كما تكون السلطة المحلية؛يُوّلىَ عليها

  • عبد الباسط الحبيشي
  • منذ 16 سنة - Sunday 20 April 2008
كما تكون السلطة المحلية؛يُوّلىَ عليها

أهمية منصب المحافظ بالنسبة للرئيس ، كما يقولها في الجلسات الخاصة والغرف المغلقة ، بمستوى أهمية قائد محور للجيش وبما أن الشعب اليمني يعرف بأن الرجل لا يمكن أن يتنازل لأي فرد إلا من أهله وعشيرته لمنصب قائد كبير كهذا فعليه أن ينسى بأي مقوله تدّعي بانتخابات حره ونزيهة للمحافظين لأن هذا المنصب بالنسبة له يعني بقائه على رأس السلطة الذي لن يتخلى عنها ولو بمجيء الطوفان.

كان جهاز الأمن الوطني في العهد الشمولي ألذي سُمي فيما بعد بالأمن السياسي كان يشرف على كل ما كانت تسمى انتخابات لقيادات الإتحادات الطلابية والعمال والجمعيات الخيرية وغيرها من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. وقبل التحضير لمثل هذه الانتخابات كان الأمن الوطني يُكلف عناصره للمشاركة ويخطر بعضهم بتعيينهم للمناصب القيادية في المنظمات المتواجدين بها قبل عملية الانتخابات وتتم العملية عادة ، التي لا يزال معمول بها حتى ألان ، بعد تحديد نتائجها مسبقاً.

وبعد قراءة قانون السلطة المحلية الخاص بانتخاب المحافظين والتعديل عليه من قبل مجلس النواب وصدوره من قبل الرئيس بقرار، لاحظنا أنه لم يتغير شيئاً. تم إعتماد نفس الأسلوب كما هو مع بعض التحسينات في أدواته وتأكدنا بعد دراسة متحفصة للقانون أنه من رابع المستحيلات أن يخرج من هذه العملية المسماة "إنتخابية" محافظ واحد بدون الموافقة عليه سلفاً في دهاليز القصور الرئاسية والرئيس شخصياً وعدم اختراقه حاجز الوظيفة الرسمية الصارمة والولاء المباشر للرئيس وذلك على خلاف ما ذهب إليه بعض ألأكاديميين الجدد المشتغلين في شؤون السياسية اليمنية بأن الرئيس تنازل عن تعيين المحافظين لصالح مراكز القوى مما سيؤدي كما ذكر أحدهم إلى "زيادة حدة الصراع بين الطرفين وسيقوي النزاعات المناطقية والانفصالية" وهذا الكلام مردود على صاحبه لأنه يُسقط من حساباته خبرة وتجربة النظام الطويلة في إدارة الصراعات والانتخابات بالطريقة أعلاه والاستفادة منها من خلال تحويلها إلى وعاء إستخباري لمعرفة المزيد من أقطاب الصراع والتكتلات الحزبية والقبلية والأسرية الناهضة لتفتيتها وتمزيقها فضلاً عن تحويل هدف هذه العملية من عملية إنتخاب الأفضل إلى انتداب التابع الأسوأ.

كما أثبتت أيضاً قراءتنا للقانون ألمذكور بأن هذا الرجل ليس لديه أي نوايا للقيام بأي إصلاح لا في المستقبل القريب ولا البعيد فضلا عن أنه لا يمتلك ذرة من النوايا بعد كل هذه المعارك السياسية والعقود الطويلة للاعتراف بمبدأ ألانتقال السلمي للسلطة ولو ذهب اليمن إلى الجحيم وهذا ما يُخطََط له من خلال التجربة والواقع المعاش والأحداث تشهد بدقة متناهية على ذلك.

وعلى النقيض من ذلك دعونا نفترض جدلاً باننا مرجفين وخونة وانفصاليين ومثيري الشغب والزوابع والفتن كما يصف هو الشعب دائماً؛ وأفترضنا فيه حُسن النوايا في مسألة انتخاب المحافظين كما تدّعي جوقة مطبليه وحملة مزاميره ومجاميره ؛ لتم من باب أولى الموافقة من قبل الحزب الحاكم على إكمال الحوار حول إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات المطروحة منذ فترة طويلة بروح وطنية بعيدة عن المصالح الانانية والضيقة التي تعود عليها ومن ثم العمل على إكمال هيكلة نظام الحكم المحلي ثم الاتفاق على إجراء انتخابات المحافظين متزامنة مع انتخابات أعضاء مجلس النواب في العام المقبل وكفى الله الشعب اليمني شر المجاعة والخصام والاقتتال.

أما في هذه الحالة حتى وإن سلمنا جدلاً واعتبرنا أن انتخابات المحافظين تم الإعداد لها بطريقة الانتخاب المباشر من الشعب كما يدعوا إليها البعض فهي أيضاً لا تعني في الواقع شيئاً سوى مضيعة للوقت وإهدار للمال العام وذلك لآن انتخاب المحافظ يرتبط عضوياً وموضوعياً بنظام الحكم المحلي ؛ والحكم المحلي يعني البنية التحتية للهياكل التنظيمية والمؤسسية المستقلة والخاصة بالمحافظة وهذا ينبغي أن يكون منوطاً بصلاحيات واسعة للمحافظة نفسها قبل المحافظ. وفي هذه الحالة ينبغي أن تتمتع المحافظة باستقلالية مالية شبه تامة أي أن إيرادات المحافظة هو ملك لها بإستثناء الموارد السيادية كالنفط والمعادن وغيرها مع إشتراط تحديد نسبتها من هذه الموارد. هذا بالإضافة إلى إستحقاقها للعائدات المادية من أعمال المؤسسات الايرادية الحكومية العاملة في المحافظة وضريبة الدخل وضريبة أرباح الشركات والأعمال الحره وضريبة الارباح العقارية الناتجة عن عائدات التبادل العقاري أي بيع وشراء العقار بالإضافة إلى الضرائب العقارية وغيرها من الإيرادات وذلك لاستغلالها في بناء المديريات وتطويرها التي بدورها تتمتع بالحكم المحلي الداخلي في إطار البناء الأشمل للمحافظة.

لذلك فإن مجرد انتخاب محافظ بطريقة الجمعيات وبالأسلوب الاستخباري القديم الذي تعود عليه النظام باستخدام الفهلوه والحذلقة ولعب البوكر لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان لا سيما في الظروف الانفجارية الحالية التي تمر بها البلاد الملبدة سمائها بغيوم ملتهبة بين شركاء العمل السياسي من ناحية ووجود كثير من التناقضات المتعلقة بمفهوم الثوابت الوطنية نفسها لدى الإنسان اليمني شمالا وجنوباً من ناحية اخرى خاصة فيما يتعلق بحقيقة الوحدة اليمنية واستمرارها المشكوك فيه بسبب التصرفات الغوغائية للسلطة وعجزها الشامل تلبية المطالب الحقوقية الاساسية للمواطن اليمني شمالا وجنوبا بالاضافة الى الثقة والنوايا الحسنة المعدومة بين السلطة والشعب خاصة منذ فشلها بعد 1990 فشلاً مروعاً ومدوياً بتمثيل أبناء الجنوب تمثيلا حقيقياً كمواطنين بدلاً من اعتبارهم بقايا الفيد والغنائم زائدين عن الحاجة. والدعوة إلى إصلاح حقيقي شامل يشارك فيه الجميع لا تسمح لنا الظروف الموضوعية مجرد التكهن به فضلاً عن التفكير فيه في ظل حكم لا يعترف اساساً بوجود الاخر فضلاً عن مشاركته في الرأي.

[email protected]