Home News Locally

جبن‮.. ‬بقايا حضارة على وشك الضياع

جبن‮.. ‬بقايا حضارة على وشك الضياع

أية لغة‮ ‬يمكن حشدها للتعبير عن سخط وغضب أبناء مديرية جبن الذين‮ ‬يعيشون تفاصيل اندثار تاريخ حضارة الدولة الطاهرية جراء الإهمال الرسمي‮ ‬العاجز عن عمل شيء لإنقاذ ما‮ ‬يمكن إنقاذه من بقايا تلك المعالم التي‮ ‬تحكي‮ ‬حضارة أمة‮!‬
أية لغة‮ ‬يمكنها وصف عبث ما تتعرض له المعالم التاريخية من اندثار وضياع،‮ ‬في‮ ‬ظل تخلف وعي‮ ‬جماهيري‮ ‬وصمت رسمي‮ ‬فاضح‮!‬
‮"‬الوحدوي‮" ‬زارت مدينة جبن التاريخية للتعرف على بقايا آثار حضارة الطاهريين في‮ ‬هذه المدينة المنسية من أجندة الجهات الرسمية،‮ ‬ومعرفة واقع المدينة الذي‮ ‬ينضح بؤساً‮.‬

حضارة آيلة للسقوط والاندثار

لم‮ ‬يتبقَّ‮ ‬سوى مبنى العامرية وجامعها القديم،‮ ‬وهي‮ ‬مهددة بالسقوط في‮ ‬أية لحظة،‮ ‬وتحتاج لتحرك فوري‮ ‬لإنقاذها،‮ ‬حفاظاً‮ ‬على حقبة تاريخية لعصر الدولة الطاهرية من الضياع‮.‬
كما‮ ‬يتطلب سرعة ترميم هذين المعلمين التاريخيين بما‮ ‬يحافظ على أصالتها التاريخية ويصونها من السقوط كما سقطت القلعة الأثرية التي‮ ‬كانت عامرة على رأس الجبل المطل على المدينة،‮ ‬ولم‮ ‬يتبقَّ‮ ‬منها سوى أجزاء مدمرة‮.‬
كما أنه من الواجب تكليف لجنة مختصة للتنقيب على بقايا آثار آل طاهر وآل عامر عبدالوهاب الثاني‮ ‬أشهر حكام الدولة الطاهرية الذي‮ ‬مايزال تاريخه مجهولاً‮ ‬إلا من شذرات مؤرخين مروا على مرحلته مرور الكرام‮.‬
إن صمت الجهات الرسمية وإهمالها لايعني‮ ‬سوى تأكيد ما‮ ‬يشاع عن حقد سياسي‮ ‬للنظام الحاكم من طمر مآثر ومعالم هذه الحضارة من وجهة نظر مذهبي،‮ ‬لاعتبارات أن النظام السياسي‮ ‬زيدي‮ ‬المذهب،‮ ‬يتجه مع سبق الإصرار والترصد لدفن حضارة الطاهريين التي‮ ‬جاءت وتوسعت على أنقاض الدولة الزيدية‮.‬
وعلى الرغم مما‮ ‬يشاع عن توجه شبه علني‮ ‬لطمر حضارة الطاهريين،‮ ‬إلا أنه‮ ‬يتوجب على الجهات الرسمية الممثلة للنظام السياسي،‮ ‬انطلاقاً‮ ‬من صميم ضميرها الوطني،‮ ‬إعلان حالة الاستنفار القصوى لتدارك بقايا المعالم التاريخية في‮ ‬مدينة جبن،‮ ‬حتى لاتتعرض للانهيار والضياع‮.‬

مدينة الملوك

إنها جبن مدينة الجبلين‮.. ‬مدينة الملوك‮.. ‬بقايا معالمها شاهدة عيان على تاريخ أمة لها حضارتها الضاربة في‮ ‬عمق التاريخ،‮ ‬والتي‮ ‬تشهد على نبوغ‮ ‬وتفرد الدولة الطاهرية في‮ ‬إرساء حضارة عظيمة في‮ ‬ذلك الوقت،‮ ‬والمتميزة بالحصون والقلاع والجسور المنتشرة في‮ ‬عموم البلد،‮ ‬بعضها تعرض للضياع نتيجة الإهمال،‮ ‬وما تبقى على وشك الاندثار والضياع اذا ما استمرت الجهات المعنية‮ (‬بالدعممة‮) ‬والتطنيش‮.‬
إن ما‮ ‬يجري‮ ‬من تسيب وإهمال لتاريخ مدينة جبن بمحافظة الضالع،‮ ‬لا تفسير له سوى عقدة نظام سياسي‮ ‬لايجيد سوى التدمير،‮ ‬ولا‮ ‬يجيد سوى صناعة العجز والفشل في‮ ‬الحفاظ على تاريخ عريق لايتطلب منه سوى ترميمه وصيانته،‮ ‬ولا نطلب منه استنساخ منجزات من عدم‮.‬

جرائم صارخة

استحداث أعمال جديدة على أنقاض المعالم التاريخية،‮ ‬واستحداث ترميمات حديثة على العامرية وجامعها القديم،‮ ‬مسخ تلك المعالم وشوهها‮.‬
فما الوصف الذي‮ ‬يمكن نعت تلك الاستحداثات التي‮ ‬تمت ربما بحسن نية وربما بسوئها،‮ ‬مثل استحداث شبابيك وأبواب جديدة،‮ ‬بعد أن تعرضت الشبابيك والأبواب الخشبية لحوادث سرقة من قبل مافيا الآثار،‮ ‬أو استحداث مبانٍ‮ ‬جديدة لحمامات الوضوء ولغرف دارسي‮ ‬القرآن،‮ ‬فيما الحمامات القديمة تحولت لمقالب للنفايات ومخلفات القمامة؟‮!‬
وما الذي‮ ‬يمكن لنا أن نصف به اعتداء متنفذين على الساقية التي‮ ‬كانت تمد العامرية وجامعها القديم بالمياه،‮ ‬لبناء مسلخ،‮ ‬واعتداء آخرين على طول المساحة التي‮ ‬تقع بين العامرية وجامعها،‮ ‬مما سد الطرق بين المعلمين المتقاربين،‮ ‬وتحويل الجهة الغربية الشمالية بحيرة لمخلفات المجاري‮ ‬المثيرة للقرف والغثيان؟‮!‬
وما الذي‮ ‬يمكن للزائر من وصف اعتداء حكومي‮ ‬ممثل بوزارة المواصلات على بقايا القلعة التاريخية لتقيم على أنقاضها مباني‮ ‬خاصة بالمواصلات؟‮!‬

واقع‮ ‬ينضح بؤساً

العشوائية والقمامة المكدسة وطفح المجاري،‮ ‬والاعتداء على المآثر التاريخية وتشويهها،‮ ‬وغياب التخطيط الحضري،‮ ‬وغياب الشوارع الداخلية المخططة والمعبدة‮.. ‬جعل من مدينة جبن قرية كبيرة تنضح بؤساً‮. ‬وكان عاملاً‮ ‬أساسياً‮ ‬في‮ ‬طرد المغتربين من أبناء جبن من الاستثمار في‮ ‬مدينتهم‮.‬
كما أن افتقار المدينة للمشاريع الأساسية الخدمية كالكهرباء والمياه والمجاري،‮ ‬جعل حياة قاطنيها جحيماً‮ ‬لايطاق،‮ ‬وبيئة طاردة‮.‬

ما الذي‮ ‬يجري؟

مسؤولون تكلفوا بإدارة المدينة،‮ ‬ولا‮ ‬يجيدون شيئاً‮ ‬سوى الهنجمة بسيارات حكومي،‮ ‬وصرف المخصصات،‮ ‬ولا‮ ‬يقدمون شيئاً‮ ‬سوى العجز والإخفاق‮.‬
إنهم مسؤولون عالة على الخزينة العامة،‮ ‬وعالة على المواطنين‮. ‬وإلا ما جدوى مسؤولين‮ ‬يعجزون عن الحفاظ على تاريخ هذه المدينة ومعالمها الأثرية‮!‬
وما الجدوى منهم وهم‮ ‬يعجزون عن إصلاح المجاري،‮ ‬أو وقف عشوائية البناء،‮ ‬أو إخراج مشروع المياه من دائرة التعثر،‮ ‬أو وقف متنفذين من الاعتداء على بقايا المعالم التاريخية؟‮!‬
المدير الذي‮ ‬يعجز عن شق شوارع داخلية ومنظمة ومعبدة،‮ ‬عليه أن‮ ‬يخجل ويقدم استقالته فوراً‮. ‬والمجلس المحلي‮ ‬العاجز عن تنفيذ المشاريع الخدمية،‮ ‬عليه ألا‮ ‬يتشبث التشبث المهين بمنصب‮ ‬يفقده ماء وجهه عند ناخبيه‮.‬
والمحافظ والوكلاء الذين قاموا بنزول ميداني‮ ‬الى جبن،‮ ‬ومروا بسياراتهم الفارهة من أمام أكوام القمامة وأنهار المجاري‮ ‬الطافحة،‮ ‬وتجولوا في‮ ‬أزقة محسوبة شوارع،‮ ‬وسط‮ ‬غياب التخطيط الحضري‮.. ‬ولم‮ ‬يحركوا ساكناً‮.. ‬عليهم أن‮ ‬يخجلوا ويستقيلوا لعدم صلاحيتهم في‮ ‬القيام بمهامهم في‮ ‬خدمة مواطنيهم‮.‬

ختاما ..

المدينة التاريخية جبن تستصرخ المسؤولين من بقايا ذوي‮ ‬الضمائر الحية،‮ ‬بالتحرك الفوري‮ ‬للحفاظ على بقايا المعالم التاريخية بترميمها وصيانتها بما‮ ‬يحفظ بقاءها واحتفاظها بأصالتها‮.‬
كما تستصرخ ضمير المحافظ البخيتي‮ ‬محافظ الضالع،‮ ‬بمنح هذه المدينة استثنائية،‮ ‬وتوفير مشاريع البنية التحتية والمشاريع الخدمية الضرورية،‮ ‬ووقف عبث العشوائية،‮ ‬وإنقاذها مما وصلت اليه أوضاعها المتردية بسبب تحولها الى مقلب قمامة وأنهار مجارٍ‮ ‬تهدد بكارثة بيئية‮. ‬فهل‮ ‬يسمعها البخيتي؟