Home News Locally

انتصار الحزب الحاكم في‮ ‬الانتخابات فتح شهيته للفساد،‮ ‬وحكومة الحصان تنهب ‮٢٢٤ ‬مليار ريال،‮ ‬والجرع السعرية الأخيرة تهدد البلد بالمجاعة

خــــريـــف أســـــود لــســنـوات ‬البـــؤس الـقـــادم

خــــريـــف أســـــود لــســنـوات ‬البـــؤس الـقـــادم

ما أقسى أن تعيش في‮ ‬بلد‮ ‬يتعرض كل‮ ‬يوم للهدر والتدمير والعبث‮. ‬وما أبشع أن‮ ‬يعمد مسؤولوه مع سبق الإصرار والترصد الى إذلال أبناء الشعب،‮ ‬إفقارهم،‮ ‬تجويعهم،‮ ‬الى النيل منهم وحرمانهم حتى من فرحة عيد خطفتها أسعار المواد الغذائية المرتفعة حد الجنون،‮ ‬والإحساس بروحانية شهر فضيل حولته‮  ‬إسطوانة الغاز المعدومة ورغيف الخبز المصادر الى عوامل إحباط ويأس من اليمن الجديد ومستقبل أبنائها القادم‮.‬
الغرابة أن كل هذا‮ ‬يحصل بعد أيام قلائل من فوز الحزب الحاكم في‮ ‬الانتخابات الرئاسية والمحلية‮.‬
قد‮ ‬يعود الأمر الى حالة مرضية‮ ‬يستحضر صاحبها بشاعته وجبروته كلما شعر بالزهو والانتصار‮.‬
وقد‮ ‬يرجع ذلك الى قناعة الحزب الحاكم أن فوزه في‮ ‬الانتخابات الماضية لم‮ ‬يكن نابعاً‮ ‬من قناعة الشعب‮  ‬بقدر ما‮ ‬يعود الى تزويره لهذه القناعات وتحويرها بوسائل عدة مختلفة‮.‬
وفي‮ ‬كلا الحالتين حاول إشباع رغبته في‮ ‬الانتقام‮.‬


كتب -‮  عـادل عـبـدالـمغني*

لم تكتفِ‮ ‬حكومة الحصان بما فعلته حين أفرغت البنك المركزي‮ ‬والبنوك الحكومية الأخرى من الأموال بالعملات المحلية والأجنبية لإدارة حملته في‮ ‬الانتخابات الرئاسية والمحلية‮.‬
ولم‮ ‬يكفها تسخير كل القروض والمساعدات واستجداء الدول،‮ ‬وصرفها للغرض ذاته‮.‬
ولم‮ ‬يكفِ‮ ‬الحكومة أيضاً‮ ‬إقدامها على طباعة أوراق نقدية فئة ‮٠٠٠١ ‬ريال قبيل الانتخابات،‮ ‬لتستعين بها في‮ ‬حملتها التي‮ ‬قامت على تزوير إرادة الناخب وتضليله،‮ ‬وشراء الذمم والأصوات عن طريق متناقضتي‮ ‬الترغيب والترهيب‮.‬
لم‮ ‬يكفِ‮ ‬حكومة الحصان أن جعلت البلد بعد الانتخابات أشبه بخرابة خاوية على عروشها وغابة‮ ‬ينهش فيها حيتان الفساد وتجار خبز الفقراء لقمة عيش المواطنين‮.‬
ولم تحاول حكومة المؤتمر الشعبي‮ ‬العام تذكر‮ -‬ولو لمجرد الذكرى‮- ‬شعاراتها الجوفاء عن اليمن الجديد والمستقبل الأفضل التي‮ ‬كانت ترددها قبل أسابيع قليلة،‮ ‬كما لم تسترجع خطب الرئيس العصماء ووعوده الرئاسية بانتهاء عصور الجرع السعرية،‮ ‬وبداية عصر الرخاء والتنمية والعيش الهنيء‮.‬
لم تتذكر كل ذلك،‮ ‬ولم تدرك أن الرخاء لايتحقق في‮ ‬ظل لقمة خبز صعبة المنال،‮ ‬وأن العيش الهنيء لايجتمع مع الفساد ورجالاته‮.‬

فضائح

ومثلما كانت محاربة الفساد والقضاء على كافة صور نهب المال العام من الأولويات التي‮ ‬تضمنها البرنامج الانتخابي‮ ‬للمؤتمر الشعبي‮ ‬العام،‮ ‬فقد كان لزاماً‮ ‬على الحكومة أن تعد مشروع فتح اعتماد إضافي‮ ‬لموازنة العام الحالي‮ ٦٠٠٢‬م،‮ ‬بمبلغ‮ ‬فلكي‮ ‬بلغ‮ ‬أكثر من ‮٢٢٤ ‬مليار ريال‮.‬
هذا المبلغ‮ ‬يتجاوز ملياري‮ ‬دولار،‮ ‬أي‮ ‬أنه‮ ‬يقترب كثيراً‮ ‬من نصف ميزانية الدولة لعام كامل،‮ ‬والبالغة خمسة مليارات دولار‮. ‬فأية بلدوزرات هدم هذه التي‮ ‬تدك اقتصاد الوطن وتهدد مستقبل أبنائه؟ وأي‮ ‬دستور هذا الذي‮ ‬استمدت منه الحكومة شرعيتها في‮ ‬تقديم طلب فتح اعتماد إضافي‮ ‬للموازنة بمبلغ‮ ‬يصل نصف ميزانيتها العامة لعام كامل؟
هل شرعية الحكومة ومرجعها الوحيد أنها تمتلك أغلبية في‮ ‬البرلمان تشرع لتجاوزاتها وتقنن لفسادها؟‮!‬
الفضيحة أن الحكومة أصلاً‮ ‬قد صرفت هذا المبلغ‮ ‬ولا أحد‮ ‬يعلم في‮ ‬ما صرفته ومن خول لها ذلك‮.‬
والكارثة أن التحايل على مثل هذا المبلغ‮ ‬يأتي‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬حققت فيه الدولة من فوارق أسعار النفط المرتفعة هذا العام مبلغاً‮ ‬يقترب من الثلاثة المليارات دولار مع نهاية العام،‮ ‬ولا‮ ‬يعلم هو الآخر أين مصيره‮.‬
ويبدو أن الحكومة قد استعذبت فتح اعتماد إضافي‮ ‬للموازنة نهاية كل عام‮.‬
إذ دأبت خلال السنوات الأخيرة الى تقديم مشاريع طلب فتح اعتمادات إضافية للموازنة في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يتوجب عليها تقديم مشاريع موازنة للعام التالي‮.‬
حيث تم العام الماضي‮ ‬التحايل على فوارق أسعار المشتقات النفطية عن طريق فتح اعتماد إظافي‮ ‬لموازنة العام ‮٥٠٠٢‬م بمبلغ‮ ١٥٤ ‬مليار ريال‮. ‬ورغم المعارضة الشديدة من قبل كتل المعارضة والمستقلين إلا أن أغلبية الحاكم مررت الأمر،‮ ‬وهو ما حصل في‮ ‬العام ‮٤٠٠٢‬م بفتح موازنة إضافية بمبلغ‮ ٨٨ ‬مليار ريال،‮ ‬ومثله في‮ ‬الأعوام السابقة،‮ ‬ليظل اقتصاد الوطن في‮ ‬تدهور مستمر مهما بلغ‮ ‬حجم إيراداته،‮ ‬كون الأمر لا علاقة له بإيرادات البلد وثرواته طالما وهناك أيادٍ‮ ‬جشعة تمتد الى المال العام وتسخره لمصالح أنانية‮.‬
وبالنظر في‮ ‬مشروع فتح اعتماد إضافي‮ ‬بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية ‮٦٠٠٢‬م،‮ ‬والذي‮ ‬قدمته الحكومة للبرلمان بمبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٣١٨‬،‮٨٦٣‬،‮٢٢٤ ‬ريال،‮ ‬فإننا نجد العجب العجاب في‮ ‬تبريرات الحكومة في‮ ‬طلب الاعتماد وبهذا المبلغ‮ ‬الجائر‮.‬
وفيما تفصح مبررات الحكومة عن قصور كبير وجهل في‮ ‬إعدادها للموازنة العامة للدولة في‮ ‬كل عام،‮ ‬ومدى المركزية في‮ ‬اتخاذ القرارات العشوائية وصرف المبالغ‮ ‬لمشاريع‮ ‬غير مدرجة في‮ ‬خطط واستراتيجية الموازنة،‮ ‬فإننا نكتشف حجم العبث بالمال العام وبمليارات الريالات‮.‬
وبدءاً‮ ‬بإكرامية شهر رمضان بصرف راتب شهر للموظفين،‮ ‬والذي‮ ‬وجه به رئيس الجمهورية في‮ ‬إطار حملته الدعائية للانتخابات الرئاسية والمحلية،‮ ‬والتي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يعلم البسطاء من أبناء الشعب أنهم من سيقومون بدفعها بعد الانتخابات،‮ ‬وهو ما حصل بالفعل حيث ستذهب ‮٠٣ ‬مليار ريال من إيرادات الضرائب‮ + ٣ ‬مليارات أخرى أدراج رياح الحكومة مقابل إكرامية فخامة الرئيس‮.‬
ولأن الاقتصاد الوطني‮ ‬ومستوى معيشة المواطنين آخر شيء‮ ‬يمكن أن تفكر به الحكومة،‮ ‬فقد صرفت مئات المليارات من الريالات على الأمن القومي‮ ‬والسياسي‮ ‬ووزارتي‮ ‬الدفاع والداخلية‮.‬
حيث حظيت وزارة الدفاع وحدها بدعم إضافي‮ ‬قدره ‮٠٠٠‬،‮٧١٣‬،‮٤٠١‬،‮٨٤ ‬ريال،‮ ‬وزعت على التالي‮: ٠٠٠‬،‮١٩٧‬،‮٤٣٤‬،‮٩ ‬ريال مرتبات مجندين وترقيات وتسويات وخبراء،‮ ‬وكأن كل ذلك لم‮ ‬يكن مدرجاً‮ ‬في‮ ‬موازنة الوزارة السنوية،‮ ‬وهو ما حصل أيضاً‮ ‬في‮ ‬بند الكساء والغذاء والأدوية والمستلزمات وعلاج العسكريين،‮ ‬الذي‮ ‬يبدو أنه سقط سهواً‮ ‬من موازنة الوزارة السنوية،‮ ‬ليرصد له موازنة إضافية بمبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٧٩٠‬،‮٥٦٣‬،‮٠١ ‬ريال‮. ‬رصد لوزرة الدفاع أيضاً‮ ‬مبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٠٠٨‬،‮٧٢٨‬،‮٨ ‬ريال كموازنة إضافية مقابل وقود وزيوت وغاز‮.‬
ويظهر مشروع الحكومة لفتح اعتماد إضافي‮ ‬كما لو أن الدولة لم تكن تدفع مرتبات للشهداء حتى تتذكرهم فجأة وتطلب موازنة إضافية بمبلغ‮ ٠٠٠‬،‮١٣٨‬،‮٣٠٠‬،‮١ ‬ريال لمواجهة ذلك‮.‬
أما وزارة الداخلية والأمن فقد كانت حصتها من الموازنة الإضافية مبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٤٩٢‬،‮٠١٥‬،‮٤١ ‬ريال‮.‬
ومن المضحك المبكي‮ ‬أن تدعم الحكومة الظلام بمبلغ‮ ‬إضافي‮ ‬قدره ‮٠٠٠‬،‮٤٨٧‬،‮٢٦٩‬،‮٧ ‬ريال،‮ ‬ذهب لوزارة الكهرباء التي‮ ‬تعد في‮ ‬كل بلدان العالم جهة إيرادية،‮ ‬لكن‮ ‬يظهر أن وزارة الكهرباء في‮ ‬بلادنا قد جمعت بين الفقر والظلام في‮ ‬آن واحد‮.‬
الحكومة التي‮ ‬اتخذت في‮ ‬وقت سابق قرارات بالتقشف في‮ ‬صرفيات الاحتفالات والسفريات،‮ ‬رصدت مبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٩٤٢‬،‮٥٤٣‬،‮٠١ ‬ريال،‮ ‬كنفقات لاحتفالات بلادنا في‮ ‬كل من حضرموت والحديدة‮.‬
الارتجال في‮ ‬اتخاذ القرار وبشكل عشوائي‮ ‬ومركزي‮ ‬أطاح بمبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٢٥٩‬،‮٣٤٦‬،‮٧٧٢ ‬ريال،‮ ‬جزء كبير منه رصد تحت بند نفقات أخرى‮ ‬يبدو أنه لم‮ ‬يتسنَّ‮ ‬للحكومة تفصيلها‮.‬
فيما توزع بقية مبلغ‮ ‬الاعتماد الإضافي‮ ‬على عدد آخر من الوزارات والهيئات وشركة صافر التي‮ ‬حصلت على ‮٠٢١ ‬مليون دولار كنفقات تشغيل بعد أن حلت مكان شركة هنت‮.‬
ما سبق شرح مختصر للآلية التي‮ ‬تم على إثرها تبديد مبلغ‮ ٠٠٠‬،‮٣١٨‬،‮٨٦٣‬،‮٢٢٤ ‬ريال،‮ ‬كان الاولى بالحكومة أن توجهها في‮ ‬دعم الفقراء عن طريق توفير السلع الأساسية بأسعار ثابتة ومعقولة‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يحصل عليها الجميع قبل أن تحل بالبلد مجاعة حقيقية بعد أن تعجز شريحة واسعة من أبناء الشعب عن الحصول على لقمة خبز‮ ‬يسدون بها ألم أمعائهم الجائعة‮. ‬فهل تنبهت الحكومة الى خطورة مثل هذا الأمر؟

تحايل

وأمام كل ذلك،‮ ‬فإننا نجد أن لا جدوى في‮ ‬تطوير اقتصاد البلد ونهضته مهما بلغ‮ ‬حجم الإيرادات والمساعدات المقدمة لليمن‮.‬
فالمشكلة لاتكمن في‮ ‬نقص الموارد والامكانات المادية بقدر ما تتمثل في‮ ‬استمرار بقاء حيتان الفساد الذين لاتشبع نفوسهم من كل أموال العالم وثرواته‮.‬
وهو ما‮ ‬يجعل اليمنيين‮ ‬غير متفائلين بمؤتمر المانحين المقرر انعقاده‮ ‬غداً‮ ‬بلندن،‮ ‬رغم الإرهاصات التي‮ ‬يحدثها‮.‬
وبحسبة بسيطة نكتشف أن إجمالي‮ ‬ما تم التحايل عليه كاعتماد إضافي‮ ‬للموازنة العامة خلال عامين فقط‮ (٥٠٠٢ ‬و‮٦٠٠٢‬م‮) ‬إن تم تمرير الأخير،‮ ‬يساوي‮ ‬تقريباً‮ ‬المبلغ‮ ‬الذي‮ ‬تعتزم دول الخليج تقديمه لليمن كمرحلة أولى من ‮٦٠٠٢-٠١٠٢‬م،‮ ‬البالغ‮ ٨‬،‮٥ ‬مليار دولار،‮ ‬في‮ ‬محاولة لتأهيل اقتصادنا المعاق فعلاً‮ ‬بفعل فيروسات الفساد التي‮ ‬تنخر ليل نهار في‮ ‬جسد الوطن الجريح‮.‬
وبحسبة أكثر بساطة نتيقن أن الحكومة التي‮ ‬استطاعت أن تتحايل على أكثر من ملياري‮ ‬دولار في‮ ‬طلب واحد،‮ ‬لن‮ ‬يعني‮ ‬لها شيئاً‮ ‬التحايل على ‮٨‬،‮٥ ‬مليار دولار في‮ ‬أربعة أعوام‮.‬
إذن،‮ ‬اليمن لم تكن بحاجة الى استجداء الآخرين بقدر حاجتها الى استثمار عائداتها والتعامل معها بروح المسؤولية وحس وطني‮ ‬وأيادٍ‮ ‬بيضاء نزيهة‮.‬
ومثلما أبلغت الولايات المتحدة والبنك الدولي‮ ‬اليمن عن تخفيض مساعداتهما بسبب استمرار الفساد الاقتصادي‮ ‬وغياب الجدية الرسمية للقضاء عليه ومحاسبة مرتكبيه،‮ ‬فقد خفض الاتحاد الأوروبي‮ ‬مساعداته وقلص حجم المبالغ‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يقدمها من ‮٠٦ ‬مليون‮ ‬يورو الى ‮٠٣ ‬مليوناً،‮ ‬والسبب في‮ ‬ذلك حيتان الهبر والنهب‮.‬
دول عربية وصديقة امتنعت هي‮ ‬الاخرى عن تقديم مساعدات أو قروض لليمن كونها لاتصرف للغرض الذي‮ ‬قدمت من أجله،‮ ‬كما حصل مراراً‮ ‬وتكراراً‮ ‬في‮ ‬القروض التي‮ ‬كانت تطلبها الحكومة لإصلاح معضلة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي‮. ‬ورغم ما تمثله هذه المشكلة من مأساة حقيقية،‮ ‬وترسم صورة قبيحة للبلد ومسؤوليه،‮ ‬فإن إجمالي‮ ‬القروض التي‮ ‬صرفت للكهرباء كانت كفيلة ببناء محطة كهربائية تغطي‮ ‬مختلف مناطق ومحافظات الجمهورية،‮ ‬وليس ‮٠٣‬٪‮ ‬فقط من نسبة المساكن في‮ ‬اليمن بخدمة رديئة للغاية‮.‬
وكم كانت صورة اليمن مأساوية الجمعة الماضية وهي‮ ‬تعيش عصور ما قبل الطاقة الكهربائية حين استمر انقطاع التيار لمدة تزيد عن عشر ساعات متواصلة في‮ ‬معظم محافظات الجمهورية‮.‬
تندر المواطنين بإسطوانة الطاقة النووية وشعار‮ ‬يمن جديد مستقبل أفضل،‮ ‬لم‮ ‬يخفف من وطأة ما سببه استمرار انقطاع التيار الكهربائي‮ ‬من معاناة‮.‬
كل هذه الاختلالات في‮ ‬الكهرباء ومقدار ما تولده من طاقة لايتجاوز ‮٠٤٠١ ‬ميجاوات،‮ ‬مع العلم أن مقدار الطاقة الكهربائية في‮ ‬القاهرة وحدها ‮٠١ ‬آلاف ميجاوات،‮ ‬وفي‮ ‬مكة ‮٠٠٠٢ ‬ميجاوات،‮ ‬فما الذي‮ ‬تصنعه الحكومة بنا؟‮!‬
وأمام كل ذلك،‮ ‬يبقى الأمل في‮ ‬مؤتمر المانحين معقوداً‮ ‬بالاقتراح القطري‮ ‬بضرورة إنشاء صندوق خليجي‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬يقوم بتمويل المشاريع الاستثمارية التي‮ ‬سيتفق عليها المانحون،‮ ‬والإشراف عليها دون تدخل من الحكومة اليمنية‮.‬
وقد أثبتت هذه التجربة نجاحاً‮ ‬في‮ ‬الصندوق الكويتي‮ ‬بصنعاء،‮ ‬وقبله إنشاء دولة خليجية مكتباً‮ ‬لها بصنعاء للإشراف على تمويل المعاهد المهنية،‮ ‬بعد أن لاحظت أن مساعداتها التي‮ ‬قدمتها للحكومة اليمنية لم تعطِ‮ ‬ثمارها‮.‬

العظيم شملان

وهنا نستطيع أن نقول إن المعارضة لم تكن إذن جيوش تتار قادمة لنهب البنك المركزي‮ ‬حين قررت مواجهة جبروت وتسلط حزب حاكم‮ ‬ينظر للمعارضة بعقلية المتآمر والعميل المارق على كل القوانين والأعراف‮.‬
كما أن المهندس فيصل بن شملان لم‮ ‬يكن ذلك المستأجر القادم من الخارج لجر البلد الى الحروب والصراعات،‮ ‬كما كان‮ ‬يصوره مرشح المؤتمر الشعبي‮ ‬العام وزبانيته‮.‬
كل ذنب هذا الرجل العظيم أنه رفض الخضوع لإغراءات السلطة وأموال الحاكم ليستمد من آمال البسطاء وآلامهم القوة التي‮ ‬استطاع من خلالها مجابهة صلف الحزب الحاكم بكل قوة الدولة وجبروتها‮.‬
وقطعاً،‮ ‬كان بن شملان المنتصر رغم إدراكه المسبق معنى ما سيقدم عليه في‮ ‬بلد لاتزال نسبة الأمية فيه تشكل أكثر من ‮٠٧‬٪‮ ‬من السكان،‮ ‬وإعلام منحاز،‮ ‬وبقوى وأجهزة مخابراتية تحيك الخطط والمؤامرات للإيقاع بمن تجرأ على منافسة الحاكم،‮ ‬مهما وصلت دناءة وانحطاط الأساليب المستخدمة‮.‬
وكم كان بن شملان حكيماً‮ ‬وهو‮ ‬يدرك ما‮ ‬يعنيه حين اعتبر موافقته على طلب أحزاب المشترك ترشيحه عنها للانتخابات الرئاسية،‮ ‬بالتضحية من أجل الشعب‮.‬
وفعلاً،‮ ‬ضحى بن شملان بجهده ووقته،‮ ‬وتحدى كل ما كانت تحيكه ضده خفافيش الظلام،‮ ‬فتمكن من كسر حاجز التغيير،‮ ‬وأخرج الجماهير من صمتها،‮ ‬وفتح أفقاً‮ ‬واسعاً‮ ‬ومساحات رحبة لآمال وتطلعات البسطاء والمحرومين والمعدمين بغدٍ‮ ‬أفضل سيأتي‮ ‬حتماً‮.‬

وقفة

ها هي‮ ‬حمى الانتخابات قد انتهت،‮ ‬وفاز الحزب الحاكم بالرئاسة،‮ ‬وحصد‮ ‬غالبية مريحة للغاية في‮ ‬مقاعد المحليات‮.. ‬فماذا كانت النتائج؟‮!‬
ألم‮ ‬يتحول الحصول على كيس قمح حلماً‮ ‬صعب المنال،‮ ‬ومثله الأرز والسكر والزيت وعدد آخر من المواد الغذائية التي‮ ‬شهدت ارتفاعاً‮ ‬جنونياً‮ ‬في‮ ‬أسعارها ضاعف من معاناة الناس وفقرهم؟‮!‬
وألم تتحول اسطوانة الغاز الى سلعة‮ ‬يصعب الحصول عليها طوال شهر رمضان وأيام العيد؟‮!‬
فهل هذه هي‮ ‬اليمن الجديدة،‮ ‬وما نعيشه هو المستقبل الافضل الذي‮ ‬بشر به الرئيس علي‮ ‬عبدالله صالح،‮ ‬والذي‮ ‬صار حديثه عن خفض الأسعار محل خوف وتشاؤم المواطنين بعد أن لمسوا نقيض ما وجه به أثناء ذهابهم الى المحلات التجارية مستبشرين بقراراته وخطبه للتجار والمسؤولين في‮ ‬ذات أمسية رمضانية؟‮!‬
المواطنون عادوا من المحلات التجارية أكثر ألماً‮ ‬وإحباطاً‮ ‬بعد أن وجدو أن السلع التي‮ ‬شكوا من ارتفاع أسعارها زادت التهاباً‮ ‬عقب خطابات الرئيس‮.‬
حينها،‮ ‬وصف عدد كبير منهم خطابات صالح عن خفض الأسعار بالشفرة التي‮ ‬تعني‮ ‬للتجار الذين ساندوه في‮ ‬حملته الانتخابية،‮ ‬رفع نسب أرباحهم نظير صنيعتهم له‮.‬
الأمر تعزز لدى المواطنين من ردود التجار لهم حين ذكروهم بخطاب الرئيس في‮ ‬التليفزيون بالقول‮: "‬سيروا اشتروا من عند الرئيس‮".‬

[email protected]