Home News Arabic and International

الضباط الإسرائيليون من الميدان: ابحثوا عن حل سياسى فورا

اهاآرتس:حزب الله لا يذلنا فقط.. بل ينتصر

اهاآرتس:حزب الله لا يذلنا فقط.. بل ينتصر

السيد موشيه آرنس قلق. ذلك الرجل الذى كان وزير الدفاع لثلاث ولايات، فى الفترة التى سيطر فيها الجيش الاسرائيلى على جنوب لبنان، يعتقد أن العملية العسكرية الحالية فى الشمال تدار بشكل سيئ. اذا لم يطرأ تحول سريع، كما يحذر، فان حزب الله قد يخرج غير مهزوم من هذه المواجهة. وما معنى ذلك؟ سيكون هذا الأمر كارثيا على اسرائيل. سيرى العالم أن نصر الله أطلق آلاف صواريخ الكاتيوشا على بلدات اسرائيلية لاسابيع وخرج ولم يمس بذلك.
فى الحكومة والجيش يرفضون النقد. فهم يزعمون هناك أن الحرب تدار على خير وجه فى المجمل، وسُجلت فيها انجازات وأن اسرائيل يدها العليا. والآن، يبدو أنه لو سُئل أكثر الاسرائيليين فى ظهيرة يوم الاربعاء، 12 يوليو، هل يمكن أن يقصف الشمال لمدة اسبوعين على التوالى ولا ينجح الجيش الاسرائيلى فى وقف اطلاق صواريخ الكاتيوشا أو حتى تقليصه لكانوا ردوا بالنفي. بعد مرور اسبوعين، هاهو عدد من القضايا الرئيسة التى تتعلق بالحرب:
1- الاستخبارات. تلقت التقديرات الاستخبارية والمعلومات الاستخبارية التى امتلكها الجيش الاسرائيلى نقدا لاذعا فى الاسابيع الأخيرة. زعم الجيش الاسرائيلى بعد اختطاف الجنديين، وبحق، أن يديه كانتا مكبلتين بتوجيه المستوى السياسي. عندما حذر قادة المنطقة الشمالية من أن الوضع الأمنى على امتداد الحدود لا يحتمل وتكمن فيه بذور الاختطاف التالي، اختارت الحكومة تجاهل ذلك. إن حقيقة أن حزب الله قد تلقى ردودا ضئيلة فقط من اسرائيل على الهجمات السابقة، جعلته يقدر خطأ أنه لن يحتاج الى دفع ثمن باهظ عن هذا الاختطاف ايضا. أما خط المواقع العسكرية الذى سُمح له بامتلاكه، برغم تحذيرات الجيش الاسرائيلي، على بعد أمتار من الجدار، فقد سهل انجاز الخنطاف نفسه.
لكن الجيش ايضا لم يتحدث بصوت متجانس فى القضية. زعم جزء من المسئولين الكبار، وأفراد العمليات والاستخبارات معا، أن تهديد الصواريخ ليس حقيقيا كانت طريقة علاجها المفضلة فى رأيهم جعلها تصدأ. لقد تنبأ أحد اللواءات، قبل أقل من شهرين من الاختطاف، بأن حزب الله منظمة منضبطة، تهدف الى الاندماج التام فى الحلبة السياسية اللبنانية.
وفى مجال الحقائق، يبرز عدد من الاختلالات الصعبة: عدم العِلم بنقل صاروخ ايرانى الى حزب الله مكّن من اصابة البارجة بالرغم من أنه وجه نقد الى سلاح البحرية لانه لم يستعمل النظام الدفاعى للسفينة على أية حال. أما القوات التى عملت بازاء مواقع حزب الله فقد فوجئت بسعة النظام الدفاعى والهجومى الذى بناه، قريبا من الحدود وفى عمق الميدان. زعموا فى المخابرات الحربية هذا الأسبوع أن الجيش الاسرائيلى امتلك معلومات استخبارية تكتيكية واسعة عن استعدادات حزب الله. اذا كان الزعم دقيقا، فان المعلومات لم تُنقل كاملة الى الميدان. فقد أكد عدد من قادة الوحدات هذا الاسبوع أنهم مذهولون تقريبا من قدرات حزب الله التى اكتشفوها فى مارون الراس وبنت جبيل.
2- أداء القوات الميدانية. الخطاب العام فى إسرائيل مليء فى الاسبوعين الأخيرين بشكاوى من الجيش الاسرائيلى بوصفه الفاشل دائما. سلسلة القصور مقلقة فى الحقيقة: بداية من عملية الاختطاف نفسها، مرورا باصابة البارجة، وتحطم ثلاث مروحيات فى اصطدام جوى وبنار قواتنا، وموت خمسة من مقاتلى اللواء أيجوز الى الاصابة الشديدة التى لحقت بعدد من دبابات المركافا. يبدو أنه قد حدث خطأ فى التقدير، كل الحروب التى خاضها الجيش الإسرائيلى كانت مصحوبة باختلالات وبعشرات القتلى بنار قواتنا. والفرق هو أن كل شيء يجرى هذه المرة تحت متابعة اعلامية فورية، وبث دائم لا ينقطع فى التليفزيونات وبغير القيود التى كانت متبعة فى الماضي.
ولا ينبغى تجاهل سلسلة الاخفاقات، لكن يوجد لها خلفية وسياق: لم تبدأ الحرب كاجراء اسرائيلى مخطط له. لقد اندلعت فى المنطقة التى صرف اليها الجيش الاسرائيلى انتباها ثانويا فقط خلال سنوات القتال الست فى المناطق الفلسطينية. وهناك اختلاف بين مواجهة مطلوبين من فتح وحماس وبين المعركة مع محاربى حزب الله.
المحللون الذين سيخرجون من استديوهات البث الى الشمال، سيكتشفون أن الحديث لا يدور عن مجموعة من الجنرالات الأغبياء، بل عن ضباط يفكرون، ويحاولون أن يصوغوا بسرعة حلولا ناجعة بازاء خصم صعب المراس. ومرة اخري، يجب أن نذكر ما حدث فى المناطق الفلسطينية: كان الجيش فى 2001 جيشا بطيئا، غير مهندم، يتعلم من اخفاقه. بعد ذلك بسنة احتُلت مدن الضفة، وتحسن التنسيق مع الشاباك.
3- صورة المعركة. الاستنتاج السائد من البحث فى الاختلالات هو أن حزب الله لا يذلنا فقط، بل ينتصر. وفى الواقع، عندما يلقى الجيش الاسرائيلى حزب الله وجها لوجه، لا يوجد خلاف البتة من الذى يهزم الآخر. تنسحب العصابات بازاء كتل كبيرة من القوة العسكرية، مع خسائر. السؤال الرئيس مغاير: هل يستعمل الجيش الاسرائيلى ما يكفى من القوة للحصول على امتياز، أو أنه تكفى طريقة سلسلة من التأثيرات أى غزوات محدودة لقرى لابعاد حزب الله عن الجنوب. قيود القوة الجوية واضحة. يتبين أن الطائرات لم تكن كافية للقضاء على تهديد منصات إطلاق الصواريخ. سينقضى وقت بعد الى أن يتضح هل يكون ادماجها بقوة برية ضربة لحزب الله بحيث يزن جدوى الاستمرار فى المعركة.
4- متى نتوقف؟ فى هذه الاثناء، لا يعرف أحد متى نتوقف؟ لقد اعترفوا فى هيئة القيادة العامة، أن نصر الله يريد ويستطيع الاستمرار فى اطلاق الصواريخ اياما كثيرة قادمة. وتحدث جزء من الضباط هذا الاسبوع عن الحاجة الى عملية سياسية سريعة، تتحرك بموازاة العملية البرية وتتمكّن من انهائها فى القريب، قبل أن يكلف دخول قرى أخرى الجيش الاسرائيلى اصابات كثيرة. واقترح فريق خارجى من الخبراء، يشير على جهاز الأمن، فى هذا الاسبوع البدء بتقليص أهداف المعركة المعلنة، استعدادا للتسوية. ولكن لا تزال تواجه اسرائيل مشكلتان رئيستان: احداهما: أنه لم يتم ضرب حقيقى لقدرات حزب الله. والثانية: حتى لو تم تحقيق ذلك، فستكون هناك حاجة إلى تسوية سياسية قوية، لمنع ايران من معاودة تسليح حزب الله فى اللحظة التى تنتهى فيها الحرب، وحثه على البدء بمواجهة جديدة العام القادم.
 
بقلم: عاموس هرئيل - مراسل عسكرى للصحيفة