Home News Locally

الأستاذ محمد فائق وزير إعلام عبدالناصر لـ«الوحدوي»:

الأنظمة الرسمية تحركها الإدارة الأمريكية

الأنظمة الرسمية تحركها الإدارة الأمريكية

نفض يده من الأنظمة الرسمية العربية، بعد سلسلة من التواطؤ والانهيارات التي استباحت الأمة، ويرى أن لا مناص للأمة سوى الحركة الشعبية المقاومة لكل المخططات والاتفاقات التي قيدت حرية الشعوب حتى من التعبير وحرية التظاهر ضد أعداء الامة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
الأستاذ محمد فائق وزير إعلام عبدالناصر، والأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، يطرح حلولاً لاستنهاض مجد الأمة، منها النضال ضد قمع الاستبداد، واحترام حقوق الإنسان، ومقاومة مشاريع التجزئة.
تالياً نص الحوار:

حاوره :أحمد سعيد:


> الأستاذ محمد فائق وأنت عاصرت أهم مراحل قوة الأمة أثناء العهد الناصري تلاحظ هذا الانهيار الكبير الآن.. في تقديرك الى أين تسير الأمة؟
- الأمة العربية تعاني الآن من الاحتلال، وتعاني من الإرهاب ومن قوانين الإرهاب، تلك القوانين التي رفعت وتيرة الإرهاب، وبالخصوص تصرف الإدارة الأمريكية تجاه الإرهاب، أو ما يسمى بحرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب.
الأمة تعاني من كل هذه القضايا لأنها أساس أشياء كثيرة، سواءً كان الاحتلال في العراق أو في فلسطين. أيضاً نعاني من الحروب الأهلية في السودان، وكل هذه في الحقيقة مشاكل تسعى الى تجزئة الامة العربية. والواضح أن الوطن العربي مع حالة الانقسام التي يعيشها، يزداد تفتيتاً بسبب غياب الوحدة.
> الوحدة العربية ممكنة الآن..
- نحن في الحقيقة محتاجون الى أن نكوِّن كياناً كبيراً، بمعنى حتى اذا كنا غير قادرين أن نحقق الوحدة، علينا أن نتصرف ككيان كبير كالاتحاد الأوروبي أو كما هو الحاصل في الاتحاد الأفريقي. نحن في عالم لم يعد للمشاريع القطرية أية جدوى، وإذا لم نكن كياناً كبيراً كأمة عربية سوف تكون قضايانا كلها مؤممة أو مدولة باستمرار، لانستطيع أن نحل قضايانا السياسية والاقتصادية... الخ.
> الى أي مدى يمكن تحقيق ما ذهبت اليه في ظل الاحتلال والهيمنة على المنطقة أمريكياً وصهيونياً؟
- العقبة الوحيدة الآن هي غياب الإرادات العربية وبالإمكان تحقيق هذه الفكرة، لكن لأن الجامعة العربية تجتمع والإرادات غائبة والأفراد والزعامات موجودة، لكن إرادتها غائبة، تحركها الولايات المتحدة الأمريكية وجهات أخرى. والقضية هنا في هذه الجريئة هي قضية إرادة، فإن وجدت الإرادة فكل هذا ممكن.
> تطلب الإرادة ممن..؟
- الشعوب عليها أن تتحرك، وانظر الى المقاومة. المقاومة ليست بالسلاح، ولكنها مقاومة مشاريع التجزئة والمخططات التي تمزق الأمة، مقاومة القمع والقهر. كل ذلك لايمكن أن يأتي إلا بحركة شعبية كبيرة وحراك شعبي كبير.
> عادة ما تصطدم إرادة الشعوب بقمع الأنظمة، وأنت كحقوقي كبير مطلع على انتهاكات الأنظمة لحقوق الإنسان.
- صحيح هناك سلسلة من قمع الحريات وانتهاك لحقوق الإنسان، وهذا ازداد أكثر بعد أحداث 11سبتمبر (أيلول). وحقيقة حدثت انتكاسة كبيرة في مجال حقوق الإنسان بعد ما قامت به الولايات المتحدة بما سمي بالحرب ضد الإرهاب، وحصل تراجع كبير.
الآن بدأت الكثير من المقاومات ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ليس مقتصراً على الوطن العربي، ولكن في خارجه أيضاً.
أقول إن الحركة الشعبية حركة مهمة جداً، أيضاً حركة المجتمع المدني. كنت أتمنى أن تكون هناك حكومات تستطيع أن تفعل ما فعلته مثلاً حكومة فنزويلا، وتلتحم بشعوبها، وتستطيع أن تقاوم الهيمنة الأمريكية، لكن للأسف الشديد في ظل غياب هذا، علينا أن نتحرك شعبياً.. علينا أن نتحرك كمنظمات ونقابات، الى أن تقوم مثل هذه الحكومات. وأستطيع أن أقول لك إن الضغط الشعبي أصبح حاسماً، وأصبح بالمقابل يوضع في الحسبان، فنحن لسنا أمة ميتة ولا أمة انتهت.. ليس مستحيلاً استنهاض الأمة. صحيح أن ما وصلنا إليه لم نكن نتخيله من التدني في كل شيء، ولكن لايجوز في أية حال من الأحوال أن نيأس.. مسموح لنا أن نقلق.. أن نحزن.. أن نغضب، ومحرم علينا اليأس.
> السوادن عمق مصر الاستراتيجي، هناك محاولات للهيمنة عليه عبر دارفور والقاهرة بدون دور.
- السودان أصبح مطمعاً نتيجة الثروات الزائدة فيه، وخاصة البترول. ويمكن القول أيضاً إن غياب الوحدة الوطنية يفتح الباب لتدخل أجنبي، وهذا في الحقيقة ما يحدث في السودان.
في فترة طويلة أثناء تولي حكومة الإنقاذ، كانت أحادية ترفض كل الأطراف الأخرى، وأصبح جزء كبير جداً من السودانيين، لأول مرة في تاريخهم، موجودين خارج السودان، وهذا دليل قاطع على غياب الوحدة الوطنية.
> في تقديرك ما هو الحل لأزمة دارفور؟
- في رأيي، الحل الحقيقي لقضية دارفور هو المصالحة السياسية على مستوى الدولة، وهذا الذي يقوي موقف الحكومة السودانية في مواجهة التدخلات الأجنبية.. مشكلة دارفور تحل بالخرطوم أولاً، هي من تبدأ بالفعل.
للأسف الشديد، الذي يروج أن دارفور لايتعامل معها إلا الأجانب، سواءً كانوا من الإغاثة أو غيره، هل يمكن تحويل شعب عالة يعيش على الإغاثة في داخل دارفور؟! هذا غير معقول.
> الغرب يروج في الخارج أن العرب في دارفور يقتلون الأفارقة.
- هذا الانطباع للأسف موجود في الخارج، والحقيقة والواقع يخالف ذلك، لأن دارفور شعب واحد، ومحاولة إيجاد فرقة وإذكاء مثل هذه الفتنة ما هي إلا قضية مصطنعة صنعت ما بعد أزمة دارفور وليس قبلها، إنما إطالة هذه المشكلة ومحاولة حلها فقط عسكرياً.. في اعتقادي هذه قضية لاتحل إلا سياسياً داخل دارفور، وتيارات دارفور لابد أن تشارك في الحل.
وأيضاً على مستوى الوطن العربي، نحن في فترة تاريخية خطيرة جداً في السودان، وهي الفترة الانتقالية، مضت سنتان من الاتفاق، والباقي حوالي أربع سنوات، ماذا فعل السودان؟
أقول، اذا استمر الوضع بهذا الشكل سينفصل الجنوب بكل تأكيد، لأن فكرة إقامة سودان ديمقراطي حقيقي أفريقي عربي في ظل هذا الوضع، لايمكن، وسينفصل الجنوب عن الشمال.
> في هذا السياق تنوقلت أنباء عن عدم نية حكومة جنوب السودان التدريس باللغة العربية في المدارس.
- هذا تطور كبير في هذه المشكلة، لكن من أوصل الأمور الى هذا الحد؟ نحن الذين أوصلناها.. غياب الديمقراطية وغياب حقوق الإنسان واستمرار الإصرار على اتجاه واحد وتهميش الاتجاهات الأخرى.. كل هذه الأشياء هي التي أوصلت الامور الى هذا الشكل.
> أنتم كمنظمة عربية لحقوق الإنسان.. هل لديكم إحصائية لأزمة دارفور من ضحايا ونازحين؟
- الى حد ما، توجد. لكن الإحصائيات منشورة في أماكن كثيرة ليس في المنظمة فقط، وتورد عدد النازحين في الداخل، وعدد النازحين في الخارج. كل هذه الأرقام موجودة، والمأساة كبيرة جداً سواءً في دارفور أو في العراق. والحقيقة المجتمع الدولي لاشك أنه يكيل بمكيالين، ويحل المسائل بشكل انتقائي. ونشعر أن هناك هجمة على الأمة العربية.
> الديمقراطية شعار أمريكي حوَّل المنطقة الى خرائب وشلالات من الدماء.
- بكل تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية لايمكن أن تقيم ديمقراطية، ولا تصل الديمقراطية على ظهور الدبابات وأفواه المدافع. هذا مستحيل.
الشيء الآخر أن تصرف الولايات المتحدة في منطقتنا العربية لا علاقة له لا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان، أكبر منتهك للديمقراطية وحقوق الانسان في هذه المنطقة هي أمريكا، وهي انتقلت من الضغط على الحكومات بالتغيير الى ما تسميه الاستقرار ودعم الحكومات الموجودة كما هي وعلى عدم التغيير. بعد فشل مشروعها للتغيير أو الإصلاح في ما يسمى بنظام شرق أوسط، انتقلوا الى فكرة تسوية الأوضاع.
أمريكا لاتأتي بديمقراطية، وليست من مصلحتها. هي تريد ديمقراطية على شرط أن تختار هي القيادات، وهذا ما حدث في فلسطين، اعترض على ياسر عرفات، ثم على حكومة حماس المنتخبة.
على كل الأحوال، ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية عبث وعبث كبير.
> السودان، العراق، فلسطين والآن الصومال.. هل اكتمل الجرح العربي؟
- مازال وللأسف الشديد الجروح مفتوحة كلها، والإصلاح لابد أن يكون بأيدينا وليس بيد الغرب.
الولايات المتحدة الأمريكية استدعت أثيوبيا الى الصومال، ماذا حدث.. هذه أكبر كارثة بالنسبة للصومال، لأن الإدارة الأمريكية لاتفهم ما هو الصومال وشعبه، ولا تفهم حقيقة العلاقة بين أثيوبيا والصومال، ولا يمكن أن يتخيل واحد عنده أبسط المعرفة بالمنطقة، أن يقوم باستدعاء قوات أثيوبية في مهمة حل الإشكالية الصومالية. هذا عبث.
> خلصت المخططات الأمريكية في المنطقة الى الفتنة الطائفية أو الخطر المذهبي.. ما تعليقك؟
- هذا أخطر ما تواجهه الأمة العربية على الإطلاق في هذه المخططات. هم يريدون فتنة بين السنة والشيعة، وقد ظهرت في العراق، ويحاولون الآن جرجرة لبنان لها، وفي أماكن عديدة. يجب أن نتصدى لهم، لأنهم وببساطة اذا كانوا يتصورون -كما قالت بعض النظريات- أن الإسلام هو العدو الحقيقي، فهذا ينم وفق ما يعتقدونه، فيعملون على تفتيت هذا الإسلام وتقسيمه. وإذا تم الاستجابة للفتنة الطائفية، يكونون حققوا أكبر ضربة للأمة العربية والأمة الإسلامية، وهو موضوع الفتنة بين الشيعة والسنة، وعلينا أن نسعى الى إطفاء هذه الحروب، خصوصاً نحن القوميين، لأن نتائحها ستكون مدمرة مدمرة.