الصبري :تجاوزنا الخطوط الحمراء.. وهذه أخطاؤنا

  • منذ 17 سنة - Monday 11 December 2006
الصبري :تجاوزنا الخطوط الحمراء.. وهذه أخطاؤنا

عن انتخابات سبتمبر الماضي وما جرى فيها وأخطاء المعارضة فيها والدروس التي استوعبتها من المعترك الانتخابي..
وإلى أن وصل للحديث عن قضايا الساعة وفي مقدمتها مؤتمر المانحين.. فإن ما قاله رئيس الدائرة السياسية في التنظيم الناصري قد تجاوز المصارحة إلى المكاشفة التي تكتسب أهميتها من كون المتحدث يعتبر من قيادات المعارضة (تكتل أحزاب المشترك) التي كان لها دور بارز أثناء الانتخابات والمخاضات السابقة لها..
حاوره/ فوزي الكاهلي
* في البداية سنعود لانتخابات سبتمبر الماضي ونسأل عن الدروس التي خرجت بها المعارضة منها وهل ستستفيد منها مستقبلاً؟
- نحن ننظر إلى ما جرى في 20 سبتمبر وما قبله أنها كانت سلسلة من الأحداث السياسية كونت بعد ذلك حدثاً كبيراً، وبتوصيف تحليلي أستطيع القول أنه قد وقع حدث مهم شهدته اليمن ولم يكن حدثاً عادياً ولم تكن الانتخابات كأي انتخابات سابقة وإنما كانت معبرة عن مرحلة فاصلة في التاريخ السياسي على كافة المستويات.. فاصلة في تاريخ الحديث عن الديمقراطية والتعددية والحزبية.. حيث قدمت الأحزاب (وبالذات أحزاب اللقاء المشترك) نفسها في هذه الانتخابات بصورة كسرت كل الحواجز والخطوط الحمراء الخاصة بالقضايا الهامة بمختلف أنواعها وليس قضية الانتخابات فقط..

ما حدث لم يكن صدفة
* كسر الحواجز وتجاوز الخطوط الحمراء.. هل كان بتخطيط مسبق أم أن تفاعل المواطنين مع الانتخابات هو ما دفع المعارضة لذلك؟
- الانتخابات كما أسلفت كانت حدثاً والحدث من شروطه أن يكون بتخطيط مسبق. وطبعاً المعارضة فيها مؤسسات ولديها برنامج معد مسبقاً وفي المعارضة قيادات وسياسيين كبار يدركون تطلعات الشارع للتغيير والإصلاح ووضع حد للأوضاع الحالية المتردية.. ولو لم تكن المعارضة قد خططت لما جرى لكانت الانتخابات نسخة أخرى من انتخابات 1999م بل كانت المعارضة وحتى وقت قريب قبل الانتخابات تضع في حسبانها الاتجاه للمقاطعة إذا لم تصبح تنافسية بشكل حقيقي كما جرى..
* ولكن بعض قيادات المعارضة قالت إنها فوجئت بالتفاعل الشعبي الكبير مع الانتخابات الرئاسية مما دفع المعارضة لرفع مستوى خطابها الانتخابي.. فما رأيك؟
- ربما تقديرات بعض الإخوان أرادت أن تعطي صورة عن مدى تفاعل المواطنين مع الأحداث كنوع من رد الجميل.. ولكن أنا أقول إن ذلك التفاعل لم يكن مفاجئاً لسببين بسيطين: الأول هو أنه من الصدف أنني أتحدث إليك اليوم ونحن على موعد غداً مع الاحتفال بالذكرى الأولى لإعلان المعارضة لمشروع الإصلاح السياسي والوطني الشامل وهذا المشروع هو بداية الطريق للوصول إلى المتغيرات الوطنية التي حدثت سواء لما قامت به أحزاب اللقاء المشترك أو ما قام به الحزب الحاكم بعد ذلك وخاصة أثناء الانتخابات وهنا يتضح كم قيمة الأفكار في العمل السياسي، وأي عمل سياسي أو حدث سياسي بالعالم تقوده أفكار وما لم تكن هناك فكرة فلا تستطيع القول أن ذلك العمل السياسي قد انتج حدثاً. وإطلاق مشروع الإصلاح السياسي قبل عام قد نتج عنه شيئان مهمان هما: تحرير الأحزاب من التخندق أو التمترس وراء برامجها المعلنة وقيودها الاديولوجية والعقائدية التي كانت تعيق تحركها مع بعضها البعض وأذكر عند إعلان ذلك المشروع ما قاله الأستاذ محمد اليدومي بأن (الأحزاب لم تعد أحزاب عقائد واديولوجيات وإنما أصبحنا اليوم أحزاب برامج وطنية كبيرة).. وأيضاً برنامج الإصلاح السياسي والوطني حرك فيما بعد سلسلة الأحداث التي جاءت بعده حتى يوم الانتخابات..
* ولكن الأوساط الشعبية لم تتفاعل مع إطلاق المعارضة لمشروع الإصلاح السياسي والوطني طوال الفترة التي سبقت الانتخابات؟
- المشروع لم تتح له الفرصة الكافية لتعريف الناس به حيث جاءت بعده أحداث هامة مرتبطة بالانتخابات لا يمكن الاستهانة بها وتحتاج إلى إعداد مبكر لها ومع ذلك عملت أحزاب اللقاء المشترك على الترويج للمشروع بوسائل مختلفة وعلى رأسها وسائل الإعلام وقد رأينا كيف أخذ حقه من الكتابات والنقاشات بنسبة لا يمكن تجاهلها..

مشروع الإصلاح انتصار للمعارضة
* وماذا عن ثمار هذا المشروع ونحن نتحدث عنه بعد عام من إعلانه.. هل تجدون أنها بالحجم الذي كنتم تأملونه خاصة بعد الخسارة الكبيرة التي منيت بها المعارضة في الانتخابات؟
- أستطيع أن أسرد لك قائمة طويلة لما حققه المشروع من نتائج إيجابية وسوف اتحدث عن نماذج منها فقط فمثلاً أنه مكن أحزاب اللقاء المشترك من أن يكون لها برنامج يعد الأول من نوعه في العمل السياسي ويعد أيضاً بديلاً متكاملاً لإدارة البلاد، وهنا يبرز كيفية نجاح المعارضة في تقديم بديل يرد على مزاعم السلطة بعدم تمكن المعارضة من إيجاده.. كما أن خروج عدة أحزاب بمشروع سياسي وطني كبير تتفق عليه وتتوحد وراءه يعد انتصاراً للعمل السياسي والحياة الحزبية والديمقراطية اليمنية.. ومن ثمار البرنامج أنه كان ومازال له اثر واضح على عمل الأحزاب والتقارب أكثر وأكثر فيما بينها، بمعنى أننا أصبحنا أمام شكل حزبي تحالفي متطور أصفه وبكل ثقة أنه تجربة غير مسبوقة محلياً ويندر وجود مثله على المستوى الإقليمي..
* ويصعب على السلطة خلخلته.. أليس كذلك؟
-.. نعم، ولسبب بسيط هو أنه كان يوجد في السابق عدة برامج حزبية منفصلة عن بعضها وكان يسعى كل حزب لتحقيق برامجه ولكن عندما يجتمع أكثر من حزب على برنامج واحد فإن الحوار مع السلطة أو مع أحزاب أخرى أو مع أي جهات داخلية أو خارجية يكون وفق رؤية رئيسية.. وأيضاً عندما تكون الرؤية الرئيسية واضحة فإنها تتيح لأي حزب (في المشترك) العمل بكل الوسائل التي لا تتعارض مع هذه الرؤية.. وكذلك من ثمار مشروع الإصلاح السياسي والوطني أنه خلق مؤسسات وهيئات جديدة داخل اللقاء المشترك لم تكن موجودة من قبل..
* وهل أوجد ثقة متبادلة بين أحزاب المشترك أكثر من ذي قبل؟
- الثقة جاءت بعد ذلك.. والثقة تكون مصدر خطر في العمل الجماعي عندما لا يوجد هدف مشترك للمتحالفين أو عندما يكون التحالف من أجهل مهمة وقتية محددة فقط.. ولكن مع وجود مشروع الإصلاح السياسي وتكوين المؤسسات والهيئات الجديدة في اللقاء المشترك وبالمناسبة وجود هذه المؤسسات أو الهيئات فيه فائدة للعمل الحزبي اليمني ككل.. المهم أنه لم يعد يوجد خوف أو خشية من نشوء أزمة ثقة بين أحزاب هذا التكتل.. ومن ثمار البرنامج على الصعيد العام أنه أجبر أو دفع الطرف الآخر وأعني الحزب الحاكم على التعامل مع موضوع الإصلاح بجد وباهتمام غير مسبوق حيث كان يتعامل معه بأسلوب المناورة لامتصاص غضب الداخل والحصول على مساعدات الخارج وقد ترتب على هذا الأسلوب – أسلوب المناورة- كوارث وطنية كبيرة وكثيرة منها على سبيل المثال خلخلة البنية الاجتماعية عقب تطبيق ما سمي ببرنامج الإصلاح المالي والإداري وبصورة انتقائية منذ عام 1995م.. لكن ونظراً لأهمية مشروع المعارضة للإصلاح السياسي والوطني الشامل فقد رأينا كيف انزعجت منه السلطة وانعكس تأثيره عليها عبر وسائل إعلامها وفي المؤتمر العام السابع للحزب الحاكم وفي خطابات قياداته.. بمعنى أن هذا المشروع كان رسالة قوية للحزب الحاكم وقد حاولت السلطة النيل منه وتشويه صورته لدى العامة ولكنها فشلت.. ويكفي أن من ثماره أيضاً إثارة تساؤلات عن وجود بدائل لدى الحزب الحاكم لمواجهة هذا المشروع أمام الشارع وإقناع الرأي العام بما يقوله عن مشروع المعارضة.. الأمر الآخر أن قضية الإصلاحات ارتبطت وتلازمت مع الانتخابات التي كانت وبحق أول انتخابات تشهد صراعات برامجية أو تنافس برامجي..

أخطاء المعارضة وتوازن الصدمات
* بمناسبة تركيز الحديث حتى الآن على الانتخابات هناك تساؤلات على نطاق واسع بشأن النتائج المتمخضة عنها والتي اكتنفها شيء يشبه اللغز المحير تجاه الهزيمة القاسية للمعارضة في المحليات فهل يمكن تفسير ما حدث بشكل دقيق ومقنع؟
- عند طرح مثل هذه التساؤلات يجب أولاً أن لا نتجاهل الواقع الذي جرت فيه الانتخابات والظروف السياسية التي تمت في ظلها وما كان لها من دور في سير عملية الانتخابات، ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن (اللقاء المشترك) وبعد توقيع وثيقة مشروع الإصلاح السياسي والوطني بدأ العمل في أكثر من مهمة ومن ضمن تلك المهمات التي أثرت على نتائج الانتخابات أن العمر القصير للمؤسسات والهيئات الجديدة داخل (المشترك) لم يتح لها لكي تقف على برامج تنسيقها المحلي بالطريقة الصحيحة والكاملة والوقت كان يضيق ويضغط على الجميع وهناك أطراف في السلطة عملت على حشر المعارضة في زوايا ضيقة والدليل أنها رفضت إصلاح الإدارة الانتخابية وتصحيح جداول الناخبين وتعديل قانون الانتخابات ولم تلتزم بحياد الإعلام الرسمي وعدم استخدام مقدرات الدولة لصالح الحزب الحاكم وغير ذلك من المسائل التي كانوا يماطلون في الحوار بشأنها لتضييع الوقت لصالحهم فلا شك أن هذا أيضاً أثر في نتائج الانتخابات..
* أفهم من كلامك أنه لم تكن هناك أخطاء ذاتيه لدى المعارضة ساهمت فيما حدث؟
- بالتأكيد كان هناك أخطاء ونحن لم ننكر ذلك ونحن طوال الشهرين الماضيين عاكفون على مناقشتها وتقييم ما جرى وكل حزب يقوم بتقييم كل ما جرى أثناء الانتخابات..
* وهل توصلتم إلى نتائج أولية؟
- نعم توصلنا إلى نتائج أولية وعند الانتهاء من التقييم بشكل شامل سنعلنه على الملأ ولن نتحرج في ذلك.. وبالمناسبة رغم كل ما جرى  إلا أن ما حدث هو صدمتين انتخابيتين: واحدة أصابتنا بسبب نتائج المحليات والثانية أصابت الحزب الحاكم جراء نتائج الرئاسية وقيادات الحزب الحاكم يدركون ذلك جيداً ولهذا لا يستطيعون أن يقولوا أنهم انتصروا ولعل هذا يفسر تواصل حملتهم الانتخابية حتى اليوم.. ونحن من جانبنا لا نشعر بالهزيمة الساحقة التي يحاول البعض إلصاقها بنا لأن ما حققناه في المنافسة على الرئاسة نعتبره نجاحاً بمقاييس كثيرة.. وهذا النجاح يكشف أحد أخطائنا وهو أنه كان لدينا إدارة للانتخابات الرئاسية في حين المحليات لم تأخذ حقها من الإدارة والتنسيق الجماعي وهذه كانت غلطة سيئة..

دروس الانتخابات وأولويات المعارضة
* مرة أخرى أعود لأسأل عن أبرز الدروس المستفادة مما حدث واسأل أيضاً عن أولويات المعارضة في الفترة القادمة..؟
- هناك دروس عظيمة وكثيرة استفادتها المعارضة من الانتخابات منها اقتراب اللقاء المشترك من الناس أكثر ومعرفة أهم تطلعاتهم ومتطلباتهم.. والنزول اليهم كما رأينا في المهرجانات الرئاسية مما أعطى المعارضة ثقة كبيرة في نفسها وفي المواطنيين وكانت الانتخابات الرئاسية محطة هامة جداً في علاقة المعارضة بالمواطنيين.. وكان فيها أيضاً مؤشرات بالغة الأهمية عن مصادر القوة ومكامن الضعف التي ستستفيد منها المعارضة مستقبلاً. ومن الدروس أيضاً أن المعارضة ومعها أبناء الشعب استطاعوا أن يعيدوا للديمقراطية شيئاً من معناها الحقيقي وكذلك العمل الحزبي وأهميته للمواطنين واستطعنا تمتين الوحدة الوطنية وتعزيزها من خلال تلاشي الخلافات والتباينات السياسية والأيدلوجية بين الأحزاب وتوحدها حول القضايا العامة لليمن بكاملها..
* أنت الآن تتحدث عن الدروس الإيجابية.. ماذا عن الأخرى السلبية؟
- سوف أصل إليها.. فمنها أننا اكتشفنا أن مراهنتنا على إمكانية وجود نوايا جيدة وصادقة لدى الحزب الحاكم لم تكن موفقة، ووصلنا إلى قناعة تامة أننا أمام طرف سياسي لا يلتزم بالاتفاقيات الموقعة ولا بأخلاقيات العمل السياسي وعموماً لم نكن نستبعد منه ذلك ولكننا كنا أمام خيارين إما التصادم معه وإما أن نحاول الاستفادة من كل الوسائل المتاحة أمامنا للنضال السلمي لكي نجنب الوطن الدخول في أزمة أو في صراع سياسي قد تكون عواقبه وخيمة على الجميع وعلى غالبية البسطاء بوجه خاص.. أيضاً اكتشفنا مما جرى أننا نحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة لمؤسساتنا السياسية والحزبية والإدارات الصحفية..
* يعني إعادة الهيكلة هذه ستكون من أولويات المعارضة خلال الشهور القادمة خاصة وأننا على موعد مع انتخابات برلمانية بعد عامين ونصف فقط؟
- هذا الأمر وارد.. ولكن لا يجب أن يسحبنا الزمن ويضغط علينا ليخرجنا من الدلالات والدروس الأخرى التي تحدثت عنها في تجربة الانتخابات الماضية، وفي المقابل أتوقع أن لا تتعامل المعارضة مع الكثير من القضايا بنفس البساطة والتساهل الذي كان في الفترة الماضية أو أن تندفع وراء أحداث ليست من صلب القضايا الرئيسية، ونحن اليوم أمام مجموعة من النتائج التي أفرزتها الانتخابات ومعنيون عناية شديدة بدراستها وتقييمها بداية من أوضاعنا في اللقاء المشترك وإمكانياتنا وأدواتنا التي استخدمناها في الانتخابات ووصولاً إلى ما قام به الطرف الآخر وتأثير كل ذلك على القضية الوطنية الرئيسية..
* كيف تقول أنكم لن تدعوا الزمن يضغط عليكم ونحن نرى كيف بدأت قيادات بالحزب الحاكم تتحدث عن أهمية الاستعداد والعمل للانتخابات القادمة من الآن؟
- هم لا يدركون ضغط الزمن ويقرأون حسابات النتائج وفي الأخير مهما كان حديثهم عن الانتخابات نحن نستطيع من الآن أن نقول كيف يريدون أن يسيروا بالانتخابات القادمة لكن هل المعارضة ستقبل بالمنطق الذي يريدونه؟ وهل ستجاري الأحداث!! أنا أقول أننا مطالبون في المعارضة أن نعطي أولوية شديدة جداً أولاً لموضوع تعديل قانون الانتخابات وتقديم مسودة قانون لمجلس النواب وثانياً موضوع إصلاح اللجنة العليا للانتخابات وثالثاً وهو أمر مهم أن يكون هناك احترام لسيادة القانون لأن أخطر ما يواجه الديمقراطية والانتخابات والبرلمان والرئاسة أن سيادة القانون تضعف يوماً بعد يوم.. فأي انتخابات يريدون أن نلهث وراءها بينما الأصل وهو سيادة القانون يضعف ويتلاشى، والمعروف أن أي دولة تقوم على أساسين هما القانون والمؤسسات التي تطبق القانون ونحن اليوم في وضع يتم فيه التحريض على انتهاك سيادة القانون..
* وكيف ستعمل المعارضة على فرض احترام سيادة القانون ما لم تسعى للحصول على أغلبية برلمانية؟
- من ناحية البرلمان يجب أن نأخذ مسألة الانتخابات بمفهومها الشامل وليس بمفهوم الأغلبية والأقلية.. وكما كانت الانتخابات الرئاسية محطة فاصلة في تاريخ التعددية الحزبية والسياسية وترسيخ مبدأ التغيير والتداول السلمي للسلطة فسيكون للقاء المشترك نفس الموقف ونفس الرؤية لما يتعلق بالانتخابات المقبلة..
* بمعنى أنها ستكون أهم من أي انتخابات برلمانية سابقة أليس كذلك؟
- بالتأكيد.. ونحن لسنا أمام انتخابات عادية أو دورية وربما ستكون حدثاً أكبر من حدث الانتخابات الرئاسية..
* ولهذا عامل الزمن مهم للاستعداد لها؟
- لا اختلف معك في أهمية الزمن وبصراحة اقول لك إن من أبرز عيوبنا أننا سمحنا للحزب الحاكم أن يراهن على الزمن ويتمكن من تضييع أوقات ثمينة في حوارات لم نستفد منها شيئاً وقد استوعبنا هذا الأمر واستوعبنا جيداً أهمية الزمن واستوعبنا درس آلية العمل والدفاع عن الصندوق الانتخابي وكيف يستطيع الناس حماية هذا الصندوق حتى لا يتم تزييف إراداتهم وقناعاتهم الانتخابية ونتذكر هنا أننا حتى اليوم مازلنا أمام جدل واسع حول نتائج الانتخابات ولا يستطيع أحد اليوم أن يجزم أننا أما نتيجة هي فعلاً ما عبرت عنه صناديق الانتخابات.. والسبب وجود قيادات بالحزب الحاكم مصابة بمرض انفصام الشخصية، فمن جهة تتحدث عن الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ومن جهة تمارس أفعالاً وكأن السلطة ملك خاص لها دون بقية أبناء الشعب ويجب أن يدرك الجميع ذلك..
* كثير من الناس يدركون ذلك ويدركون أيضاً أن من أسبابه ضعف المعارضة وعدم وجود قيادات حزبية تمتلك شجاعة وجرأة على المواجهة كمثيلاتها في أحزاب معارضة بدول عربية أخرى؟
- موضوع القوة والضعف لابد عند الحديث عنه التنبه لفواصل تجعل الناس يحترمون ما يقولون.. فأنا اليوم لا اتحدث عن سلطة ومعارضة وكأن البلد فيها قانون يطبق ولكني اتحدث عنه معارضة في دولة مملوكة كأي أملاك عقارية لأشخاص معينين بمعنى أن الحاكم لدينا لا يحكم وإنما يتحكم في كل شيء.. وأنت تتحدث عن سلطة ومعارضة في بلد لا يوجد فيه قاعدة للتعامل بينهما.. إذاً في هذه الحالة عندما تقبل المعارضة دخول اللعبة السياسية في وضع كهذا فهل لا تستحق احتساب نقطة قوة واحدة لها واعتبارها بشكل مجحف ضعيفة..
* لكن ما يشاهده المواطن البسيط عبر الفضائيات في دول مشابهة لليمن أن المعارضة تتحدى إرهاب الحاكم وتنزل قياداتها إلى الشارع لقيادة المظاهرات بينما عندنا لا يوجد شيء من هذا مع أن الحقوق والحريات تنتزع ولا توهب في البلدان المتخلفة؟
- جميل.. وموضوع انتزاع الحقوق مسألة تحكمها عوامل ومتغيرات كثيرة وهذا المنطق له شروط يجب أن نحتكم لها لكي نحقق هذه المعادلة، وأستطيع القول اليوم أن المعارضة بطريقة تفكيرها وبرامجها وأسلوب عملها تتقدم خطوات ولا تتراجع فمثلاً وإلى ما قبل فترة قليلة لم نكن نستطع المطالبة بإصلاح الإدارة الانتخابية أو إقناع أحد بأهمية ذلك وعندما كنا نتحدث عن هذا كان الآخرون ومنهم الإعلاميون يسألوننا هل لديكم مرشح للرئاسة أم لا!!

قيادات المعارضة ليست جبانة..!!
* وبالحديث عن انتزاع الحقوق بالقوة كانت المعارضة قد هددت بعد الانتخابات بالنزول للشارع للاعتراض على نتائجها فلم لم تنفذوا تهديدكم.. هل فعلاً أنتم جبناء أم أنكم لا تضمنون وقوف الجماهير معكم؟
- المعارضة عندما يكون لها هدف عام تسعى لتحقيقه فمن حقها أن تختار الوسائل والأساليب التي تراها مناسبة لذلك.. وبالنسبة للنزول للشارع لم يكن مشكلة لنا ولكننا خشينا أن نزهق أرواح مواطنين أبرياء لن تتورع السلطة عن مواجهتهم بالقوة وسفك دمائهم ونهب ممتلكاتهم وانتهاك أعراضهم..
* انتزاع الحقوق بالقوة لابد له من تضحيات؟
- لكن في هذه الحالة لابد أيضاً أن نأخذ بالحسبان أن تكون التضحيات في مكانها وتوقيتها المناسبين، وبحسب تقديراتنا فإن التضحيات في هذه الحالة لن تؤتي ثمارها وربما تكون لها نتائج عكسية وقد تكون تقديراتنا التي رأيناها غير موفقة.. ولكن بالمحصلة السياسي هو المسؤول الأول عن ما ستؤول إليه النتائج سلبية كانت أو إيجابية وعن أي خسائر بشرية قد تحدث من أجل مكاسب سياسية لا تستحق إزهاق أرواح من أجلها.. ولهذا السياسي لا يجب أن يكون أحمقاً ومتهوراً باتخاذ قرارات قد يترتب عليها خسائر في الأرواح البريئة ليس مشروعاً له اتخاذها إلا في المسائل الوطنية الكبيرة التي تستحقها..
* التضحيات قد تكون لها خسائر على المدى القريب ولكن لها فوائد كبيرة على المدى البعيد؟
- ربما أتفق معك في هذا ولكن لا تنس أن اتخاذ القرارات في لحظات حاسمة قد لا يتفق اثنان على أي منها الأصوب والأكثر نفعاً.. ورغم أني أوافق الكثيرين الذين ينتقدون المعارضة على عدم اتخاذ قرارات بإرادة صلبة في مواقف معينة إلا أني أسألهم.. ألم تكن إرادة المعارضة قوية في الانتخابات الأخيرة ومختلفة عن أي وقت مضى؟.. وحقيقةً المعارضة اثبتت في الانتخابات الأخيرة أنها تمضي بخطوات متقدمة وغير مسبوقة..
* ولكنها خطوات بطيئة جداً؟
- المهم أنها تتحرك.. وصدقني أن رغبتي كأي مواطن آخر يرى أن الأوضاع وصلت إلى حالة من السوء تحفزنا جميعاً للقيام بخطوات أكثر تأثيراً.. ولكن بالمقابل لا ننسى أن جزءاً غير قليل من الناخبين صوتوا للحزب الحاكم وهذا يجعلنا نعيد تقييم الكثير من أمورنا ويفترض أيضاً أن احترم إرادة هؤلاء الناخبين وأتساءل عن الأسباب التي دفعتهم لذلك.

مؤتمر المانحين.. مشهد مأساوي
* لنخرج من موضوع الانتخابات والفرعيات المرتبطة بها.. وننتقل إلى قضية الساعة وأقصد مؤتمر المانحين الذي عقد مؤخراً وحصيلة ما خرجت به بلادنا منه والتوقعات بشأنه.. وأسأل أولاً عن موقف المعارضة تجاهه لماذا اتخذته على النحو الذي رأيناه؟
- نحن تحاشينا في البداية التحدث عن شيء معين لأنه لن يكون إلا تكراراً لما قلناه سابقاً.. ولكن لو عدنا إلى مشروع الإصلاح السياسي والوطني للمعارضة وأخذنا فقرات منه وعلاقات اليمن مع شركائها الخليجيين والدوليين فإن رؤيتنا واضحة وهي أن هذا البلد يواجه مشكلتين كبيرتين هما: مشكلة العبث الإداري والفساد ومشكلة غياب الإرادة السياسية، وهذه الإرادة السياسية لم تعد مرهونة بشخص أو شخصين وإنما الإرادة السياسية بالمجتمعات يخلقها وفاق عام يشجع مختلف الأطراف على العمل مع بعض..
* أنا أريد أن يعرف القارئ ببساطة كيف قرأت المعارضة الحصيلة التي خرجت بها اليمن من مؤتمر المانحين؟
- أولاً دعنا نقرأ المشهد الموجود اليوم وكيف يمكن وصفه هل نصفه بالمأساة أو الملهاة أم ماذا؟ ودعني آخذ مقتطفات من هذا المشهد فحينا تحدث الرئيس في مؤتمر المانحين قال "لا تسلموا أي مبلغ للخزينة العامة.." وهنا نزع الثقة عن خزينة الدولة، وقال "سنفوض وزير التخطيط للتعامل معكم" وهنا نزع الثقة عن الحكومة، وقال "اعملوا الآلية التي تريدونها" وهذا معناه أن اليمنيين ليس لديهم آلية للتعامل وأنهم غير جديرين بتقديم آلية مناسبة وليس لديهم كفاءة أو قدرة لإعداد آلية للتعامل مع الآخرين، وقال "أنا لدي تحديات كبيرة وعندنا فقر وعندنا إرهاب.. الخ" ألا يعكس هذا مؤشرات لما وصلت إليه أحوالنا من سوء

نقلا عن نوافذ