Home News Locally

خطاب مرشح المؤتمر في مأرب :

رجل يعيد إنتاج ذاته وسلطة تستعين بالتطرف لنفي شرعية التغيير

رجل يعيد إنتاج ذاته وسلطة تستعين بالتطرف لنفي شرعية التغيير

لم يأت مرشح المؤتمر الشعبي العام بجديد لأبناء محافظة مأرب،  وبدا أن الرجل يعيد إنتاج ذات الخطاب المليء بالوعود فضلا عن إشادات يتذكرها أبناء مأرب جيداً طيلة 28 عاماً لم تعد عليهم سوى بإحباط متزايد وأوضاع سيئة يلمسونها مع كل إشراقه نهار .
غير أن الجديد إن كان يعد جديداً أن الحزب الذي يزعم إيمانه بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة جلب إلى مهرجان مرشحه متطرفاً مصرياً ، ألبسه جنبيه وعمامة ليتحدث باسم العلماء مفتياً بعدم جواز منافسة ولي الأمر، وهو ما يؤشر لوسيلة خطيرة لم يتردد مرشح المؤتمر في الاتكاء عليه باستخدام الدين لمنع منافسته في الانتخابات المقبلة، فهذا الدعي الذي جاء متحدثاً باسم العلماء وتأييدهم كما قال لمرشح المؤتمر علي عبد الله صالح ، كان سقط إثر ملاحقته عسكريا  قبل أكثر من عامين في مأرب العشرات من أبناء القوات المسلحة في معركة أعلنت السلطة آنئذ أنها ضد جماعة إرهابية متطرفة.
ومثلما لم تقدم سلطة صالح شرحا للناس الذين سقط فلذات
أكبادهم في الحملة العسكرية آن إذ فإنها لا تفعل ذلك الان مع ظهور غريمهم محمياً بالسلطة نفسها ربما لأنه بات واحداً من أركان حملة الرئيس الانتخابية.

ها هو أبو الحسن المأربي كما هي كنيته وهو متطرف مصري ماثلاً بين يدي مرشح المؤتمر مؤدياً في مأرب دور آخر في إطار استخدام التطرف المناطقية الديمقراطية والتغيير السلمي وقد استل من صومعته التي يتخذ منها مقراً لتفريخ المتطرفين فيما يسمى بدار الحديث فتوى قال إنها "...محمدية وليست ديمقراطية لا شرقية ولا غربية".
ولم يترك الحسن المأربي مساحة لملقٍ حاول مرشح المؤتمر زعمه عن الديمقراطية فأكد ما بات يتردد على الملء عن عقد السلطة اتفاقاً مع الجماعات السلفية المناهضة للديمقراطية والانتخابات باعتبارها أدواتً غير شرعية ليزيل, القناع الذي يحاول حزب السلطة ومرشحه الظهور به عن الديمقراطية ومواقفه المعلنة والالتزامات الدولية للبلاد.
كان حظ مأرب اليوم أنها استمعت مجدداً لرئيس مطلق الصلاحيات لم يفسر كيف ظل صامتاً عن الفساد والمفسدين الذين وعد باستئصالهم, كان حري برئيس توفرت له كل أدوات السلطة وأجهزتها الكشف عن أولئك "الذين قال إنهم "..يسطون على الشركات والمؤسسات ويريدون القضاء على ما تبقى بالإضافة إلى ما نهبوه.." ولعله لا يقصد المؤسسة الاقتصادية اليمنية العسكرية سابقا  أو من على شاكلتها من مؤسسات القطاع العام التي ذابت خلال سنوات في قبضة المجهول.

وقد بات مألوفا في خطاب مرشح المؤتمر سواء الانتخابية الموسمية التي يكثر فيها كيل الوعود أو تلك التي ينثرها على أسماع المواطنين صبح مساء معرضا بالفساد والفاسدين ليلمس المواطنين عقب كل خطاب اشتداد ضراوة الفساد والمفسدين الذين ينهبون خيرات البلاد ومواردها.
ومن حق أبناء مأرب على الرئيس الذي ظهر ممتناً للمحافظة لأنها "...أخرجت الثروات من باطنها" أن يقول لهم كيف أن تلك الثروات لم تترجم تنمية حقيقية في محافظة تتنفس أدخنة الحقول النفطية وتقتات القحط والجدب فيما يعين بين أبنائها الفقر والأمية والمرض والاقتتال.
والمستغرب حقاً أن الرجل وهو يقدم نفسه مرشحا لحكم إضافي مدته سبع سنوات وعد ضمنيا باستمرار ذات آلياته في الحكم وهي لحظة تجلي حقيقي لطوايا النفس تفلت من عقالها في بعض خطاباته.
لقد طحنت ظاهرة الثأر القبائل على امتداد رقعة الأرض اليمنية، وسجلت خلال فترة حكم الرئيس صالح تزايداً مستمراً وانتشاراً في محافظات لم تكن تعرفها من قبل, ويذهب سنويا الآلاف في حروب ثارات، تعرف القبائل أن السلطة هي من يؤججها.
خلال يومين فإن مرشح المؤتمر لم يجد طريقة مثلى لمعالجة مشكلة الثأر سوى تمديد الصلح بين القبائل وهو ما دعا إليه في زيارته لمحافظتي الجوف ومأرب أمس واليوم, وهي تعكس طريقة تعاطٍ مؤسف مع مشكلات مؤثرة في حياة اليمنيين, فهي تلجأ لتهدئة المشكلات لا حلها جذرياً ، و لم يعد في العالم زعيماً يدعو قبائل بلاده إلى عقد صلح لمدة عامين كما يفعل مرشح المؤتمر للرئاسة الان، هل يعني ذلك أن عليها بعد تلك الفترة معاودة الاقتتال؟!
وقد نسي ربما لكثرة قراراته بإنشاء لجان عليا أنه أعلن تشكيل لجنة عليا لمكافحة الثار وهذه اللجنة لم تكن أكثر من هيئة جديدة لإنفاق مخصصات أخرى خلال العامين الماضيين, فيما تشتعل قضايا الثأر بين حين وآخر في المحافظات اليمنية.
لقد أعلنت المشكلة أمس حضورها الجامح عقب أقل من ساعة على مهرجان المؤتمر في محافظة الجوف وكأنها تسخر من خطابات التهدئة.
وقد قتل شخص وجرح أربعة آخرين على ذمة ثأر قبلي على بعد عشرة كيلو متر من مكان مهرجان مرشح المؤتمر ظهر الأحد.
وككل خطاباته التي تفتقر للتركيز عوضاً عن تشتتها فإن مرشح المؤتمر يعيد تكرار نفسه، ليؤكد مجدداً أن فاقد الشيء لا يعطيه، خذوها إذاً حكمة جديرة بالاعتبار.