من قتل الجنود ومن أزهق أرواح المواطنين؟

حــرب صــعــدة‮.. ‬غـمـوض الـبـدايـة والـنـهـايـة

  • الوحدوي نت - عادل عبدالمغني‮
  • منذ 16 سنة - Tuesday 19 June 2007
حــرب صــعــدة‮.. ‬غـمـوض الـبـدايـة والـنـهـايـة

مثلما بدأت الحرب في‮ ‬صعدة،‮ ‬انتهت،‮ ‬أو هكذا أعلن‮.‬
وبالغموض ذاته الذي‮ ‬اندلعت فيه أول مواجهات مسلحة بين قوات الجيش وأتباع الحوثي،‮ ‬قبل ثلاث سنوات،‮ ‬وتجددها لأربع مرات متتالية،‮ ‬يكتنف ذات الغموض ملابسات إنهاء هذه المواجهات،‮ ‬مطلع الأسبوع الحالي‮.‬
الحقيقة الوحيدة التي‮ ‬يعلمها الجميع أن حرباً‮ ‬شرسة دارت رحاها في‮ ‬محافظة صعدة،‮ ‬طيلة خمسة شهور مضت،‮ ‬مخلفة وراءها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى‮ -‬جنوداً‮ ‬ومدنيين‮- ‬الى جانب ما أحدثته من دمار ومآسٍ‮ ‬كلفت‮ -‬فضلاً‮ ‬عن الخسائر البشرية‮- ‬مليارات الريالات التي‮ ‬صرفت على هذه الحرب ومولتها من خزينة الدولة‮.‬
خمسة أشهر وعجلة الموت تدور هناك في‮ ‬جبال مران،‮ ‬دون أن‮ ‬يعلم أحد‮ -‬أحزاباً‮ ‬ومنظمات ومواطنين عاديين‮- ‬سبباً‮ ‬معيناً‮ ‬لذلك،‮ ‬في‮ ‬ظل تكتيم إعلامي‮ ‬شديد،‮ ‬وفرض سياج منيع حوَّل محافظة الى ساحة مغلقة لمعركة مفتوحة‮.‬
وفجأة،‮ ‬أعلن الطرفان المتصادمان إنهاء المواجهات على القاعدة المرورية الشعبية "كل واحد‮ ‬يصلح سيارته‮".‬
وإن كانت دولة قطر هي‮ ‬التي‮ ‬أصلحت‮ "‬سيارات‮" ‬الطرفين وأوضاعهما أيضاً،‮ ‬بهدف حقن دماء اليمنيين التي‮ ‬لم‮ ‬يعرها طرفا النزاع أي‮ ‬اعتبار،‮ ‬ولأن الهدف من الحرب هو استثمارها‮ -‬أو هكذا‮ ‬يبدو‮- ‬فإن المغريات القطرية كانت كفيلة بإعلان الطرفين وقفهما الحرب دون أية اعتبارات أخرى‮.‬
وببيان ركيك صادر عن مصدر مسؤول بوزارة الداخلية،‮ ‬أعلنت الحكومة تعليق العمليات العسكرية،‮ ‬قابله الطرف الآخر ببيان مختصر رحب فيه الحوثي‮ ‬بإنهاء الحرب‮.‬
هكذا،‮ ‬وبكل بساطة،‮ ‬تحاول السلطة طي‮ ‬ملف الحرب دون حسيب أو رقيب‮.‬
فقط،‮ ‬كل ما على قادة الحوثيين التوجه،‮ ‬معززين مكرمين،‮ ‬الى الدوحة،‮ ‬ليهنأوا بطيب الإقامة،‮ ‬ويعود مقاتلوهم الى مناطقهم وقراهم التي‮ ‬سوف تعيد قطر إعمارها‮.‬
وما على الجيش سوى سحب قواته والعودة الى المعسكرات،‮ ‬مقابل صندوق مالي‮ ‬توعدت قطر بدعمه‮.‬
أي‮ ‬أن القتال كان سببه المال،‮ ‬والمال فقط‮.‬
ونحن هنا بالطبع لانعترض على إنهاء المواجهات وإيقاف شلال الدم اليمني‮ ‬النازف،‮ ‬وهو مطلب كل وطني‮ ‬غيور‮.‬
لكننا نتساءل،‮ ‬ومعنا أسر قتلى الجنود،‮ ‬وكذلك أهالي‮ ‬الضحايا من مواطني‮ ‬صعدة‮: ‬لماذا قامت الحرب؟ وكيف تنتهي‮ ‬دون أن‮ ‬يعاقب مسببوها من أي‮ ‬طرف كانوا؟
من‮ ‬يتحمل وزر ضحايا المواجهات؟ ومن هم مجرموها؟
ما حصل في‮ ‬صعدة لم‮ ‬يكن حرب عصابات تندلع وتنتهي‮ ‬بناءً‮ ‬على صفقات وحسابات الربح والخسارة‮. ‬وهي‮ ‬أيضاً‮ ‬ليست حرباً‮ ‬قبلية حتى تنتهي‮ ‬بصلح كهذا‮. ‬إنها حرب بين دولة مركزية ومواطنين تدعي‮ ‬السلطة أنهم خرجوا عنها،‮ ‬ولابد أن‮ ‬يعرف الشعب من المتسبب الحقيقي‮ ‬في‮ ‬ما حصل،‮ ‬خاصة في‮ ‬ظل اتهامات رددت كثيراً‮ ‬عن تدخلات إقليمية ودولية في‮ ‬دعم طرفي‮ ‬الحرب‮.‬
مثل هذه النهاية السعيدة فقط لطرفي‮ ‬الحرب،‮ ‬لاتعني‮ ‬شيئاً‮ ‬سوى الاستهانة،‮ ‬وسوى التفريط بأرواح أبناء القوات المسلحة والمواطنين معاً،‮ ‬والزج بهم في‮ ‬مواجهات دون سبب مبرر لذلك‮.‬
كما أن نهاية كهذه تشجع على اندلاع مزيد من الحروب،‮ ‬سواءً‮ ‬في‮ ‬صعدة أو في‮ ‬محافظات أخرى‮.‬
تجار الحروب ومثيروها‮ ‬يجب أن‮ ‬يقدموا للمحاكمة وفقاً‮ ‬لدستور البلد وقوانينه النافذة‮.‬
إنهاء الحرب كان مطلباً‮ ‬ملحاً‮ ‬دعا إليه الجميع،‮ ‬ولكن ليس على قاعدة‮ "الإسلام‮ ‬يجب ما قبله‮".‬
إعلان قرارات العفو العام ليس من حق أحد،‮ ‬حتى وإن كان رئيس الجمهورية؛ كون القضاء هو الجهة المخولة بإصدار الأحكام بالبراءة أو الإدانة،‮ ‬وفق معطيات وأدلة قانونية واضحة،‮ ‬وليست ارتجالاً‮.‬
أسلوب تعامل السلطة في‮ ‬صناعة الحروب وإنهائها،‮ ‬يجب أن‮ ‬يتغير؛ كونها سبباً‮ ‬رئيسياً‮ ‬وراء تجدد الحروب والنزاعات في‮ ‬البلد‮. ‬وما انتهت إليه حرب صعدة الرابعة عامل مشجع بالنسبة لتجار الحروب في‮ ‬السلطة أو المواطنين المتمردين عليها،‮ ‬لخلق مواجهات مشابهة في‮ ‬مختلف مناطق الجمهورية‮.‬
اسستثمار الحروب عمل‮ ‬غير وطني‮. ‬والمتاجرة بدماء المواطنين،‮ ‬سواء من أبناء القوات المسلحة أو المدنيين،‮ ‬جريمة كبرى‮ ‬يجب أن‮ ‬يحاسب عليها مرتكبوها كي‮ ‬لايستمر الشعب بدفع فواتير حرب مصطنعة‮.‬

[email protected]