Home News Locally

أنشئت لتنتهي بعد إن كلفت الدولة مليارات الريالات

إب ..الأمــطــار تــجــــرف مـــشــاريـــــع الــــوهــــــــم

إب ..الأمــطــار تــجــــرف مـــشــاريـــــع الــــوهــــــــم

مثلما كانت لمحافظة إب أفراحها وبهرجتها وهي تحتفل الثلاثاء قبل الماضي بالعيد السابع عشر للوحدة اليمنية الذي احتضنته هذا العام ,كان نقيض ذلك بانتظارها الثلاثاء الذي تلاه حين تحولت مشاريع موازنتها الاستثنائية إلى بقايا حطام وأكوام من الإسفلت والأتربة والأحجار .
إذا هو أسبوع واحد لا غير عمر المشاريع التي كلفت خزينة الدولة مليارات الريالات ذهبت مع الأمطار ,جراء التحايل في المواصفات وضغط العمل الذي كان يجب أن ينتهي قبل قدوم القائد إلى المحافظة بأي شكل كان .
وبالفعل حضر القائد وافتتح المشاريع وعرض الإعلام الرسمي وإعلام الحاكم صور المنجزات التي دفع ثمنها من أموال شعب يعيش مستويات متدنية من الفقر والفاقة.. ولكن ماذا بعد ؟!
انتهت البهرجة وغادر القائد لتغادر بعده مشاريع طال انتظارها, ووحدهم حيتان الفساد ورموزه من استلموا الثمن..فأي وطن هذا الذي يزايد في بنائه الافاكون.
أي سلطة هذه وأي حكومة التي لا تحركها فضيحة كبرى بحجم الكارثة التي حلت بمشاريع إب ؟وأي شعب هذا الذي وصلت به حالة الصمت والانزواء إلى مرحلة الذل المقيت ؟!

أكثر من أربعة أشهر ومحافظة إب تحولت إلى ثكنات عسكرية مليئة بالعسس والمخبرين ,والإجراءات الأمنية المعقدة التي أعلنت حالة طوارئ في المحافظة شرد خلالها الباعة المتجولين ومنع طلاب الجامعة من تحصيلهم العلمي وتعرض المواطنين وأصحاب المحلات للمضايقة والتهديد ,كل ذلك بحجة أن المحافظة تعيش حالة استثنائية من التنمية والبناء لن تتكرر , وهو ما جعل أبناء المحافظة يتحملون كل تلك الممارسات .لكن ما الذي حصل وأين هي تلك المشاريع العملاقة ..
لا شيء نفذ غير نصب "كمبات" الكهرباء الغير متوفرة أصلا ,وشق وسفلتة بعض الشوارع في المدينة ومداخلها ,والأخيرة فقط كانت قد عدت انجازا على طريقة شيء أفضل من لا شيء ,إلا أنها لم تدم أكثر من أسبوع واحد فقط على افتتاحها .
الصور التي ننشرها هنا هي لمشاريع طرقات افتتحت في الثاني والعشرين من مايو المنصرم, وكشفت زيف تنفيذها الأمطار التي من الله بها على المدينة الثلاثاء الماضي (29/5/2007) والتي حولتها إلى مجاري للسيول وأماكن لإعاقة السير.
الكارثة لا تتوقف عند تعرض مخصصات تلك المشاريع للنهب والاستيلاء فقط , بل في سكوت الحكومة حيال ما حدث .
المطلوب ببساطة فتح تحقيق في الفضيحة ,واطلاع الرأي العام على مسببيها ومعاقبتهم بما يتناسب والجرم الذي اقترفوه أمام مسمع مرأى الجميع..
ما يجب اتخاذه قبل أي تبرير يمكن للحكومة الخروج به هو استدعاء الشركات المنفذة للمشاريع والمهندسين المشرفين عليها وكذا قيادة المحافظة ومسئولي الوزارات المعنية, كمتهمين جميعا في نهب المال العام والتحايل في تنفيذ مشاريع حكومية ,وليترك بعد للجهات الأمنية المختصة مباشرة عملها وإصدار أحكامها دون تدخل من احد .
وقبل ذلك كله يجب إقالة محافظ محافظة إب على الفور مع تحويله للمساءلة القانونية بعد أن اثبت فشله في قيادة المحافظة , التي لم تستفد حتى من الميزانية الإضافية الخاصة باحتفالات عيد الوحدة .
سلبية الرجل وعدم تفاعله مع ما يهم المحافظة بحكم موقعه جعل مخصصات محافظة إب عرضة للنهب والسلب والتقطع من قبل كل من هب ودب لتتحول المحافظة برمتها إلى إقطاعية خاصة بأمين عام المجلس المحلي يتقاسم خيراتها ومناصبها مع عدد من أفراد أسرته ومقربيه .
يحق لأبناء إب أن يترحموا على أيام عبد القادر هلال ومن قبله المحافظ الخولاني , في ضل محافظهم الحالي الذي صار بقائه على رأس المحافظة بمثابة العقاب الذي تمارسه السلطة على أبناء إب دون أي ذنب ارتكبوه.
ويبدو أن قافلة الشهداء منذ بزوغ عهد الثورة وما تلى ذلك من تضحيات جسيمة قدمها أبناء إب ليست كافية لرفع هذا الجور الواقع على المحافظة وأبنائها المتمثل بتسليم رقابهم إلى أيادي ليست أمينة بكل المقاييس .
مثلما لم يكفي لذلك عشرات القتلى الذين ذهبوا ضحية إشباع غرور الذات في مهرجان انتخابي كشف هو الآخر عن حجم الفساد والتلاعب في إنشاء استاد إب الرياضي الذي استغرق إنشائه قرابة ثلاثة عقود من الزمان ,لينهار في أول تجمع يشهده ,ويأتي على مئات القتلى والجرحى مثلما أتى منفذوه قبل ذلك على قرابة المليار والنصف  كتكلفة إجمالية للمشروع استمرت في التصاعد منذ كانت 75 مليون ريال فقط.
لن نفرط في الكلام فمهما تحدثنا سيضل ما حصل في مدينة إب وما يحصل في ربوع هذا الوطن من ممارسات نهب و فيد لثرواته وخيراته اكبر من مفرداتنا اليتيمة .
وهاهي مدينة إب قد عادت كما كانت عليه قبل احتضانها لاحتفالات العيد السابع عشر للوحدة اليمنية ,إن لم يكن حالها اليوم أسوأ بكثير جراء التدمير الجائر الذي لحق بمشاريع الطرقات الحديثة ,والتي حولتها من مشاريع خدمية إلى خراب يعيق حركة السيارات ويحول مجرى السيول نحو المنازل وساكنيها .
ولم يتبقى من مليارات احتفالات الوحدة بمحافظة إب غير صور رئيس الجمهورية المنتشرة في كل مكان , لكنها عجزت عن فعل شيء حيال ما يحدث في المدينة , مثلما عجز رئيس الجمهورية ذاته عن اجتثاث الفساد محاسبة رموزه , الذين تحدث عنهم كثيرا في خطابات وبرامج لم يعد يلامس المواطنين غير كل ما هو نقيض ومخالف لها.