Home News Locally

الوعود الرئاسية حين تتحول إلى كذبة كبرى

الحكومة تتفق مع التجار على مصادرة لقمة عيش البسطاء(تقرير)

الحكومة تتفق مع التجار على مصادرة لقمة عيش البسطاء(تقرير)

جنبا إلى جنب ترافقت التجهيزات الخاصة باحتفالات العيد السابع عشر للوحدة اليمنية مع ارتفاعات متتالية طرأت على أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمية ,لتسرق الأخيرة فرحة أبناء الشعب بعيد وحدتهم التي أفرغتها السياسات الاقتصادية الخاطئة من مضمونها .
بهرجة العيد انتهت فيما الأسعار مستمرة و بنسب مجنونة أنهكت كاهل ما تبقى من أبناء الطبقة المتوسطة في البلد .
وغير زيف الوعود الرئاسية بانتهاء عهود الجرع لم يعد المواطنون يتذكرون شيء .وها هم يعيشون اليوم أوضاعا أقل ما يمكن أن توصف بالمأساوية .

ووصلت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين خلال الأشهر القليلة الماضية إلى أدنى مستوياتها جراء الزيادات المتتالية على أسعار المواد الغذائية الأساسية كالقمح والدقيق والأرز والسكر والزيوت وغيرها من المواد الغذائية , وكذا أسعار مواد البناء والمواد الخدمية ,والتي أدت هي الأخرى إلى ارتفاع مؤشر البطالة بين السكان بعد توقف أعمال البناء والتشييد وهو ما ضاعف من معانات عدد كبير من الأسر اليمنية .
وسجلت المؤشرات الاقتصادية خلال الشهور القليلة الماضية أعلى معدل زيادة طرأت على هذه المواد ,حيث تراوحت نسب الزيادة في أسعار المواد الأساسية مابين  40%-100% مقارنة بما كانت عليه قبل انتخابات سبتمبر من العام الماضي .
واستهدفت الزيادات السعرية التي نفذت مباشرة عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة أهم المواد الغذائية الضرورية وبدون مبرر لذلك في غياب تام للرقابة الحكومية ما أدى إلى نتائج كارثية انعكست سلبا على مستوى حياة المواطنين الذين ارتفعت أعداد من يعيشون منهم تحت مستوى خط الفقر إلى معدلات خطيرة بعد أن تجاوزت 60% من نسبة السكان ,والنسبة في ارتفاع مضطرد .
إلى جانب تسجيل أعلى المعدلات العالمية للبطالة والأمية والتي تترافق مع تفاقم الحروب الداخلية واستفحال الفساد الذي ينهب موارد الدولة واقتصاد البلاد.
وبالنظر إلى طبيعة هذه الزيادات السعرية المتواصلة والمستهدفة للقمة عيش الطبقة المسحوقة في المجتمع والتي أصبحت تمثل غالبية المواطنين فان النتائج المباشرة لهذا الوضع المختل  قد أوصلت المواطنين إلى أدنى مستويات الكفاف الذي صارت فيه شروط الحياة الإنسانية معدومة.
وحتى الأسبوع الماضي وصل سعر كيس القمح إلى 4200 ريال و 3700 ريال سعر الكيس الدقيق الواحد .
وعلى مدار الساعة تتضاعف الأسعار بمزاجية وفوضى لا نظير لها استغلها عديد تجار من ذوي النفوذ والنفوس الضعيفة لجمع اكبر قدر ممكن من الأموال على حساب الام ومعاناة المواطن البسيط ,في ضل تساهل كبير تبديه الحكومة حيال مثل هؤلاء ,بل وعلى العكس من ذلك فان الحكومة اليمنية عمدت مؤخرا إلى تشجيع التجار على رفع الأسعار في اتفاق ابرم بين  مصلحة الضرائب والتجار تقوم بموجبه الحكومة بالتساهل حيال رفع الأسعار مقابل رفع نسبة الضريبة على التجار .
وبالقطع فان اتفاق كهذا هو اتفاق على الشعب من قبل طرفان تتداخل بينهما المصالح والعلاقات المشتركة ,وهو ما أكدته الانتخابات الرئاسية التي جمع خلالها التجار مبلغ مليار ريال لتمويل حملة مرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية.
وان كان عديد مراقبون استكثروا ما جمعه التجار من مبالغ لحملة صالح الانتخابية إلا أن التجار كانوا يدركون جيدا ما هم مقدمون عليه.
وبلغة الربح والخسارة فان مبلغ المليار ريال كان  القيمة التي دفعها التجار لشراء الضوء الأخضر من قبل الحكومة حيال ممارساتهم المستقبلية ,وهو ما حصل بالفعل ,ليجني التجار مليارات مضاعفة خلال شهور ما بعد الانتخابات الأخيرة .
 الألبان والزيوت والأرز والسكر هي الأخرى لم تسلم من نيران الأسعار الملتهبة لتصل نسب الزيادة فيها مابين 75 – 100% عن أسعارها الحقيقية قبل تنفيذ الجرعة.,حتى علبة الزبادي لم تسلم من هذه الجرع بعد أن وصلت نسبة الزيادة فيها إلى  100% عن سعرها  قبيل انتخابات 20 سبتمبر.
كما شهد قطاع البناء والتشييد أزمة حادة انعكست على معدل البطالة في المجتمع جراء ارتفاع أسعار الاسمنت وأحجار البناء (البلك)وصلت ذروتها مؤخرا باختفاء مادة الأسمنت وبيعه في السوق السوداء بسعر الكيس 1800 ريال في غياب أدنى الضوابط الرقابية الحكومية على المحتكرين رغم أن السعر الرسمي الذي اعلنته مصانع الاسمنت للكيس الواحد 50كج هو 975 ريال  ما نتج عن هذا الوضع حالة شلل كامل في مجال البناء كقطاع حيوي هام يعتمد عليه  الملايين من العمال في توفير لقمة عيشهم ومن يعولون.
وارجع اقتصاديون التردي المعيشي الذي تشهده البلد إلى فشل النظام الحاكم في إدارة شؤون الدولة وعدم اكتفاء مراكز قوى الفساد الحاكم بموارد البلد ونهب الثروات الوطنية لتعمد إلى السيطرة على القطاعات الاقتصادية المنتجة وتسلطها على مناشط الحياة ما أدى في النهاية إلى أن يؤؤل اقتصاد البلد إلى أيدي ائتلاف مراكز قوى الفساد والإقطاعيين من ذوي المصالح الشخصية,لتنحصر طبقات المجتمع في شريحتين الأولى الإقطاعيين وهم حيتان الفساد من ذوي النفوذ والتجار الذين تربطهم علاقة مصالح مع مسئولين رفيعون في الدولة ,يقابلها شريحة المعدمين والفقراء من أبناء الشعب وهم الغالبية العظمى والذي تحاول قوى الفساد تحويلهم إلى سخرة تعمل من اجل تحقيق مصالح شخصية قائمة على الإثراء الفاحش مقابل الفقر المدقع لملايين الجوعى والبطالة التي تتفاقم يوميا رغم وعود الرئيس أيضا بالقضاء عليها مع حلول العام 2008م.
الغلاء الفاحش والأوضاع المتدهورة لا يمكن  حصر أبعادها والوقوف على تفاعلاتها في أوساط شعب يعيش أصلا في ظروف لا إنسانية جراء الفقر المدقع والبطالة وتفاقم الحروب الداخلية  والفوضى .وما يمكننا أن نجزم به هو أن استمرار سياسات التجويع والإفقار بمثل هكذا وتيرة  ستضع بلاشك المجتمع اليمني في أتون مرحلة استثنائية  خطيرة  تصيب بشكل مباشر استقرار البلد وسلامة نسيجه الاجتماعي .
الرئيس ظل يعد مواطنيه طوال فترة الدعاية الانتخابية بيمن جديد ومستقبل أفضل ,ويبدو انه أوفى بوعده  فهذا هو اليمن الجديد الذي يعيشه اليمنيون اليوم في مستويات استثنائية جديدة لم يعهدوها من الفقر والجوع وانعدام سبل الحياة الإنسانية الكريمة ,وبالتالي فان الجرع السعرية المتتالية وما خلفته من ضحايا هي بمثابة عناوين لمستقبل اليمن الأفضل من وجهة نظر أحادية .
الرئيس قال وبالحرف الواحد للمواطنين في احد مهرجاناته الانتخابية :" انتهى عهد الجرع السعرية ومن يحدثكم بغير ذلك كاذب " , فبالله عليك يا فخامة الرئيس كيف تفسر ما يحدث اليوم ,وهل لا تزال مصرا على أن من حذر المواطنين من سياسات التجويع والإفقار الذي ينتهجها حزبك الحاكم كاذبون ؟!وحدك من يستطيع الإجابة على هذه التساؤلات التي يعرف الجميع مفادها بلا شك..
فقط كل ما يطلبه الشعب اليمني ونحن معه أن يترك الإعلام الرسمي الحديث عن المنجزات العملاقة جانبا لأنها لم تعد تنطلي على احد ,وفقط نريدمن الحكومة وقبلها رئيس الجمهورية لاعتبارات الحكم المركزي وحكم الفرد إعادة سعر علبة الزبادي وكيس القمح والمتطلبات المعيشية الضرورية إلى ما كانت عليه قبل تجديد البيعة للرئيس على الأقل .
بأي طريقة وأي شكل يجب أن تخفض الأسعار كمطلب ملح بعد أن عجزت الأسر عن الوفاء بمتطلبات الحياة الضرورية ..
كان بالإمكان دعم السلع الضرورية بالمليارات التي صرفت أثناء الاحتفالات الماضية بالعيد السابع عشر للوحدة , وقطعا  فأن الشعب كان سيسعد بالوحدة أكثر بكثير مما هو عليه اليوم .
وان لم يكن بمليارات بهرجة الاحتفالات فيجب دعم المواد الغذائية الرئيسية من أي بند آخر غير ذات جدوى وهي كثيرة في الموازنة العامة للدولة .
على النظام الحاكم في اليمن أن لا ينشغل كثيرا بإصلاح أوضاع الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ,وليرح باله من مشكلة الشرق الأوسط  والخلافات الإقليمية ,وليتفرغ قليلا لمشاكل الداخل التي تتعقد يوما بعد آخر حتى وصلت إلى مرحلة لم يعد بقدرة الشعب تحملها ,وان كانت قدرة المواطنين على التحمل قد فاقت كل التوقعات ,إلا أن من يراهن على مزيد من سكوت الشعب على مثل هكذا أوضاع واهم ولا يدرك حقيقة ما يعانيه المواطنين اليوم .
وان كانت قوى الفساد الحاكم تعتقد أن الطريقة المثلى لحكم الشعب هو بالتجويع والجرع والإفقار كأفضل ضمانات البقاء في الحكم فان هذا المفهوم لن يفرز غير نتائج عكسية  تقود البلاد إلى الانفجار عندما يفقد الشعب أمله بعيش كريم ولو بحدوده الدنيا.
 وبالتأكيد فان ما وصلت إليه الأوضاع المعيشية في البلاد أنما يحكي الواقع المأساوي للدولة  التي ينخر الفساد في كل هياكلها ويحيل واجباتها ووظائفها القانونية إلى أيادي ائتلاف قوى الفساد التي تسخر الدولة ككيان دستوري وقانوني لنهب الموارد العامة وتحقيق المصالح غير المشروعة لقلة فاسدة حتى تحولت الدولة إلى حق شخصي يشرعن للفساد ويرعى مصالح الائتلاف القائم بين مراكز ه  وقوى الاحتكار .
إن انتهاج الكذب على الشعب كسياسة للحكم لن تؤدي إلا الى المزيد من التدهور والمعاناة وتقضي على آمال المواطنين وتطلعاتهم لمستقبل أكثر رخاء .
ومن المؤكد أن الشعب قد أدرك انه لا يستطيع أن يعيش على الكذب والوعود الزائفة مهما حاول الإعلام الرسمي بلورتها وتقديما بقوالب مختلفة.
الجوع كافر والفرق شاسع بين الوعود بالقضاء على الجرع السعرية وبين الاكتواء بنارها مثلما أن الحديث مستقبلا عن مبادلة الوفاء بالوفاء ليس أكثر من هراء يجب أن يتوقف إن تبقت هناك ولو ذرة من حياء او قطرة ماء في الوجوه.