رفض رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي تكليف حيدر العبادي برئاسة الوزراء، معتبرا أنه لا قيمة لهذا التكليف "لما شابه من خروقات كثيرة للدستور"، بينما رحبت الأمم المتحدة ودول غربية بتعيين العبادي، ودعت إلى التحرك صوب تشكيل حكومة جامعة للعراقيين.
وقال المالكي في كلمة مساء الأحد "إن هناك خرقا كبيرا وخطيرا للدستور حصل بتكليف العبادي، ولن يكون لهذا التكليف أي أثر أو قيمة"، مشيرا إلى أنه مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان بموجب القانون والمحكمة الاتحادية العليا، وأن ذلك تم تحديده في الجلسة الأولى للبرلمان.
وأشار المالكي إلى أن اختيار رئيس الوزراء يجب أن يحصل من خلال جلسة عامة للبرلمان، وهو ما لم يحصل في حالة مرشح التحالف.
وأكد المالكي أنه كان على الرئيس العراقي فؤاد معصوم التريث في مسألة اختيار رئيس الوزراء، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وقفت إلى جانب خرق الدستور، وأن هناك تنسيقا محليا ودوليا حصل للالتفاف على حق كتلة دولة القانون في رئاسة الوزراء.
خلاف داخلي
وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد كلف مرشح التحالف الوطني حيدر العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد وقت قصير من تسمية التحالف الوطني له كمرشح لرئاسة الوزراء، وتأكيده إرساله إلى رئيس الجمهورية فؤاد معصوم كتابا بهذا الأمر.
واختار التحالف الوطني -ويضم أحزابا شيعية بينها المجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري- العبادي القيادي الكبير في حزب الدعوة الإسلامية الذي يقوده المالكي مرشحا له لتولي رئاسة الوزراء.
وكان ائتلاف دولة القانون قال -في بيان تلاه خلف عبد الصمد القيادي بحزب الدعوة بشأن رئاسة الحكومة- إن مرشح الائتلاف لرئاسة الحكومة هو رئيسها المنتهية ولايته نوري المالكي، وأن رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لا يمثل إلا نفسه.
من جهته، قال حسين المالكي -صهر رئيس الوزراء السابق وعضو الائتلاف لرويترز- إن ترشيح العبادي غير قانوني وينتهك الدستور. وأضاف أنهم سيلجؤون للمحكمة الاتحادية للاعتراض على الترشيح.
كما أكد عضو الائتلاف عادل المانع للجزيرة -من جهته- أن تكليف العبادي غير دستوري، وأن التحالف ليس له الحق في تكليفه، مشيرا إلى أن الفصل 76 من الدستور ينص على تكليف مرشح الكتلة الأكثر عددا التي تكونت إثر الانتخابات.
وعلى صعيد متصل، نفت المحكمة الاتحادية العليا ما ورد من أخبار بأنها أصدرت قرارا باعتبار ائتلاف دولة القانون الكتلة الكبرى في البرلمان.
وفي المقابل، بارك ائتلاف القوى الوطنية البرلماني برئاسة أسامة النجيفي ترشيح حيدر العبادي لرئاسة الوزراء، ودعاه إلى تغيير ما وصفه بالنهج الخاطئ للحكومة السابقة، وأعلن أنه سيتفاعل إيجابيا من أجل إنجاح جهود الحكومة القادمة من خلال التعاون مع بقية الشركاء السياسيين.
كما وصف زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر تكليف العبادي بتشكيل الحكومة باللبنة الأولى للوصول إلى بر الأمان. وأكد الصدر أن هذا التكليف سيكون مقدمة مهمة وفعالة لإنهاء أغلب الأزمات التي يعاني منها شعب العراق.
وانتشرت عقب خطاب المالكي قوات من الشرطة والجيش حول المنطقة الخضراء وسط بغداد، حيث مقار أهم المؤسسات الحكومية، وفق ما قال مصدر في الشرطة العراقية.
دعم دولي
وفي ردود الفعل الدولية، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقرار الرئيس العراقي فؤاد معصوم بتعيين العبادي رئيسا جديدا للحكومة، ورحب بما وصفه بأنه "تحرك للأمام صوب تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة مقبولة لدى كل مكونات المجتمع العراقي"، حسب بيان تلاه المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريتش للصحفيين.
وكانت الأمم المتحدة دعت في وقت سابق الجيش العراقي إلى البقاء بعيدا عن عملية الانتقال السياسي التي تجري حاليا في العراق بعد الانتشار الأمني الواسع الذي شهدته العاصمة بغداد.
ووصف نائب الرئيس الأميركي جو بايدن -في مكالمة هاتفية مع الرئيس العراقي فؤاد معصوم- تسمية رئيس حكومة جديد للبلاد بأنه "الخطوة الحاسمة" بعد أشهر من الجمود السياسي في بغداد، داعيا إلى تشكيل حكومة أكثر انفتاحا بشكل سريع تكون قادرة على الاستجابة للهموم الشرعية لكافة العراقيين.
وأوضح البيت الأبيض أن بايدن أجرى اتصالا بالعبادي، مؤكدا أنه وعد بالتحرك سريعا لتشكيل حكومة جامعة قوية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.
وكان زير الخارجية الأميركي جون كيري دعا المالكي إلى عدم تأجيج التوتر السياسي بعد معارضته ترشيح عبادي.
كما دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الاثنين -في بيان لمكتبه- رئيس الحكومة العراقي المكلف حيدر العبادي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بشكل سريع لمواجهة ما سماه "تهديد الإسلاميين المتطرفين في العراق".
من جانبها، دعت وزارة الخارجية التركية جميع الزعماء العراقيين إلى دعم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم "الذي يمثل وحدة العراق كدولة من الناحية الدستورية، وخاصة في هذه الفترة الحرجة".