Home News Locally

وأبى الرئيس إلا أن يكون مظلة للفاسدين

وأبى الرئيس إلا أن يكون مظلة للفاسدين

لا اعتقد أن هناك من شخص نظام علي عبد الله صالح بشكل دقيق وبإيجاز بليغ كما فعل علي عبد الله صالح نفسه " انه سيارة أجرة 
لناهبي المال العام ومظلة للفاسدين " .
وعلى الرغم من هذا التشخيص الرائع إلا إننا نستغرب قبول الرئيس مجددا  لهذا الدور الذي كنا نحب إلا نراه فيه في نهاية حكمه .
إن ترجع الرئيس صالح عن قراره عدم الترشح كان وما سبقه مسرحية سيئة التكاليف والإخراج لأن نهايتها كانت معروفة مسبقا ومنذ ما  يقارب العام مما يجعلنا نتساءل هل كان من الضروري صرف المليارات بهذا السفه لتقديم تلك المسرحية الهزلية ؟! أما كان الشعب  أحق بهذه المليارات من اؤلئك الفاسدين الذين جعلوا هذه المسرحية بداية موفقة لموسم وفير في نهب المال العام ؟ ! .
أسئلة تحز في نفس كل وطني غيور خصوصا إذا كنا نعلم أن علي عبد الله صالح كان في غنى عن هذا كله فترشحه لا يقف أمامه نص 
دستوري ولا قانوني وهفوة اللسان فبل عام كان يمكن تداركها بسهولة ويسر دون خسارة خزينة الدولة كل هذه المليارات التي لم تستطع  تدارك حرج تلك الهفوة بل على العكس جعلت الرئيس يبدو أكثر حرجا وأكثر عرضة للسخرية ليس من قبل من رددوا مقولة " 
حركات نص كم " في الخارج وبل ومن قبل من في  الداخل أيضا .فهل كنا بحاجة لإثبات مقولات الآخرين بان تعامل الرئيس مع 
الشعب ليست أكثر من حركات نص كم ؟ ! .
لقد اثبت الرئيس بتراجعه عن موقفه انه لا يمتلك قرار نفسه والأمر كله بيد  مافيا الفساد التي استعذبت ركوب سيارة الأجرة واستمرأت  فيء مظلة الفاسدين ليتأكد لنا ما كنا نؤمن به أن الرئيس لا حول له ولا قوة في مواجهة هذه المافيا وانه لا يمثل إلا رئيس صوري لخدمة 
تلك العصابات .
لقد استطاع الرئيس في خطابه في مؤتمر مؤتمره الاستثنائي أن يثير مشاعر الشفقة عليه لدى العجائز وقد رددت أمي عند سماعه قولها  " مسكين والله انه يقطع القلب " لكنه بكل تأكيد لم ولن يستطيع أن يشفي غليل الوطن وغليل تلك العجائز من فاسد واحد ليس بدهسه  بعجلة سيارة الباجرة بل بإنزاله منها ولو من باب تخفيف الحمولة ... ليس بحرقه بنار النظام والقانون وإنما بحرمانه من فيء ظله  ولو من باب أن المظلة لم تعد قادرة على مد ظلها الوارف اكثر من هذا ... لقد خرج الفاسدون بقضهم وقضيضهم يستغيثون – 
والرئيس يعلم ذلك وبإرادته – لأنهم يدركون ان الرئيس لو صدق شعبه في التنحي لما وجدوا سيارة تحملهم ولا ظلا يستريحون إليه 
وفي كل الأحوال فالفاسدون آخر من يمثل الشعب .
لم نكن نتوقع أن الفاسدين لهم هذه القدرة الخارقة لجر الرئيس إلى رغباتهم وحرمانه من فرصة تاريخية ليكون احد عظماء التاريخ ليس  الغربي فقط .. لقد استطاعوا أن يحرموه من أن يكون مانديلا العرب فنلسون مانديلا ليس رئيسا الآن لكن العالم كل يرفع له القبعة 
احتراما وتقديرا ونقده يهز أعظم دول العالم ليس لشيء إلا لأنه سجن في سبيل قضية شعبه – ركزوا سجن ولم يحكم – ثمانية 
وعشرون عاما وخرج من السجن وحكم شعبه خمس سنوات ثم قال بعدها أن بقرات مزرعته بحاجة إلى رعايته وما عليه إلا أن يلبي 
هذه الحاجة !! .
ولأن مانديلا صنع حزبا حقيقيا لا يقوم على الفرد لم يخرج حزبه لمناشدته ولم يسخر المال العام لشراء خروج الناس ولم يستجدي بقاءه 
بل احترم إرادة زعيمه – وأي زعيم – وانتخب البديل لأنه حزب غني البدائل .
وهكذا حلق مانديلا في سماء المجد والعظمة عاليا على أجنحة نسر عظيم لأن نفوس العظماء تهفو إلى النجوم ولا تشدها أو تكبلها تفاهات 
الدنيا بعكس ديدان الأرض التي وان تراءى لها في لحظة غرور مقيت أنها قادرة على التحليق عاليا بأجنحة النسور إلا أن طبيعتها غير  مؤهلة لذلك التحليق العظيم .
لقد كانت هناك فرصة تاريخية بان يكون لليمنيين شيء يفاخرون به العالم كله ( بيننا يعيش رئيس سابق ) ألا إن علي عبد الله صالح 
أبى عليهم ذلك . ليعيش وان فاز في الانتخابات القادمة – ولو أنى اشك في ذلك – فسوف تأتي السبع السنوات القادمة على كل ما 
يظنه اليوم إنجازا فينتهي به المطاف كحاكم عربي لا تلحقه رحمات الشعب بكل تأكيد .
وتبقى عدالة الله تدهش كل ذي لب فلم يكن الله ليرضى بثمانية وعشرين عاما من حكم الرئيس صالح بما حمله من فساد وقهر وتكون 
خاتمته أسطورة في التاريخ . ... بل كانت خاتمته عادلة  كما اختارها الرئيس سيارة أجرة لناهبي المال العام ومظلة للفاسدين .