في بادرة خطيرة وباعثة للقلق، تعرض أحد مساجد محافظة عمران، الجمعة الماضية، لإضرام النار من قبل مجهولين أثناء أداء مجاميع من المواطنين شعائر صلاة الجمعة.الحادثة التي أثارت الهلع والاستنكار الشديدين من قبل المواطنين الذين سمعوا بها في كل محافظات الجمهورية، لايمكن اعتبارها حدثاً جنائياً أو جريمة كغيرها من الجرائم التي ترتكب هنا أو هناك. إذ أن الامر يختلف هنا كون موقع الجريمة أحد بيوت الله، ومستهدفيها أحبابه وعباده.وإن كانت الحادثة تعيد للأذهان ما يرتكب من مجازر بشعة وشنيعة داخل بيوت الله في عدد من المدن العراقية، جراء الفتنة الطائفية التي يحاول الاحتلال الإنجلوأمريكي إشعالها، إلا أننا لايمكننا عقد مقارنة بين ما حصل في عمران وما يحصل في العراق، لاختلاف الأسباب والدوافع في حادثة عمران التي نسأل الله أن تكون ناتجة حقاً عن اختلال عقلي لا أكثر.
لكن ذلك بالطبع لايعني أن تمر مثل هذه الحادثة مرور الكرام، إذ لابد من وقفة جادة من قبل الأجهزة المعنية في السلطة، وكل مواطني هذا البلد الذي يهمنا جميعاً أمنه واستقراره ووحدته.
محمود طه وفائز هاني
وذكرت مصادر أمنية بمحافظة عمران أنها ألقت القبض على ثلاثة أشخاص يشتبه بتورطهم في إشعال حريق بأحد مساجد المحافظة أثناء صلاة الجمعة، مما أدى الى إصابة ٣٣ مصلياً بحروق متعددة، ثمانية منهم وصفت إصابتهم بالخطيرة.
وحسب المصادر، فإن ثلاثة أشخاص أوقفوا للاشتباه بتورطهم بالقضية، وهو ما يتنافى مع تصريحات مصادر أمنية سابقة وكذا محافظ عمران بإلقاء القبض على شخص واحد متورط في حادث الحريق ويدعى حميد الشومي.
ومازالت الأجهزة الأمنية تحقق في الحادث مع المتهم لمعرفة دوافع الجريمة.
وكانت الحكومة شكلت لجنة مكونة من مدير أمن محافظة عمران وعضو المجلس المحلي بالمحافظة عن مديرية السودة، للتحقيق في الحادث.
وكان مجهولون قاموا، الجمعة الماضية، بإشعال النيران بمسجد منطقة »بيت العماري« بمديرية السودة التابعة لمحافظة عمران، بعد صب مادة البنزين على المصلين أثناء أدائهم الصلاة، ومن ثم إشعال النار وإغلاق باب المسجد من الخارج، ما أدى الى إصابة ٣٣ شخصاًَ، حروق ثمانية منهم بالغة، الى جانب مصلين آخرين يعانون من تأثير تنشق الدخان.
وفيما لم يتضح حتى اللحظة أسباب ودوافع الحادث، تضاربت التصريحات الأمنية حول الدافع، ليؤكد البعض أنها جنائية، فيما ذهبت تصريحات أخرى للقول بأن الجاني يعاني من حالة نفسية.
وقال شهود عيان تمكنوا من الفرار دون أن يصابوا بأذى، إنهم كانوا في مرحلة التشهد من صلاة الجمعة عندما اندلع الحريق بسرعة هائلة. موضحين أن شخصاً ما (أو أكثر) رش المصلين بالبنزين وأشعل النار فيهم قبل أن يفر دون أن يتعرف عليه أحد.
وذكر مسعفون أن معظم المصابين نقلوا الى مستشفى محافظة عمران العام، ونقل ستة منهم الى المستشفى الجمهوري بأمانة العاصمة لخطورة حالتهم، مشيرين الى أن معظم المصابين يعانون من حروق في أكثر من ٠٥٪ من أجسادهم.
تكرار الحوادث
والحادث ليس الأول من نوعه في محافظة عمران، حيث لقي ستة أشخاص مصرعهم، وأصيب ٠١ آخرون بجراح عندما هاجم مسلحان مسجدا بمديرية ذيبين، في ٠١/١/١٠٠٢م.
وأرجعت المصادر -آنذاك- سبب الهجوم الى خلافات بين الضحايا والجناة حول الترشيح للانتخابات المحلية قبل الماضية.
وأضافت أن الشجار احتدم، وبعد ذلك ذهب غالبية الحضور إلى المسجد لأداء صلاة العشاء، لكن المسلحين لحقا بهم، وفتحا النار من أسلحة رشاشة على المصلين، فقُتل خمسة أشخاص على الفور، وجرح ١١ آخرون توفي أحدهم لاحقاً متأثراً بجراحه.
كما شهدت المحافظة، بعد شهور عدة، حادثة مشابهة راح ضحيتها ما يزيد عن خمسة أشخاص وإصابة عشرات المصلين بمسجد منطقة »القصر« التابعة لمديرية خمر بمحافظة عمران، جراء إطلاق نيران مجهولة المصدر على المصلين أثناء صلاة الجمعة.
إحراق مساجد ومواجهات
وأحرقت ثلاثة مساجد، ليلاً، منتصف مارس من العام الماضي، من قبل مجهولين، في مناطق الغالة، الحمة، ودانة بمديرية حرف سفيان، حيث كان الجناة يعمدون الى تجميع الأثاث والمصاحف والكتب والمخطوطات إلى وسط المسجد، وإضرام النيران فيها.
ولم يجرِ أي تحقيق حول ذلك الحادث، الذي كان سبقته بعدة أيام مواجهات داخل الجامع الكبير بمركز المديرية ذاتها، سقط خلالها العديد من القتلى والجرحى، بسبب فرض خطيب سلفي، في ظل حملة فرض خطباء سلفيين على المساجد، وإقصاء خطباء »الزيدية« في عدد من المحافظات.
وكان أربعة أشخاص لقوا مصرعهم، وجرح سبعة آخرون، منتصف فبراير ١٠٠٢م، في هجوم مسلح على مسجد بمنطقة »الشعيب« بمحافظة لحج.
وأرجعت مصادر قبلية حينها أسباب الاشتباكات الى الانتخابات المحلية قبل الماضية في محافظة لحج.
ووقع الهجوم عندما فتح مسلح نيران مسدسه على عدد من المصلين كانوا في مسجد بقرية الشعيب.
وارجعت مصادر قبلية الهجوم الى خلافات بين القبائل، إذ جاء الهجوم إثر نزاع بين قبيلتين بشأن المرشحين للانتخابات المحلية قبل الماضية.
وهناك العديد من الحوادث المماثلة التي تكررت في أكثر من منطقة، ولأسباب متعددة ومختلفة.