Home News Locally

برنامج الرئيس فقط للدعاية . . وسلطة محلية ديكور انتخابي وبالتعيين أيضا

تناقضات الديمقراطية اليمنية . . . كذبة انتخابات المحافظين نموذجا . . !

تناقضات الديمقراطية اليمنية  . . .  كذبة انتخابات  المحافظين  نموذجا  . . !

قانون السلطة المحلية مأساة فاجعة تستحق الرثاء والبكاء عليها  كجزئية من واقع هذا الوطن المحكوم بمزاجية الفرد واستبداد الفساد ، ولعل القاء نظرة على قانون السلطة المحلية وماجرى له من تعديلات خلال الفترة الماضية يكشف  عن حجم التهميش والافراغ والاخلال لبنية السلطة المحلية وكينونتها وصلاحياتها ووجودها .

في البدء كان دستور دولة الوحدة الذي أعطى السلطة المحلية دورها ومكانتها  الحقيقية في اطار مكونات النظام السياسي  بموجب قانون الحكم المحلي الذي وفر البنية الدستورية والقانونية المكتملة الاركان لسلطة محلية حقيقية قائمة على شروط الديمقراطية والحريات  وذلك كمكون هام للبناء المؤسسي للدولة .


بعد حرب صيف 94 التي ترتب عليها تراجعا عن الديمقراطية والمشروع السلمي لدولة الوحدة  والانقلاب عن الالتزامات الدستورية تجاه البناء المؤسسي للدولة الامر الذي أفضى تلقائيا العودة بالبلاد الى عهود الشمولية فكان بالتالي دستور دولة الوحدة في تلك الظروف هو المستهدف الرئيسي والنتيجة المباشرة لاستحقاقات تلك الحرب  كونه الحامل القانوني لمجموعة الشروط والمضامين  والمبادئ الدستورية للبنى المؤسسية لهيكل الدولة  اليمنية  وقد تعرض الدستور في اطار ذلك الاستهداف لمشروع بناء  مؤسسات الدولة  الى افراغ شامل لجوهر مضامينه المتعلقة بالضمانات و الشروط  والمبادئ الدستورية التي تنظم البناء المؤسسي للدولة والتي تتعارض مع رغبات الحكم الفردي ونزوعه للاستفراد بالسلطة المطلقة وكانت النتيجة طبيعية بمنطق القوة ان يتم اعادة تفصيل دستور يكرس الحكم الفردي ويركز السلطات والصلاحيات المطلقة في شخص فرد عوضا عن المؤسسات .


السلطة المحلية نالت نصيب الأسد  من ذلك الاستهداف حيث تم نسف قانون الحكم المحلي كلية وافراغه  من محتواه وعليه تم تجريد السلطة المحلية نهائيا  من سلطاتها وصلاحياتها و وجودها واستنسخ قانون مفصل أخر اختزل السلطة المحلية برمتها في  مجرد إدارة محلية ملحقة تابعة لرئيس الجمهورية له مطلق التصرف في شئونها  بموجب ما خوله ذلك القانون .


بعد ذلك في عام 2002 وتحت تأثير الضغوط الدولية المطالبة بإصلاحات  ديمقراطية حقيقية اضطر الرئيس صالح ان يعلن  عن انتخابات  لأعضاء مجالس محلية  أعطاها جزءا محدودا من صلاحياته  واشترط نجاح هذه  المجالس المحلية  على ضوء تقديره وتقييمه لادائها  ،  ولقد كانت تجربة المجالس المحلية  صعبة بكل المقاييس اذ انها ظلت تعمل في شروط غير قابلة للحياة بدون امتلاك  أية سلطات ومسؤوليات إلى جانب انعدام منظومة قانونية  تشرع عملها  وتحميها وتحدد الشكل القانوني والدستوري لوجودها  الا فقط في اطار ما تم منحه لها من صلاحيات لاوجود لها اصلا ولقد كان الهدف من وراء ذلك هو افشال  تجربة المجالس المحلية كنواة لسلطة محلية منذ البداية لقطع الطريق على أية إصلاحات حقيقية  ممكنة ووأد تجربة المحليات في مهدها خوفا من تراكم وتطور ايجابي يسهم  في اتجاه تاسيس ديمقراطية حقيقية تثبت الحقوق الوطنية  وتعيد للإرادة الشعبية اعتبارها .


التجربة كررت مؤخرا مرة ثانية في إطار نفس الظروف القائمة والمعطيات التي تعمل في ظلها المجالس المحلية  وأعضائها الذين لا يعدون اكثر من مجرد موظفين في ادارة تابعة  ملحقة لاسلطة لها أصلا ووجودها فقط ديكور إضافي في تزيين لوحة الديمقراطية أمام الخارج  والضغوط الدولية ولضمان استمرار استدرار المساعدات والقروض  .


ان استمرار التعامل مع السلطة المحلية بهذا الشكل وانتقاصها وافراغها  من مهامها ومسؤولياتها ووظيفتها  انما يهدف لإفشالها للوصول الى حالة من الاحباط بعدم جدوى الإصلاحات الديمقراطية في طريق البناء المؤسسي للدولة الامر الذي يكرس  الحكم الفردي في حياة الشعب كأمر واقع لا يوجد  ما هو أفضل منه وكذا يصب في صالح قوى الفساد وسطوتها وتعزيز نفوذ الفردية والاستبداد  الذين يرون في سلطة محلية حقيقية بداية توجه حقيقي نحو الديمقراطية  كجزء من رد الاعتبار للإرادة الشعبية الأمر الذي يعتبرونه مصدر خطر على المصالح وحدا للنفوذ وتقليصا للسلطة المطلقة في كل شئ .


أخر تطورات ملف السلطة المحلية هي وعود الرئيس في برنامجه الانتخابي بإيجاد سلطة محلية حقيقية بصلاحياتها ومؤسساتها وانتخابات المحافظين مباشرة كجزء من الإصلاحات الموعودة في البرنامج  لكن سرعان ما عاد الرئيس عن كل ما وعد به في شهر رمضان الفائت واعتبر ذلك مفاجأة  عندما أعلن تراجعه عن إجراء  انتخابات مباشرة للمحافظين ورؤساء الوحدات الادارية   وأعاد موضوع انتخابات المحافظين الى المجالس المحلية بدلا عن الانتخاب المباشر من الشعب  وذلك في شكل أخر للتعيين مثلما جرى عندما قام بتعيين شخصا بديلا عنه كرئيس لمجلس القضاء الأعلى  والان موضوع انتخابات المحافظين أحيل إلى لجنة شكلها الرئيس نفسه لدراسة  وتقديم آليات وحلول لطريقة انتخابات المحافظين حسب رؤية صالح بدلا من ان يكون هناك قانون ينظم مختلف شئون السلطة المحلية .


الأمور التي تبعث  على الحيرة والاهتمام  والأسئلة التي تطرح نفسها بقوة  هي :

ماهي مبررات المخاوف والقلق  من  الانتخابات المباشرة للمحافظين ورؤساء الوحدات الادارية  واعطاء المحليات سلطاتها وصلاحياتها لاداء مسؤولياتها وواجباتها ؟

لماذا كل هذه محاولات الالتفاف المستميتة للحيلولة دون تمكين السلطة المحلية من استكمال هيئاتها وبنيتها  لتكون سلطة محلية حقيقية جزءا هاما من مكونات الدولة والنظام السياسي ؟


 كيف يمكن تفسير وفهم تناقضات الديمقراطية اليمنية التي تسمح لليمنين  بالانتخاب الحر والمباشر للمنصب الاول في البلد الذي يمثله هرم السلطة التنفيذية  وهو رئيس الجمهورية بينما تنتقص  من حقوقهم وتحرمهم من انتخاب ممثليهم في ادارة وتصريف شئونهم المحلية والبلدية  ؟


لاندري كيف نفسر حال الديمقراطية اليمنية  هل هي ناشئة أم متوسطة أم متقدمة ؟
 وان كان اليمنيين على مستوى من الوعي والتأهيل والإدراك   بالديمقراطية قد جعل انتخابهم للمنصب الأول والهام في البلد  حقا أساسيا من حقوقهم الدستورية  فمن البديهي ومن باب أولى ان يسمح لهم بانتخاب رؤساء وحداتهم الادارية  والمحلية  كحق طبيعي بسيط جدا لاجدال عليه    ! !