الكفاح المسلح خيار الأمة رغم أنف النظام الرسمي‮ ‬المتخاذل

  • عبدالله الخولاني
  • منذ 17 سنة - Sunday 16 July 2006
الكفاح المسلح خيار الأمة رغم أنف النظام الرسمي‮ ‬المتخاذل

  نعى أمين جامعة الدول العربية عملية السلام المزعومة بين العرب والعدو الصهيوني،‮ ‬فور انتهاء الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب،‮ ‬السبت الماضي،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬لم‮ ‬يتوقف فيه العدوان الصهيوني‮ ‬على لبنان،‮ ‬وعلى قطاع‮ ‬غزة براً‮ ‬وبحراً‮ ‬وجواً‮. ‬وكان ذلك النعي‮ ‬هو أقصى ما تمكن فيه السيد عمرو موسى من التعبير به عن الوضع المهترئ للنظام الرسمي‮ ‬العربي‮.‬ لم‮ ‬يكن الشارع العربي‮ ‬في‮ ‬أية لحظة من تاريخ الأمة المعاصر،‮ ‬ينتظر شيئاً‮ ‬إيجابياً‮ ‬من الجامعة العربية،‮ ‬التي‮ ‬تتكون من تناقضات مفردات النظام العربي‮ ‬في‮ ‬ما بينها،‮ ‬مع ملاحظة الهيمنة النسبية على اجتماعاتها،‮ ‬سواء على مستوى القمة أو على المستويات الوزارية بكافة تخصصاتها،‮ ‬من قبل الدول النفطية منقادة وراء نظام آل سعود الذي‮ ‬تأسس في‮ ‬بدايات القرن الماضي‮ ‬بإرادة استعمارية بريطانية وأمريكية،‮ ‬وساعدت الأموال الصهيونية على تمويله،‮ ‬قبل أن‮ ‬يتدفق النفط من تحت الرمال‮.‬ فوزراء الخارجية العرب لم‮ ‬يدخلوا الى الاجتماع إلا وقد سبقتهم إليه تصريحات رسمية صادرة من بعض الأنظمة التي‮ ‬ارتهنت أوطانها للمستعمر،‮ ‬وكبلت شعوبها بسلسلة حلقاتها،‮ ‬مكونة من قوانين الطوارئ والإجراءات القهرية والتعسفية‮.. ‬تلك التصريحات التي‮ ‬لاتكون‮ ‬غريبة على سامعيها اذا ما عرفوا بخلفيات تشكل الأنظمة السياسية المصدرة لها،‮ ‬سواءً‮ ‬كانت سعودية أو مصرية‮ (‬مباركية‮) ‬أو أردنية،‮ ‬أو حتى ما صدر من هذيان‮ ‬غير مسؤول من قبل رئيس الحكومة اللبنانية‮ »‬فؤاد السنيورة‮«‬،‮ ‬الى جانب المفردات اللفظية المخجلة التي‮ ‬يتفوه بها رموز سلطة‮ »‬محمود عباس‮« ‬في‮ ‬رام الله،‮ ‬مما‮ ‬يوحي‮ ‬بتشكل كتلة في‮ ‬إطار النظام الرسمي‮ ‬العربي،‮ ‬كل همها هو سرعة الإفراج عن الأسرى الصهاينة مجاناً،‮ ‬وإدانة المبادأة التي‮ ‬قامت بها كل من المقاومة الوطنية في‮ ‬لبنان والمقاومة الإسلامية في‮ ‬فلسطين،‮ ‬والتي‮ ‬حركت المياه الراكدة،‮ ‬والتي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يتحرك في‮ ‬أعماقها بشكل مستمر‮ ‬غير العدو الصهيوني‮ ‬المحتل للأرض العربية،‮ ‬والمعتقل أكثر من اثني‮ ‬عشر ألف مواطن فلسطيني‮ ‬ولبناني‮ ‬وعربي،‮ ‬والذي‮ ‬يقتل الأطفال والنساء والشيوخ،‮ ‬ويحاصر الفلسطينيين الأحياء بدون ذنب اقترفوه سوى أنهم مارسوا حقهم الديمقراطي،‮ ‬وأدلوا بأصواتهم لحركة حماس،‮ ‬بعد أن فشلت حركة فتح في‮ ‬تحقيق وعود لم‮ ‬يعطها البيت الأبيض حق تحقيقها منذ التوقيع على اتفاقيات الاستسلام للعدو الصهيوني‮ ‬وللنظام العالمي‮ ‬الأعرج‮.‬ إذن،‮ ‬كان حرياً‮ ‬بـ»عمرو موسى‮« ‬أن‮ ‬ينعي‮ ‬الجامعة العربية،‮ ‬بدلاً‮ ‬من أن‮ ‬ينعي‮ ‬شيئاً‮ ‬وهمياً‮ ‬ممثلاً‮ ‬بـ»عملية السلام‮« ‬التي‮ ‬ما كان لها أن تموت،‮ ‬وهي‮ ‬لم تولد البتة‮. ‬فالشعب العربي،‮ ‬وشعوب العالم قاطبة،‮ ‬يعرفون أن ما هو قائم منذ توقيع المقبور‮ »‬أنور السادات‮« ‬على اتفاقية كامب ديفيد،‮ ‬لايعدو عن كونه استسلام الأنظمة الرسمية المتخاذلة المتجاهلة للإرادة الشعبية المقاومة‮.‬ وإذا كان ثمة‮ ‬غرابة من الموقف المتخاذل الصادر عن مفردات تلك الكتلة المتخاذلة،‮ ‬فذلك ناجم عما لم‮ ‬يعهده بسطاء الشارع العربي‮ ‬من النظام السعودي،‮ ‬الذي‮ ‬عبر بشكل سافر عن إرادة وسياسة الولايات المتحدة والعدو الصهيوني‮ ‬الجارية في‮ ‬المنطقة،‮ ‬وجاءت المفردات اللفظية التي‮ ‬صدرت عنه رسمياً‮ ‬متطابقة تماماً‮ ‬مع الخطاب الغربي‮ ‬والصهيوني،‮ ‬مع بعض المواربات اللفظية المخادعة للإنسان العربي‮ ‬البسيط‮.‬ هذا السفور الفاضح نعتقد أن مهندسي‮ ‬العقلية العولمية الاستعمارية هم الذين أذنوا بإخراجه بعد فترة طويلة من العمل المضني‮ ‬لإعادة تشكيل العقلية العربية لتقبل مثل هذا السفور في‮ ‬الخيانة لله وللأمة العربية‮. ‬مع أن الأسرة الحاكمة في‮ ‬الجزيرة العربية،‮ ‬منذ خمسينيات القرن الماضي،‮ ‬كانت ولاتزال حتى الآن تجاهد بأموال شعبها وبأبنائها وأبناء الشعوب العربية والأفريقية والآسيوية الفقراء،‮ ‬في‮ ‬سبيل الولايات المتحدة،‮ ‬في‮ ‬اليمن والجزائر والسودان،‮ ‬وكذلك في‮ ‬أفغانستان في‮ ‬كل مراحل الحرب الأفغانية منذ سبعينيات القرن الماضي‮ ‬وحتى الآن،‮ ‬وفي‮ ‬البلقان،‮ ‬وحتى في‮ ‬أفريقيا وأمريكا الجنوبية‮. ‬كما دعمت بالموارد المالية النفطية الاقتصادات الأمريكية والأوروبية،‮ ‬وفي‮ ‬كل المراحل الركودية التي‮ ‬تعرضت لها تلك الاقتصادات،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن دعمها المادي‮ ‬للأحزاب اليمينية المتطرفة في‮ ‬أوروبا وأمريكا اللاتينية‮.‬ إن الموقف الرسمي‮ ‬العربي،‮ ‬الذي‮ ‬تقوده شعلة نفط الخليج العربي،‮ ‬إزاء ما‮ ‬يجري‮ ‬اليوم في‮ ‬فلسطين ولبنان،‮ ‬إنما‮ ‬يدعم الأهداف الأمريكية والصهيونية الراهنة،‮ ‬وهي‮ ‬اضطلاع الآلية العسكرية الصهيونية بنزع سلاح حزب الله تمهيداً‮ ‬لتفكيكه نهائياً،‮ ‬وجر سوريا الى مواجهة تمهيداً‮ ‬للقضاء على النظام السياسي‮ ‬في‮ ‬دمشق،‮ ‬واستخلاف عملاء سوريين،‮ ‬مثلما حدث في‮ ‬العراق،‮ ‬تنفيذاً‮ ‬لسيناريو إعادة ترتيب المنطقة وفقاً‮ ‬لمقتضيات الانتشار الفعلي‮ ‬للامبراطورية الأمريكية،‮ ‬بعد أن تصبح إيران لقمة سائغة‮ ‬يبلعها الغول الأمريكي‮ ‬بسهولة،‮ ‬ويقترب بآليته العسكرية للقضاء على أي‮ ‬تهديد للمطامع الأمريكية،‮ ‬أو‮ ‬يعيد التوازن القطبي‮ ‬الدولي،‮ ‬سواءً‮ ‬ذلك التهديد المتوقع من الصين،‮ ‬أو أي‮ ‬تكتل اقتصادي‮ ‬في‮ ‬شرق وجنوب شرق آسيا‮.‬ الشارع العربي‮ ‬المستوعب والواعي‮ ‬لأساليب تعامل المجتمع الدولي‮ ‬والنظام الرسمي‮ ‬العربي‮ ‬مع قضايا الأمة العربية،‮ ‬لم تتزحزح قناعاته بأن السبيل الوحيد لاسترجاع الأرض،‮ ‬واستعادة كرامة الأمة هو الكفاح المسلح‮. ‬وعلى الرغم من ضعف الأنظمة،‮ ‬فإن البلاء الحسن،‮ ‬الذي‮ ‬أبلته المقاومة الإسلامية في‮ ‬فلسطين ولبنان،‮ ‬أعاد ثقة هذا الشارع بنفسه،‮ ‬وبات متأكداً‮ ‬أنه اذا أحسن الإعداد،‮ ‬وتجاوز الخلافات الفكرية والحواجز النفسية التي‮ ‬أنشأها نظامه الرسمي،‮ ‬قادر على أن‮ ‬يخوض معارك التحرير،‮ ‬تاركاً‮ ‬أنظمته الرسمية المتخاذلة خلفه،‮ ‬منشغلة في‮ ‬تزوير الانتخابات،‮ ‬ونهب المال العام،‮ ‬وتجميع الحروف لتكوين كلمات وجمل وعبارات بذيئة تطلقها عبر وسائل الإعلام الرسمية والحزبية،‮ ‬الأرضية والفضائية،‮ ‬على القوى الشعبية العربية الشريفة،‮ ‬الرافضة للذل والقهر،‮ ‬والمساندة معنوياً‮ ‬ومادياً‮ ‬لأبطال المقاومة في‮ ‬فلسطين ولبنان‮.‬ ولابد أن الأحداث الراهنة،‮ ‬قد أوصلت قيادات الشارع السياسي‮ ‬العربي‮ ‬الى قناعة راسخة بنبذ الخلافات الأيديولوجية،‮ ‬وتجميع الإمكانيات لإعادة ترتيب الأوراق باتجاه إيجاد أداة واحدة لإحداث تغيير سياسي‮ ‬شامل،‮ ‬إنقاذاً‮ ‬للأمة من حكامها الخونة،‮ ‬تمهيداً‮ ‬للجهاد في‮ ‬سبيل الله،‮ ‬وفي‮ ‬سبيل حرية الوطن العربي‮ ‬من المحيط الى الخليج‮.‬ فإذا كان رافدان من روافد الأمة العربية،‮ ‬هما حزب الله في‮ ‬لبنان،‮ ‬وحركتا حماس والجهاد الفلسطينيتان،‮ ‬تمكنا من‮ ‬غرس الرعب المستديم في‮ ‬نفوس الصهاينة في‮ ‬أيام معدودة،‮ ‬وبعدة وعتاد بسيطين،‮ ‬واستطاعا بعون الله إسقاط أسطورة الجيش الذي‮ ‬لايهزم،‮ ‬فكيف اذا ما أعلن الشعب العربي‮ ‬كله الجهاد،‮ ‬ولو بدون أنظمته السياسية؟‮!‬ الإجابة‮ ‬يمكن استنباطها من جملة مفيدة بثتها الفضائيات لأم الشهيد عادل عكاش،‮ ‬التي‮ ‬فقدت ‮٣١ ‬بطلاً‮ ‬من أبنائها وأحفادها،‮ ‬والتي‮ ‬يمكن الاستعاضة بها عن كل البيانات،‮ ‬وتلغي‮ ‬كل الإدانات عندما قالت‮: »‬نحن جميعاً‮ ‬فداء للمقاومة‮«.‬