الرئيسية المقالات مدارات ما بعد السعودية
ما بعد السعودية
عبد الباسط الحبيشي
عبد الباسط الحبيشي

أشك بأن حُكام آل سعود قد أكتشفوا بأن السعودية قد ذُبحت يوم ذُبح العراق، ومع ذلك فهم يحاولون عبثاً اللعب في الوقت بعد الضائع بعد أن رُفع عنهم الغطاء السياسي من قبل القوى العظمى بعد خروجهم دون علمهم من بيت الطاعة الأمريكي .

أنهت قمة مجلس التعاون الخليجي جلساتها في نهاية الإسبوع الماضي على نحو معاكس لرغبة السعودية التي تستغيث هذه الأيام وبحرقة شديدة ولكن بطريقتها المتغطرسة في محاولةٍ للهروب إلى الأمام بدل من إجراء مراجعة تاريخية أمينة لكل أخطائها الكارثية التي أجترحتها في جسد الوطن والأمة العربية منذ بداية القرن الماضي ومحاولة تصحيحها بشكل إيجابي من أجل الاحتفاظ بكيانها أولاً ومساعدة بقية الدول العربية الخروج من حروبها وأزماتها التي كانت السعودية سبباً رئيسياً في وجودها .

فشلت السعودية بشكل ذريع ونهائي وإلى الأبد إقناع بقية الأعضاء بانتقال مجلس التعاون من "مرحلة التعاون إلى "مرحلة الاتحاد" بذريعة الضرورة الملحة التي تفرضها التغيرات الأمنية والسياسية والاقتصادية دون أن توضح الأسباب الحقيقية وراء هذا الهروب المرتجف والخائف من مصير مجهول.

ورغم طرح فكرة الاتحاد في عام 2011 إلا أنها الآن قد جاءت متأخرة جداً وضعيفة جداً لعدم امتلاكها الغطاء والدعم السياسي الدولي حيث لم تكد القمة تنهي أعمالها حتى جاءها الرد على الفور وذلك برسالة قوية الدلالة تعلن فيها أمريكا وأوروبا تعليق واشنطن ولندن مساعدتهما العسكرية للمعارضة السورية التي ما فتئت السعودية تكرس كل قواها المالية والإرهابية لتدمير هذه الدولة العربية الصامدة (سورية) فجاء رد القمة الخليجية على الرسالة الأمريكية باهتاً ومكروراً وملعوصاً بالدعوة إلى "خروج المقاتلين (الأجانب) من سورية في إشارة إلى من حضروا للدفاع عن سورية من مقاتلي حزب الله اللبناني الذين في الأصل لم يأتوا من جزيرة واق الواق مثلما هو الحال بالنسبة للإرهابيين المدعومين سعودياً وقطرياً بالمال والسلاح الذين جاءوا من كل أصقاع الأرض لتدمير سورية .

هذا التراشق السياسي والسجال الإعلامي الصريح بين السعودية بصفة خاصة من بين دول الخليج الأخرى من ناحية وأروبا والولايات المتحدة من ناحية أخرى الذي لم يسبق له مثيل في العلاقات بين الطرفين يدل بأن الأولى قد باتت مستهدفة بشكل واضح من قبل الطرف الآخر، وما ترحيب بيان القمة الخليجية بالاتفاق الذي توصل إليه ممثلو دول غربية مع إيران فيما يتعلق بملفها النووي إلا تحصيل حاصل ومن قبيل تغطية عين الشمس بخرقة حيث ماتزال تصريحات المسؤولين السعوديين المستنكرين إبان الإتفاق الإيراني الأمريكي يطن ويرن في آذان العالم

لم يستطع الربيع العربي أن يصل إلى السعودية بوقته وبشكله التقليدي السائد كما حدث في بعض الدول العربية التي خرجت شعوبها الحية مطالبةً بتغيير أنظمة الحكم في بلدانها منذ العام 2011، إلا أنه بدأ يتحقق الآن بطريقة مختلفة تماماً أكثر إيلاماً ومباشراً للنظام السعودي الذي بات يتخبط في بحثه عن طوق النجاة. إنه يبحث عن اتحاد بأي شكل من الأشكال إما ليستقوي به أو ليجر الجميع معه إلى التهلكة. كيف لهذا النظام أن يبحث عن اتحاد وهو ما فتئ عن غرس خناجره المسمومة في ظهور كل الدول العربية الواحدة تلو الأخرى لاسيما البلدان المجاورة له خاصة اليمن الذي يعيش اليوم في أسوأ حالاته بسبب ما يرتكبه النظام السعودي ضد الشعب اليمني الطيب، وسورية التي تدمر بفعل سعودي وقطري وقح وقبلها تونس وليبيا والعراق ولبنان والصومال ومصر ولا توجد دولة عربية إلا وقد نالها ما نالها من الغدر السعودي. بل وكم تآمر النظام السعودي وحارب مشروع الوحدة العربية مستعيناً بكل القوى الخارجية منذ المد القومي التحرري في منتصف القرن الماضي وحتى الآن .!!!

إحياء فكرة إقامة الاتحاد الخليجي جاء مع الأسف بعد فوات الأوان وفي الوقت بعد الضائع كنوع من العبث اللاإرادي الذي يسيطر على حكام السعودية اليوم.

 لقد انتهت السعودية وستصبح في القريب العاجل أثرا بعد عين وسيحين استعادة اليمن أضلاعها المسروقة والمنهوبة والمحتلة جيزان وعسير ونجران والوديعة وشرورة والربع الخالي وسيتم أيضاً تحرير الحرمين الشريفين من كل الأيادي الشيطانية الخبيثة، حتى نتمكن أخيراً من تأدية فريضة الحج بأمان واطمئنان بإذن الله {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }

[email protected]

 

إقراء أيضا