسبة((قانون إنتخابات/حكم محلي/اللجنه العليا/أخرى))...الخ. حيث تلزم بإنتخاب رئيس جديد في غضون ستين يوماً((بموجب الدستور))؟. وبالطبع يجب أن يكون مرضي عنه.

12- تعتبر الرئيس المنتخب شرعياً ((يشكل لجنة اعداد الدستور، يعرض للإستفتاء، ويرعى وضع التهيئه للإنتخابات ويكلف رئيس الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات لتشكيل الحكومه ((ولا يوضح المقصود بالأصوات هل من أعضاء المجلس أم الناخبين، ولا يهم إن كان الرئيس قد أنتخب وفقاً لدستور بنظام مختلف ((رئاسي/ في حين الجديد برلماني)) ولم يقسم اليمين وفقاً له.

13- لم تبين المبادرة كيف سيفضي الإتفاق الى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره بل إنها بصياغتها الحالية قد تدفع ((الحراك الجنوبي)) الى تبني خيار الإنفصال.

14- لا تضمن هذه المبادرة تلبية طموحات الشعب في التغيير والإصلاح وفقاً لما ورد في البند الثاني من المبادئ الأساسية.

15- تفرض إنتخاب الرئيس خلال ستون يوماً بإستخدام الألية الحالية (سجل ناخبين معاب، وبدائرة واحدة، إشراف غير نزيه، بعدم تجريد حزب الحاكم من أسباب قوته ومنها الجهاز الإداري والمال العام ووسائل الإعلام والدور القذر لللجان الأمنية). وهي بذلك تؤكد إنحيازها لطرف سبب الأزمة حسب توصيفهم وذلك لضمان كسب رئيس مرئوس لا إرادة له.

16- لا تضمن المبادرة عدم إنقلاب الرئيس على نتائج الإتفاق حتى بعد تخليه ((إن تخلى)) وذلك لعدم بيان علاقة مؤسسات الجيش والأمن بالوضع الجديد والحق بإعادة تحديد تبعيتهم وفقاً لعقيدة وطنية جديدة مع إعادة إنتشاره وضمان كف يد وقدرة الرئيس على إعادة التواصل معهم وتنظيمهم لإحداث إنقلاب عسكري لأسباب منها:

أ‌-  نظام جديد غير مطواع له ولمستخدميه..

ب‌-  بمؤامرة صالح عبر توظيف البلاطجة ومن يتم تسليحهم الأن للقيام بأعمال إغتيالات ونهب وفوضى وفتن إنتقاماً بصورة تستدعي تدخلاً سريعاً حتى لا يتردى المجتمع ويغرق في الفتنه بما يؤثر على جهود مكافحة الإرهاب..؟.

17- لم تضمن المبادرة حق المعتصمين في البقاء في الساحات وحقهم في التظاهر..الخ؟. ولم تراعي حقهم في الإسهام بتشكيل النظام السياسي البديل وحقهم في الشراكة في تفعيل الحياة السياسية كونهم جزء من المجتمع السياسي القادم كأحزاب ومنظمات مجتمع مدني بصوره المختلفة.

18- لم تبين مهام الحكومه الإنتقالية حتى لا تكون محل خلاف بعدئذ أو سبباً ثالث للإنقلاب.

19- تضمن المبدء الخامس إلتزام كافة الأطراف بوقف ....الخ وقد فصلت المبادرة حق تحصين الرئيس وفريقة من الملاحقة بقانون يصدر...، ولم تفصل المبادرة كيف وبماذا يحمي الطرف الثاني نفسه وكذا شركاء الثورة.

20- لا ضمانة تلزم الرئيس بعد إقرار قانون الضمانات بتقديم إستقالته سوى إلتزام أدبي بشهادة أصحاب المبادرة..، وإذا كانوا كما نرى لهم موقف سلبي وغير حريص على مصالح المجتمع فما الذي سيضمن للمعارضه وللمجتمع إتمام تنفيذ المبادرة خاصه إذا رفع المعتصمون إعتصاماتهم من الساحات بضغط من طرفي الأزمة؟.

21- لا ضمانة تمنع الرئيس من الإنقلاب على المبادرة فبل إنتهاء فترة الشهر خاصة وأن كل أسباب الحسم ستبقى في يده ((جيش، أمن، أجهزة، مال، نفوذ)) وخاصة إذا أخليت الساحات.

وبعد.. ستبقى هناك بعض أسئلة وعلامات إستفهام لعل أهمها:-

هل لأنظمة دول المجلس علاقة بمصالح شعوبها؟ وهل هي أنظمة ديمقراطية ومستقلة القرار؟

وهل تخدم مشاريع؟ وما مدى تقاطعها مع مصالح شعوبها ومجتمعنا أيضاً؟

ثم إلى أي مدى أدركت معارضة المشترك كل هذه المثالب؟ ولماذا وافقت على المبادرة؟

وكيف يستطيع الشباب والثوار المحافظة على زخم ثورتهم؟ وكيف يمكنهم إفشال هذه المؤامرة؟

وما بدائلهم لحسم الصراع مع السلطة المأزومة؟

 

وبالتالي فإن الثوار في ساحات التغيير إن عبروا عن رفضهم للمبادرة.. فلئنهم حريصون على أن تستدرك شعوب الجوار الدور المطلوب منهم.. لأن من لا يحترم خياراتهم غير جدير بإحترام الثوار لهم.

ثم ان الشعوب قد تتسامح.. لكنها أبداً لا تنسى.

  

 أحمد عبده سيف

 صنعاء 1/5/2011م

إقراء أيضا