صباح الراتب
قادري أحمد حيدر
قادري أحمد حيدر

صباح راتب فقدنا ظله، فقدنا شكله، ولم نعد نراه ، سوى فيداً وغنيمة في ايدي، وجيوب (المجاهدين اولاد المجاهدين)، في صنعاء، أو في صورة رواتب –مع الأسف- تصرف بعقل سياسي مزاجي، وشطري في المناطق المسمى محررة!!، وهي حقاً محتلة بمشاريع صغيرة "هوياتية"قبلية مناطقية ، وقروية، هناك من يستلمون حصيلة وثمرة "جهادهم"، من كافة البنوك ، التي منع غالبية المستحقين للراتب من الاقتراب منه، بعد أن صار ما كان يسمى بنكاً مركزيا موزعاً، على الخارطة الجغرافيا في صورة، بنكين "عدن/ وصنعاء" ، الجماعة في صنعاء، والأخوة، أو الرفاق سابقا، في عدن. دونا عن الملايين من أصحاب الحقوق،حيث تعلن روزنامة صرف الراتب من قبل سلطة عدن ، عن حالة لا دستورية ، وسلوك مناقض لقضية العدالة، في طريقة صرف الراتب ، بين موظفي جهاز الدولة الواقعين بين الشمال والجنوب، بين صنعاء ، وعدن، بين بنكين، احدهما مصادر، والثاني محتل يشتغل بعقل شطري، ومزاجي.

صباح الراتب الذي كان يعني وظيفة، والذي يأتي حصيلة عمل، كما يتذكر البعض .

الراتب الذي كان مصدر الرزق الوحيد والاوحد لغالبية العاملين في ما كان يسمى جهاز الدولة، والذي كان كما اتذكر مصدر عيش ورزق العاملين في القطاع المختلط ، وجزءاً كبيراً من العاملين في القطاع الخاص ، وملايين ممن يعيشون على حركة وعملية دورة الرأسمال الآتية من تلك المصادر من الرزق، التي اقفلت في وجوهم، بعد أن عز الراتب، وصار مصادراً، وحكراً على جماعة السلاح، والقتال، والحرب، كما يراه ، ويردده بعض جهابذة الحرب، في وجه من يطالب بحقه في الراتب، حتى صار مجرد مطالبة الانسان براتبه، مدرجا في خانة العمالة والخيانة، والدفاع عن العدوان، وتراجعت الاصوات المطالبة بالحقوق والحريات، والاصوات المنادية بالشعارات البراقة من قبل من يسمون رموز المجتمع المدني ، وناشطي الحقوق والحريات، بعد أن اختزلت واختصرت كافة الحقوق السياسية والاجتماعية والديمقراطية والاقتصادية والمالية في شعار "السلام"، مع أن كفاح الناس المدني من أجل الحق في الراتب هو وحده من يدخلنا للفوز بجميع أشكال ومضامين الحقوق المنشودة، من السياسي،الى الديمقراطي، إلى المطالب الوطنية ،حتى مشروع السلام، وبناء الدولة .

صباح الراتب هو العنوان الوحيد لمعيش ملايين الناس الذين حافظوا على جمرة العيش الشريف، واللقمة النظيفة، في حدود ما يقيم أودهم، ولم يركعوا ولم يهنوا، ومع ذلك يعاقبون بالجملة بحرمانهم مما كان يسمى مجازا راتبا، وهو اليوم-الراتب- مع تدهور سعر العملة اليمنية ، لم يعد يساوي أكثر من 30% من قيمته النقدية قبل عدة أشهر ، وبالنتيجة تدحرجت قيمته الشرائية، التي انخفضت وتنخفض يومياً إلى الحد الذي لا يستطيع المرؤ التنبؤ بالقاع السحيق لاانحداره.

وللصديق العزيز د. عبدالله حسين البار/الباحث والناقد والشاعر ، قصيدة نقدية ساخرة فيها من المرارة الكثير.

يقول مطلعها :( ياحماة الدار قولوا ايش مخفي

في الملف

شي معاكم لي مرتب أو نعبرها

سلف

طالت المدة ويكفي كم شكينا

من ظروف

لاتعذبني والا

سرت وسرقت المكلا

طالما ما فيش مصروف

#########

ثروتي قده المرتب نلقي

له وزف

لا استلمته طار مني مر مثل

البرق رف

وان بقت ميتين منه سرت

للكعبة نطوف

لاتعذبني والا

سرت وسرقت المكلا

طالما ما فيش مصروف

############

ياجبل في الارض شامخ انت

عنوان الشرف

لاتخلي ذيلة الراتب تلقي لك

قرف

سير مثل الرمح عالي الرأس أو

مثل السيوف

لاتعذبني والا

سرت وسرقت المكلا

طالما ما فيش مصروف

المرتب في واحدة من تفسيرات أو تأويلات تسميته بالمرتب، أو المعاش، أن تم صرفه بنظام وانتظام مع أول كل شهر ، وهو ما نفتقده كمستحقين له منذ عامين كاملين، تسمية، ومادة (نقود).

إن جماعة السلاح، والحرب ، ومعهم مدعي الحقوق والحريات، عليهم أن يدركوا أنهم قادوا البلاد وما يزالون مصرين على قيادها بالشعارات السلاموية الفارغة من المعنى نحو الهاوية، ولن تعفيهم الشعارات الفاسدة باسم "السلام"، أو غيره من البيانات، التي يطلقونها على عواهنها ، وكيفما أتفق، من تحمل المسؤولية، عن ما آلت اليه أوضاع البلاد ، فما داموا مصرين على أنهم الدولة ، أو أنهم من حاملي راية الدفاع عن الحقوق : سواء من يقيمون ويمارسون حكمهم من عدن، أو من صنعاء ، فعليهما وحدهما تقع مسؤولية انقاذ ما تبقى للناس من مصدر عيش وحياة شبه كريمة، وجعل الراتب بمنأ عن صراعهما، وحربهما، وهذه أقل وأدنى حدود مسؤولياتهم تجاه من يريدون حكمهم.

وكفى اليمنين افعال جهادهم ، قتالهم، الذي اعدمنا مصدر رزقنا ، راتبنا الذي كان.

 فالسلطة، مسؤولية، وواجبات، إن كانوا يعلمون ويفهمون، ولكن يبدو لاحياة لمن تنادي.

ومن هنا اشد على يراع الصديق د. عادل مجاهد الشرجبي، في رسالته الحقوقية القانونية السياسية والانسانية الواضحة الى الاخ الصديق احمد عبيد بن دغر رئيس الوزراء، بضرورة الصرف الوطني لحق اليمنيين جميعا بالراتب، وهي دعوة وصرخة ومناشدة للجميع لرسائل اعتراض واحتجاج وتنديد الى جميع المعنيين في الداخل، والخارج، والى ممثل الامين العام، مارتن جريفت، والامين العام للامم المتحدة، والى اعضاء مجلس الامن كل واحد باسمه، وصفته، فنحن أمام اهم واخطر قضية حقوقية وسياسية وانسانية، ومن لايدافع عن الحق في الراتب ويجعل ذلك في صدارة اولوياته واهتماماته، فهو ليس اكثر من مدلس وموارب في الدفاع عن قضية الحقوق، ان لم يكن كاذبا في كل مايقوله.

ومن هنا ادعو الى فتح حملة توقيعات ملاينية توقع من كل ابناء الوطن اليمني في الشمال والجنوب، حتى ممن يستلمون رواتبهم شهريا وبانتظام.

هكذا في تقديري يكون بداية العمل السياسي السلمي المدني، فرحلة الالف ميل تبدأ بكلمة حق سوية.

إقراء أيضا