Home News Locally

عبدالملك المخلافي :

اتهام الحزب الحاكم لنا بالعمالة بضاعة كاسدة

اتهام الحزب الحاكم لنا بالعمالة بضاعة كاسدة

نفى عبدالملك المخلافي الأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في اليمن وعضو لجنته المركزية حاليا وجود علاقة حوار حقيقي بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة العاملة، في الساحة اليمنية، مؤكدا غياب دولة النظام والقانون والمؤسسات.  وقال في حوار  اجراه معه موقع "ايلاف" الاخباري إن الحكومة اليمنية لم تحقق اي شيء يذكر على أرض الواقع فيما يتعلق بالاصلاح الاقتصادي مشيرا الى أن برنامج الاصلاح الاداري والمالي الذي بدأ تطبيقه في أوائل التسعينيات ما هو في الحقيقة إلا مزيد من المعاناة واتساع رقعة الفقر بين افراد الشعب اليمني الذي تعيش نسبة عالية منه تحت مستوى خط الفقر. وأوضح المخلافي ان اليمن تعتمد حاليا اعتمادا كليا على النفط في مواردها المالية منوها الى أن الفساد قد طال هذا القطاع المهم، وقال إن البلاد ستعيش أزمة حقيقية في حال نضوب ثروتها النفطية.
كما انتقد العلاقة القائمة بين اليمن والولايات المتحدة ووصفها بعديمة الشفافية أمام الرأي العام اليمني، ونفى اتهام أحزاب المعارضة بالعمالة
للخارج واعتبرها لغة قديمة يرددها الحزب الحاكم وبضاعة كاسدة لا يملك سواها
الوحدوي نت تعيد نشر نص الحوار:

* كيف تقيّم المشهد السياسي في اليمن حالياً؟
- أعتقد أن اليمن تشهد مرحلة تحول صعبة واستطيع القول إن الديمقراطية والتجربة السياسية هي على مفترق طرق فإما ان تستكمل رحلتها
حتى تصبح ديمقراطية حقيقية وهذا يقتضي ان يكون هناك مشروع سياسي يتجاوز كل العثرات التي واجهتها التجربة الديمقراطية على مدى 14 عاما، وإما ان تستكمل انحدارها نحو الديمقراطية المقيدة والشكيلة واقول انه ما لم يكن هناك اصلاح سياسي فان الديمقراطية في اليمن وصلت الى طريق مسدود بسبب الكثير من الممارسات التي تؤدي الى الحد من الحريات التي تحققت.

* مثل ماذا هذه الممارسات؟

- الانتخابات لم تعد قادرة على أن تقنع أحدا بانها انتخابات حقيقية قادرة على التغيير، إذ ان الانتخابات الثلاثة الماضية افرزت حزباً واحداً مهيمناً وجعلت بقية الاحزاب مجرد حضور شكلي ضمن هامش محدد. غير مسموح لها ان تتجاوزه وكذلك الصحافة تتعرض الآن لهجمة شرسة وهي التي كانت الانجاز الحقيقي الوحيد، في التجربة الديمقراطية اليمنية واعتقد ان مسألة الاحكام المتتالية على الصحف واستغلال القضاء لتوجيه ضربات للصحافة هو تعبير عن مثل هذا بما في ذلك حبس الصحفيين وتغريم الصحف واصدار الأوامر باغلاقها وكلها تؤكد ان هناك قيوداً كبيرة في هذا الجانب.

* هل يفهم من كلامك أن هناك تزويراً للانتخابات؟

- دعنا نقول انه لا يقتضي الامر ان يكون هناك تزوير بالمعنى التقليدي الكلاسيكي ونزاهة الانتخابات لا يمكن ان تتحقق في ظل سيطرة الحزب الحاكم على الاعلام والمال العام والوظيفة العامة والادارة وان كل أجهزة الدولة تدخل طرفاً في الانتخابات لصالح الحزب الحاكم والانتخابات الحرة النزيهة لا تكون إلا بين أحزاب وما يحدث في اليمن أن أحزاب المعارضة تخوض سباق الانتخابات مع الدولة وليست مع الحزب الحاكم، والذي يفوز على أحزاب المعارضة هو الدولة بكل امكاناتها وليس الحزب الحاكم.

* كما تعلم أن في اليمن الآن خطين متوازيين هما القبيلة ودولة النظام والمؤسسات، وهناك تعارض بينهما، متى يأتي اليوم الذي نرى فيه سيادة

المؤسساتية بدلا عن القبيلة؟
- أعتقد أن المشكلة ليست القبيلة وانما هي القبلية السياسية اي ان السياسة تسعى لتحويل القبيلة الى مؤسسة تحكم وتفرض قيمها على الدولة
ويمكن ان تكون هناك انتماءات قبلية مختلفة ولكن هذا مجرد انتماء لا يعني شيئا، أما أن تتحول القبلية الى سياسة رسمية للتمايز وعدم المساواة بين الناس وتغييب القانون فتلك هي المصيبة الكبيرة التي تشهدها اليمن.  وأظن أن دولة النظام والقانون غائبة ومازالت ولا يمكن في تقديري ان تحل دولة النظام محل الفوضى الموجودة الا اذا توافرت إرادة سياسية تسعى إلى تحقيق اصلاح حقيقي يعيد الاعتبار لمؤسسة الدولة والفصل بين السلطات ولتحديد صلاحيات السلطة التنفيذية وعدم تدخلها في شؤون السلطة القضائية او التشريعية والمساواة بين المواطنين أمام القانون وجعل السلطة التشريعية حقيقية في الرقابة وجعل القضاء حَكَمَاً فيما بين الناس.

* كيف تنظر الى العلاقة القائمة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة.. هل هي علاقة تنافر أم توافق؟
- مع الأسف لا يمكن ان نقول ان هناك علاقة حوار حقيقية بين الطرفين- خاصة في الآونة الاخيرة- ومن المؤكد انه لا توجد قطيعة
على المستوى المباشر وربما يعود ذلك لطبيعة النظام الاجتماعي والسياسي من اليمن الذي يبقي قدراً من الاتصال، لكن اعتقد ان هذه الفترة شهدت انقطاعاً في الحوار من جانب السلطة ورغبة في الاستئثار وتجاهل الاخر اكثر من اي فترة مضت وانا هنا أشير الى انه صدر منذ اكثر من عام ما سمي بقانون تنظيم المسيرات والمظاهرات وهذا القانون قد أدى الى أن تمنع الاحزاب من وسيلة التعبير الوحيدة التي كانت بيدها للضغط أو لاظهار مواقفها تجاه مختلف القضايا.. واليوم في ظل التضييق على الصحافة وما تتعرض له الاحزاب من تهديدات ومن ضمنها التهديد الذي برز عبر بيان للجنة شؤون الاحزاب وهي لجنة ليست من صلاحيتها مثل هذا البيان الذي تهدد فيه بحل أحزاب المعارضة وفي ظل وجود مثل هذا القانون الذي يمنع المسيرات، كل هذا يؤكد انه لم تعد هناك وسيلة من وسائل التعبير خارج اطار الحوار المباشر مع السلطة وفي نفس الوقت الذي فيه الحوار مقطوع واظن ان هناك انسداداً في العملية السياسية تقتضي من وجهة نظري حواراً جاداً وحقيقياً بين السلطة والمعارضة بهدف تحقيق اصلاحات ولكي ينجح هذا الحوار لابد من التوافق بين السلطة والمعارضة على مسألتين أساسيتين هما:

- إقرار السلطة بحاجة الى الاصلاح.
- اقرار المعارضة بانها لا تبدأ من الصفر وان هناك انجازات تمت في العملية الديمقراطية تحتاج الى اصلاحات دون ان تنكر كل شيء.

* إلى أي مدى تتمتع الصحافة الحزبية بالحرية في النقد؟
- لا أنكر أن الصحافة تمتعت بقدر من الحرية وهناك مستوى من النقد جيد ولكن في الفترة الاخيرة شهدت ضغوطاً عالية على الصحافة
واصبح القضاء سيفاً مسلطاً على الصحفيين ومعظم الصحف صدرت عليها احكام قضائية والعديد منها جرجرت الى المحاكم وبعض الصحفيين دخلوا السجون وكل هذا الهدف منه الحد من حرية التعبير ومن ثم فانه لا يكفي القول ان هناك مساحة كبيرة من الحرية قد تحققت للصحافة اذ لابد من النظر الى مثل هذه الممارسات وفي تقديري فانه لابد ان يكون هناك التزام صارم بمنع حبس الصحفي لمجرد ان يعبر عن رأيه ومنع مبدأ اغلاق الصحف لانها تعبر عن الرأي.

* في أوائل التسعينيات صدر برنامج الاصلاح المالي والاداري وكما لوحظ تم تطبيق الشق الخاص بالاصلاح الاداري المتمثل في الغاء

الازدواج الوظيفي ورفع الدعم عن السلع بينما ظل الاصلاح المالي دون اي تغيير.. ما تعليقكم؟
- لم يحدث ولم يتحقق اي اصلاح حقيقي سواء كان مالياً أو إدارياً وما حدث هو ان الدولة تخلت عن واجباتها كاملة فيما كان يسمى بالدعم
للسلع والخدمات والغت ذلك استجابة لصندوق النقد وبالتالي ازدادت حالات الفقر في المجتمع وتدهور وضع الناس الاقتصادي والمعيشي وتدنت الاجور والقدرة الشرائية للعملة اليمنية، صحيح ان السلطة تقول ان الريال اليمني حافظ على قيمته مقابل العملات الاجنبية لفترة طويلة لكن هذا الامر لا يمكن اعتباره انجازاً حقيقياً في مواجهة حالة التضخم ويمكن القول ان الدولة لم تحقق اصلاحاً اقتصادياً حقيقياً وما تحقق هو ان الدولة وفرت موارد جديدة من خلال رفع الدعم وفي تقديري ان هذه الموارد ذهبت الى الفساد والمفسدين.

* لكن الدولة تدافع عن قرار رفع الدعم وترى انه صائب وان السلع المدعومة كانت تذهب لشلة من الناس، ما رأيكم في هذا الطرح؟
-  ما الذي قدمته الدولة كبدائل للمواطن بعد رفع الدعم لا شيئ

 * الدولة رفعت الرواتب؟
- ما تم رفعه في رواتب الموظفين لا شيء يذكر ثم كم عدد الموظفين من تعداد الشعب عامة فهل تم توفير فرص عمل جديدة والاحصائيات
تؤكد ان البطالة في اليمن من أعلى النسب في العالم كله. هناك من يقول انها تتراوح بين 40-30% واكثر من نصف السكان تحت خط الفقر ومستوى نصيب الفرد من ناتج الدخل القومي انخفض الى 280 دولاراً في السنة. وهناك الكثير من خريجي الثانوية العامة لا يجدون مقاعد في الجامعات والآلاف من خريجي الجامعات ينتظمون في طوابير البطالة السائبة، ونصيب المواطن من المياه والصحة تدنى ونسبة الأمية ازدادت خاصة بين النساء، وهناك تدهور حاد في الخدمات (الكهرباء والماء) وكل هذه المؤشرات أكدت ان رفع الدعم عن الاغلبية الفقيرة في غير محله، المطلوب هو اصلاح اقتصادي حقيقي يشمل كل الجوانب مع العلم انه لا يوجد اصلاح اداري ونحن نسمع منذ اكثر من 10 سنوات انه سيتم الغاء الازدواج الوظيفي واحالة العديد من الاشخاص الى التقاعد لاتاحة فرص عمل جديدة وما يحدث انه يتم تطبيق هذا الامر بطريقة انتقائية بمعنى انه لا يشمل النافذين والمتنفذين الذين لديهم اكثر من وظيفة وهذا يدل على اننا بحاجة الى برنامج اصلاح شامل يبدأ بالاصالح السياسي كمقدمة لاصلاح اقتصادي وإداري.
 
* ماذا عن نزاهة القضاء اليمني؟
-  أعتقد أن أم الكوارث في اليمن هي وضع القضاء واذا نظرنا اليه بعين عادلة لا يمكن ان نقول انه قضاء مستقل على الاطلاق عن
السلطة التنفيذية بل هو جزء منها ناهيك عن الفساد المستشري فيه ولم يجر اي اصلاح حقيقي في القضاء وبدون ان يكون هناك قضاء عادل لا يمكن ان نتحدث عن دولة عصرية وحديثة.

* نأتي الى الثروة النفطية حيث كان الشعب اليمني يعيش في «بحبوحة» قبل أزمة الخليج الثانية وبعد ظهور النفط في اليمن ارتفعت أسعار النفط ومشتقاته وتراجع الدخل وازداد الفقر.. فما هي الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الامر؟
-  اليمن عموما شحيحة الموارد النفطية ولا تمتلك حتى الآن ثروة ضخمة، اضافة الى انه من المصائب والكوارث ان النفط يشكل غالبية
مصادر الموازنة وهو امر يجعلنا نقول إنه في حالة تعرض النفط الى النضوب «وهذا وارد» فإن اليمن ستعيش كارثة كبرى في المستقبل ولكن مع ذلك نقول ان حجم الفساد وغياب سياسة المحاسبة وغياب القانون وخاصة الفساد في القطاع النفطي، وللبرلمان اليمني موقف مشهود في الفترة الاخيرة كل ذلك يؤكد ان وضع اليمن كان من الممكن ان يكون افضل في حالة عدم وجود فساد.

* كيف تقيم العلاقة اليمنية-الامريكية خاصة في ما يتعلق بمحاربة الارهاب؟
- أظن أن المعارضة اليمنية حددت موقفها من العلاقة اليمنية- الامريكية التي لا توجد فيها حتى الآن شفافية واضحة سواء للمواطن
والرأي العام اليمني او للقوى السياسية بل لاتوجد شفافية حتى امام المؤسسات الدستورية بما فيها مجلس النواب.

فالحكومة تتصرف في هذه العلاقة باعتبارها علاقة تخصها هي ولا تخص الشعب اليمني ومن ثم فاننا نخشى من ان هذه العلاقة قد تفرض في المستقبل في ظل تناميها بطريقة خاطئة وبعدم شفافية، قد تفرض على اليمن قيوداً كبيرة تؤدي الى الحد من سيادة الوطن ومن قدرته على اتخاذ القرار على ضوء المصالح الوطنية والقومية.

* ما هي مهام لجنة الأحزاب تحديدا وهل هي مقدمة لوأد التعددية السياسية في اليمن؟
- هذه اللجنة شكلت بموجب قانون الاحزاب منذ بدء العملية التعددية وكانت مهمتها فقط ان تقدم لها طلبات انشاء الاحزاب الجديدة والترخيص
لها وفقا للقانون وهي تتأكد من مدى توافر الشروط القانونية للحزب المتقدم فاذا لم ترد بالرفض يعتبر الحزب قائما خلال فترة معينة واذا رفضت حق لهذا الحزب ان يلجأ للقضاء اذا كان هذا القرار خاطئاً وتنتهي مهمتها عند هذا الحد.

* كيف تفسر التقارب بين العدوين اللدودين، التجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي اليمني؟
- اعتقد ان المعارضة اليمنية انجزت تجربة مهمة على الصعيدين الديمقراطي والوطني والمعارضة منضوية الآن في أحزاب اللقاء المشترك
وهي التجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والبعث القومي والحق واتحاد القوى الشعبية، أدركت أن هناك خللاً في التوازن بين السلطة والحزب الحاكم والمعارضة وان معالجة هذا الخلل من اجل الديمقراطية لا يستقيم الا بوحدة أحزاب المعارضة وتلاقيها فغلبت الاعتبار الديمقراطي على اي اعتبارات في الماضي وتعاونت فيما بينها في اطار اللقاء المشترك، ولقد اثار هذا السلطة كثيرا ومازالت هناك ضغوط تمارس من أجل وأد هذه التجربة ولكن أحزاب اللقاء المشترك على مدى بضعة أعوام تماسكت وانتصرت لخلق هذا التوازن من اجل الدفاع عن الديمقراطية واعتقد انها ادركت لمصلحة الوطن ان التنازع بين اطراف العملية السياسية هو السبب الاساسي فيما تعرضت له اليمن من كوارث ومآس.