نادراً ما يتجسد الشموخ والعزة وحب الأمة في رجل. المناضل عبدالقوي ناجي العربي واحد من أولئك الرجال. عاش طول حياته يحمل هم أمته بشرف وأمانة، جسده فكراً عندما اختار الناصرية طريقاً ومنهج حياة، وجسده عملياً بتواجده المستمر مدافعاً عما آمن به من خلال تنظيمه الذي انتمى إليه في بداية حياته، واستمر متنقلاً في كل مستوياته حتى وصوله الى اللجنة المركزية التي استمر عضواً فيها حتى المؤتمر العاشر للتنظيم.
العربي عبدالقوي علمنا منذ أن عرفناه، كيف تصنع المواقف، وكيف يكون الرجل والمناضل صاحب موقف. من صموده وشموخه، كنا نستمد روح مقاومة اليأس والتردد والتراجع.
كان -يرحمه الله- لايعرف أنصاف المواقف، يتطابق قوله مع سلوكه المؤطر تنظيماً.
آمن بأن الوحدة اليمنية طريق للوحدة العربية الشاملة، لذلك لايعرف في النضال الشمال والجنوب. كان حتى آخر نفس، يؤمن بأن اليمن وجد موحداً، وأن المصالح والاستعمار وأتباعه هم الذين قسموه. ووفقاً لهذا الإيمان، عرفته جبال تعز وإب وصعدة، كما عرفته جبال ردفان والضالع وأبين، جندياً يقاوم الإمامة والاستعمار.
بعد انتصار ثورة ٦٢سبتمبر، عاد جندياً يقدم كل ما يستطيع من جهد وعرق، من أجل إخراج الاستعمار. وبعد خروجه تحول بصورة تجبرك على احترامه، الى مواطن عادي، رفض الاقتتال، وقاوم دعاته وأعوانه.
اعتبر أكبر مكاسبه إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وكان يردد بأنها أول الخطوات لتحقيق وحدة الأمة.
عندما ألم به المرض الذي أقعده على السرير، كنت اذا زرته تجده كالأسد الجريح، يتألم لأنه أصبح عاجزاً عن المشاركة مع إخوانه ورفاق دربه، رغم متابعته لكل ما يدور داخل التنظيم وخارجه. يقابلك بحماس، ويحملك مسؤولية التنظيم والحفاظ عليه، ويحذرك من الدروب الفرعية.
والدي عبدالقوي ناجي العربي:
أكتب عنك بدم القلب، لذا أجد نفسي عاجزاً عن التعبير عما يدور في نفسي وقلبي ومشاعري نحوك. لكن نعاهدك بأن ما آمنت به، ونضالت من أجله طول حياتك، أصبح مجسداً فكراً وعملاً في تنظيمك: التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري. وإن الناصرية ومبادئها وأفكارها التي زرعتها فينا، أثمرت قيماً وسلوكاً، وأضحت مكوناً من مكونات كريات الدم المبقية لحياتنا.
نعاهدك بأن تبقى رايتك مرفوعة، وقيمك مجسدة في كل الناصريين.
الرحمة والغفران يغشانك، والجنة مثواك مع الشهداء والصديقين.
ابنك/ عبدالرقيب سيف فتح