مرت الذكرى الـ٩٣ لعيد الاستقلال واجلاء اخر جندي بريطاني مستعمر من ارض الجنوب اليمني في ٠٣نوفمبر ٧٦٩١م وسط خيبات آمل وانكسارات مريرة في الواقع احدثتها فوضوية حكم قضاء على كل عظيم ضحى من اجله شرفاء الوطن بدمائهم رخيصة.
٩٣عاماً على ملاحم بطولية طردت فلول الاستعمار البريطاني من تراب الوطن وانتصرت لثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين ما يقارب من اربعة عقود مضت اغتيلت فيها اهداف الثورة اليمنية، وتوجهات البناء وتأسيس دولة النظام والقانون.
وبين نوفمبر ٧٦ ونوفمبر ٦٠٠٢م مسافة حزن عميقة تراجعت فيها القيم والمبادئ ، واغتيلت توجهات الاصلاح واختنق الوطن بكماشة كبيرة بفعل تركات الفساد السياسي، ومعارك حماية الكرسي على حساب مشروع الدولة، وحقوق الشعب، المناسبات الوطنية واعياد الثورة بدت لا تحضى بالاحتفاء المعتاد في حياة المواطن المنهك بالوضع المعيشي المتردي.
في الامس البعيد كانت معارك المواطنين الاحرار ضد الاستعمار والانظمة الغاصبة للسلطة وضحى العديد من ابناء هذا الوطن بأنفسهم واموالهم حتى تحققت الثورة واجلي المستعمر الغاصب واليوم ينهمك المواطنون لمحاربة الفقر ومواجهة افات النظام المتمثلة في الامية والامراض، الجوع .
لاجديد في الوضع قبل نوفمبر ٨٦ والوضع اليوم بإستثناء تغير اشكال مسببات رداءت الوضع فاذا كنا في الماضي نرمي تهم التخلف والفقر والمرض التي حاصرت الشعب الي نظام الامامة، والاستعمار فإننا اليوم نواجه نظام الحكم بنفس التهم التي قامت من أجل التغلب عليها ثورات وسالت دماء.
لا يجب أن تمر هذه المناسبة العظيمة ونحن متنكرين لابطالها بالصمت على العبث والفساد والفوضى التي تعم البلاد اليوم، وسبق لهم تقديم الغالي والرخيص من اجل ايجاد دولة وطنية عادلة تنتصر للشعب وتقفز بالوطن نحو الغد المشرق.
وليس من العدل أن تمر هذه المناسبة دون رفض كل سياسات الخضوع التي عاد من خلالها المستعمر الخارجي عبر نوافذ التعاون الامني واتفاقيات مكافحة الارهاب.
ومن غير المنطقي الاحتفاء بإسقاط دولة المندوب السامي في الوقت الذي تحول فيه السفير الامريكي بصنعاء الى مندوب سامي يأمر وينهي ويصول ويجول في مختلف أنحاء الوطن بدون قيد أو شرط.
أي استقلال نحتفي به اليوم ونظام الحكم سلم مقاليد البلاد والعباد للبيت الابيض. وأصبح المواطن اليمني ارهابي في قاموس امريكا يتم ضربه وقتله بإشراف وتنفيذ امريكي كما حدث مع أبو علي الحارثي وغيره.
الحديث عن ذكرى الاستقلال ذات شجون خصوصاً في ظل الوضع العربي المتشظي والمنبطح وهو وضع مخزي صنعه الحكام المتواطئين ومروجي وهم السلام والاستسلام.
المشهد تغير، فحكام اليوم ليسوا كحكام الامس.. ولنا أن نستشهد بموقف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي زئر كأسد ثائر في وجه الاستعمار قائلاً ما على العجوز الشمطاء الا ان تحمل عصاها وترحل من عدن.. ما أخذ بالقوة لا يستعاد الا بالقوة..
كانت رسالة عبدالناصر التي اطلقها خلال كلمته التاريخية بميدان الشهداء بتعز في ستينات القرن الماضي والامر للاستعمار بالرحيل ذات معاني ودلالات قوية أدرك حجمها المستعمر الذي سحب خيباته وراءه ورحل من أرض اليمن في ٠٣ نوفمبر ٧٦٩١م.
الصورة اليوم تختلف.. فاذا كان ابطال ملاحم الاستقلال خاضوا معارك طويلة ضد المستعمر لتطهير تربة الوطن من درن الاجنبي فان الطلب مازال قائم الان برفض كل الوصايا والاملاءات الخارجية واذا كان هدف الاستقلال هو التخلص من الاجنبي الغاصب والانطلاق نحو البناء فان مطالب توفير الامن والاستقلال من هيمنة الفقر والجوع وسلطة صانعي الفساد وحاميه أصبحت ملحة في ظل وضع اقتصادي واجتماعي بائس يعيشه الوطن.
واذا كانت مناسبة الاستقلال هي امتداد طبيعي لثورتي سبتمبر واكتوبر فإن تحقيق اهداف الثورة اليمنية ضرورة ملحة انتصاراً للثورة التي انحرفت عن مسارها منذ عام ٨٧٩١م، وحتى اليوم رغم محاولات اطراف المشترك لانقاذ الوطن وإخراجه من مآزقه الخانق من خلال مبادرة الاصلاح السياسي والوطني الشامل التي اطلقها في نوفمبر الماضي. لمعالجة الاختلالات التي يعيشها الوطن.
اذاً لنحول احتفاءنا بذكرى الاستقلال الى دعوة لمحاربة الفساد، والانتفاضة على نظام سلخ البلد في نزواته السياسية المتلاحقة.. لنعمل سوياً لاسقاط دولة الفرد وإعلى دولة الشعب.