الرئيسية المقالات مدارات لماذا علّقت دول الخليج مبادرتها ولم تسحبها رغم استيائها من مراوغات الرئيس اليمني؟
لماذا علّقت دول الخليج مبادرتها ولم تسحبها رغم استيائها من مراوغات الرئيس اليمني؟
سليمان نمر
سليمان نمر
في معرض تبريره لتراجعه عن توقيع اتفاق المبادرة الخليجية للانتقال السلمي للسلطة في اليمن قال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح "لا استطيع تقديم تنازل بالتخلي عن الحكم لان شعبي وانصاري يمنعوني من ذلك حتى لو لجأوا للقوة، والحصار الذي جرى لمبنى سفارة دولة الامارات في صنعاء خلال وجود الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني والوفد المرافق له بها،م ن المتظاهرين والمسلحين المطالبين بعدم التوقيع على الاتفاق هو رسالة لي قبل ان تكون لهم، باننا سنلجأ للقوة لمنع تنازلي عن الحكم".

 

بالطبع، لم تستطع هذه التمثيلية الاخيرة من تمثيليات الرئيس اليمني التي كثرت، ان تمنع الامين العام لمجلس التعاون والوفد المرافق من الشعور بالغضب ازاء "تمثيلية" حصاره والسفير الاميركي داخل سفارة دولة الامارات التي ذهب اليها ليجتمع مع السفير الاميركي في صنعاء انتظارا لمقابلة الرئيس اليمني لأخذ توقيعه على الاتفاق.

فخلال وجودهم بمبنى السفارة قبل ظهر يوم اول امس الاحد فوجئ الوفد الخليجي بمئات اليمنيين من انصار الرئيس يحاصرون المبنى وهم يرددون الهتافات التي تطالب الرئيس بعدم توقيع الاتفاق وعدم التنازل عن السلطة، وبعد عدة ساعات تفرق المتظاهرون ولكن القصر الجمهوري ابلغهم بالبقاء في السفارة لان هناك العشرات من المسلحين لازالوا يحيطون بالسفارة، وارسل الرئيس اليهم طائرتين مروحيتين عسكريتين، الاولى نقلت الامين العام لمجلس التعاون والسفير الاميركي الى القصر الجمهوري للاجتماع بالرئيس، والثانية نقلت الوفد الخليجي المرافق للمطار.

وحاول الامين العام والسفير الاميركي ان يقنعا الرئيس بعدم تفويت الفرصة والتوقيع على الاتفاق الذي وقع عليه قادة وممثلو احزاب المعارضة (اللقاء المشترك) ولكن الرئيس ابدى الكثير من المبررات والاعذار ومنها موضوع حصار السفارة الاماراتية، ليتهرب من التوقيع.

في الوقت نفسه كان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي (عدا وزير خارجية قطر التي انسحبت من الوساطة الخليجية) قد بدأوا اجتماعهم الاستثنائي الرابع بشان اليمن في مطار الرياض، وعندما اطلعهم الامين العام على ما جرى وما يجري، طلبوا منه العودة للرياض،التي وصلها وهو مستاء من ما جرى معه في صنعاء، في الوقت الذي كان فيه الوزراء يعدون بيانهم الصحفي الذي اعلنوا فيه تعليق مبادرتهم.

وسبب استياء الامين العام للمجلس ليس فقط من تمثيلية حصار السفارة من قبل انصار الرئيس ساعة كان متواجدا بها بقدر ما كان بسبب نكوص الرئيس صالح عن توقيع الاتفاق، رغم انه لم يسافر الى صنعاء يوم السبت، الا بعد تأكيدات من المسؤولين اليمنيين بان الرئيس جاهز لتوقيع الاتفاق، بعد ان يوقع عليه ممثلو المعارضة. وقال عضو في الوفد الخليجي "اننا لم نشعر بالخوف اثناء حصارنا في السفارة، رغم ما قيل لنا ان هناك مسلحين ونخشى على حياتكم، وسنرسل لكم مروحيات لتنقلكم من السفارة، ولكن الخوف جاءنا من الطائرة المروحية العسكرية القديمة التي اقلتنا فهي طائرة قديمة من ايام الاتحاد السوفياتي وخزان وقودها بنفس كابينة الركاب وشعرنا انها من الممكن ان تقع في أي لحظة".

ورغم جو الاستياء العام الذي احاط اجتماع وزراء الخارجية الخليجيين من الرئيس "المراوغ"، الا ان الوزراء لم يعكسوا هذا بوضوح وبكلمات شديدة في بيانهم الذي صدر عن الاجتماع.

فالدول الخليجية لم تسحب المبادرة التي طرحتها في الاول من شهر نيسان/ابريل الماضي (بعد ان طلب الرئيس علي عبد الله صالح من الدول الخليجية التوسط للبحث عن حل للازمة في اليمن) وبل علقتها، وجمدت وساطتها الى حين يقتنع الرئيس صالح بالتوقيع عليها وفق ما هو متفق عليه بدون أي تعديلات او مراوغات جديدة.

ورغم ان البيان الخليجي لم يشر صراحة الى ان عدم توقيع الرئيس صالح هو الذي جعل الخليجيين يعلقون مبادرتهم قائلين ان تعليقها جاء بسبب "عدم توافر الظروف الملائمة للموافقة عليها".

ولكن يلاحظ ان البيان شكر الذين وقعوا على الاتفاق من ممثلي حزب المؤتمر الحاكم وحلفائه ،وممثلي قوى احزاب اللقاء المشترك فقط، ولم يشكر البيان الرئيس اليمني، بل دعاه الى التوقيع على الاتفاق قائلا "ويتطلع المجلس الوزاري إلى توقيع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح على الاتفاق في أسرع وقت لضمان تنفيذ الاتفاق، والانتقال السلمي للسلطة، معرباً عن قلقه العميق من تطورات الأحداث داعياً الأشقاء في اليمن إلى التحلي بالصبر والحكمة، وتوفير الظروف الملائمة لتجنيب اليمن الكارثة التي قد تحل به في ظل الاستقطاب الحالي ".

والمقصود هنا انه يجب على الرئيس ان يوقع الاتفاق لتواصل الوساطة الخليجية مساعيها بعد ذلك لتطبيقه، وقال عضو وفد خليجي في الاجتماع لنا "اذا كان توقيع الاتفاق قد اخذ كل هذا الجهد وفشل، فالله يعلم كم من الجهد سيأخذ تطبيقه مع رئيس مراوغ، هذا اذا اقتنع وعاد ووافق على التوقيع".

واعتقد ان تعليق الخليجيين لمبادرتهم وعدم سحبها يأتي لسببين رئيسين هما:

1-ان دول مجلس التعاون لا تريد ان تعلن عن فشل مبادرتها ووقف مساعيها حتى لا ينعكس ذلك سلبا على الاوضاع في اليمن.

2- ان يكون التعليق نوعا من ممارسة الضغوط على الرئيس اليمني مع ابقاء الباب مفتوحا امامه لعله يستمع الى صوت الحكماء من مستشاريه الذين نصحوه بالتازل وتوقيع الاتفاق لانقاذ ما يمكن انقاذه، بدلا من أن تعم الفوضى والاضطرابات المسلحة في البلاد. ومن هؤلاء الذين ينصحونه بذلك نائبه برئاسة الحزب الدكتور عبدالكريم الارياني. وقال لنا احد المقربين من الارياني "ان الدكتور كلما شعر انه اقنع الرئيس بالتنازل وتوقيع الاتفاق يفاجأ بعد ساعات يان الرئيس غير موقفه." ويرى هذا المصدر المقرب -وهو سفير لليمن بدولة اوروبية - ان ابن الرئيس وابناء اشقائه، المتحكمين بالقدرات العسكرية والأمنية للنظام، والذين ينظمون المظاهرات المؤيدة للرئيس، هم الذين يغيرون رأيه ويدفعونه لعدم التنازل بأي شكل من الاشكال.

فما هي الخطوة القادمة في اليمن؟ ل ااحد يعلم. ولكن ظريفا ممن تابعوا المبادرة الخليجية قال ممازحا مسئولا خليجيا "اذا لم تستطيعوا اقناعه بالتوقيع على الاتفاق، لانه حلف يمين بعدم التوقيع؛ اقترحواعليه ان يبصم عليها".

ميدل ايست أونلاين

 

إقراء أيضا