Home News Locally

17يـولـيـو.. مـنـاسـبـة شـطـريـة

17يـولـيـو..  مـنـاسـبـة شـطـريـة

لاندري لماذا يصر نظام الحكم وإعلامه على الاحتفاء بذكرى الجلوس في نسختها التاسعة والعشرين، في مشهد استفزازي لمشاعر ملايين اليمنيين الذين دفعوا ثمن استمرار وضع رديء قارب بمأساويته من الثلاثة العقود!
ولا نعرف كيف يقبل الرئيس علي عبدالله صالح استنفار مؤسسات الدولة للتغني بمناسبة شطرية لاتعني كافة اليمنيين، وهو من كان يكفيه أن التاريخ قد سجل مشاركته في إعلان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية التي ناضل من أجلها شعب بأكمله عقوداً طويلة!
ولأن المناسبة ليست بالحدث الذي يمكن الوقوف عند إنجازاتها مقارنة بمأساوية بلد تجرع ويلات فوضى 30عاماً من استنزاف الثروات، وإنهاك البلاد بالحروب وإدارة الصراعات، فإنه كان من الأحرى عدم التوقف عند مثل هكذا مناسبة.
ولو كان هناك ما يمكن ذكره في هذه المرحلة، فإن الوحدة اليمنية جبت ما قبلها في ما يخص الرئيس صالح الذي كان أحرى به أن يركز على مناسبات وحدوية، وكان يكفيه أنه دخل والأستاذ علي سالم البيض التاريخ، كون القدر ساعدهما لإعلان تحقيق الوحدة اليمنية، ومواصلة جهود القوى الوطنية ورؤساء سابقين مهدوا لمثل هكذا حدث، كالشهيد إبراهيم الحمدي، وسالم ربيع علي، وعبدالفتاح إسماعيل، وحتى علي ناصر محمد.
من المؤسف أن يحيطنا الإعلام الرسمي بضجة صاخبة حول مناسبة شطرية، فيما أوضاع البلد بالغة السوء، وسياسة الحاكم تقوده نحو الكارثة.
فبماذا يحتفون..؟ وأين هي الإنجازات العملاقة التي يمكن أن تحول هذا الحدث الى مناسبة وطنية؟
ألا يدرك هؤلاء أن هذه المناسبة تأتي تزامناً مع أصوات 60 ألف عسكري يبحثون عن حقوقهم، ويطالبون بمواطنة متساوية؟
أنسي هؤلاء أن الذكرى التاسعة والعشرين لتولي صالح الحكم، تمر والحرب لم تنطفئ شرارتها في صعدة، والاحتقانات تبرز لنا تمرد شحتور في أبين، وسخطاً عارماً في مختلف أرجاء البلاد، بعد أن بيعت لقمة العيش لتجار هم في الأصل مسؤولو البلد؟!
أوضاع البلاد السيئة تقودنا اليوم لرفع شعارات: كفى التغني بأوهام الحاكم على حساب معاناة شعب.
سيدي الرئيس: في ذكرى جلوسك التاسعة والعشرين.. هناك ما يقارب 50 ألف طفل يمني هربوا من جحيم الأوضاع.. وملايين الكبار يبحثون عن مخرج للهروب من البلد، بعد أن التهمتهم ظاهرة البطالة، وجلدهم الفقر، وسلب كبرياءهم فساد نظامك الذي لم يبقِ على شيء جميل في هذا البلد.
التقارير الدولة تقول إن اليمن تتصدر الدول الفاشلة اقتصادياً في العالم، وتتصدر قائمة الدول الأكثر فساداً. والواقع يقول أيضاً إن أجهزة الدولة تقمع الصحافيين، وتضيق على الحريات العام، وتدير البلد إدارة بوليسية بثوب ديمقراطي.
تمر علينا كل عام في فترات متفاوتة، ذكرى تسعة رؤساء حكموا اليمن دون أن نجد حتى وسيلة رسمية تشير لمحاسن هؤلاء.. ولو حددث ذلك لحسب بإيجابية لنظام 17يوليو الحالي.
أتذكر الآن انتفاضة الجياع في 20يوليو 2005م , التي أتت بعد أيام قلائل من بداية مسرحية الرئيس. حينها خرجت الجماهير الجائعة معلنة فشل النظام في إدارة البلاد، واستمراره في سحق المواطنين، وسرقة لقمة عيشهم.
لم تنطلِ عليهم حينها الخدعة للسكوت عن سياسة خاطئة وليسطروا أروع مشاهد الاحتجاج على إدارة نظام 17يوليو للبلاد.. فما أحوجنا اليوم لانتفاضة على أوضاع زدات سوءاً عن سوء 2005.
هذا الاستنفار الإعلامي والمؤسسي للاحتفاء بالمناسبة، في ظل حكم صالح لا أعرف هل سببه الشعور بأنها الفرصة الأخيرة للاحتفاء بالمناسبة، أم أن هناك من يحاول التغطية على الأوضاع القائمة بالاحتفاء بالفرد في ظل غياب مؤسسات وطنية للدولة..؟! إن في الأمر حيرة..!
يحتفلون اليوم بذكرى الجلوس، فيما البلد مليء بالاحتقانات، دون إعارة هذا الفوران أي اهتمام.
الفظيع في الأمر أن هذه الاحتقانات أبرزت أصواتاً تنادي بالانفصال، وهو أمر مقلق كما هو مرفوض، وتشعر بفقد «الوحدة».
والأفظع من ذلك أن النظام يستفز الجميع، ويحتفي بمناسبة شطرية، لاتعني كثيراً ممن عرفوا الرئيس كمسؤول عليهم إلا منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990م.
فلماذا هذا الإصرار غير المدروس؟ ألا يكفي إبراز علي عبدالله صالح كرئيس لدول الجمهورية اليمنية، دولة اليمن الموحد.
لأن وضع اليمن الموحد لانرى فيه امتداداً لنظام 17يوليو.. بل لنضالات شعب والتقاء إرادة السياسة الشطرية حينها لالتقاط اللحظة التاريخية...ما يعني أنه لايجوز إلغاء دور الحزب الاشتراكي اليمني في إعادة تحقيق الوحدة، وكذا القوى الوطنية الأخرى.
نتمنى أن يتوقف تجيير اليمن لصالح الرئيس، ليكون «رئيساً من أجل اليمن.. لا يمن من أجل الرئيس».. وأن نزيل رواسب التشطير من قاموس يمن 22مايو المجيد.