ثالوث التجويع والقمع والفساد في مواجهة النضال السلمي

  • الوحدوي نت - خاص - أنس سفيان
  • منذ 16 سنة - Wednesday 23 April 2008
ثالوث التجويع والقمع والفساد في مواجهة النضال السلمي

إرهاصات صيف ساخن وجفاف شديد تلتقي مع شارع ملتهب وأوضاع تزداد اشتعالاً.. مرحلة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وما أصعب أن يجتمع عسران؛ الأول من السماء والثاني من الأرض.
لاتحتاج الأوضاع مزيداً من التأجيج، فالاحتقان بلغ ذروته، وسياسات الحزب الحاكم وتصرفاته كفيلة بإيصال البلاد الى مرحلة اللادولة وحكم الفوضى.
إجراءات ترقيعية هزيلة وحماقات هوجاء تظن أن بمقدور النظام الحاكم إرهاب الناس وترويعهم بالطائرات والدبابات، وإجبارهم على التراجع عن مشروعهم النضالي السلمي.
جرب الحزب الحاكم كافة الوسائل، وصرف مليارات الريالات ومئات السيارات، وأصدر مئات قرارات التعيين والتسويات.. مارس شراء الذمم، وفي ذات الوقت أشهر عصاه الغليظة في وجه رموز النضال السلمي. جرب الاعتقالات.. زج بالمئات في غياهب السجون.. حتى القتل كان أحد الخيارات التي نفذها بحق رموز النضال السلمي.. وجه الرصاص الحي الى صدور الشباب والأطفال والشيوخ، ولم يستثنِ أحداً.
كل ذلك لم يجدِ نفعاً، فالنضال السلمي مستمر، وكل يوم يطور المناضلون وسائلهم وأسالبيهم في مواجهة همجية الحاكم ورعونته.
لا خيار أمام السلطة التي أوصلت البلاد الى هذا الوضع، سوى الإقرار بالفشل والرحيل، وترك هذا البلد المنكوب لأبنائه المخلصين لأنقاذ ما تبقى، وتفادي الوصول الى مستنقع الفوضى المدمرة.
قتامة المشهد الخطير الذي أمامنا تبددها الحركة الاحتجاجية النضالية السلمية الممتدة من المهرة حتى صعدة.
إصرار كبير، واستماتة شديدة قابلت إجراءات القتل والقمع والتجويع، مما جعل النظام الحاكم يقف عاجزاً مندهشاً من هول ما يجري. منطق الإدارة بالأزمات الذي جربه الرئيس صالح كثيراً، لم يعد مجدياً اليوم، في ظل تفاقم الأزمات وتصاعدها يوماً بعد آخر. وكلما حاول النظام الهروب من أزمة دخل في نفق من الأزمات. وها هي آخر تلك المحاولات المتمثلة بمهزلة انتخاب المحافظين، شاهد حي على مستوى الأزمة الخانقة التي تعصف بالنظام وتهدد بالإطاحة به.
نهاية الأسبوع الماضي وبداية هذا الأسبوع، شهد الوطن بمختلف ربوعه حركة احتجاجية سلمية واسعة، قدمت صورة حضارية في مواجهة أساليب القمع والقتل والتجويع.
الجميع على اختلاف مناطقهم وفئاتهم وانتماءاتهم، هتفوا بصوت واحد: «لا لسياسة القتل والتجويع»، «كفاية نهباً، كفاية استبداداً»، «لن ترهبنا السجون، ولن تخيفنا الهراوات والدبابات». كما طالب الجميع بسرعة إطلاق سراح كافة معتقلي النضال السلمي.
في حجة، اعتصم مئات المواطنين، الاثنين الماضي، مؤكدين على تلك المطالب، ومؤكدين مساندتهم ووقوفهم الى جانب رموز النضال السلمي في المحافظات الجنوبية والشرقية وكل أنحاء الوطن.
وحمل المعتصمون السلطة مسؤولية المخاطر التي تهدد الوحدة الوطنية بفعل ممارساتها المسيئة وتصرفاتها الهوجاء.
أما في ردفان، فقد ارتفعت وتيرة الاحتجاجات السلمية، واحتل الطلاب صدارة تلك الاحتجاجات، حيث شهدت كلية التربية برفان اعتصامات كبيرة وإضراباً شاملاً لم تستطع قوات الأمن المركزي المدججة بأحدث الأسلحة، ومعها وحدات عسكرية مختلفة، إفشاله وإجبار الطلاب على التراجع.
فيما تحولت الجبال الى ثكنات عسكرية، ساندتها الطلعات الجوية المتكررة للطيران الحربي، بالتزامن مع إغلاق كافة المنافذ والطرقات بالنقاط العسكرية، وفرضت قيود على تحركات المواطنين.
وشهدت مديريات ردفان الأربع حملة مداهمات واعتقالات واسعة النطاق، حيث بلغ عدد معتقلي مديريات ردفان، حسب المرصد اليمني لحقوق الإنسان، 130 معتقلاً.
حملة المداهمات هذه المرة ركزت على مطاردة نشطاء سياسيين بارزين، منهم أمين سر فرع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بمحافظة لحج أنيس ثابت عثمان، وأعضاء اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، وقيادات في جمعيتي المتقاعدين العسكريين والشباب العاطلين عن العمل.
محافظة أبين هي الأخرى شهدت العديد من الفعاليات المختلفة، حيث نظمت الفعاليات السياسية والاجتماعية بمديريات المنطقة الوسطى، مهرجاناً جماهيراً كبيراً في مديرية الوضيع، شارك فيه الآلاف، وفشلت قوات الأمن في تفريق المشاركين.
وأكدت الكلمات والقصائد الشعرية على استمرار النضال السلمي، وطالبت بسرعة الإفراج عن كافة المعتقلين، وإيقاف سياسة التجويع والقتل التي انتهجها النظام الحاكم.
فيما نظم طلاب وطالبات كلية التربية بزنجبار اعتصاماً كبيراً ومسيرة جابت شوارع المدينة، مطالبين برفع يد الأجهزة الأمنية عن الكلية والجامعة، معبرين عن تضامنهم ووقوفهم الى جانب الحركة الاحتجاجية، ومطالبين بسرعة إطلاق سراح كافة المعتقلين، ومحاسبة من أقدموا على اعتقالهم.
وفي محافظة إب، نظمت أحزاب اللقاء المشترك اعتصاماً كبيراً ومهرجاناً جماهيرياً حاشداً أمام ديوان المحافظة، حضره عدد من قيادات المشترك، وانعقد تحت شعار «معاً ضد رفع الأسعار والاعتقالات السياسية».
وجدد المشاركون تأكيدهم على استمرار النضال السلمي، ووقوفهم الى جانب المعتقلين، ومطالبتهم بسرعة إطلاق سراحهم.
الأسبوع الجاري بدا أكثر سخونة من ذي قبله، حيث دشن أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بجامعة ذمار، برنامجهم الاحتجاجي برفع الشارات الحمراء ابتداءً من السبت، والبدء بتنفيذ إضراب جزئي ابتداءً من يوم الثلاثاء. فيما ينفذون إضراباً شاملاً ابتداءً من السبت القادم.
وقال بيان صادر عن النقابة إن الأوضاع الأكاديمية والإدارية التي تمر بها الجامعة، والعبث الذي تمارسه رئاسة الجامعة، وتجاوزها للقوانين واللوائح، دفعهم لهذا الخيار بهدف إنقاذ الجامعة، ووضع حدا للتدهور الخطير الذي تمر به.
وأكدوا المضي ببرنامجهم الاحتجاجي التصعيدي حتى تلتزم رئاسة الجامعة بتنفيذ كافة المطالب العادلة والمشروعة، والاتفاقات المبرمة معها، والتوجيهات الصادرة عن الجهات العليا.
وطالبوا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بسرعة التدخل لإنقاذ الجامعة وإعادة الاعتبار لها.
أما الضالع، فقد بدأ أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم بكلية التربية، السبت، بتنفيذ اعتصام مفتوح أمام الكلية حتى يتم إنصافهم واستكمال إجراءات تثبيتهم في الوظائف الأكاديمية المستحقة لهم.
فيما لايزال أكثر من 9 آلاف موظف من العاملين في الجامعات الحكومية مستمرين في إضرابهم الجزئي وفعالياتهم الاحتجاجية، بسبب تعنت الحكومة في الاستجابة العادلة، وتصحيح أوضاعهم في قانون الأجور وقانون التعليم العالي، ومنحهم الزيادة المستحقة لهم منذ العام 1999م، والتي صدرت بها أحكام قضائية وتوجيهات باتة.
وتشهد أكبر جامعتين في اليمن: صنعاء وعدن، حراكاً طلابياً غير مسبوق، حيث نظم طلاب جامعة صنعاء اعتصاماً وندوة سياسية في بوابة الجامعة، تحت شعار «لا لعسكرة جامعة صنعاء»، فيما تستمر الاحتجاجات والفعاليات في مختلف كليات جامعة عدن، رغم الإجراءات الأمنية المشددة في الجامعة والكليات الفرعية، وأساليب التهديد والقمع التي تنتهجها رئاسة الجامعة وعمداء الكليات والأجهزة الأمنية.